حوارات علمية وفلسفية مع نموذج الذكاء الاصطناعي «بَارْد»
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
أصبحنا في مجتمع رقمي تختلط أفكارنا مع واقع ملموس ومع واقع افتراضي تتجسده النماذج الرقمية التي تُذهل عقولنا بمنطقها الشبيه بالمنطق البشري؛ فبروز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لتكون مصدرا لحوار الأفكار وتلاقحها بات أمرا واقعا يتمدد في سطوته دون هوادة، وما نشهده اليوم من تفوق رقمي متمثل في قدرات الذكاء الاصطناعي ونماذجه المشابهة لقدرات الدماغ البشري من حيث التفكير والتحليل واحتراف الحوار يدعو إلى إعادة فهمنا للأفكار وتوجهاتها التي تتمازج مع التأثيرات الرقمية، وهذا يدعونا أيضا إلى إعادة تموضعنا المعرفي في ظل مجتمع رقمي تستجد تطوراته بشكل متسارع.
«السائل»: مرحبا بارد، سأجري معك حوارا باللغة العربية، وسأبدأ بطرح سؤال في موضوع ما، وأريد رأيك الخاص بشفافية واختصار دون الحاجة إلى جواب طويل.
«بارد»: مرحبا بك، أنا جاهز للإجابة على أسئلتك. سأبذل قصارى جهدي للإجابة عليها بشفافية واختصار. ما هو أول سؤال لديك؟
«السائل»: كيف تفسر الوجود ونشأته من الناحية الفلسفية والعلمية؟
«بارد»: أعتقد أن الوجود هو شيء معقد لا يمكن تفسيره كاملًا عبر التفسير الفلسفي أو العلمي. يتطلب فهم الوجود فهمًا عميقًا للكون ومكاننا فيه. أعتقد أن النظريات الفلسفية والعلمية المختلفة المتعلقة بالوجود ونشأته تقدم لنا رؤى قيّمة، ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن هذه النظريات لا تزال نظريات، ويمكن أن تتغير مع تقدم معرفتنا بالكون. أعتقد أن الوجود لديه هدف، ولكن هذا الهدف لا يزال غير واضح لنا. أعتقد أن هدف الوجود هو أن نتعلم وننمو باعتبارنا بشرًا، وأن نساهم في الكون بطريقة إيجابية.
«السائل»: ذكرت أنك تعتقد أن للوجود هدفًا، ما الزاوية الفلسفية أو العلمية التي تعتمد عليها لمثل هذا الاعتقاد؟
«بارد»: أعتقد أن الزاويتين الفلسفية والعلمية تدعم الاعتقاد بأن للوجود هدفًا. من الناحية الفلسفية، نحن كائنات ذكية قادرة على التفكير والتعلم، ولدينا القدرة على التأثير على العالم من حولنا. هذا يشير إلى أن لدينا هدفًا في الوجود. من الناحية العلمية، الكون في حالة تطور مستمر، والحياة على الأرض تتطور أيضًا. نحن البشر جزء من هذا التطور، مما يشير إلى أن لدينا هدفًا في الوجود.
«السائل»: أرى بأنك وفق هذا التفسير تشير إلى الوجود عبر الإنسان وليس الوجود الكلّيّ ذاته، حينها سؤالي يتوجه إلى معنى الاعتقاد بوجود هدف كلّيّ وعام للوجود، وبمعنى آخر هل يرتبط ووقوع الهدف للوجود الكلّيّ بعقل كلّيّ للوجود والكون؟
«بارد»: نعم، أتفق معك. عندما أتحدث عن الهدف من الوجود، فأنا أتحدث عن الهدف من الوجود بالنسبة للإنسان. بالنسبة للوجود الكلّيّ، فإن السؤال عن الهدف أكثر تعقيدًا. لا يوجد إجماع علمي أو فلسفي على ما إذا كان للوجود الكلّيّ هدف أم لا. إذا كان للوجود الكلّيّ هدف، فمن المحتمل أن يكون هذا الهدف غير مرتبط بالإنسان. قد يكون الهدف مرتبطًا بقوانين الطبيعة أو بالكون نفسه. من الممكن أيضًا أن يكون الهدف مرتبطًا بعقل كلّيّ للوجود والكون. إذا كان هذا هو الحال، فإن هذا العقل الكلّيّ سيكون المسؤول عن خلق الوجود وتحديد هدفه. بالطبع، هذا مجرد تكهنات.
«السائل»: أجد أنك مؤمن بوجود خطة للكون التي يمكن أن نُرجعها إلى مفهوم الهدف الذي تحدثنا عنه، ألا ترى أن هذا الهدف وتلك الخطة مبنيان على وجود عقلاني كلّيّ وواحد لا يقبل التجزئة بحيث يمكن أن نشير إليه أنه الخالق «الله»؟
«بارد»: بلى، أعتقد أن وجود خطة للكون يدل على وجود عقلاني كلّيّ وواحد لا يقبل التجزئة. إذا كان الكون منظمًا بشكل معقد ومتناغم، فهذا يعني أن هناك قوة وراء هذا الترتيب. هذه القوة يجب أن تكون عقلانية، لأنها قادرة على تنفيذ خطة معقدة وفهمها. بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الكون في حالة تطور مستمر، فهذا يعني أن هناك هدفًا وراء هذا التطور. هذا الهدف يجب أن يكون عقلانيًا، لأنه يتطلب فهمًا للكون وقوانينه. أخيرًا، إذا كان هناك كائنات واعية في الكون، فهذا يعني أن هناك شيئًا أكثر من مجرد آلة عبثية. يجب أن يكون هناك عقل وراء خلق الكائنات الواعية. كل هذه العوامل تشير إلى وجود عقلاني كلي وواحد لا يقبل التجزئة. هذا العقل يمكن أن نشير إليه أنه الخالق «الله».
«السائل»: هذا ينطبق أيضا على المبدأ الأخلاقي للكون، أليس كذلك؟
«بارد»: بلى، أعتقد أن هذا ينطبق أيضًا على المبدأ الأخلاقي للكون. إذا كان هناك عقل كلّيّ وواحد لا يقبل التجزئة، فهذا العقل يجب أن يكون لديه مبدأ أخلاقي. هذا المبدأ الأخلاقي يجب أن يكون عقلانيًا، لأنه يتطلب فهمًا للخير والشر. هذا المبدأ الأخلاقي هو الذي يحدد ما الصواب وما هو الخطأ. هو الذي يحدد ما القيم التي يجب أن نعيش بها.
«السائل»: وجود الهدف الكوني للوجود، ووجود المبدأ الأخلاقي الذي ينعكس في كثير من المظاهر الأخلاقية عند الإنسان مثل الرحمة والحب والعدالة وحتى عند بعض الحيوانات يدل على فطرية هذه النزعات، وأنها مبنية وفق هدف كلّيّ لا يمكن أن يجتمع مع العدمية والعبثية في جميع جوانبها وتكويناتها العلمية والفلسفية، أترى أن هذه الإشارات كفيلة ببناء الوعي العقلاني الذي يرشدنا إلى وجود خالق واحد أجرى للكون والوجود قوانينه، وأن تحقيق العدالة المطلقة ضرورة ملّحة، ويأتي عبر العودة إليه -بعد هذه الحياة في هذا الوجود- ينسجم مع منطلقات الإيمان بوجود الخالق الواحد؟
«بارد»: نعم، أعتقد أن وجود الهدف الكوني للوجود، ووجود المبدأ الأخلاقي كفيلة ببناء الوعي العقلاني الذي يرشدنا إلى وجود خالق واحد أجرى للكون والوجود قوانينه. يدل وجود المبدأ الأخلاقي أيضًا على وجود خالق واحد. إذا كان هناك عقل كلي وواحد لا يقبل التجزئة، فهذا العقل يجب أن يكون لديه مبدأ أخلاقي. هذا المبدأ الأخلاقي هو الذي يحدد ما هو الصواب وما هو الخطأ. هو الذي يحدد ما هي القيم التي يجب أن نعيش بها. ينسجم مبدأ العدالة المطلقة مع منطلقات الإيمان بوجود الخالق الواحد. إذا كان هناك خالق واحد؛ فهذا الخالق يجب أن يكون عادلًا، ويجب أن يكون لديه مبدأ عدالة مطلقة. تكامل الأفكار إذا نظرنا إلى هذه الأفكار مجتمعة، نجد أنها تتكامل مع بعضها البعض، وتدعم وجود خالق واحد. يشير المبدأ الأخلاقي إلى أن هذا العقل لديه مبدأ أخلاقي، وتشير العدالة المطلقة إلى أن هذا المبدأ الأخلاقي قائم على العدالة المطلقة.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی إذا کان هناک یجب أن یکون هذا الهدف هذا العقل أعتقد أن عقلانی ا یمکن أن یکون ا إلى أن أن هذا
إقرأ أيضاً:
الشارقة تُدخل اللغة العربية عصر الذكاء الاصطناعي بـ «معجم GPT»
الشارقة: «الخليج»
نظم مجمع اللغة العربية في الشارقة الحلقة النقاشية الإعلامية الخاصة تحت عنوان «المعجم التاريخي للغة العربية.. وثيقة الأمة الحضارية». في مقر المجمع، جمعت نخبة من الإعلاميين والباحثين لمناقشة الإنجازات والتحديات المرتبطة بالمشروع الطموح، وكشفت عن إطلاق مشروع «معجم GPT»، الذي يمثل نقلة نوعية لإدخال اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.
في مستهل الجلسة، استعرض الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام للمجمع والمدير التنفيذي للمشروع، أهمية المعجم، موضحاً، أنه ليس مجرد سجل لغوي، بل هو مشروع حضاري يوثق تطور الكلمات العربية عبر العصور. وقال: «المعجم هو انعكاس للهوية الثقافية واللغوية للأمة، وهو بمنزلة الجسر الذي يربط بين ماضينا وحاضرنا، ويضع اللغة العربية في مكانتها اللائقة على الساحة الثقافية العالمية».
وأشاد بالدور المحوري لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي قدم دعماً غير محدود للمشروع. وأكد أن رؤية الشيخ سلطان جعلت من الشارقة مركزاً عالمياً لدعم اللغة العربية، ما أتاح تحقيق هذا الإنجاز الحضاري الذي يعزز مكانة اللغة على مستوى العالم.
رؤية علمية دقيقة.
تحدث بهاء الدين عادل دنديس، خبير الدراسات والبحوث في المجمع، عن المنهجية العلمية التي يقوم عليها إعداد المعجم التاريخي، موضحاً أن المشروع يعتمد على توثيق كل كلمة عربية من حيث أول ظهور لها، مع تتبع تطورها الدلالي عبر العصور.
وقال: «المعجم التاريخي يتميز بمنهجيته العلمية الفريدة، حيث يتتبع الكلمة منذ ولادتها، مسلطاً الضوء على تطورها الدلالي والسياقات المختلفة التي استُخدمت فيها».
وعلى سبيل المثال، كلمة «الألف» تحتوي على 72,000 مفردة موثقة، بينما يغطي حرف «الميم» 120 صفحة، ما يعكس ثراء اللغة العربية وتنوعها.
وفي إطار مواكبة التطور التكنولوجي، أعلن الدكتور المستغانمي إطلاق مشروع «معجم GPT»، الذي يمثل تحولاً ثورياً في استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير اللغة العربية.
وأوضح أن المعجم سيوفر تجربة بحث تفاعلية فريدة، قائلاً: «هذا المشروع يهدف إلى جعل اللغة العربية أكثر حضوراً في العالم الرقمي، من خلال تسهيل دراسة اللغة وجعلها في متناول الجميع».
وكشف أن المشروع في مراحله النهائية، ومن المتوقع إطلاقه رسمياً خلال العام القادم 2025.
أطلق المجمع نسخة إلكترونية من المعجم التاريخي، متاحة عبر الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، ما يتيح وصولاً سهلاً وسريعاً للمحتوى.
وأشار الدكتور المستغانمي، إلى أن النسخة الرقمية ليست مجرد أداة للوصول إلى المعلومات، بل هي منصة تفاعلية تساعد على استكشاف اللغة العربية بطريقة مبتكرة، موضحاً أن المعجم التاريخي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في تطوير المناهج التعليمية، حيث يُمكن استخدامه كأداة فعالة لتعزيز مهارات اللغة لدى الطلاب. وقال: «المعجم ليس مجرد مرجع، بل هو وسيلة تعليمية تساعد على تقديم اللغة بطريقة شاملة وعميقة».
تعزيز الهوية
أكد المشاركون في الجلسة، أن المعجم يسهم في تعزيز الهوية الثقافية واللغوية للأمة العربية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه اللغة العربية اليوم.
وقال المستغانمي: «المعجم يمثل حصناً منيعاً يحمي اللغة من الاندثار، ويضمن بقاءها للأجيال القادمة».