طالت نجوما ومشاهير.. أردوغان يتوعد بمعاقبة المتورطين في قضية احتيال ضخمة
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
حضّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأتراك على النأي بأنفسهم عن مخططات الاحتيال مع ظهور فضيحة في مصرف كبير يُزعم أنه احتال على مشاهير ونجوم كرة قدم بملايين الدولارات.
إقرأ المزيدوقال أردوغان إن "التحقيقات مع المشتبه بهم في هذه القضية مستمرة"، مضيفا في تصريحات نشرها مكتبه "تركيا دولة قانون وكل من يرتكب أعمالا غير قانونية سيعاقب".
وحذر من أنه "لا ينبغي لمواطنينا أن يقعوا في فخ المحتالين الذين يقدمون أرباحا عالية في وقت قصير مع وعود بالحصول على أموال سهلة".
ومنذ أيام تتصدر الفضيحة التي يواجهها بنك "دينيز" التابع للقطاع الخاص، عناوين وسائل الإعلام التركية.
وذكرت وسائل إعلام نقلا عن وثائق متعلقة بالقضية، أن إحدى مديرات فرع البنك في إسطنبول قامت بتدبير مخطط اجتذاب استثمارات بقيمة 44 مليون دولار من عملاء، مع وعود بعائدات تصل إلى 250 في المئة.
وحمل صندوق الاستثمارات المنهار اسم مدرب كرة القدم التركي الشهير فاتح تيريم، ويُزعم أنه أوقع بنجوم مثل لاعب خط وسط برشلونة السابق أردا توران.
واكتسب تيريم شهرة واسعة خلال قيادته فريق غلطة سراي للفوز بلقب كأس الاتحاد الأوروبي عام 2000. ولم يصدر أي تعليق عن تيريم في ما يتعلق بالفضيحة.
وادعت مديرة فرع إسطنبول التي أنشأت الصندوق، وقيل إنها تلقت أكياسا مليئة بالدولارات النقدية من نجوم كرة قدم ومشاهير، إن مديري بنك "دينيز" كانوا على علم بالمخطط الهرمي. لكن البنك نفى هذا الادعاء، قائلا إنه فتح تحقيقا داخليا في انهيار الصندوق.
ويسعى المدعون العامون في إسطنبول لطلب السجن لأكثر من 200 عام لمديرة فرع بنك "دينيز"، سيشيل إرجان، بتهمة تنظيم عملية احتيال.
وبحسبما ورد، أطلقت إرجان الصندوق العام الماضي للمساعدة في جمع الأموال لتغطية خسائر استثمارات سابقة.
وقال بنك "دينيز" في بيان إنه "علم بالمشكلة لأول مرة عندما تقدم أحد المشتكين، وهو أيضا من عملائنا، إلى الفرع" في أبريل، مضيفا أن "المبالغ المعنية ليست كبيرة من حيث حجم أصول البنك الإجمالية".
واستحوذ بنك الإمارات دبي الوطني على بنك "دينيز" عام 2019 من "سبيربنك" الروسي المملوك من الحكومة الروسية.
المصدر: أ ف ب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الفساد رجب طيب أردوغان
إقرأ أيضاً:
العثمانية الجديدة على المحك السوري
أمضى الرئيس التركي رجب أردوغان سنواته العشر الأولى وهو ينتظر على أبواب الاتحاد الأوروبي، حتى حسم قناعته بأن لا مكان لتركيا في الاتحاد مهما فعلت وقدّمت من تنازلات لسبب بسيط غير قابل للتغيير، هو الديمغرافيا الإسلامية الكبيرة التي تمثلها تركيا، وفي عام 2010م عندما قرّر أردوغان الاستدارة نحو هوية تركيا الإسلامية كمدى حيويّ بديل، اختار شعار وزير خارجيته –آنذاك- أحمد داود أوغلو نزاعات صفر مع الجيران، وكان الانفتاح التركي السوري أبرز مؤشرات هذا التحول، لكن سرعان ما اختارت تركيا أردوغان التقاطع مع المشروع الأمريكي الأوروبي الذي استهدف سوريا والرئيس بشار الأسد، وتحوّلت إلى القاعدة الرئيسية لحرب رأى فيها أردوغان فرصة وحيدة وثمينة لاستعادة أمجاد العثمانية.
لقيت نظرية العثمانية الجديدة عبر قيادة تركيا وقطر لتنظيم الإخوان المسلمين في المنطقة اهتماماً أمريكياً وأوروبياً، وقد ظهر مع الربيع العربي أن الإخوان المسلمين هم الجهة المهيأة لتسلم السلطة في كل من تونس ومصر، والاستعداد لتسلم سوريا وليبيا واليمن، ولفترة غير قصيرة سادت قراءات وضعت العثمانية في مستوى الاتحاد الأوروبي كمنظومة سياسية اقتصادية أمنية إقليمية مهيأة لاحتواء دول الشرق الإسلامية، بمثل ما قام الاتحاد الأوروبي باحتواء دول أوروبا الشرقية، ما يتيح الإطباق على روسيا عبر فكي كماشة أوروبي وعثماني من جهة، ومن جهة مقابلة محاصرة الصين بعالم إسلاميّ تقوده تركيا، وفي الطريق إلى ذلك محاصرة إيران داخل حدودها، وفي كل الأحوال بدت السيطرة على سوريا بيضة القبان في هذا المشروع.
نجحت تركيا بإدارة معركتها للظفر بسوريا، حيث تراجعت وتقدّمت بعناية، كي لا تخوض المعركة في غير أوانها من جهة، وكي لا تخسر أوراقها في التسويات والتنازلات من جهة مقابلة، وقد جاءت الفرصة أخيراً بعد حرب الطوفان التي أنهكت قوى المقاومة، وأصاب الوهن الكثير من مفاصل الحياة السورية بفعل العقوبات الأمريكية والضربات الإسرائيلية، وبقاء جبهتي شمال شرق وشمال غرب سوريا مفتوحتين، وجاءت الترتيبات الاستخبارية والعسكرية لتكمل ما أظهرته الظروف من فرصة، ورمت تركيا بثقلها للفوز بالجائزة الكبرى، وحساباتها أن ما يقدمه التغيير في سوريا لكل من واشنطن وتل أبيب سيكون كافياً لترك تركيا تدير سوريا منفردة، فالتغيير يُخرج إيران وحزب الله من سوريا، ويقطع طريق إمداد المقاومة ويضعف روسيا، وينهي الجيش السوري ومقدراته، وهذه المكاسب التي تفوق التصور يجب أن تتكفل بالحصول على وقف “إسرائيل” تدخلاتها ما دام السبب قد زال وهو وجود إيران وحزب الله، والحصول على رفع العقوبات الأمريكية ما دام السبب قد زال وهو النظام السابق، وفي الطريق حل المسألة الكردية شمال شرق سوريا وتمكين النظام الجديد من السيطرة على حقول النفط والغاز.
انتهت فترة الاختبار وسقط الرهان التركي، وها هي أنقرة وجهاً لوجه مع قرار إسرائيلي برفع وتيرة التصعيد وسقف المطالب والأهداف في وقت واحد، واصطفاف أمريكي وراء “إسرائيل” يترجمه التلكؤ في رفع العقوبات وإيجاد الحجج والذرائع لذلك، وما يجري في المسألة الكردية كافٍ لتفسير كل شيء، وخلال اليومين الأخيرين وصل سقف الأهداف الإسرائيلي إلى رسم خطوط حمراء أمام تركيا ورفض التسليم بالتعامل معها كدولة رعاية للنظام الجديد في دمشق، تجب مفاوضته ومراعاته في الحسابات الإسرائيلية حول سوريا، فقد قالت الغارات الأخيرة إن خط الانتشار العسكري التركي المسموح في سوريا هو الخط السابق لسقوط النظام، فلا وجود في حماة ولا في حمص وحكماً لا وجود في دمشق، وعلى تركيا إذا أرادت الدفاع عن مشروعها التاريخي الوليد أن تقاتل.
أنقرة في قلب أزمة سياسية داخلية عميقة، وانتكاسة مشروعها في سوريا كانت سبباً في تسريع الأزمة، ومعاهدة الدفاع السورية التركية صارت خطاً أحمر إسرائيلياً، ومثله نشر دفاعات جوية تركية في سوريا، ومثله الرهان على تحويل سوريا إلى قاعدة انطلاق العثمانية الجديدة، وبدون سوريا تفقد أوراق تركيا الإقليمية الكثير من أهميتها، من ليبيا إلى السودان والصومال وصولاً إلى اذربيجان، فهل تقاتل تركيا أم تتراجع؟
العثمانية الجديدة على المحكّ السوري بعد خمسة عشر عاماً من الاعتقاد بأن الذكاء التركي نجح بتجاوز كل المطبات والعقبات، حيث التراجع نهاية المشروع وربما معه النظام في تركيا، والمضي قدماً بقوة مخاطرة بمواجهة مكشوفة قد تقابل بضغط أمريكي شديد القسوة، والرهان على التوصل إلى تسوية، يعني فقط قبول الشروط الإسرائيلية التي لا تضمن أي حكومة في دمشق البقاء إذا قبلت بها، وفي طليعتها التوقيع على ضمّ الجولان لـ”إسرائيل” وإقامة منطقة أمنية إسرائيلية تمتدّ إلى أطراف دمشق، بما يعنيه كل ذلك من قبول تركي بدور حارس مصالح أمنية حدودية لـ”إسرائيل” وقد صار جاراً لها، وإنهاء اللعبة الإعلامية التي تتخذ من فلسطين عنواناً لمشروع العثمانية الجديدة، فالطريق مفتوح فقط لـ”ميني عثمانية” تخدم المشروع الإسرائيلي علناً كحال “ميني منظمة تحرير” فلسطينية تفعل الشيء نفسه.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية