لجريدة عمان:
2024-12-27@09:19:02 GMT

توجهات مواقع التواصل الاجتماعي

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

تزداد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي منذ أن بدأت في الانتشار في بدايات القرن الحالي، فقد ظهر موقع سيكس ديجري في العام 2003، ثم تبعته مواقع متفرقة، وبعدها موقع اليوتيوب في العام 2005، وتبعه في العام الذي يليه تدشين موقع الفيس بوك، الذي لاقى رواجا كبيرا بعد أن كان حكرا على طلاب جامعة هارفارد، وإلى أن تم إطلاق موقع تويتر، ثم الانستجرام في العام 2010 على يد كيفن سيستروم، وموقع سناب شات الذي أطلقه ثلاثة من طلاب جامعة ستانفورد هم إيفان شبيجل وريجي براون وبوبي ميرفي في العام 2011، وحتى العام 2016 الذي شهد تدشين موقع تيك توك، وهكذا ازدهرت هذه المواقع ولاقت قبولا واسعا في مجتمعات العالم أفرادا ومؤسسات.

حيث انتشرت هذه المواقع وغيرها ونمت، وازداد تأثيرها وقدرتها على تغيير توجهات المجتمعات وإمكانات صمودها في ظل الكثير من المتغيرات التي صاحبتها، وما تقدمه من بيانات ومعلومات مغلوطة أو غير صحيحة في الكثير من الأحيان خاصة في بدايات نشأتها، وعلى الرغم مما شهدته هذه المواقع خلال السنوات العشرين الماضية منذ ظهورها من إشكالات وتحديات ليس فقط على مستوى تأثيرها بل أيضا في طريقة فهم المستخدمين لذلك التأثير، وقدرتهم على الاستفادة من هذه المواقع، ولعل الاستخدامات التي بدأت منذ السنوات الخمس الأخيرة والتي صاحبت توجهات عالمية في الاستفادة مما تقدمه من خدمات وإمكانات يمكن أن يكون لها أثر بالغ الأهمية على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، أدى إلى اتساع فهم قدرة تلك المواقع ومستويات استخدامها.

ولهذا فإن هذه المواقع تشهد اليوم تغيُّرا في مستوى إدراك المجتمعات لأهميتها؛ فهي بوابة لفهمها، ولعلنا ناقشنا سابقا القدرة السياسية لهذه المواقع باعتبارها قوة دبلوماسية، إضافة إلى قدرتها الناعمة على إيصال فكر المجتمعات وإمكاناته الاقتصادية إلى العالم، لذا فإن فهم المجتمعات لأهمية مواقع التواصل الاجتماعي جعلها تعمد إلى تطوير أدوات التعامل معها ليس باعتبارها مواقع للنشر الذاتي الخاص بالأفراد، بل بوصفها قوة سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية، قادرة على التأثير في الآخر المحلي أو الدولي، وتوسيع مداركه وفهمه، فأوجدت لذلك ضوابط وسياسات وآداب.

ولعل وجود صفحات لرؤساء الدول وقادتها، وأخرى للمشتغلين في السياسة والاقتصاد وغيرهم من الشخصيات البارزة والمعروفة على مستوى العالم، إضافة إلى حرص المؤسسات الحكومية والخاصة والمدنية على التواصل مع جمهورها والمستفيدين من خدماتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تحقيق مستويات أعلى من الشفافية، يدلنا على تلك الأهمية التي تزيد لهذه المواقع من ناحية، وتبرز ضرورة النظر إليها باعتبارها قوة مؤثرة يمكن استخدامها بشكل إيجابي وفاعل.

إن فهم توجهات مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى إدراك القيمة الإيجابية لاستخدامها؛ ذلك لأن استخدامها السلبي بعد عقدين من انتشارها وتفعيلها يكشف عن عدم فهم ووعي الأفراد بالأهمية الإعلامية العامة، والأثر الثقافي والاقتصادي لتلك المواقع، فالعالم اليوم يكشف عن اتجاهاتها الاقتصادية الفاعلة، وقدراتها الإبداعية والابتكارية الهائلة التي يمكن للمستخدمين الإفادة منها في التطوير والتنمية، وهو الدور الذي يقوم به المستخدمون الذين يمتلكون الوعي والفهم لتلك الأهمية والقدرة.

يخبرنا تقرير (توجهات مواقع التواصل الاجتماعي للعام 2024)، الصادر عن موقع هوت سويت (Hootsuite)، بشأن تلك القفزات التي يحاول مطورو مواقع التواصل الاجتماعي عبرها تجاوز العديد من التحديات التي جعلت تلك المواقع مجرد قوة اجتماعية سلبية، وذلك من خلال مجموعة من التحديثات والأدوات والميزات والخوارزميات الجديدة التي تتجاوز بث البيانات المغلوطة والتشويه الأخلاقي للمجتمعيات، ولهذا فإن التوجهات الحديثة لتلك المواقع تعتمد على الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي، والإمكانات التي يتيحها من أجل إيجاد المزيد من الخدمات التقنية من ناحية، وتقديم الضبط والحماية الأكبر للبيانات والشفافية الموضوعية والإيجابية بين المستخدمين من ناحية أخرى.

فمواقع التواصل الاجتماعي اليوم تُقدِّم فضاء واسعا للمسوقين والإعلاميين والمؤسسات بشكل خاص، فإذا استثنينا الأفراد ممن يغردون خارج السرب، فإن المستخدمين لهذه المواقع يسعون خلال السنوات الأخيرة إلى إيجاد منصات للتسويق الاجتماعي والثقافي والتجاري، الأمر الذي يدُّل على ذلك التحوُّل الأساسي في تشكيل تلك المواقع من فضاءات افتراضية للتعارف الاجتماعي، ثم وسيلة ضغط أو تظليل أو تشويه، أو حتى وسيلة للتسويق والإعلانات، فإنها تقدِّم اليوم شكلا متطوِّرا لمفاهيم التواصل الاجتماعي وهو الشكل الذي رسخته أزمة الجائحة الأخيرة، فاستفاد منه المشتغلون في هذه المواقع لتشكِّل قوة اجتماعية واقتصادية مهمة، بل وقوة تعليمية شكَّلت أهمية كبرى خاصة على مستوى الإبداع والابتكار.

وعلى الرغم من ذلك التطوُّر الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي، وقدرة المستخدمين على الإفادة منه على كافة المستويات، إلا أن التقرير ينبِّه إلى إشكالات إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يمكن استغلالها في انتشار المعلومات والبيانات المغلوطة وعودة تفشيها مرة أخرى، وذلك لما تتميَّز به تلك التقنيات من إمكانات في دمج البيانات والصور، وبالتالي صعوبة قياس ما هو حقيقي وواقعي وما هو غير ذلك، ومع حقيقة استخدام الذكاء الاصطناعي في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي أصبح (أمر لا مفر منه) -بتعبير التقرير-، فإنه لابد من توعية المجتمع والتعريف بالإمكانات التي توفرها هذه المواقع، وإيجاد فضاء تقني يعمل وفق الأخلاقية التقنية ضمن مفاهيم المواطنة الرقمية الإيجابية.

يكشف لنا تقرير هوت سويت أنه في العام 2024 (ستعيد العلامات التجارية الأكثر نجاحا تعريف الأصالة) في مجال الابتكار بشكل خاص وستعتمد عليها في صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تضمن محتوى أصيلا يتأسَّس وفق مفاهيم (العلم الذكي لتحسين الحياة)؛ وهي مفاهيم قائمة على مجتمع يقدِّر الابتكار، وينفتح على التقنيات، ويستخدمها بشكل إيجابي وفاعل، الأمر الذي يدفع تطوُّر هذه المواقع، وهذا الدفع من شأنه توجيه المستخدمين إلى مفاهيم قادرة على البناء والتطوير وفق مجموعة من المحددات التنموية التي تُسهم في دعم توجهات الدولة ومراحل التنمية الوطنية.

إن مواقع التواصل الاجتماعي بما تقدمه من إمكانات وما تطوِّره من خدمات، تقدِّم للمستخدمين وسائل تسهم في تحسين حياة المجتمعات وهو الهدف الأصيل الذي من أجله تم إنشاؤها، ولهذا فإن مستوى استخدامنا لها يكشف في المقابل وعينا بذلك الهدف، وقدرتنا على فهم متطلبات مجتمعنا، وكيفية الاستفادة من هذه المواقع في الاستخدام الأمثل القائم على الإبداع والابتكار، والتسويق الفاعل، وإيجاد نماذج اجتماعية أكثر فاعلية وإيجابية. وتحت شعار (المجتمعات المحبة للحقائق والمعتمدة على البيانات)، تُطلق مواقع التواصل الاجتماعي توجهاتها للعام المقبل، فإدخال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته إلى هذه المواقع يجعلها أكثر قدرة على التحسين والجودة، وبالتالي إتاحة فرص هائلة للمستخدمين للعمل والإبداع، مع ضرورة وعيهم بأن الذكاء الاصطناعي يضيف ميزة العصف الذهني لأفكار المحتوى وصياغة المفاهيم، لا للتضليل والهدم والتشويه، فهو قوة تقوم على مبادئ الأخلاق التقنية، ولذلك فإن المستخدمين الواعين القادرين على فهم آفاق التقنية وأهداف مواقع التواصل يستطيعون العمل وفق تلك المبادئ والأخلاقيات.

إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بعد مرور عقدين من الزمن منذ بدايتها، يكشف قدرة المجتمعات وإمكاناتها الثقافية وقدرتها على استثمار إمكانات تلك المواقع في خدمة الأهداف الوطنية والإنسانية التي تقوم على مبادئ الهُوية والأخلاق والقيم، وبالتالي فإن صفحاتنا جميعا أفرادا ومؤسسات على هذه المواقع قادرة على التعريف بوعينا وإمكاناتنا الفكرية والعلمية والتقنية وبالتالي التعريف بوطننا.

فلنكن مؤثرين بأخلاقنا وأفكارنا الإيجابية، وأن نثبت للعالم الذي يرانا من خلال تلك المواقع أننا شعب واع قادر على الابتكار والإبداع والاستفادة الإيجابية من تلك التقنيات بما يُسهم في دعم أهداف وطننا ويعزِّز مكانته وأصالته.

عائشة الدرمكية: باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی الذکاء الاصطناعی هذه المواقع تلک المواقع فی العام

إقرأ أيضاً:

شركة تكنولوجيا مصرية توقف إعلاناتها على منصات التواصل الاجتماعي

 أعلن الدكتور إسلام نصر الله، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات ميجاتراست، في بيان رسمي موقف المجموعة الحازم من الأحداث الجارية في غزة، مؤكدًا دعم الشركة الكامل للقضية الفلسطينية، واتخاذ خطوات عملية تترجم هذا الدعم إلى أفعال على أرض الواقع.

استهل نصر الله،  بيانه بالآية الكريمة: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" (الصافات: 24)، مشددًا على ضرورة أن يتحمل الجميع مسئوليتهم الإنسانية تجاه ما يحدث من قتل للأطفال الأبرياء وظلم وقهر في غزة.

وأعلنت مجموعة ميجا تراست وقف جميع الإعلانات الممولة على المنصات الأجنبية التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر الكيان الصهيوني، سواء من خلال التعتيم الإعلامي، مثل رفض كتابة اسم غزة، أو دعمهم بالشراء والإعلانات.

وأشار نصر الله،  إلى أن هذا القرار لا يشمل المجموعة فقط، بل يمتد إلى جميع الشركات والعلامات التجارية والشركاء الذين يمثلون ميجا تراست في الدول التي تعمل بها، مؤكدًا أن الإنسانية لا يمكن أن توضع في كفة ميزان أمام أي مكاسب مادية.

وتابع نصر الله: "نحن ندرك أن هذه الإعلانات كانت وسيلة أساسية لتحقيق أرباح تصاعدية للمجموعة، ولكن لا يمكن أن نقبل أن تكون أرباحنا على حساب إنسانيتنا ودماء الأبرياء، حياتنا بأكملها لن تكون ضرورية إذا تسببت في مقتل طفل واحد."

وفي خطوة تعكس التزام المجموعة بدعم الشباب المصري والابتكار، أعلن الدكتور إسلام  نصر الله أن الأموال التي كانت مخصصة للإعلانات على هذه المنصات سيتم توجيهها لدعم المواهب الشابة، وتوفير فرص عمل جديدة، وإنشاء مشاريع تكنولوجية مبتكرة تخدم المجتمع المحلي.

وقال نصر الله : "نعتزم توجيه هذه المبالغ الكبيرة التي كنا نستثمرها في الإعلانات لدعم الشباب المصري من خلال إطلاق تطبيقات وأفكار تكنولوجية جديدة، مثل تطبيق TaskedIn الذي يعد مثالًا حيًا على كيفية استغلال التكنولوجيا لتحسين الإنتاجية وتعزيز دور الكوادر المحلية."

وأضاف: نصر الله "نؤمن بأن الاستثمار في الشباب وتطوير الكوادر المصرية هو الطريق الأمثل لمواجهة التحديات، وخلق مستقبل أفضل مبني على الابتكار والاستقلالية الاقتصادية."

وطالب نصر الله، جميع رجال الأعمال بتوجيه استثماراتهم ومجهوداتهم نحو دعم وطننا وعدم دعم المنتجات أو المخططات التي تستهدف اقتصادنا واستقرارنا. 
وقال نصر الله: "نحن كشعب نملك القدرة على حماية بلدنا والوقوف أمام هذه التحديات أكثر من أي جهة أو مسؤول، مؤكداً أن  وعينا وإدراكنا لما يدور حولنا هما أدواتنا الأساسية لمواجهة أي مؤامرات، سواء كانت تستهدف أموالنا أو وطننا."

وأضاف: "لقد رأينا بأعيننا كيف تمكنت المنتجات المصرية من منافسة نظيراتها العالمية، حتى في قطاعات مثل المشروبات الغازية. ونحن قادرون أيضًا على تقديم حلول مبتكرة ومنتجات متميزة، مثل تطبيق TaskedIn، الذي يُعد مثالًا على قدرتنا على الإبداع والمنافسة."

وتابع نصر الله: "شكراً لكل من آمن بقدرة بلدنا على التغيير والتطوير. نعلم أن الطريق قد يكون شاقًا في البداية، لكننا على يقين بأن جهودنا ستثمر خيرًا ومستقبلاً أفضل لبلدنا، معًا، نستطيع أن نحقق التغيير ونبني مستقبلًا يعكس طموحنا وإمكاناتنا."

مقالات مشابهة

  • الأمن يضبط المتهمين بترويج المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • أبرز شخصيات عام ٢٠٢٤.. البرهان شخصية العام
  • شاهد بالفيديو.. بعد وصوله لمليون متابع.. الممثلة السودانية الحسناء “هديل” تهدي زوجها “كابوكي” المقطع الذي يحبه
  • "إعلام مطروح" يطلق حملة "اتحقق قبل ما تصدق" لمواجهة الشائعات
  • شاهد بالفيديو.. الحسناء المصرية “خلود” تعود لإشعال مواقع التواصل السودانية بترديدها أغنية الفنانة ندى القلعة التي تمجد فيها ضباط الجيش (حبابو القالوا ليهو جنابو)
  • إعلام مطروح يطلق حملة "تحقق قبل ما تصدق" لمواجهة الشائعات
  • "تحقق قبل ما أتصدق" حملة لمواجهة الشائعات يطلقها مركز الإعلام بمطروح
  • مقترح قانون لتحديد السن القانوني للأطفال في 16 سنة لولوج مواقع التواصل الاجتماعي
  • شركة تكنولوجيا مصرية توقف إعلاناتها على منصات التواصل الاجتماعي
  • القبض على متهم بالإساءة لسيدة على مواقع التواصل بالقاهرة