رغم عدم توافقها مع القانون الدولي الإنساني، تتواصل الإنذارات الإسرائيلية لسكان غزة لإخلاء منازلهم فورا والخروج من دون تأخير، إلى مناطق حددها لهم. وقد انتقد خبراء ومحللون هذا الأسلوب المخالف للقانون الدولي.

ووصف الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا أوضاع الناس في قطاع غزة بالصعبة جدا في ظل التحذيرات الإسرائيلية بالإخلاء، حيث اضطر الكثير منهم للنزوح نحو المناطق الوسطى والجنوبية من غزة هربا من القصف الإسرائيلي المتواصل والذي استهدف اليوم أبراجا سكنية بكاملها.

وقال إن الاحتلال يطالب الناس بالنزوح إلى منطقة رفح، وقدّر عدد الذين نزحوا من المناطق الشمالية بحوالي 20% وحوالي 30% من المناطق الشرقية.

وأكد أن النازحين اضطروا للنزوح من 3 إلى 4 مرات، لأنهم لا يستطيعون البقاء في منازلهم التي تتعرض للقصف الإسرائيلي الوحشي، مشيرا إلى أن هؤلاء ترسخت لديهم فكرة أنه لا مكان آمن في غزة، وحتى الذين نزحوا من الشمال تمنوا لو لم يفعلوا ذلك، لأن جيش الاحتلال يلاحقهم في كل مكان.

وبحسب الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، فإن الأسلوب الذي تستخدمه إسرائيل مع الفلسطينيين في غزة غير مستخدم في الحروب، وضرب مثالا بالسوريين الذين قال إنهم خرجوا من بلدهم خلال الثورة بإرادتهم ودون إملاءات، وكانت لديهم قناعة مطلقة أن الأزمة ستنتهي وسيعودون إلى بيوتهم.

في حين أن ما تفعله إسرائيل هو اقتلاع الفلسطينيين من الجذور وليس عملية إجلاء من مكان إلى مكان آمن، وفقا للدويري الذي أكد أن لا مكان آمن في غزة، مدللا على ذلك بأن الاحتلال الذي كان يطلب من سكان المناطق الشمالية بالذهاب إلى المناطق الوسطى والجنوبية، هاهو يطلب اليوم من أبناء المناطق الجنوبية الذهاب إلى رفح، فيما يقوم بقصف رفح.

ولم يستبعد الخبير العسكري أن يطلب الاحتلال بعد ذلك من المواطنين الخروج من رفح إلى المنطقة "ج" في صحراء سيناء كما ورد في اتفاقية كامب ديفيد.

وخلص الدويري -الذي كان يتحدث ضمن الوقفة التحليلية اليومية على قناة الجزيرة "غزة.. ماذا بعد؟"- إلى أن الاحتلال يقوم بعملية ممنهجة لإعادة توطين أو تفريغ غزة، وهو إجلاء قسري للسكان الفلسطينيين إلى خارج حدود وطنهم.

التهجير أمر خطير

ومن جهته، أشار الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي إلى أن إسرائيل باشرت ما سمّاها عمليات التهجير المرحلية أو المناطقية المحدودة بعد الهدن الإنسانية المؤقتة، وأنها قسمت غزة إلى حوالي 2300 قسم ونشرت الخرائط، وأن جيشها أعلن أنه ستكون هناك نداءات للتخلي عن هذه المناطق، وذلك استجابة فيما يبدو -بحسب مكي- لرغبة أميركية لتجنيب قتل عدد أكبر من المدنيين الفلسطينيين.

وقال إن الولايات المتحدة الأميركية تحدثت عن التهجير القسري وليس التهجير تحت ضغط الحرب أو ضغط الحاجة الإنسانية.

وتحدث مكي عن سيناريوهين قد يكونان وراء الإنذارات الإسرائيلية لسكان غزة، أولها أن تكون غاية إسرائيل تحت الضغط الدولي وحتى الأميركي وضع مناطق عازلة على حدود غزة مع إسرائيل وتكون عميقة، بحيث يتم حصر الناس في مناطق ضيقة على الشريط الساحلي.

أما السيناريو الثاني وهو الأخطر، وهو التمهيد للذهاب باتجاه ترحيل الناس بعد فتح "معابر إنسانية" يضطرون فيها إلى الهجرة بحثا عن الأمن وعن مقومات الحياة الأساسية، كما قال مكي.

وأشار الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات إلى أن السيناريو الثاني ليس هدفا مخفيا عند الإسرائيليين، وهناك تقرير نشر في مركز دراسات إسرائيلي تحدث عن هذه التفاصيل بشكل دقيق، تحت عنوان "كيف يتم تهجير سكان غزة بالكامل؟"، بالإضافة إلى وثيقة يجري تداولها في الكونغرس الأميركي تتعلق بتوزيع أهل غزة على 4 دول عربية بينها مصر والعراق والأردن. وتربط المساعدات الأميركية -يضيف مكي- للدول العربية الأربع بقبولها الفلسطينيين من غزة.

واعتبر مكي أن تخلي الولايات المتحدة عن وعودها بمنع التهجير سيكلفها علاقاتها مع الدول العربية، ووصف مسألة التهجير بالأمر الخطير وقد يصل إلى الضفة الغربية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: الأونروا تواجه تحديات وستعمل بكامل طاقتها بمجرد فتح معبر رفح

مع دخول قرار الاحتلال الإسرائيلي حظر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حيز التنفيذ، يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وضعا ينذر بالانهيار التام للخدمات الأساسية التي تقدمها الوكالة.

وحذر المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني من العواقب الكارثية، وقال في بيان صحفي "إن تنفيذ الحظر سيكون كارثيا لأن الأونروا هي العمود الفقري للمساعدات الإنسانية في غزة. ولا يمكن لأي كيان آخر أن يملأ هذا الفراغ".

وحسب المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة الدكتور منير البرش، فإن 80% أو أكثر من سكان قطاع غزة يأخذون احتياجاتهم الأساسية من الأونروا، حيث تقوم بتعليمهم ورعياتهم صحيا.

وأضاف أن الأونروا ارتكبت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "خطيئة" اتجاه أهل غزة من خلال انصياعها -كما قال- لتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبالتالي انسحابها من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.

واتهم البرش الوكالة بعد تطبيق القانون الإنساني الدولي بحماية سكان القطاع الفلسطيني، الذين تعرضوا لإبادة وتطهير عرقي.

وحمّل المجتمع الدولي أيضا والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن الأوضاع الكارثية التي يواجهها سكان قطاع غزة الذين عادوا إلى بيوتهم المدمرة في شمال القطاع، لكنهم لم يجدوا حتى مكانا يجلسون فيه.

إعلان حرب كونية على الفلسطينيين

وفي المقابل، رفض الخبير في شؤون الأمم المتحدة الدكتور عبد الحميد صيام تحميل الأونروا المسؤولية عن الوضع الراهن، وقال إنها أخلت بعض المواقع لكنها لم تتخل عن الغزيين، بدليل أن 60% من المساعدات خلال الحرب كانت من الوكالة.

ولفت إلى وجود قرار إسرائيلي بتدمير الأونروا، وهو ليس جديدا لأن "الوكالة تمثل نكبة 1948، وهي التي تربط اللاجئ الفلسطيني بوطنه وبقرار 194 الذي يخوله حق العودة". وقال إن "هناك حربا كونية تشن على الشعب الفلسطيني، يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال دعوته لتهجير الفلسطينيين، وتقوم بها إسرائيل بإلغاء عمل الوكالة الأممية".

وقال إن بعض الدول، ومنها البلدان العربية، شاهدت الوكالة الأممية تغرق ماليا وتستنفد إمكانياتها، لكنها لم تساعدها.

ووفق عبد الحميد صيام، فإن الأونروا ستعمل بكامل طاقاتها في قطاع غزة بمجرد فتح معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر، ودعا الحكومة المصرية إلى التعاون مع الوكالة التي قال إنها فقدت 273 موظفا.

يذكر أن إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي قالت إن قواته انسحبت من معبر رفح، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي انتشار بعثته المدنية في المعبر، ومن المنتظر أن يعاد فتحه يوم السبت بعدما احتلته إسرائيل قرابة 9 أشهر خلال حرب الإبادة على قطاع غزة.

ومن جهته، أكد مدير العمليات السابق الأونروا البروفيسور لكس تاكنبرغ أن ما تقوم به إسرائيل إزاء الوكالة الأممية هو انتهاك للقانون الدولي، واتهمها بخلق فوضى تعيق نقل المساعدات الإنسانية إلى الغزيين، إذ إن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة ينص على زيادة هذه المساعدات.

ورأى أن الأونروا التي تواجه تحديات كبيرة، عليها القيام بعملها في قطاع غزة، خاصة وأنها تستلم الأوامر من الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس من إسرائيل.

إعلان

وفي المقابل، قال الخبير في شؤون الأمم المتحدة عبد الحميد صيام إن القرارات الملزمة تأتي من مجلس الأمن الدولي، وفي المجلس هناك "وحش أميركي يرفع سيفه أمام كل من يقترب من إسرائيل".

مقالات مشابهة

  • انخفاض مستويات الفقر في روسيا وخبراء يشككون
  • «الاحتلال الإسرائيلي» يصدر تحذيرا جديدا لسكان جنوب لبنان
  • سيناريوهان أمام الرئيس المكلف.. وإطلالة لقاسم اليوم حول الجنوب وموعد تشييع نصر الله
  • من قلب القاهرة.. رفض عربي لمخططات تهجير الفلسطينيين.. ومطالب تذليل العقبات أمام إدخال المساعدات إلى غزة.. وخبراء: مصر تتمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.. ورفض تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم
  • التهجير والفشل الاستعماري
  • محللون: الأونروا تواجه تحديات وستعمل بكامل طاقتها بمجرد فتح معبر رفح
  • وزير أردني سابق: التهجير خط أحمر ومؤامرة على حساب الفلسطينيين
  • خبير: إسرائيل تسعى لتنفيذ التهجير القسري كوسيلة لتصفية القضية الفلسطينية
  • محللون: إعلان استشهاد الضيف يؤكد قوة حماس ولن يفيد إسرائيل إستراتيجيا
  • مختار غباشي: إسرائيل تسعى لتنفيذ التهجير القسري كوسيلة لتصفية القضية الفلسطينية