FP : عدم أخذ النظام الأردني الرأي العام في الاعتبار قد يشكل خطراً عليه
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مادة تحدّثت فيها حول الموقف الذي يعيشه الأردن بسبب الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة وتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية المحتلة.
ووصفت المجلّة في المادة التي ترجمتها "عربي 21" مأزق الأردن الرسمي بالقول "النظام على حبل مشدود، وسيكون من الصعب الهبوط بسلام"
بين متناقضات
ويقع الأردن الرسمي بين عدد من المتناقضات، فبالوقت الذي يخشى من موجة لجوء جديدة من الضفة الغربية وحل للقضية الفلسطينية على حساب الأمن القومي الأردني،فإنه حليف رئيسي للولايات المتحدة، وهو ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد إسرائيل، حيث يتلقى 1.
ويفتح اعتماد المملكة الهاشمية على واشنطن بهذا الشكل تحديات داخلية متصاعدة، وتفتح أسئلة محرجة حول ما يفعله الأردن كنظام ملكي موالي للغرب في مثل هكذا ظرف .
خاصة مع خطاب قومي شعبي متماسك في الأردن حاليا إزاء ما يحدث في غزة قادر على التغلب على "الانقسام" الذي يلعب عليه النظام عادة، ووفقاً لذلك، تقول المجلة إن استمرار السلطات في العمل دون أخذ الرأي العام في الاعتبار "قد يشكل خطرا على النظام الحالي".
وتعبر جيليان شويدلر، عالمة السياسة في كلية هانتر بجامعة مدينة نيويورك في حديثها للمجلة عن التحرك الأردني بالقول "سوف يعبرون عن غضبهم لكنهم لن يعرضوا العلاقة للخطر".
فيما يقول المحلل السياسي حسن أبو هنية لـ "عربي 21" أن الموقف الأردني ينتظر ما ستؤول له الأمور في غزة وهو يعيش مخاوف حقيقية بعد تصاعد خطاب التهجير وإلغاء حل الدولتين .
ويضيف : "إذا تحقق الطموحات الأمركية والإسرائيلية في تفكيك حماس وهذا السيناريو غير المرجح فإنه ستعود العلاقات الاردنية وتتعمّق أما صمود المقاومة وهو المرجح فهذا سيدفع الأردن الرسمي لإعادة حساباته" مشيراً بالقول " من جهة لا يمكن الاستهانة بالتصريحات الأردنية ومن جهة أخرى لا نستطيع أن نركن لخطابات لا تتحول لأفعال
خوف من التهجير
ومع نزوح 1.7 مليون فلسطيني – أكثر من نصف سكان غزة – داخل القطاع المحاصر، وتصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، تتزايد المخاوف من موجة أخرى من اللاجئين نحو الأردن.
وأمام ذلك قال العاهل الأردني عبدالله الثاني إن طرد الفلسطينيين سيكون "خطا أحمر".
وحذر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة من أن النزوح سيكون بمثابة "إعلان حرب"، وأعلن أن الجيش الأردني يعزز وجوده على طول حدوده.
ضغوطات شعبية
وما زاد من الضغط على النظام الأردني، -بحسب المجلة- ، هو الموقف الشعبي القوي الذي تجلى في تظاهرات أسبوعية وشبه يومية منددة بالعلاقات الأردنية مع الاحتلال ومطالبة بقطعها وقد حاول المتظاهرون اقتحام سفارة الاحتلال واقتربوا من سفارات أوروبية والولايات المتحدة، لكن السلطات قمعتهم ونفذت حملات اعتقالات.
ووفقاً للمجلة فإن استمرار التظاهرات لأكثر من شهر أجبر النظام على اتخاذ قرار قوي لتهدئة الغضب الشعبي، مثل سحب سفير البلاد من تل أبيب والطلب من سفير الاحتلال عدم العودة لعمان كما ألغى الملك عبدالله لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد قصف المستشفى الأهلي المعمداني في غزة.
وبعد يوم من غارة جوية إسرائيلية أدت إلى إصابة سبعة موظفين في مستشفى ميداني أردني في غزة يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن الصفدي أن الأردن لن يوقع صفقة لتوفير الطاقة الشمسية للاحتلال مقابل المياه المحلاة.
وضغط المتظاهرون الأردنيون على حكومتهم لإلغاء صفقة المياه مقابل الطاقة منذ الإعلان عنها في عام 2021. وقد حثت حملة شعبية تسمى "مش دافع" الأردنيين على مقاطعة فواتير الكهرباء والماء احتجاجًا على الصفقات مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاق عام 2016 الذي وافقت بموجبه الحكومة الأردنية - بعيداً عن التدقيق البرلماني أو العام - على دفع 10 مليارات دولارللاحتلال مقابل إمدادات الغاز على مدى 15 عاماً.
ولكن مع قيام "إسرائيل" بقطع المياه والوقود والكهرباء عن غزة، زاد قلق العديد من الأردنيين بشأن مخاطر منح الاحتلال السيطرة على قطاع رئيسي. وظهر المثل العربي "الدم ما بصير ماء" - على غرار عبارة "الدم أكثر سمكا من الماء" باللغة الإنجليزية - على اللافتات والملصقات في جميع أنحاء عمان للتنديد بالصفقة باعتبارها خيانة للقضية الفلسطينية.
العلاقات
وتقول المجلة إن الأردن أقام علاقات مع دولة الاحتلال بعد اتفاق وادي عربة في عام 1994.
ومنذ ذلك الحين، وقع البلدان على العديد من اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي، بما في ذلك صفقة عام 2016 التي تقضي بأن يستورد الأردن الغاز من الاحتلال.
وكانت العلاقات متوترة دائما، لكنها ساءت في السنوات الأخيرة وسط استمرار "إسرائيل" في انتهاك حقوق الفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى في القدس، والذي يديره الأردن.
ولا تحظى علاقة النظام الملكي بإسرائيل بشعبية كبيرة بين الأردنيين، حيث يشعر الكثير منهم أن الشراكة تخدم النخبة الأردنية في المقام الأول.
ويرى العديد من الأردنيين أن التطبيع مع إسرائيل وسياسة النظام الملكي المتحالفة مع الولايات المتحدة مرتبطان بالإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية وسياسات التقشف التي أضعفت الحماية الاجتماعية.
التواجد الأمريكي في الأردن
وبينما ترسل واشنطن سفنا حربية وطائرات مقاتلة إلى الشرق الأوسط لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، يطالب العديد من المتظاهرين بإنهاء التعاون العسكري الأردني مع الولايات المتحدة التي يعتبرونها شريكة .
وفي عام 2021، سمحت اتفاقية الدفاع الأمريكية الأردنية للقوات والطائرات والمركبات الأمريكية بالدخول المجاني إلى الأراضي الأردنية، ومنحت ما يقدر بنحو 3000 جندي أمريكي متمركزين في قواعد في البلاد حصانة من المحاكم الأردنية.
وترى جيليان شويدلر، عالمة السياسة في كلية هانتر بجامعة مدينة نيويورك في حديثها للمجلة، أن اعتماد الملكية الأردنية على الأموال الأمريكية يعني أنه من غير المرجح أن تخاطر بالعلاقات الثنائية حيث سيعبروا عن غضبهم دون تعريض العلاقات للخطر
وتقول المجلة في ختام المادة بأن هناك خطاب قومي شعبي متماسك في الأردن حاليا إزاء ما يحدث في غزة قادر على التغلب على الانقسام الطائفي الذي يلعب عليه النظام عادة، ووفقا لذلك، فإن استمرار السلطات في العمل دون أخذ الرأي العام في الاعتبار "قد يشكل خطرا على النظام الحالي".
"النظام الأردني يسير على حبل مشدود ولن يهبط بسلام".. مجلة #فورين_بوليسي الأمريكية تنشر تقريرا حول المأزق الكبير الذي يعيشه #الأردن بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع #غزة، وتصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية.#حرب_غزة pic.twitter.com/oZRpoq18JC — مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) December 2, 2023
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية فورين بوليسي غزة الاردنية الاردن غزة فورين بوليسي النظام الاردني العلاقات مع الاحتلال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة العدید من فی غزة
إقرأ أيضاً:
فيلادلفيا.. محور الموت الذي يمنع أهالي رفح من العودة
غزة- منذ نزوحها قسرا قبل 10 شهور، لم تتمكن الفلسطينية هدية أبو عبيد من العودة لمدينتها رفح، حيث لا تزال إسرائيل تسيطر على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الممتد بين قطاع غزة ومصر.
ويفرض جيش الاحتلال بقوة النيران وعمليات التوغل المستمرة حدودا غير ثابتة لما توصف بـ"المناطق الحمراء" في رفح، صغرى مدن القطاع، ويستهدف كل من يحاول الاقتراب منها بعمق يصل لنحو كيلومترين اثنين.
وخلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل، قتل الاحتلال نحو 50 فلسطينيا أثناء محاولتهم العودة لمنازلهم في رفح.
هذه المخاطر تمنع أبو عبيد (55 عاما)، والغالبية من حوالي 300 ألف نسمة من سكان رفح، من العودة إليها، ولا يزال أكثرهم يقيمون في خيام بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس.
وتقول أبو عبيد، التي تقيم بخيمة مع أسرتها المكونة من 5 أفراد، للجزيرة نت "كل النازحين رجعوا إلى غزة والشمال ولكل المناطق، إلا نحن سكان رفح"، وتتساءل "فهمونا يا ناس، هل رفح خارج الاتفاق؟".
وتنتشر على حسابات سكان المدينة على منصات التواصل الاجتماعي تساؤلات كثيرة حول واقع رفح، وسط غضب كبير لعدم قدرتهم على العودة إليها.
إعلانوتعلم هدية أن منزلها في "مخيم يبنا" للاجئين الملاصق للحدود مع مصر قد دُمر كليا، وتقول "الاحتلال مسح المنطقة عن الوجود، ولكني أريد العودة لبيتي والعيش فوق أنقاضه، ليس هناك أجمل من رفح ولا أطيب من أهلها".
واحتضنت رفح، بعد الحرب، أكثر من مليون نازح لجؤوا إليها من مدينة خان يونس ومناطق شمال القطاع، ونزحوا عنها جميعا مع أهلها عشية اجتياح المدينة في 6 مايو/أيار الماضي.
وردا على سؤال حول توقعها بالعودة لرفح؟ قالت أبو عبيد "لا عودة دون انسحاب الاحتلال من الحدود، من حاول العودة قتلوه".
كارثة وقتلبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، ينطلق الانسحاب التدريجي من محور "فيلادلفيا" بداية من اليوم الـ42 للمرحلة الأولى منه، وتستكمل إسرائيل انسحابها، على طول المحور الممتد 14 كيلومترا بين الحدود المصرية والفلسطينية، بحلول اليوم الـ50 من الاتفاق.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد نددت بخرق الاحتلال للاتفاق، وبعدم التزامه بالجدول الزمني للانسحاب من المحور.
وقالت، في بيان لها الاثنين الماضي، "لم يلتزم الاحتلال بالخفض التدريجي لقواته خلال المرحلة الأولى، وبالانسحاب بالموعد المحدد، وكان المفترض اكتمال الانسحاب في اليوم الـ50 للاتفاق، الذي يصادف التاسع من مارس/آذار الجاري".
وتعاني رفح، حسب وصف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، من "كارثة إنسانية متجددة، إذ حولت الحرب الإسرائيلية معظم أحيائها إلى ركام، ورغم وقف إطلاق النار لا يزال الاحتلال يواصل هجماته العسكرية، ويسيطر على نحو 60% من المدينة، سواء عبر تمركز الآليات أو السيطرة النارية، ويستهدف المدنيين العزل بالقصف وإطلاق النار، ما يوقع يوميا مزيدا من الشهداء والجرحى".
ومنذ سريان الاتفاق، قتلت إسرائيل -وفق توثيق هيئات محلية ودولية- 150 فلسطينيا، وجرحت زهاء 605 آخرين، على مستوى القطاع، بمعدل 3 شهداء يوميا، ثلثهم من سكان رفح.
من جانبه، يقول المواطن فادي داوود للجزيرة نت إن أقارب وأصدقاء له استشهدوا وأصيبوا أثناء محاولتهم الوصول لـ"حي البرازيل" المتاخم للحدود مع مصر جنوب شرقي رفح، لتفقد ما تبقى من منازلهم في الحي المدمر كليا.
إعلانورغم قساوة النزوح، يفضل داوود (31 عاما) المتزوج حديثا، والذي يقيم مع زوجته الحامل بخيمة في خان يونس، البقاء مع أسرته على "المغامرة بالعودة إلى رفح".
ومنذ اندلاع الحرب، نزح داوود 5 مرات، ويقول "الحياة قاسية في الخيمة، خاصة وأن زوجتي حامل بابننا الأول، ونفتقد للخصوصية والاحتياجات الأساسية".
وأعلنت بلدية رفح، أمس الخميس، عن التوقف التام لخدمات فتح الشوارع وترحيل الركام، فيما أصبحت مولدات آبار المياه مهددة بالتوقف الكلي بسبب نفاد الوقود واستمرار إغلاق الاحتلال للمعابر منذ الثاني من مارس/آذار الجاري، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة السكان.
وحذر أحمد الصوفي رئيس بلدية رفح من أن المدينة تعيش أوضاعا مأساوية غير مسبوقة، حيث يواجه عشرات الآلاف من السكان خطر العطش وانتشار الأوبئة مع تصاعد أزمة المياه، مع شلل تام للخدمات البلدية الأساسية وتدمير البنية التحتية.
وأكد أن البلدية بذلت كل الجهود الممكنة للحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات رغم الدمار الكبير، إلا أن نفاد السولار يهدد بتوقف تشغيل آبار المياه بالكامل، مما يفاقم معاناة السكان المحاصرين الذين يعتمدون على هذه "المصادر المحدودة" في ظل الحصار الخانق.
وتحولت رفح لمدينة "منكوبة" حسب صافي، بسبب الحرب والتشريد، وتواجه الآن خطرا مضاعفا بحرمانها من أبسط مقومات الحياة، وأكد أن عدم إيجاد حلول عاجلة قد يؤدي إلى كارثة لا يمكن تداركها.
ويتمركز وجود أعداد محدودة من سكان المدينة حاليا بمناطق وأحياء تقع في الجهة الشمالية منها، بعيدة نسبيا عن الحدود الفلسطينية المصرية، غير أنهم يواجهون مخاطر ويكابدون معاناة يومية شديدة لتحصيل المياه وشؤون الحياة الأساسية.
إعلانويقول حذيفة عبد الله، الذي عاد مع أسرته قبل نحو شهر للإقامة بمنزله المدمر جزئيا في حي الجنينة شمال رفح، "للأسف يوميا يصلنا الرصاص، اليوم قذيفة مباشرة أصابت المنزل، ولا أحد يتحدث عن وضع رفح وما تتعرض له".