صندوق الخسائر والأضرار.. هل يعوض حلم الدول الفقيرة عن سنوات الاستغلال والمعاناة؟
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
انطلقت أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ COP28 بمدينة دبي الاماراتية، وسط حضور وصل إلى 500 ألف مشارك بواقع أكثر من 97 ألف مشارك في المنطقة الزرقاء و400 ألف في المنطقة الخضراء، بمن فيهم وزراء وممثلون من المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والشعوب الأصلية والشباب؛ للإسهام في إعادة صياغة العمل المناخي العالمي، فيما يحضر الحدث أكثر من 180 من رؤساء دول وحكومات من حول العالم.
شهد اليوم الأول من أعمال المؤتمر، الذي يستمرّ لأسبوعين، أول قرار أساسي لتطبيق إنشاء صندوق الخسائر والأضرار للدول الأكثر تضرراً من تغيّر المناخ، في وقت دعا مشاركون إلى أن يسهم المؤتمر في إيجاد طريقة لتعمل دول العالم معاً بصورة فعالة وسريعة.
وينظر إلى القرار على أنه خطوة تاريخية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
ويشار إلى أنه هذا القرار كان نتاج مؤتمر COP27 الذي عُقد العام الماضي بمدينة شرم الشيخ في مصر، حيث أُقر إنشاء الصندوق مبدئيا، لكن لم يتمّ تحديد خطوطه العريضة؛ مما يسلط الضوء على الإنجاز الذي تحقق في الدورة الحالية.
ومن الجدير بالذكر أن الدول النامية تحتاج إلى ما يزيد على 300 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030؛ للتكيف مع تغير المناخ، وفقا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2022.
ويهدف الصندوق إلى تقديم مساعدات مالية للدول الفقيرة مساعدتها لمواجهة العواقب السلبية الناجمة عن تغير المناخ.
وفي هذا الصدد، قالت إيمان الحويزي، موفدة القاهرة الإخبارية من دبي، إنه تم تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي اتفق عليه في كوب 27 بمصر العام الماضي، بمبادرة من دولة الإمارات، عن طريق بداية إسهاماتها في هذا الصندوق بمبلغ 100 مليون دولار.
وأضافت الحويزي، خلال تصريحاتها عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، اليوم السبت، أن هناك عددًا من الدول التي شاركت بهذا الصندوق، حيث تعهدت ألمانيا بـ 100 مليون دولار، والمملكة المتحدة بـ 50 مليون دولار، واليابان بـ 10 ملايين دولار، والولايات المتحدة الأمريكية بـ 17 مليون دولار.
وأشارت موفدة "القاهرة الإخبارية" من دبي، إلى أن هذا الصندوق كان قد تم الاتفاق عليه في "كوب 27" في مصر، ولكن تم تفعيله في "كوب 28" بالإمارات، منوهة بأن تعهدات شرم الشيخ ستنفذ في دبي.
وتابعت: “هناك مبادرات لها علاقة بالزراعة والاستدامة وغيرهما أسهمت فيها دولة الإمارات”، موضحة أن الصندوق له مهام عديدة وهو الاستجابة السريعة والحاسمة لكل من يتعرض إلى كوارث جراء التغيرات المناخية في الدول النامية.
وفي سياق متصل، قال أحد كبار المسؤولين في البنك الدولي، إن الصندوق المعني بتعويض البلدان الضعيفة المتضررة من الظواهر الجوية الشديدة، قد يدخل حيز التشغيل في غضون أقل من 3 أشهر.
وأوضح أكسل فون تروتسنبرغ، كبير المديرين التنفيذيين في البنك الدولي، أن الصندوق قد يكون جاهزا لتوزيع الأموال، مطلع 2024.
وأشار إلى أن هذا هو نفس القدر من الوقت الذي استغرقه إنشاء صندوق الوقاية من الأوبئة، الذي يتمتع بهيكل مماثل لصندوق التعويض عن الخسائر والأضرار المناخية.
ملايين الدولاراتاتفقت نحو 200 دولة، الخميس، على القواعد الأساسية لكيفية إدارة صندوق الخسائر والأضرار، وهي خطوة حاسمة إلى الأمام؛ بعد أن قررت لأول مرة تأسيسه خلال مؤتمر "كوب 27" في مصر.
وخلال العام الماضي، ناقش الدبلوماسيون المعنيون بشئون المناخ، عدة مسائل، مثل الجهات التي تسهم في تمويل الصندوق، وآلية وشروط الانسحاب منه.
وتلقى صندوق مكافحة الأوبئة التابع للبنك الدولي نحو ملياري دولار من الدول الغنية حتى الآن، وقدم 600 مليون دولار منذ إطلاقه في نوفمبر 2022، وفقاً لفون تروتسنبرغ.
وقد أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الخميس، بتبني قرار تشغيل صندوق "الخسائر والأضرار" لتعويض الدول الأكثر تضررا من تغير المناخ في افتتاح مؤتمر الأطراف"COP28" الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إن جوتيريش "يدعو القادة الى تقديم مساهمات سخية؛ من أجل أن ينطلق الصندوق، ومؤتمر المناخ على قواعد صلبة"، وذلك وفقاً لـ"فرانس برس".
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف "COP28"، سلطان الجابر، بعد اعتماد قرار تشغيل الصندوق: "أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا".
ورحبت مادلين ضيوف سار رئيسة مجموعة الدول الأقل تقدما التي تضمّ 46 من الدول الأشد فقرا، بالقرار معتبرة أنه يحمل "معنى كبيرا بالنسبة للعدالة المناخية".
وأوضح وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الخميس، أن بلاده ستسهم بمبلغ 100 مليون دولار في ترتيبات صندوق الكوارث المناخية.
وكتب وزير الخارجية الإماراتي على منصة "إكس": "نهنئ كافة الأطراف على إطلاق هذا الصندوق المهم؛ لتقديم استجابة فعالة لتداعيات تغير المناخ، ويسرنا أن نعلن مساهمة دولة الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار، وندعو جميع الدول القادرة، إلى المساهمة في هذه الجهود، وتكريس روح التكاتف بين البشر".
وأعلنت أمريكا أنها ستسهم بمبلغ 17.5 مليون دولار في صندوق كوارث المناخ، وستسهم بريطانيا بما يصل إلى 60 مليون جنيه إسترليني حوالي (76 مليون دولار)، واليابان ستسهم بمبلغ 10 ملايين دولار، وألمانيا ستسهم بمبلغ 100 مليون دولار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دبي تغير المناخ صندوق الخسائر والأضرار كوب 27 تفعيل صندوق الخساي ر والا ضرار بمبلغ 100 ملیون دولار الخسائر والأضرار دولة الإمارات تغیر المناخ هذا الصندوق إلى أن
إقرأ أيضاً:
«COP 29»: حصاد الأسبوع الأول.. وعودة ترامب تقلق الجميع
في باكو، مرّ الأسبوع الأول من مؤتمر الأطراف حول المناخ وسط مخاوف واسعة و بطء في التقدّم من أجل الالتزام باتفاق باريس و تأمين الموارد المالية لتمويل معالجة قضايا المناخ.
وزيرة البيئة الفرنسية تلغي مشاركتها في المؤتمر بسبب اتهامات الرئيس الأذربيجاني لبلادها والأرجنتين تسحب مفاوضيها من القمة بعد فوز ترامب في الرئاسة الأميركية، فكيف تنعكس مثل هذه المعطيات وغيرها على مؤشرات نجاح المؤتمر و إنقاذ اتفاق باريس؟
تتصدّر الانتخابات الرئاسية الأميريكية المخاوف و تثير القلق حول إمكانية الوصول إلى حلول فاعلة، فعلى الرغم من تصاعد وتيرة كوارث المناخ حول العالم، تبقى عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض حجر عثرة أمام أي تقدّم ملحوظ. ترامب الذي وعد منح شركات الوقود الأحفوري حرية التصرّف، اختار كريس رايت وزيرا للبيئة. هذا الرجل الذي عرف بتشكيكه في مشكلة المناخ و عدم اعترافه بها و دفاعه المستميت عن استخدام الوقود الأحفوري.
في الوقائع، أوروبا و أميركا الشمالية هي المسؤولة عن 60% من الانبعاثات العالمية و أكبر مصدّر لها في حين أن إقريقيا و أميركا الجنوبية هي من تدفع اغلى الأثمان من بيئتها و سلامتها و صحة شعوبها و سبل العيش فيها. فهل يرضى من دفع فواتير الازدهار و التطور في بلاده، بدفع فاتورة الكوارث و آثار الوقود لدول يعتبرها قيد النمو؟ و هل يلتزم بالإجراءات التي قد تتخذ في حق ممارساته التي يتغنّى ليلا ونهارا كإنجازات عظيمة؟ حتى في المناخ و الطبيعة، لا عدل في الثروات و لا حتى الآلام.. .
المخاوف التمويلية تطغى على كافة الأصعدة في الأروقة و على المنابر في باكو، فعلى الرغم من الجهود الكثيفة في توجيه هذه الدورة "كوب 29" على أن تكون مالية بامتياز لمناقشة هيكلية صندوق الخسائر والأضرار الذي أسّس في كوب 27، تبقى آمال ضخّ المال ضئيلة بحسب المراقبين و الناشطين الذين عبّروا عن شعورهم بالخذلان و الكثير من الأحباط أمام تهديدات كارثية تحتاج إلى ترليون دولار أميركي في العام الواحد للدول النامية لإبقاء درجة حرارة الأرض تحت الدرجتين مئوية حيث أنّ خسائر المناخ في الدول الصغيرة تتراوح بين 100 و 500 مليار دولار سنويا و تطلّعات هذه الدول هي الحصول على المنح و الهبات و ليس القروض، بقيم و أرقام حقيقية تتلاءم مع التكاليف المتوقّعة. فهل من نوايا جديّة في تفعيل التمويل مع تداخل القضايا السياسية و حتى تشابكها مع كل جوانب الحياة و منها المناخ و سبل العيش الكريم؟ و هل تتسارع الخطى الإنقاذية قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض؟
إفريقيا، القارة الأكثر تضررا و الجهة الأولى المعنية بتفعيل الحلول، عبّرت على لسان المجموعة الإفريقية عن قلق كبير حول تحقيق هدف جديد لتمويل المناخ بالتزامن مع دعوات لتشكيل لجنة وزارية للمساعدة في دفع المفاوضات الحاسمة لتخصيص الأموال المناخ المطلوبة. من ضمن المقترحات أيضا، فرض ضريبة تقدّر ب 15 مليار دولار أميركي سنويا على شركات النفط و الغاز التي تجني أرباحا طائلة. بمعنى آخر، إلزام الملوّثين من الدول الثرية إلى دفع ثمن تأثيرات نشاطاتهم على التغيّر المناخي من خلال تغذية صندوق الاضرار و الخسائر. فلعلّ هذه الدعوات و المقترحات تطمئن شعوب و أنظمة القارة السوداء وتبشّر بفجر بيئي جديد و حياة كريمة.
تبقى الإجابات و الحلول رهينة القوى العالمية و مدى تعاونها في أن تكون جزءا من الحل، و هي في الأصل، أساس المشكلة و على رأسها الصين التي تتصدّر قائمة الدول الأكثر إنتاجا للغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في ستة من مدنها على رأسها العاصمة شنغهاي و تليها ولاية تكساس الأميركية.
للطفولة حصّة ملفتة في فعاليات المؤتمر، فلعلّ ما أخفق به الكبار يستطيع الأطفال، ورثة هذه الأرض، ببراءة و عفوية و خوف من و على المستقبل أن يؤثّروا في الحاضرين و من بينهم أكثر من 132 شركة نفط عالمية مدعوة. لعلّها الفرصة الذهبية لأجيال سرقت منها الطفولة و هدّدت بصحتها و غذائها و أمنها وعلمها أن تصرخ بألم ووجع و ترفع يد الظلم عن شعوبها المستضعفة. جورجينا، من تنزانيا، اعتلت مسرح المؤتمر لتحمّل الحاضرين مسؤولية خياراتهم التي دمّرت العالم و كانت لسان حال ملايين الأطفال حول العالم وصوتهم الضعيف، لتبهر المجتمعين بمبادرة زراعية قامت بها في بلدها لتبرهن عن قدرة الأطفال الحالية و المستقبلية في المساهمة في الحلول. ومن باكستان، عرضت زونيرا، ابنة ال14 عاما، واقعا مأساويا مريرا حيث أضحت الفياضانات في بلادها جزء من يوميات الكبار و الصغار و أنّها تعطّل كل شيء في الحياة و تعرّض سلامة الأطفال للخطر و تمنعهم من ممارسة حياة طبيعية، خاصة الفتيات لأنّهن، بسبب الموارد المالية المعدومة للعائلة، لا يستطعن الالتحاق بالمدرسة و الحصول على التعليم.
فكيف سيكون الردّ ممن يسعون إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتواجدين بين الحضور؟
أسبوع مضى وبقيت الكلمة الفصل لأيام المؤتمر الأخيرة و ما ستحمل من إجابات لعالم ينتظر. فهل تنعكس الكلمات المدوّة لرئيس المناخ في الأمم المتحدة، سيمون ستيل " الفرق بين الحياة و الموت"، على فعالية النتائج معبّرا عن صعوبة الموقف. وهل يستجيب أصحاب القرار لتحذيرات العلماء، الذين أصبحوا بمثابة شهود عيان، حول احتمال ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 2.5 درجة مئوية في ظل انقسام الدول مع الاعتراف بضرورة زيادة التمويل؟
نحو الولايات المتحدة الأميركية و رئيسها الجديد تتوجّه الاتهامات و الأنظار بحيث بات جليا و واضحا أن هذه الدولة هي جزء من المشكلة لا الحل.
يتبع.. .
* أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، وزير البيئة الأسبقاقرأ أيضاًمصطفى بكري لـ «العربية»: مصر ثالث دولة عالميا من حيث استقبال اللاجئين بتكلفة 10 مليارات دولار «فيديو»