لجريدة عمان:
2024-06-30@01:16:06 GMT

مؤشر القوة الناعمة.. أين وصلنا؟

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

مؤشر القوة الناعمة (Soft Power Index) يكتسب أهمية كبيرة نظرًا لكونه من المؤشرات التي تعنى ببيئة الأعمال والاقتصاد والتي منها: مؤشر التعقيد الاقتصادي ومؤشر الحرية الاقتصادية وتقرير التنافسية العالمي. يصدر التقرير السنوي العالمي لمؤشر القوة الناعمة عن مؤسسة (Brain Finance)، ويضم ما يقرب من (121) دولة حول العالم.

وفكرته تقوم على مدى تمكن الدولة في التأثير لحل المشكلات سواء داخل الدولة نفسها أو التي تحدث على المستوى العالمي وتتطلب عملية حلها الإقناع والحوار والقدرة عن جذب الآخرين بدلًا من اللجوء إلى القوة أو الضغط السياسي. ويتم جمع الإجابات لهذا المؤشر عن طريق استطلاعات الرأي لأكثر من (100) ألف شخص يمثلون (121) دولة حول العالم. ‏

ولمعرفة أين وصلنا، سوف نستخدم أسلوب المقارنة أو المعايرة (Benchmarking) بين سلطنة عمان وبعض دول مجلس التعاون في مؤشر القوة الناعمة، نظرًا للتشابه في القيم والمعتقدات واللغة والتاريخ والموقع الجغرافي. كما يظهر بأن هناك نموًا إيجابيًا في ترتيب سلطنة عمان عالميا في هذا المؤشر من (51) عام (2021) لتكون في المرتبة (46) في تقرير (2023). في المقابل حيث جاءت كل من: دولة الإمارات العربية المتحدة في الترتيب (10)، المملكة العربية السعودية (19)، دولة قطر (24)، دولة الكويت (35)، وأخيرًا مملكة البحرين في المرتبة (50).

والعناصر التي على أساسها يتم القياس في مؤشر القوة الناعمة تتكون من (11) عنصرًا على سبيل المثال: المعرفة العامة عن الدولة، التأثير العالمي، سمعة الدولة، الثقافة والتراث، العلاقات الدولية، الأعمال والتجارة، الشعوب والقيم، وإجمالي درجات العناصر كلها هي (100) درجة، وبالتالي كلما ارتفعت الدرجة في كل عنصر كلما ارتفع ترتيب الدولة في المؤشر والعكس صحيح. وكل عنصر له درجة معينة ويأخذ التأثير العالمي النسبة الأكبر بالدرجة (30). ففي المعرفة العامة عن الدولة، جاءت السعودية في المرتبة الأولى لحصولها على الدرجة الأعلى (6.3)، ثم الإمارات ثانيا وسلطنة عمان حلت خامسًا مكررًا مع البحرين. وقد يكون تصدر السعودية لمعرفة جميع الشعوب عنها نظرًا لوجود الأماكن المقدسة التي يزورها المسلمون من شتى بقاع العالم. وفي عنصر سمعة الدولة، حصلت الإمارات على الدرجة الأعلى (6.8) ثم قطر ثم السعودية وخامسًا سلطنة عمان. كما نشير بأن سمعة الدولة يمثل الوضع الراهن وليس له علاقة بالتاريخ والحضارة. بالنسبة لعنصر التأثير العالمي نجد تقدم الإمارات بحصولها على الدرجة (5.5) ثم السعودية ثم قطر ثالثًا. وهذا العنصر مهم لأنه مرتبط ارتباطا مباشرًا بعنصري المعرفة العامة بالدولة وسمعتها، وبالتالي يكون للدولة التأثير العالمي إذا كانت معروفة بشكل واسع على مستوى الأفراد وعلى المستوى العالمي. والمتأمل في حصول سلطنة عمان على الترتيب الخامس خليجيًا في هذا العنصر بدرجة (3.9) قد لا يتناسب مع الصيت والإرث التاريخي الموغل في القدم. بالنسبة لعنصر الأعمال والتجارة نجد حصول الإمارات على الدرجة الأعلى (6.5) ثم قطر ثم السعودية ثالثًا. ويأتي هذا الترتيب باعتبار أن الإمارات بدأت في الانفتاح على التجارة العالمية منذ وقت طويل وبالتالي لديها العوامل والجاذبية لوصول مدينة دبي كمركز تجاري عالمي. وفي عنصر العلاقات الدولية حصلت الإمارات على الدرجة الأعلى (6.1) ثم السعودية ثم قطر وحلت سلطنة عمان في الترتيب الخامس بحصولها على (4.2). والمشاهد بأن سلطنة عمان تُركز على الدول ذات التأثير العالمي في الزيارات الرسمية على سبيل المثال ، زيارة رئيس جمهورية ألمانيا الحاصلة على الترتيب الثالث عالميًا وزيارة رئيس سويسرا الفيدرالية الحاصلة على الترتيب الثامن عالميًا. كما أن الدول التي دخلت في علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لم يكن هو السبب الرئيسي في تصدرها حيث جاءت البحرين في المرتبة (50) عالميًا وتقدمتها سلطنة عمان والكويت.

والمتأمل في التاريخ يجد بأن سلطنة عمان كانت وما زالت تلعب دورًا محوريًا على كافة الأصعدة، وذات تأثير سياسي في الأوساط العالمية. فهناك جهود كبيرة في الحوار مع إيران والملف النووي والملفات الساخنة بدول مجلس التعاون الخليجي، وحرب اليمن وكثير من الوساطات التي كانت تتم عن طريق الإقناع والتأثير العماني مما نتج عنه الإفراج عن عدد من الرهائن من مختلف دول العالم. بيد أن هناك حاجة لقيام جميع سفارات سلطنة عمان بدول العالم إلى تكثيف العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية لتعريف المجتمع المدني بتلك الدول عن حضارة وتاريخ سلطنة عمان، وبالتالي أيضًا قد يكون مناسبًا دعم الملحقيات الثقافية للاستفادة من الكفاءات الطلابية بالخارج في تفعيل التسويق الدولي بتلك الدول.

ومن العناصر المهمة في التقييم، الثقافة والتراث: حيث حصلت الإمارات على الدرجة الأعلى (4.6) ثم قطر ثانيًا والسعودية ثالثًا وسلطنة عمان الرابع مكررًا مع الكويت. ويمكن أن يكون وجود فرع لمتحف اللوفر في أبوظبي مساهما في هذه النتيجة. وإن كان لسلطنة عمان تراث ثقافي عريق، فإن الأهم هو مدى نشر الثقافة والتراث إقليميًا ودوليًا. وإن كنت أرى ضرورة وجود استراتيجية ثقافية طويلة المدى تساهم في تفعيل التسويق الثقافي بالطرق التقليدية من إقامة المهرجانات والندوات والمحاضرات وأيضًا بالطرق الإلكترونية أو الرقمية في دول العالم وبلغات متعددة. ولعله من المناسب الترويج الدولي لمتحف عمان عبر الزمان، كونه استطاع استقطاب ما يقرب من (11) ألف زائر في يوم واحد خلال إجازة العيد الوطني. أيضًا من الممكن التعريف عالميًا بجهود سلطنة عمان من خلال استغلال الرحلات الطلابية السنوية التي تقيمها الجامعات الوطنية والتي تتلقى الدعم السامي السنوي، هذه الرحلات التي يتم فيها اختيار صفوة الطلاب يفترض أن تأخذ الطابع الترفيهي وأيضا الثقافي من خلال قيام أولئك الطلاب بإلقاء المحاضرات في الجامعات والمراكز البحثية عن سلطنة عمان بالدول التي يتم زيارتها.

ويأتي عنصر الشعوب والقيم من العناصر التي حصلت فيها سلطنة عمان على الترتيب الثاني خليجيًا بدرجة (4.3) بعد الإمارات وقد يكون لذلك تفسير واضح من التسامح والسمت العماني في التمسك بالقيم والهوية والمواطنة والتي بدأت تتلاشى في بعض دول الخليج نظرًا لتأثيرات العولمة والانفتاح الاقتصادي.

‏نخلص بالقول، وإن كان دخول سلطنة عمان في مؤشر القوة الناعمة جاء متأخرًا عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي، إلا إنها حصلت على مرتبة جيدة مع سعيها في تنفيذ رؤيتها المستقبلية التي تحافظ على الهوية والمواطنة والتراث والسمت العماني. كما أن هناك تغييرًا إيجابيًا في درجات المؤشر بين تقريري (2022) و(2023) يعتبر الأعلى من بين (24) دولة المتصدرة للمؤشر عالميًا. مع ذلك ونظرًا لكون عناصر القياس لهذا المؤشر ليست قطاعا محددا بل تشمل جميع القطاعات فهناك حاجة لتكامل الأدوار من القطاعات الحكومية والقطاع الخاص في إيجاد منظومة تشاركية وتكاملية لهذا المؤشر مع رصد نتائجه السنوية. والدور الأهم لمكتب التنافسية الوطنية في مساعدة الجهات الحكومية في العمل نحو إيجاد آليات لرفع مستوى ترتيب سلطنة عمان على المستوى الخليجي و العالمي. كما أن هناك حاجة لتنسيق أكثر بين وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان ومكتب التنافسية الوطنية فيما يخص التقارير التي تعنى بالمؤشرات الدولية حيث تحتاج إلى منهجية علمية في نشرها، بحيث تأخذ معايير الشفافية والإفصاح في أين وصلنا وتحليل الفجوات وعمل آليات التنفيذ وتأخذ منحى السرعة في النشر، حيث يلاحظ بأن أغلب التقارير تصدر بعد فترة طويلة من انتهاء السنة التي أُعد عنها التقرير.

د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التأثیر العالمی ثم السعودیة على الترتیب فی المرتبة سلطنة عمان أن هناک عالمی ا عنصر ا

إقرأ أيضاً:

ارتفاع معدل الباحثين عن عمل في سلطنة عمان إلى 3.1% حتى نهاية مايو الماضي

الظاهرة تتصدر المحافظات في المعدل والوسطى الأقل

صعد معدل الباحثين من الإناث إلى 9.9% والذكور عند 1.4%

10.3 % المعدل في الفئات العمرية الأقل من 24 سنة

ارتفع معدل الباحثين عن عمل في سلطنة عمان إلى 3.1% حتى نهاية مايو 2024، مقارنة مع شهر أبريل الماضي البالغ 2.6%، وذلك وفقا للبيانات التي نشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات؛ إذ صعد معدل الباحثين من الذكور ليصل إلى 1.4% بنهاية مايو الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه البالغ 1.1%، كما صعد معدل الباحثين من الإناث ليصل إلى 9.9% مقارنة بـ 8.3% بنهاية شهر أبريل من العام الجاري.

وأشارت البيانات إلى ارتفاع معدل الباحثين عن عمل من حملة درجة البكالوريوس ليصل إلى 9.7% بنهابة مايو الماضي مقارنة بـ 7.3% بنهاية أبريل من العام الجاري، كما ارتفع معدل الباحثين عن عمل الذين يحملون مؤهل دبلوم التعليم العالي ليصل إلى 9.5% بنهاية مايو الماضي مقارنة مع 8.5% عن نهاية شهر أبريل 2024. وصعد معدل الباحثين عن عمل من المستوى التعليمي دبلوم التعليم العام وما يعادله إلى 4.6% بنهاية مايو 2024 مقارنة مع 3.6% عن الشهر الذي سبقه. وبلغ معدل الباحثين عن عمل المستوى التعليمي من حملة الماجستير والدكتوراة 0.7% بنهاية مايو الماضي، مقارنة مع 0.6% بنهاية الشهر الذي قبله، بينما استقر معدل الباحثين عن عمل الذين يحملون مؤهل ما دون دبلوم التعليم العام عند معدل 0.6% بنهاية مايو 2024.

الفئات العمرية

ووفقا للفئات العمرية، يتراوح أغلب الباحثين عن عمل في الفئة العمرية الأقل من 24 سنة بمعدل 10.3% حتى نهاية مايو الماضي مقارنة مع 8.6% بنهاية أبريل 2024، فيما بلغ معدل الباحثين عن عمل في الفئة العمرية من 25 إلى 29 سنة 6.7% مقارنة مع 5.3% بنهاية أبريل الماضي. وصعد معدل الباحثين عن عمل في الفئة العمرية من 30 إلى 34 سنة إلى 3.3% بنهاية مايو مقارنة مع معدل 2.7% بنهاية الشهر الذي قبله، كما بلغ معدل الباحثين عن عمل في الفئة العمرية من 35 إلى 39 سنة 1.5%، أما الفئة العمرية من 40 سنة فأعلى فبلغ معدل الباحثين عن عمل فيها 0.6% وذلك بنهاية شهر مايو من العام الجاري.

الباحثون في المحافظات

وأوضحت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن معدل الباحثين عن عمل الأعلى يتمركز في محافظة الظاهرة بمعدل 5.8%، تلتها محافظة مسندم التي سجلت معدل 5.2%. وبلغ معدل الباحثين عن عمل في محافظة شمال الباطنة 4.3%، و4.2% المعدل في محافظة جنوب الباطنة، وبلغ معدل الباحثين عن عمل في محافظة البريمي 4.1%، و4% في محافظة الداخلية، بينما بلغ المعدل في محافظة جنوب الشرقية 3.7%، و3.3% في محافظة شمال الشرقية. وأشارت الإحصائيات إلى أن معدل الباحثين عن عمل في محافظة ظفار 2.5%، وبلغ المعدل في محافظة مسقط 1.4%، و1.2% المعدل في محافظة الوسطى، وذلك حتى نهاية مايو الماضي.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان.. سلام ووئام واحترام لحقــــوق الــدول والشعوب في الحياة الكريمة
  • قفزة عمانية في التحول الرقمي
  • عمان في مؤشر السلام العالمي 2024
  • كيف تتنافس سلطنة عمان في قطاع الهيدروجين والطاقة النظيفة عالميا؟
  • الوفد الحوثي يغادر صنعاء للقاء وفد الشرعية في سلطنة عمان
  • مؤشر عالمي… اليمن الدولة الأقل سلمية على مستوى العالم
  • تقرير خليجي: سلطنة عمان تحقق مؤشرات متقدمة في صحة البيئة والحماية البحرية
  • Mad Solutions تشارك بخمسة أفلام قصيرة بمهرجان عمان السينمائي الدولي
  • بعد اكتشاف نيزك نادر في سلطنة عمان: هل تساءلت يومًا عن مصادر النيازك؟
  • ارتفاع معدل الباحثين عن عمل في سلطنة عمان إلى 3.1% حتى نهاية مايو الماضي