كريم خالد عبد العزيز يكتب: الأشخاص السامة في دوائر علاقاتنا
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
العلاقات دوائر وحلقات والأشخاص فيها توضع في مكانات ومراتب .... بين الحين والآخر يجب أن ننفرد بذاتنا لإعادة ترتيب أوراقنا ولاعادة النظر في علاقتنا بالآخرين ، خاصة في مكانات بعض الأشخاص في قلوبنا لربما أعطينا بعضهم مكانة أكبر مما يستحقون .... علينا أن ندرك جيدا أنه من وسط المحبة الصادقة هناك محبة زائفة ومن وسط الأشخاص الحقيقين هناك بعض الأشخاص السامة التي تعكر صفو أيامنا وحياتنا.
الأشخاص السامة في دوائر علاقاتنا متنوعين، منهم من يظنوا أن ما أعطيناهم إياه من حب ورعاية وعطايا وإهتمام حق مكتسب، ولو قصرنا يوما نلام على تقصيرنا رغم أننا لا نقصر إلا عندما نجد منهم عدم تقدير كافي يعادل تقديرنا لهم .... ومنهم أشخاص لا يهمهم أمرنا بقدر ما يهمهم مصلحتهم التي تأتي من خلالنا ، وهنا يضطروا لمدحنا والتظاهر بمحبتنا ليحصلوا على ما يريدون ولو وجدوا فرصة أفضل مع غيرنا لن يترددوا في استقطابها والرحيل عنا أو التقليل منا .... وآخرين لديهم مشكلة نفسية أو عقدة نقص تجعلهم يرون أنفسهم أعظم أشخاص في العالم ، يتحدثون عن إنجازاتهم التي أغلبها زائفة ليشعرونا أننا بلا قيمة وبلا خبرة أمامهم وأقل منهم قدرا فقط ليرضوا غرورهم.
آخرين يكذبون دائما ويعيشون قصص خيالية مع أنفسهم ويروون لنا أشياء من الخيال ومنتظرين منا التصديق ورغم كشفنا لكذبهم وإشعارهم بذلك يستمرون فيه لأنه أسلوب لحياتهم .... وآخرين يغارون منا لأنهم يظنون أنهم عانوا في حياتهم أكثر مما عانينا فيغضبون من رفاهيتنا أو طريقة حياتنا فينتقدوننا على كل شيء ، ولا يعلمون أننا مررنا بضيقات كثيرة وتخطينا عراقيل كثيرة لنصل لما نحن عليه الآن ، هؤلاء يحكمون على النتائج ولا يعلمون شيئا عن الخطوات التي أدت إلى تلك النتائج .... وهناك أشخاص يدعون المثالية وأنهم لا يخطئون أبدا ليظهروا دائما بصورة الملاك النادر وجوده في هذا الزمان وللأسف نكتشف أنهم يفعلون عكس ما يأمرون به ويرشدوننا به.
ليس من حقنا أن نحكم على غيرنا ، ولكن من حقنا أن ننظف حياتنا من الأشخاص السامة للحفاظ على سلامنا النفسي .... ومن حقنا أن نضع كل إنسان في مرتبته القلبية التي يستحقها رغم قبولنا للجميع .... علينا ألا تخدعنا المشاعر فنحب بشكل زائد ونعطي لأشخاص قدر أكبر مما يستحقون .... أن نقف وقفة عقلانية ونعيد ترتيب أوراقنا ونعيد تقسيم الناس إلى مراتب لنعطي كل إنسان ما يستحق هو أحكم شيء لسلامة نفوسنا .... لأننا عندما نعطي حبا أكثر لمن لا يستحقه نظلم كثيرين بإعطائنا لهم حب قليل وهم يستحقون منا الكثير والكثير .... عندما نلتفت لمن يسعى لكسب قلوبنا ونتجاهل من سعى قلبنا لكسبهم وتوقع منهم أكثر مما وجد سنكون منصفين في حق غيرنا وفي حق أنفسنا.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
معمل تعليب العقول المتحجرة
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لو كانت لديك باقة من اقلام الرصاص، فسوف يبدو لك القلم الأطول هو الأكثر شموخاً وأناقة، لكنه في حقيقة الأمر لم يفعل شيئا، ولم يقل كلمة، ولم يكتب حرفاً، هكذا بعض السياسيين فلا تخدعك مظاهرهم المزيفة. .
أبلغ ما قالته العرب في التعبير عن النشاط والقوة والانفعال والحركة: قول امرئ القيس:
مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ معا
كجلمود صخر حطه السيل من علِ
هكذا ينبغي أن يكون السياسي فاعلاً متفجراً بالعطاء، يمتلك قوة التّأثير في النّاس بكلامٍ بليغ مؤثّر، يبعث فيهم الحماس، يدغدغ مشاعرهم، يثير اهتمامهم بالقضايا الراهنة، فالنّاس مهما بلغت قوة مشاعرهم الوطنية يحتاجون إلى من يستطيع بحنكته وحكمته أن يخرج تلك المشاعر لتترجم أفعالاً على أرض الواقع. جاء في الحديث (إنّ في البيان لسحراً). .
مشكلتنا في العراق ان معظم الذين يمثلون الكتل السياسية الكبرى، والذين ينتمون اليها، لا تسمع لهم همساً ولا ركزاً، ولا تقرأ لهم مقالة، ولا تشهد لهم مشاركة في ندوة أو حلقة دراسية لمناقشة القضايا الحساسة، وبخاصة في هذه المرحلة الملتهبة، التي شهدت فيها المنطقة تغيرات وتهديدات عنيفة غير مسبوقة، لن يكون العراق بمنأى عنها . .
اللافت للنظر ان بعضهم يظهر مهاراته في الخفاء عندما ينشغل بتوجيه ذبابه الإلكتروني لتشويه صورة خصومه والنيل منهم بأسلحة التلفيق والتشهير. بمعنى انهم يعملون فقط في الظلام وخلف الكواليس. حتى عندما تسنح لك فرصة اللقاء بهم والتحاور معهم تجدهم يلوذون بالصمت المطبق، كأن على رؤوسهم الطير، لا تفهم منهم شيئا، تشعر انك تقف في ركن بارد داخل متحف مهجور تتكدس فيه مجسمات رخامية لآلهة الخمول والبلادة، فالقوم مصابون بثقل الفهم وركود الذهن، ومع ذلك تراهم يتسابقون فيما بينهم في التعالي والتكبر على الناس. تجتمع فيهم الخصال البورجوازية الذميمة. في حين اصبحت الساحة مفتوحة للمفكرين المستقلين الذين نرفع لهم القبعة لدورهم المشهود في توعية الجماهير وتثقيفهم. .
آخذين بعين الاعتبار ان عقلية الجمهور غالبا ما تكون عاطفية، سهلة التأثر خاصة في وقت الانفعالات والأزمات. لذلك لا نتفاجأ إذا وجدنا احد اصنام متحف الشمع قد وقع في المصيدة، وجاء بأفعال بدائية تنم عن جهله وتخلفه. .
كلمة اخيرة: الشعب الذي ينتخب السياسيين الخاملين والمتحجرين لا يعد ضحية بل يُعد شريكاً في التقهقر والانهيار. .