استدامة الموارد المائية.. إستراتيجية إماراتية فعالة في استخدام بدائل الري الذكية
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
شكلت استدامة الموارد المائية والحفاظ عليها أحد أهم أولويات الحكومة الإماراتية نظراً لارتفاع درجات الحرارة ومعدلات التبخر وقلة تساقط الأمطار، إضافة إلى ندرة الموارد المائية التي تأتي من الأنهار، ولذلك سخرت الدولة التقنيات الحديثة والوسائل المتطورة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من المياه الجوفية المتاحة وضمان استدامتها للأجيال القادمة، لا سيما في قطاع الزراعة كونه المستهلك الأكبر للمياه في الاستخدامات الزراعية.
وقد أسهمت مبادرات الدولة والجهات المعنية في دعم استخدام «أنظمة الري الذكية» و«الري بالتنقيط» في تقنين هذا الاستخدام وتسخير كميات المياه المتاحة لتحقيق أعلى العوائد الزراعية الممكنة، مدعومة بحملات توعية متواصلة لضمان التوجه نحو البدائل الذكية في ري المحاصيل الزراعية، وري المسطحات الخضراء التي تشرف عليها الجهات الحكومية، وكذلك ري الحدائق الخاصة في الفلل والمنازل الكبيرة.
وقد بادرت الجهات المحلية والاتحادية المعنية بقطاع الزراعة بالعمل على تكريس مفهوم استدامة الموارد المائية من خلال السعي لتطوير نظم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، والبحث عن مصادر مياه مستدامة لاستخدامها في الزراعة، بالإضافة إلى الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والابتكارات الخلاقة لترشيد استخدام المياه وتعزيز كفاءتها، كما سعت إلى استخدام المياه المعاد تدويرها في الزراعة للحد من استنزاف المخزون الجوفي.
وتنسجم حلول أنظمة الري الذكية مع حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها بالتزامن مع استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، وتحقيقاً لتوجهات عام الاستدامة 2023، والسعي لاستدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
ابتكارات مستدامة
ولتحقيق هذا التوجه، ركّزت وزارة التغير المناخي والبيئة على توعية المزارعين على مستوى الدولة بضرورة الاستفادة من الابتكارات وأحدث التقنيات الزراعية، والانتقال المدروس من أنظمة الري البسيطة، والمنازل الشبكية القائمة على تقنيات بسيطة لتأمين المحاصيل الموسمية، وصولاً إلى الاعتماد على أنظمة البيئة المراقبة بتقنية عالية، والمعززة بتقنيات الري الحديثة المعززة بالذكاء الاصطناعي لاستدامة زراعة مجموعة متنوعة من المنتجات على مدار العام.
ودعماً لهذه الجهود، كشف مصرف الإمارات للتنمية خلال العام الجاري عن برنامج تمويل التكنولوجيا الزراعية الأول من نوعه في دولة الإمارات، وأعلن عن رصد محفظة مالية بقيمة 100 مليون درهم لدعم تمويل مشاريع الأمن الغذائي الحيوية في الدولة، ومن أبرز أهداف هذا البرنامج دعم المزارعين في تنفيذ أساليب الزراعة الدقيقة، وأنظمة الري الحديثة، وأدوات مراقبة المحاصيل المتقدمة، وتشجيع القطاع على تبني ممارسات مستدامة وزيادة الإنتاجية.
بدائل ذكية
وحققت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية تميزاً على صعيد تسخير البدائل الذكية والإلكترونية في عمليات الري مدعومة بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وظهر ذلك في توجّه العديد من المزارع في الإمارة، البالغ عددها نحو 24 ألف مزرعة منتجة، لتقنيات الري الحديثة والزراعة المائية لتعزيز المحاصيل بأقل استهلاك للمياه.
وقد تبنت الهيئة أنظمة ذكية قادرة على جدولة الري لزيادة كفاءته، فضلاً عمّا يقدمه نظام الري الذكي من معلومات تسهّل تحديد نسبة المياه اللازمة لكل نبات على ضوء تحديد دقيق لنسبة رطوبة التربة واحتياجات الري للمحاصيل المزروعة بحسب المواسم الزراعية ونوع المحاصيل وذلك باستخدام مجسات لاسلكية تعمل عن طريق الأقمار الصناعية.
إلى ذلك، طوّرت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية نظام الإرشاد الذكي الذي يعمل كمنظومة إدارية متكاملة تحرص على جمع البيانات بكفاءة ودقة، حيث يمكن من خلال هذا النظام إدخال بيانات تقييم كفاءة الري في المزارع وممارسات ترشيد الاستهلاك المائي.
كما طورت مؤخراً تطبيقاً إلكترونياً خاصاً بالإرشاد الزراعي يوفر للمزارعين معلومات تفصيلية حول أفضل الممارسات الزراعية لمختلف المحاصيل، كما يحتوي على أدلة إرشادية حول الإرشادات العامة للري، ونظام الري المناسب لكل محصول، بالإضافة إلى الاحتياجات المائية وجدولة الري.
وتواصلت ابتكارات هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في مجالات ترشيد استهلاك المياه المخصصة للري، حيث قدمت مشروع حاسبة الري الإلكترونية وهو نظام يسهل على أصحاب المزارع احتساب الاحتياجات المائية للمحاصيل والخضراوات والفواكه وفقاً لحالة الطقس والأحوال الجوية حسب المنطقة، وقد أتاحت الهيئة الاستفادة من الخدمات التي يقدمها المشروع لجميع المزارعين، حيث توفر الحاسبة معلومات محدثة حول احتياجات الري للمحاصيل الزراعية وفق مواعيد الزراعة الفعلية والتي تم ربطها وتغذيتها بشكل مباشر مع محطات أرصاد زراعية تابعة للهيئة.
وتعمل الهيئة على توفير مياه الري عبر محطات الري الجماعي، حيث يعد «الري الجماعي» من أبرز الآليات الناجحة التي تتولى من خلالها الهيئة توفير مياه الري لنحو 6233 مزرعة على مستوى إمارة أبوظبي ويتم توزيع المياه عليها بالتساوي، وفق الكميات المتاحة في محطات الري الجماعي.
كما تعمل الهيئة على قياس متوسط الاستهلاك الفعلي للمياه في الاستخدامات الزراعية من خلال تركيب عدادات لاحتساب استهلاك المياه في المزارع في الإمارة.
في الوقت نفسه، تسعى هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية إلى التوسع في الاعتماد على مصادر المياه غير التقليدية، خاصة في المزارع التي تعاني من نضوب المياه الجوفية، حيث نجحت في إضافة 1400 مزرعة لبرنامج الاستفادة من المياه غير التقليدية، فضلاً عن تبني أفضل الممارسات العالمية في مجال الزراعة خصوصاً تلك التي تساعد في المحافظة على المياه والموارد الطبيعية الأخرى.
محطات أرصاد للري الذكي
وعملت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية على تغيير أساليب ري المزارع لتستخدم الغالبية العظمى منها الري بالتنقيط إضافة إلى توزيع معدات ري حديثة لنحو 8000 مزرعة في الامارة بجانب تنفيذ برامج التدريب الميدانية وإنشاء المزارع الإرشادية للتوعية بطرق الري المناسبة، حيث تعمل منذ عام 2019 على تنفيذ برنامج توفير معلومات إدارة الري الذكي للمزارعين باستخدام أنظمة أرصاد جوية زراعية، وذلك من خلال تركيب محطتين للأرصاد الجوية الزراعية تستخدمان في توفير المعلومات المناخية اللازمة لتوفير معلومات لتنظيم مواعيد وكميات الري المطلوبة لمختلف المحاصيل طوال الموسم الزراعي.
وتعد محطات الأرصاد الزراعية واحدة من أهم الوسائل التي تساعد على تحديد الاحتياجات المائية الحقيقية للمحاصيل وأقلها تكلفة حيث يتم الاعتماد فيها على استخدام معلومات الأرصاد الجوية من درجات الحرارة والرطوبة والإشعاع الشمسي وسرعة الرياح لمعرفة الاحتياج المائي اليومي المرجعي للمحاصيل ومن ثم يتم ربط تلك المعلومات بصورة آلية بمعادلات خاصة لتحدد كمية مياه الري ومواعيده بحسب نوع المحصول وعمره وطريقة الزراعة والري المتبعة.
حملات توعية
ولا شك أن التحول نحو الأنظمة الذكية في الري يعد ثمرة لجهود متواصلة من التوعية والإرشاد الزراعي لتوجيه المزارعين نحو البدائل الذكية في الري واستخدام أنظمة الري بالتنقيط ومراعاة الاشتراطات الجيدة عند ري المحاصيل، وقد نفذت الهيئة نحو 200 ألف زيارة إرشادية لمزارع الإمارة خلال عام 2017 وركزت على تقديم الدعم الفني والإرشادي لأصحاب وعمال المزارع وتوعيتهم بأفضل الممارسات الزراعية وطرق الزراعة الحديثة والاستخدام الأمثل للمياه، كما نظمت خلال عام 2018 أكثر من 140 دورة تدريبية شارك فيها نحو 3250 صاحب ومدير مزرعة للتدريب على الممارسات الصحيحة في الري وجدولة مواعيد الري بالإضافة إلى أهمية ترشيد استهلاك المياه لاستدامة قطاع الزراعة وزيادة إنتاجية المحاصيل.
ونجحت الهيئة في تغيير أساليب الري في نسبة كبيرة من مزارع الإمارة، وتشير إحصاءات، نشرتها في يناير 2019، إلى أن 97% من مزارع منطقة الظفرة يتم ريّها بالتنقيط، بينما يتم استخدام هذه الوسيلة في 92% من مزارع مدينة أبوظبي مقابل 73% من مزارع العين، وتعمل الهيئة على تكثيف حملاتها الإرشادية لزيادة هذه النسب وصولاً إلى قيام كافة مزارع الإمارة بالاعتماد على الري بالتنقيط في الزراعة، كما تم خلال العام 2018 تجهيز 14 مزرعة إرشادية لري أشجار النخيل وممارسات الري الأخرى من أصل 27 مزرعة إرشادية جميعها تتناول أمور الري الحديث وتقدم أفضل الطرق للري بالتنقيط وإدارة الري وترشيد استهلاك المياه، حيث تحرص الهيئة على تركيب أحدث أنظمة الري في هذه المزارع لتمكين المزارعين وعمال المزارع من الاطلاع عليها ومعرفة طريقة تطبيقها في مزارعهم بصورة عملية.
كما نفذت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية 11 حملة توعوية خلال العام الماضي، وركزت هذه الحملات على توجيه المزارعين وحثهم على تبني أفضل ممارسات الري لاسيما صيانة شبكات الري بانتظام، واستخدام أنظمة الري الحديثة المناسبة بناء على خصائص المحصول، والري في الأوقات الصحيحة، والاعتماد على الحصص المائية لكل محصول.
وعلى الصعيد ذاته، نفذت بلدية أبوظبي خلال عام 2020 مشروع إنشاء خزانات ري مع تطوير مرافق الري القائمة في خمس مناطق داخل جزيرة أبوظبي بتكلفة وصلت إلى أكثر من 26 مليون درهم، بحيث يجسد المشروع الاستخدام الأمثل لنظام الري بما يتوافق مع الخطة الإستراتيجية لمدينة أبوظبي 2030 ومتطلبات الاستدامة، كما يهدف إلى استغلال المياه المعالجة واستخدامها في الري، ورفع كفاءة شبكة الري القائمة داخل جزيرة أبوظبي.
حلول للترشيد
وتحرص هيئة كهرباء ومياه دبي على تعزيز مشاركة المجتمع في تبني حلول ترشيد استهلاك المياه، والحفاظ على الموارد الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك عبر العديد من البرامج والمبادرات البيئية وحملات التوعية والإرشاد، وإحدى أهم هذه المبادرات هي حملة «لنجعل هذا الصيف أخضر» التي تنظمها سنوياً منذ عام 2016، وتشمل الدعوة إلى ترشيد استهلاك المياه عبر كشف تسربات المياه، واستبدال نظام الري التقليدي بنظام ري الذكي.
ونشرت عبر موقعها الإلكتروني مجموعة من الإرشادات حول ري المزروعات وذلك بأن يكون الري قبل 8 صباحاً أو بعد 6 مساءً لتجنب فترة ارتفاع الحرارة في الظهيرة وزيادة التبخر، مع فحص نظام صمامات رش المياه دورياً لاكتشاف أي تسربات، وضبط المؤقت الزمني للمرشات الأوتوماتيكية طبقاً للاحتياجات الموسمية من المياه وأحوال الطقس، مع التأكد من أن رشاشات المياه تغطي المساحات الخضراء والمزروعات فقط، وأخيراً تجنب رشاشات المياه التي تطلق رذاذاً خفيفاً، ما يزيد من فرص التبخر.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
وزارة الموارد المائية: انجاز نحو عشرة آلاف معاملة عبر منصة اور
بغداد اليوم - بغداد
أعلنت وزارة الموارد المائية، اليوم الثلاثاء (12 تشرين الثاني 2024)، إنجاز نحو عشرة آلاف معاملة عبر منصة آور الالكترونية.
وقالت الوزارة في بيان تلقته "بغداد اليوم" إنها "أنجزت 9500 معاملة توفير حصة مائية و440 معاملة لحفر ابار النفع الخاص عبر منصة اور الالكترونية، إضافة الى العديد من الخدمات الالكترونية التي تقدمها للمواطنين تطبيقا للتوجه الحكومي الرامي لتقليل الروتين وتوفير الخدمات للمواطنين".
وقال مدير عام الهيئة العامة للمياه الجوفية ميثم علي خضير حسب البيان، إن "الهيئة وترسيخا لمبدأ التعاون المشترك بين المواطن والمؤسسات الحكومية عزمت على تقديم عدة خدمات الكترونية عبر منصة أور، منها خدمة حفر ابار النفع الخاص وتوفير حصة مائية وخدمة تنظيف الابار وخدمة اجازة ممارسة مهنة واضيفت حديثا خدمتي حفر ابار مائية للنفع العام ومنح إجازة مضخة بئر الكترونيا".
وأشار الى ان "ملاكات الهيئة تعمل على مدار الأسبوع وفق هيكلية المنصة لتوفير الخدمات بأسرع وقت وبكفاءة عالية".
وأضاف أن "المياه الجوفية أصبحت عامل مهم وحيوي يسهم في انجاح الخطة الزراعية الشتوية للموسم الحالي من خلال تأمين المياه للمناطق البعيدة عن مصادر المياه السطحية في ظل الشحة المائية والتغير المناخي وقلة الايرادات المائية في نهري دجلة والفرات".
يذكر أن الهيئة العامة للمياه الجوفية هي اول تشكيل تابع للوزارة تعمل على تطبيق هذه الخدمة لمواكبة التطور الحاصل بالتحول من النظام الورقي الى النظام الإلكتروني.