قدم مسئول استخباراتي أمريكي كبير، اقتراحا مفصلا لزعماء الكونغو ورواندا، الأسبوع الماضي، بشأن اتفاق؛ للحد من القتال في شرق الكونغو، ووعد بالمساعدة في تنفيذه، حيث وقع الزعيمين- إلى حد كبير- على الخطة الأمريكية، التي تضمنت التزامات لرواندا بسحب قواتها ومعداتها العسكرية الهجومية، بحلول الأول من يناير 2024، ووقف الكونغو لطائراتها من دون طيار، وفقًا لقراءة الاجتماعات.

 

وبحسب ما كشفته صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، فإن القراءة تظهر أن الولايات المتحدة تلعب دورًا أكثر نشاطًا مما تم الكشف عنه سابقًا في محاولة تهدئة التوترات في المنطقة المضطربة بشكل متزايد، حيث يهدد الصراع بين القوات الكونغولية والمتمردين المدعومين من رواندا المجاورة بالتصعيد إلى حرب شاملة بين البلدين. .

 

هكذا أثرت أزمتي أوكرانيا وغزة على القرار الأمريكي بإفريقيا 

 

وقالت إدارة بايدن في وقت سابق إن مديرة المخابرات الوطنية أفريل هاينز توجهت إلى المنطقة الأسبوع الماضي "لتأمين التزامات" من القادة الكونغوليين والروانديين بتهدئة القتال وأنهم "يخططون لاتخاذ خطوات محددة للحد من التوترات الحالية"، لكن الإدارة لم تكشف عن المدى الذي وصلت إليه الولايات المتحدة في تصميم الخطة والإشراف عليها، وقد وضعت واشنطن الاتفاق، بحسب القراءة، وتقوم الإدارة أيضًا بإنشاء خلية دمج استخباراتية - وهي آلية رسمية لتبادل المعلومات - لنقل البيانات إلى الكونغو ورواندا حول التحركات البرية ولضمان التزام البلدين بالاتفاق.

 

وتقول الصحيفة الأمريكية، إن هذا التحرك مستوى مدهش من المشاركة من جانب الإدارة الأمريكية التي لعبت دورا أكثر سلبية في المحادثات بين الأطراف المتحاربة المشاركة في صراعات أخرى في القارة، وهو يسلط الضوء على الجدية التي تنظر بها واشنطن إلى احتمال نشوب حرب وأن تصبح المنطقة المضطربة منذ فترة طويلة أحدث بؤرة اشتعال عالمية، فالحروب في أوكرانيا وبين إسرائيل وحماس تعمل بالفعل على زعزعة استقرار المناطق وتوتر التحالفات العالمية، ومن الممكن أن يمتد الصراع بين الكونغو ورواندا بسهولة إلى أجزاء أخرى من أفريقيا، كما يمكن أن يقوض الجهود الأمريكية لمواجهة الصين في القارة.

 

تاريخ حروب الكونغو 

وكانت الصراعات السابقة في الكونغو، وهي دولة تعادل مساحتها مساحة أوروبا الغربية وتقع في وسط القارة الأفريقية، قد دفعت الدول المجاورة إلى سنوات من القتال، ومن شأن الحرب في الكونغو أن تؤدي أيضًا إلى تعقيد جهود واشنطن لجذب البلاد بعيدًا عن الصين والحصول على مزيد من الوصول إلى معادنها الحيوية للسيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات المتقدمة، وعندما طلب منه التعليق على مشاركة الولايات المتحدة في الصفقة.

وقال مسئول أمريكي كبير إن واشنطن تستخدم الدبلوماسية والاستخبارات "لدفع الجانبين إلى الوفاء بجميع الالتزامات وهذه محادثة يمكننا الاستفادة من موارد المخابرات للتحقق من صحتها"، وقال المسؤول: "لكن الأهم من ذلك هو تعزيز هذه القناة حيث يمكنهم التحدث معًا".

واستمر القتال في الجزء الشرقي من الكونغو لعقود، فمنذ الإبادة الجماعية في رواندا، تنافست مختلف الجماعات المتمردة والجيوش من أجل السيطرة على المنطقة الحدودية - وهي منطقة تقع في منتصف طريق تجاري تجاري عالي الحركة وغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك النحاس والكوبالت، ويتحالف أعضاء حركة 23 مارس، والعديد منهم من أصل رواندي، ضد الحكومة الكونغولية، وقد أصبح الوضع في شرق الكونغو عنيفًا بشكل متزايد خلال العام الماضي، وبعد ما يقرب من 10 سنوات من الهدوء النسبي في الجزء الشرقي من الكونغو، سيطر المتمردون التابعون لحركة 23 مارس - وهي جماعة تدعمها رواندا - على أجزاء من شرق الكونغو في عام 2022.

 

تجدد الصراع الحالي 

ومنذ مايو، شن الجنود المتحالفون مع الجيش الكونغولي هجمات مضادة شرسة، وأدت الاشتباكات إلى تفاقم أزمة إنسانية حادة بالفعل ودفعت الأمم المتحدة في أكتوبر إلى التحذير من مواجهة مباشرة محتملة بين البلدين، وقال جراهام إنجليس، منسق مشروع منظمة أطباء بلا حدود في غوما، عاصمة مقاطعة شمال كيفو في شرق الكونغو: “منذ أوائل أكتوبر، أصبح الوضع أسوأ بكثير، حيث هناك عشرات وعشرات الآلاف من النازحين الجدد”.

وقد حاولت الولايات المتحدة في السابق تخفيف التوترات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا - من خلال القنوات الدبلوماسية في المقام الأول، وفي هذا الشهر، تواصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع قادة البلدين، وطلب منهم وقف التصعيد والانخراط في محادثات دبلوماسية لإنهاء القتال، ولكن الاجتماع بين هينز وزعماء الكونغو ورواندا يمثل مشاركة على مستوى أعلى ويشتمل على أسئلة أكثر تحديدا.

 

أمريكا وسياسة عدم الانحياز 

والجديد في تلك السياسة التي اتبعتها واشنطن، هو عدم الانحياز لأحد أطراف الأزمة، وقد قال مسؤول أميركي كبير آخر: "إننا نتطلع إلى العمل مع الجانبين لاتخاذ خطوات من شأنها تقليص القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وتجنب احتمال نشوب صراع بين الدول، فقد عملنا مع كلا الجانبين لتحديد المعدات والوضعية التي يعتبرونها مسيئة بطبيعتها ومن ثم الخيارات المتاحة لإزالة بعضها من المعادلة بحيث تكون هناك فرصة أقل لسوء التقدير"، وتم منح كلا المسؤولين عدم الكشف عن هويتهما للحديث عن المفاوضات الحساسة مع الكونغو ورواندا.

وقال باتريك مويايا، المتحدث باسم الحكومة الكونغولية، إن هذا التدخل لقي ترحيبا من المسؤولين الكونغوليين، فعندما يتعلق الأمر بأوكرانيا، فإن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها. عندما يتعلق الأمر برواندا، التي تتصرف بالطريقة التي يتصرف بها فلاديمير بوتين في بعض الأحيان، فإننا لا نتلقى نفس الرد أو نفس رد الفعل من الولايات المتحدة، إنه أمر غير عادل إلى حد ما للشعب الكونغولي، لذلك نأمل أن تكون هذه الجولات الأخيرة من المناقشات قادرة على تحقيق النتائج."

 

رسالة بادين للرئيس الرواندي

وتضمنت زيارة هينز اجتماعات منفصلة مع الرئيس الرواندي بول كاغامي والرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، وجرت المحادثات مع تشيسيكيدي في اجتماع صغير مغلق في مطار كينشاسا يوم 20 نوفمبر، وفقا للبيان، وقد أخبر هينز تشيسيكيدي أن الرئيس جو بايدن كان قلقًا بشكل خاص بشأن اندلاع صراع مباشر بين الكونغو ورواندا في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الكونغولية في 20 ديسمبر. 

وتضمنت الصفقة أيضًا لغة للحد من خطاب الكراهية والامتناع عن التدخل في شؤون البلاد، فالعمليات السياسية لدى الطرف الآخر، بما في ذلك الانتخابات، وحث هينز تشيسيكيدي على الموافقة على شروط الصفقة، والتي تضمنت إصدار حكومته أمرًا يحظر تهريب الأسلحة إلى القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي جماعة متمردة مسلحة تنشط في شرق الكونغو.

 

شبح الصين في أفريقيا يؤثر في طبيعة السياسة الأمريكية

ويأتي الاجتماع مع هينز في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن مواجهة الصين في أفريقيا، فقد سيطر الصينيون على سوق المعادن الكونغولية منذ عدة سنوات، وقال كاميرون هدسون، محلل الاستخبارات السابق لشؤون أفريقيا في وكالة المخابرات المركزية: "لدينا في السلطة الآن (في الكونغو) حكومة أظهرت على الأقل أنها قابلة لإعادة النظر في تلك العقود، والجزء الصارخ من هذا الذي أعتقد أنه يقوض كل هذا هو أن هناك حربًا بالوكالة مستمرة في الجزء الشرقي من البلاد".

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، عملت الإدارة على إقامة اتفاقيات اقتصادية مع الكونغو وجيرانها لتطوير طرق التجارة لتصدير المعادن مثل النحاس والكوبالت - وهو مكون رئيسي لبطاريات السيارات الكهربائية، وتضم الكونغو نحو 70 بالمئة من احتياطيات الكوبالت في العالم، والصين هي المنتج الرئيسي له، وتعد بكين أكبر شريك تجاري لكينشاسا، حيث استحوذت على حقوق التعدين الرئيسية بداية من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وسيطرتها على السوق جعلتها متقدمة بفارق كبير عن السباق الأمريكي لتأمين المكونات الحيوية اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية.

 

مذكرة تفاهم في محاولة للحصول على حصة 

ووفقا للصحيفة الأمريكية، ففي ظل محاولة لإيجاد طريق إلى هذا السوق؛ وقعت الولايات المتحدة في سبتمبر مذكرة تفاهم مع الكونغو وزامبيا للمساعدة في دعم سلسلة التوريد للبطاريات، كما تعهدت الإدارة بالمساعدة في تطوير خط سكك حديدية جديد يربط جنوب الكونغو وشمال غرب زامبيا عبر ميناء لوبيتو في أنغولا، ويعد المسار أمرًا بالغ الأهمية لتصدير المعادن الأساسية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، ومن شأن تصعيد القتال في شرق الكونغو أن يقوض تلك الاتفاقات.

ومن المقرر أن تنسحب بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الكونغو بحلول نهاية العام، ومن شأن انسحاب قوات الأمم المتحدة أن يترك فراغا أمنيا في البلاد مع بدء الانتخابات، مما قد يعقد تنفيذ الاتفاق الأمريكي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی فی شرق الکونغو فی الکونغو القتال فی

إقرأ أيضاً:

هجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا والصين تدخل على خط الأزمة

أعلنت كل من روسيا وأوكرانيا -اليوم الخميس- التصدي لهجمات متبادلة بالطائرات المسيرة، في حين دخلت الصين على خط الأزمة الأوكرانية بعد اتهام كييف لبكين بتجنيد صينيين يقاتلون إلى جانب القوات الروسية.

وأسفرت هجمات روسية على أوكرانيا ليل الخميس عن إصابة 12 شخصا بجروح في العاصمة كييف وفي منطقة ميكولايف الجنوبية، بحسب ما أفاد مسعفون ومسؤولون محليون.

وأكدت خدمات الإسعاف على تلغرام "إصابة 10 أشخاص بجروح في هجوم ليلي شنته مسيّرة معادية" في منطقة ميكولايف. وأفادت بأن "النيران اشتعلت في شقة بفناء مبنى من 5 طوابق إثر سقوط حطام مسيرة، وتضررت شقق أخرى". وأضافت أن 3 من هؤلاء الأشخاص نقلوا إلى مستشفى مدينة ميكولايف.

وفي كييف، سُمع دوي صفارات إنذار من هجوم جوي وانفجارات فوق المدينة أثناء تعرضها لهجوم، وجُرح 3 أشخاص في العاصمة، بحسب ما أعلن رئيس بلديتها فيتالي كليتشكو. وأعلنت السلطات المحلية إسقاط 16 من أصل 30 طائرة مسيّرة في أجواء كييف.

وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا نفذت هجومها مستخدمة 145 مسيرة هجومية من تصميم إيراني ومسيرات وهمية، وأن وحدات الدفاع الجوي أسقطت 85 منها.

هجوم أوكراني

في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان اليوم الخميس، أن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها دمرت 42 طائرة مسيرة أوكرانية فوق الأراضي الروسية خلال الليلة الماضية.

إعلان

وقال البيان "خلال الفترة من الساعة 15:20 بتوقيت موسكو يوم 9 أبريل/نيسان، وحتى الساعة 00:06 بتوقيت موسكو يوم 10 أبريل/نيسان، دمرت وسائط الدفاع الجوي 42 طائرة مسيرة أوكرانية"، بحسب ما ذكرته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء.

وأضاف البيان "تم تدمير 13 مسيرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و12 فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و7 فوق أراضي مقاطعة كورسك، و4 فوق كل من أراضي مقاطعة بيلغورود، وجمهورية القرم، وطائرة واحدة من دون طيار فوق أراضي كل من مقاطعتي أوريول وموسكو".

في غضون ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها اليوم الخميس إن القوات الروسية سيطرت على قرية جورافكا الحدودية في منطقة سومي الأوكرانية.

وتتوغل روسيا في منطقة سومي منذ أن طردت القوات الأوكرانية خلال الأسابيع القليلة الماضية من معظم جزء في كورسك الروسية المجاورة سيطرت عليه أوكرانيا منذ العام الماضي.

وصعّدت موسكو وكييف ضرباتهما على الرغم من محاولات أميركية لجمع الطرفين على طاولة المحادثات بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات.

Our military has captured two Chinese citizens who were fighting as part of the Russian army. This happened on Ukrainian territory—in the Donetsk region. Identification documents, bank cards, and personal data were found in their possession.

We have information suggesting that… pic.twitter.com/ekBr6hCkQL

— Volodymyr Zelenskyy / Володимир Зеленський (@ZelenskyyUa) April 8, 2025

تنديد صيني

في هذه الأثناء، انتقدت كل من روسيا والصين تصريحات للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال فيها إن بكين تعلم أن روسيا تجند مواطنين صينيين للقتال الى جانب قواتها في أوكرانيا.

واعتبر زيلينسكي أمس الأربعاء أن السلطات الروسية "تجرّ" الصين إلى حربها ضد كييف، مؤكدا أن بكين تعلم أن عشرات من مواطنيها جندتهم موسكو للقتال في أوكرانيا.

إعلان

وأوضح أنه على علم بنشر ما لا يقل عن 155 من جنودها بعدما أعلن الثلاثاء اعتقال اثنين منهم، في سابقة منذ بدء الحرب الروسية قبل 3 أعوام.

وسئل المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان عن هذا التصريح، فردّ بأن بكين "طالبت دوما بأن يبقى مواطنوها في منأى عن مناطق النزاع المسلح"، مضيفا "ننصح الأطراف المعنيين بعدم الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة".

وأكد المتحدث أن "الصين ليست مسببا للأزمة الأوكرانية ولا طرفا فيها. نحن من مؤيدي الحل السلمي والمدافعين عنه".

بدوره، أكد المتحدث باسم الكرملين اليوم الخميس أن زيلينسكي "يخطئ" بقوله إن روسيا جرّت الصين إلى النزاع، ووصف بكين بأنها "شريك وصديق ورفيق" لموسكو.

وتقدّم الصين نفسها كطرف محايد في الحرب المستمرة منذ 3 سنوات رغم اعتبار الحكومات الغربية أن علاقاتها الوثيقة مع روسيا منحت موسكو دعما اقتصاديا ودبلوماسيا حاسما.

مقالات مشابهة

  • آي صاغة: تفاقم الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يدفع الذهب لأعلى مستوياته
  • موانئ عدن تعلن جاهزيتها الكاملة لاستقبال السفن تزامناً مع القرار الأمريكي بحظر دخول النفط إلى الحديدة
  • غدا.. انطلاق مشاورات صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
  • هجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا والصين تدخل على خط الأزمة
  • أسعار النفط تنخفض مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • واشنطن بوست: تفاصيل الـ18 ساعة التي غيرت رأي ترامب بالتعريفات الجمركية
  • الجمعة في واشنطن: انطلاق مشاورات صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
  • انخفاض أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • تراجع أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • منظمة التجارة العالمية: التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين تشكل خطرًا