مؤشر القوة الناعمة.. أين وصلنا؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
مؤشر القوة الناعمة (Soft Power Index) يكتسب أهمية كبيرة نظرًا لكونه من المؤشرات التي تعنى ببيئة الأعمال والاقتصاد والتي منها: مؤشر التعقيد الاقتصادي ومؤشر الحرية الاقتصادية وتقرير التنافسية العالمي. يصدر التقرير السنوي العالمي لمؤشر القوة الناعمة عن مؤسسة (Brain Finance)، ويضم ما يقرب من (121) دولة حول العالم.
ولمعرفة أين وصلنا، سوف نستخدم أسلوب المقارنة أو المعايرة (Benchmarking) بين سلطنة عمان وبعض دول مجلس التعاون في مؤشر القوة الناعمة، نظرًا للتشابه في القيم والمعتقدات واللغة والتاريخ والموقع الجغرافي. كما يظهر بأن هناك نموًا إيجابيًا في ترتيب سلطنة عمان عالميا في هذا المؤشر من (51) عام (2021) لتكون في المرتبة (46) في تقرير (2023). في المقابل حيث جاءت كل من: دولة الإمارات العربية المتحدة في الترتيب (10)، المملكة العربية السعودية (19)، دولة قطر (24)، دولة الكويت (35)، وأخيرًا مملكة البحرين في المرتبة (50).
والعناصر التي على أساسها يتم القياس في مؤشر القوة الناعمة تتكون من (11) عنصرًا على سبيل المثال: المعرفة العامة عن الدولة، التأثير العالمي، سمعة الدولة، الثقافة والتراث، العلاقات الدولية، الأعمال والتجارة، الشعوب والقيم، وإجمالي درجات العناصر كلها هي (100) درجة، وبالتالي كلما ارتفعت الدرجة في كل عنصر كلما ارتفع ترتيب الدولة في المؤشر والعكس صحيح. وكل عنصر له درجة معينة ويأخذ التأثير العالمي النسبة الأكبر بالدرجة (30). ففي المعرفة العامة عن الدولة، جاءت السعودية في المرتبة الأولى لحصولها على الدرجة الأعلى (6.3)، ثم الإمارات ثانيا وسلطنة عمان حلت خامسًا مكررًا مع البحرين. وقد يكون تصدر السعودية لمعرفة جميع الشعوب عنها نظرًا لوجود الأماكن المقدسة التي يزورها المسلمون من شتى بقاع العالم. وفي عنصر سمعة الدولة، حصلت الإمارات على الدرجة الأعلى (6.8) ثم قطر ثم السعودية وخامسًا سلطنة عمان. كما نشير بأن سمعة الدولة يمثل الوضع الراهن وليس له علاقة بالتاريخ والحضارة. بالنسبة لعنصر التأثير العالمي نجد تقدم الإمارات بحصولها على الدرجة (5.5) ثم السعودية ثم قطر ثالثًا. وهذا العنصر مهم لأنه مرتبط ارتباطا مباشرًا بعنصري المعرفة العامة بالدولة وسمعتها، وبالتالي يكون للدولة التأثير العالمي إذا كانت معروفة بشكل واسع على مستوى الأفراد وعلى المستوى العالمي. والمتأمل في حصول سلطنة عمان على الترتيب الخامس خليجيًا في هذا العنصر بدرجة (3.9) قد لا يتناسب مع الصيت والإرث التاريخي الموغل في القدم. بالنسبة لعنصر الأعمال والتجارة نجد حصول الإمارات على الدرجة الأعلى (6.5) ثم قطر ثم السعودية ثالثًا. ويأتي هذا الترتيب باعتبار أن الإمارات بدأت في الانفتاح على التجارة العالمية منذ وقت طويل وبالتالي لديها العوامل والجاذبية لوصول مدينة دبي كمركز تجاري عالمي. وفي عنصر العلاقات الدولية حصلت الإمارات على الدرجة الأعلى (6.1) ثم السعودية ثم قطر وحلت سلطنة عمان في الترتيب الخامس بحصولها على (4.2). والمشاهد بأن سلطنة عمان تُركز على الدول ذات التأثير العالمي في الزيارات الرسمية على سبيل المثال ، زيارة رئيس جمهورية ألمانيا الحاصلة على الترتيب الثالث عالميًا وزيارة رئيس سويسرا الفيدرالية الحاصلة على الترتيب الثامن عالميًا. كما أن الدول التي دخلت في علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لم يكن هو السبب الرئيسي في تصدرها حيث جاءت البحرين في المرتبة (50) عالميًا وتقدمتها سلطنة عمان والكويت.
والمتأمل في التاريخ يجد بأن سلطنة عمان كانت وما زالت تلعب دورًا محوريًا على كافة الأصعدة، وذات تأثير سياسي في الأوساط العالمية. فهناك جهود كبيرة في الحوار مع إيران والملف النووي والملفات الساخنة بدول مجلس التعاون الخليجي، وحرب اليمن وكثير من الوساطات التي كانت تتم عن طريق الإقناع والتأثير العماني مما نتج عنه الإفراج عن عدد من الرهائن من مختلف دول العالم. بيد أن هناك حاجة لقيام جميع سفارات سلطنة عمان بدول العالم إلى تكثيف العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية لتعريف المجتمع المدني بتلك الدول عن حضارة وتاريخ سلطنة عمان، وبالتالي أيضًا قد يكون مناسبًا دعم الملحقيات الثقافية للاستفادة من الكفاءات الطلابية بالخارج في تفعيل التسويق الدولي بتلك الدول.
ومن العناصر المهمة في التقييم، الثقافة والتراث: حيث حصلت الإمارات على الدرجة الأعلى (4.6) ثم قطر ثانيًا والسعودية ثالثًا وسلطنة عمان الرابع مكررًا مع الكويت. ويمكن أن يكون وجود فرع لمتحف اللوفر في أبوظبي مساهما في هذه النتيجة. وإن كان لسلطنة عمان تراث ثقافي عريق، فإن الأهم هو مدى نشر الثقافة والتراث إقليميًا ودوليًا. وإن كنت أرى ضرورة وجود استراتيجية ثقافية طويلة المدى تساهم في تفعيل التسويق الثقافي بالطرق التقليدية من إقامة المهرجانات والندوات والمحاضرات وأيضًا بالطرق الإلكترونية أو الرقمية في دول العالم وبلغات متعددة. ولعله من المناسب الترويج الدولي لمتحف عمان عبر الزمان، كونه استطاع استقطاب ما يقرب من (11) ألف زائر في يوم واحد خلال إجازة العيد الوطني. أيضًا من الممكن التعريف عالميًا بجهود سلطنة عمان من خلال استغلال الرحلات الطلابية السنوية التي تقيمها الجامعات الوطنية والتي تتلقى الدعم السامي السنوي، هذه الرحلات التي يتم فيها اختيار صفوة الطلاب يفترض أن تأخذ الطابع الترفيهي وأيضا الثقافي من خلال قيام أولئك الطلاب بإلقاء المحاضرات في الجامعات والمراكز البحثية عن سلطنة عمان بالدول التي يتم زيارتها.
ويأتي عنصر الشعوب والقيم من العناصر التي حصلت فيها سلطنة عمان على الترتيب الثاني خليجيًا بدرجة (4.3) بعد الإمارات وقد يكون لذلك تفسير واضح من التسامح والسمت العماني في التمسك بالقيم والهوية والمواطنة والتي بدأت تتلاشى في بعض دول الخليج نظرًا لتأثيرات العولمة والانفتاح الاقتصادي.
نخلص بالقول، وإن كان دخول سلطنة عمان في مؤشر القوة الناعمة جاء متأخرًا عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي، إلا إنها حصلت على مرتبة جيدة مع سعيها في تنفيذ رؤيتها المستقبلية التي تحافظ على الهوية والمواطنة والتراث والسمت العماني. كما أن هناك تغييرًا إيجابيًا في درجات المؤشر بين تقريري (2022) و(2023) يعتبر الأعلى من بين (24) دولة المتصدرة للمؤشر عالميًا. مع ذلك ونظرًا لكون عناصر القياس لهذا المؤشر ليست قطاعا محددا بل تشمل جميع القطاعات فهناك حاجة لتكامل الأدوار من القطاعات الحكومية والقطاع الخاص في إيجاد منظومة تشاركية وتكاملية لهذا المؤشر مع رصد نتائجه السنوية. والدور الأهم لمكتب التنافسية الوطنية في مساعدة الجهات الحكومية في العمل نحو إيجاد آليات لرفع مستوى ترتيب سلطنة عمان على المستوى الخليجي و العالمي. كما أن هناك حاجة لتنسيق أكثر بين وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان ومكتب التنافسية الوطنية فيما يخص التقارير التي تعنى بالمؤشرات الدولية حيث تحتاج إلى منهجية علمية في نشرها، بحيث تأخذ معايير الشفافية والإفصاح في أين وصلنا وتحليل الفجوات وعمل آليات التنفيذ وتأخذ منحى السرعة في النشر، حيث يلاحظ بأن أغلب التقارير تصدر بعد فترة طويلة من انتهاء السنة التي أُعد عنها التقرير.
د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التأثیر العالمی ثم السعودیة على الترتیب فی المرتبة سلطنة عمان أن هناک عالمی ا عنصر ا
إقرأ أيضاً:
دبلوماسيات عُمانيات: أعلينا راية وطن يؤمن بكفاءة المرأة ودورها في صنع القرار
تتجلى إسهامات المرأة في مختلف المجالات، حيث تجاوزت حدود الوطن لتكون صوتًا حاضرًا ومؤثرًا في أروقة الأمم المتحدة. فالعُمانيات اللاتي حملن راية الدبلوماسية الأممية قدّمن نموذجًا رائدًا يعكس ما وصلت إليه سلطنة عُمان من مكانة على صعيد تمكين المرأة، ويؤكدن أن الحضور النسائي العُماني في اللجان الدولية ليس مجرد تمثيل رسمي، بل رسالة وطنية تحمل في جوهرها قيم السلام والحوار والتنمية.
واحتفاء بيوم المرأة العُمانية، ترصد «عُمان» تجارب الدبلوماسيات في الأمم المتحدة ليقدّمن شهادات حيّة عن دورهن المهم والتحديات التي واجهنها، وتطلعاتهن المستقبلية التي رسمنها لتعزيز حضور سلطنة عمان عالميًا.
التجربة العُمانية
المستشارة رحمة بنت خلفان العبرية تؤكد دور المرأة العُمانية في نقل تجربتها إلى العالم، وقالت: من خلال عملي كدبلوماسية عُمانية في الأمم المتحدة لمدة 4 سنوات، كانت لديّ الفرصة لإلقاء بيانات أمام الجمعية العامة لإبراز دور المرأة العُمانية ومشاركتها الفاعلة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب دورها في بناء الأسرة، كما استطعت أن أنقل توجه سلطنة عُمان في تمكين المرأة ومشاركتها في صنع القرار وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، وهو ما أكّدته "رؤية عُمان 2040".
وعن أبرز التحديات، أوضحت العبرية أن الصعوبات كانت موجودة لكنها تمكنت من تجاوزها بالإصرار على العمل وتحقيق الأهداف وتمثيل سلطنة عمان أفضل تمثيل، إلى جانب الدعم العائلي، مشيرة إلى أن أبرز هذه التحديات كان عامل الوقت والعمل لفترات طويلة ومحاولة التوفيق بين العمل والعائلة قدر الإمكان.
وشدّدت على أن المرأة العُمانية يمكن أن تؤدي دورًا كبيرًا في تعزيز حضور سلطنة عمان في المحافل الدولية، أهمها إبراز ما حققته سلطنة عُمان من إنجازات في تمكين المرأة ودعمها في مختلف المجالات بما يعكس صورة إيجابية عن سلطنة عمان في المحافل الدولية.
وأضافت: كما يمكن لها أن تشارك في الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات وبناء علاقات جديدة مع مختلف الدول وبناء شبكات تواصل تستطيع من خلالها نقل توجهات سلطنة عمان ودورها البارز في تمكين المرأة.
وتابعت: رسالتي للمرأة العُمانية الطامحة أن تكون قدر هذا الطموح، وأن تسعى لتحقيقه بشتى الطرق، واكتساب المهارات المطلوبة للعمل الدبلوماسي، أهمها الاطلاع ومتابعة القضايا الدولية ومواقف الدول من تلك القضايا، وإتقان اللغات واللباقة والبروتوكول الدبلوماسي.
حضور فاعل
بدورها، أعربت المستشارة عبير بنت مرهون السيابية عن فخرها بالمشاركة ضمن أعضاء الوفد المشارك في الدورة الـ79 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2024، حيث قالت: كان لي الشرف بتمثيل سلطنة عمان في اللجنة الخامسة الخاصة بإدارة الميزانية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، والتي من خلالها قمت بإلقاء بيان باسم سلطنة عمان، والذي عُني بإبراز موقف سلطنة عمان تجاه مختلف القضايا الدولية السياسية والاقتصادية، وذلك بحضور سعادة الأمين العام للأمم المتحدة.
وأضافت: عكست مشاركتي في الأمم المتحدة إبراز صوت المرأة العُمانية في القضايا الدولية، كما تعد مشاركتي في اجتماعات الأمم المتحدة ومداولاتها فرصة استراتيجية لإبراز صوت سلطنة عمان في القضايا الدولية من منظور نسائي وطني. فهي تسهم في نقل التجربة العُمانية في مجال تمكين المرأة إلى المحافل العالمية، وتؤكد حضور سلطنة عُمان الفاعل في مناقشة القضايا التنموية والإنسانية، كما تعكس هذه المشاركة صورة إيجابية عما وصلت إليه المرأة العُمانية من مكانة رائدة، وتدعم توجه سلطنة عمان نحو تعزيز المساواة وإبراز الكفاءات الوطنية في مختلف الساحات الدولية.
وحول التحديات، أوضحت السيابية أنه على الرغم مما تحققه المرأة العُمانية من إنجازات على الصعيد الدولي، إلا أن مشاركتها في اللجان المتخصصة قد تواجه تحديات متعلقة بتباين الثقافات وتعدد الخلفيات الفكرية، إضافة إلى متطلبات التفاوض وإدارة الحوار في بيئات معقدة ومتنوعة. وأشارت إلى أن تجاوز هذه التحديات يتطلب الاستثمار في تنمية القدرات الدبلوماسية والمهارات التفاوضية، إلى جانب توفير الدعم المؤسسي والرسمي لتعزيز حضور المرأة العُمانية وتمكينها من أداء أدوارها بكفاءة وفاعلية، بما يتناسب مع المكانة التي تحظى بها سلطنة عمان في المجتمع الدولي.
وتابعت: إن المرأة العُمانية تمتلك من الكفاءة العلمية والخبرة العملية ما يؤهلها للقيام بدور فاعل في تعزيز حضور سلطنة عمان على المستوى الدولي. فهي قادرة على تمثيل عُمان بما يعكس قيمها القائمة على السلام والحوار والتسامح، والمشاركة في صياغة رؤى وحلول للقضايا العالمية من منظور متوازن. ومن خلال الجمع بين الأصالة العُمانية ومتطلبات الدبلوماسية الحديثة، تستطيع أن تكون واجهة مشرّفة تعزز مكانتها في مختلف المحافل الأممية.
وبعثت رسالتها إلى الشابات العُمانيات، والتي تتمثل في الثقة بالقدرات الشخصية والسعي المستمر لتطوير المعارف والمهارات، ولا سيما في مجالات اللغات والحوار والتواصل، باعتبارها أدوات أساسية للنجاح في العمل الدبلوماسي. وشدّدت على أن تمثيل سلطنة عمان في المحافل الأممية مسؤولية وطنية تتطلب الالتزام بالقيم العُمانية الأصيلة وروح المسؤولية، مؤكدة أن المستقبل رحب أمام الطاقات الشابة، وأن الدبلوماسية العُمانية بحاجة إلى جيل قادر على مواكبة المتغيرات العالمية وتعزيز حضور سلطنة عمان في الساحة الدولية.
نموذج فاعل في القضايا الدولية
أكدت السكرتير ثاني ميادة بنت يعقوب الخصيبية أن حضور المرأة العُمانية في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة ومناقشتها وتفاعلها مع القضايا الدولية يظهر مدى اهتمامها بالقضايا المطروحة ورغبتها في إيجاد حلول لها. وأوضحت أن المحافل الدولية تُعد مساحة يمكن للمرأة العُمانية من خلال صوتها التأثير على القرارات وإبراز دورها الفعّال في معالجة القضايا المختلفة، منها السياسية والاقتصادية والإنسانية، مشيرة إلى أن مشاركتها تعكس قدرة المرأة العُمانية على بناء مفاوضات وصياغة قرارات والمساهمة في المناقشات وإلقاء خطابات نيابة عن سلطنة عمان، الأمر الذي يجسد اهتمام سلطنة عمان بنهوض المرأة العُمانية وإبراز صوتها وإشراكها في حل القضايا الدولية.
وقالت الخصيبية: لم تواجهني تحديات كبيرة أثناء تمثيل سلطنة عمان في اللجنة الثالثة (اللجنة الاجتماعية والثقافية والإنسانية) للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعتقد أن السبب يعود لكون المرأة العُمانية موجودة من قبل في هذه المحافل الدولية، وبسبب تلقي تدريب مرتبط بالعمل في الأمم المتحدة، وأيضًا بسبب الدعم المستمر المقدم من وزارة الخارجية وبعثة سلطنة عمان في نيويورك. أحد التحديات التي واجهتها هو إيجاد متسع من الوقت بين الجلسات والاجتماعات الخاصة باللجنة الثالثة لحضور بعض جلسات اللجان الأخرى ومجلس الأمن.
وأكدت أن زيادة مشاركة المرأة العُمانية في المحافل الدولية وقيادة المفاوضات السياسية والدبلوماسية ستسهم في إنشاء وتعميق العلاقات الدولية والدبلوماسية مع مختلف الدول والأقاليم حول العالم، إلى جانب إبراز وترويج مقومات سلطنة عمان الاقتصادية والعلمية والثقافية، والمساهمة في حل القضايا السياسية والدولية في مختلف المجالات. واستطردت قائلة: ستكون المرأة العُمانية بخبرتها الدبلوماسية والسياسية قدوة للأجيال القادمة في العمل الدبلوماسي والمحافل الأممية، ما يمنح الدبلوماسية العُمانية الخارجية أثرًا مميزًا وملموسًا.
وأشارت إلى أن المجال الدبلوماسي والدولي واسع ويمنح المرأة العُمانية فرصة كبيرة للعمل فيه، مشددة على ضرورة انتهاز الفرص للعمل أو التدريب في المحافل أو المنظمات الدولية، وتنمية المعرفة بالسياسة العُمانية والخارجية، وتعزيز الثقافة عن مختلف الدول والشعوب حول العالم. كما رأت أن الاطلاع المستمر لمختلف المجالات مثل الاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا، إلى جانب الإلمام المستمر بالقضايا الدولية المختلفة، والتدريب على العمل في المجال الدبلوماسي، وتنمية مهارات التواصل والتفاوض وتعلم اللغات، جميعها عوامل أساسية لصقل المهارات اللازمة للعمل في هذا المجال.
وأضافت: إن انتهاز فرص التدريب وتنمية المهارات وامتلاك ثقافة واسعة في عدة مجالات له دور محوري في تكوين وتطوير العلاقات الدولية، داعية المرأة العُمانية إلى دراسة التخصصات ذات العلاقة بالسياسة والعمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية، الذي سوف يساهم بشكل مباشر في الانخراط في العمل الدبلوماسي والدولي.
شراكة في التنمية والسلام
بيّنت السكرتير ثالث مرام بنت أسعد الشبلية أن مشاركتها في أعمال الأمم المتحدة شكّلت فرصة لعرض التجربة العُمانية وإبراز المكانة التي وصلت إليها المرأة في البلاد، مؤكدة أنها لم تكن تمثل نفسها فقط، بل حملت رسالة مجتمع يؤمن بكفاءة المرأة ودورها في صنع القرار. ولفتت إلى أن هذه المشاركة مكّنتها من إيصال صوت المرأة العُمانية باعتبارها شريكًا فاعلًا في قضايا التنمية والسلام والحوار الدولي.
وعن أبرز التحديات التي اعترضت طريقها أثناء تمثيل سلطنة عمان في لجان دولية، أشارت الشبلية إلى أن التعامل مع مختلف الخلفيات الثقافية والسياسية للدول الأعضاء كان من أبرزها، إلى جانب سرعة الإلمام بالملفات المعقدة المطروحة للنقاش في الأمم المتحدة.
وأردفت قائلة: إنها تمكنت من تجاوز هذه التحديات عبر الاستعداد الجيد والتشاور المستمر مع فريق الوزارة ووفد سلطنة عُمان في نيويورك، والاستفادة من الخبرات المتراكمة في العمل الدبلوماسي، معتبرة أن الدعم المؤسسي من وزارة الخارجية كان ركيزة أساسية في تسهيل مهمتها.
كما رأت الشبلية أن المرأة العُمانية مؤهلة لتولي أدوار أكبر في العمل الأممي من خلال الانخراط في مجالات الوساطة وحل النزاعات، وقضايا البيئة والتنمية المستدامة، إضافة إلى حقوق الإنسان وتمكين الشباب، مشددة على أن حضورها في هذه المسارات يعزز صورة سلطنة عمان كدولة تؤمن بالسلام والتعاون الدولي.
ووجّهت الشبلية رسالة إلى الشابات العُمانيات الطامحات إلى الانخراط في العمل الدبلوماسي والدولي، قائلة: رسالتي لهن أن يؤمنَّ بقدراتهن، وأن يدركن أن العمل الدبلوماسي يحتاج إلى صبر، وإعداد معرفي عميق، وإتقان للغات وثقافة الحوار. لا توجد حدود لما يمكن أن تحققه المرأة العُمانية إذا ما توفرت لها الإرادة والعزيمة. كما أن تمثيل الوطن في المحافل الدولية شرف ومسؤولية كبيرة، ومن المهم أن يحملن دائمًا صورة مشرّفة عن سلطنة عمان وقيمها.
هكذا، ومن خلال تجارب واقعية في أروقة الأمم المتحدة، تؤكد الدبلوماسيات العُمانيات أن المرأة في سلطنة عمان تجاوزت مرحلة التمكين لتصل إلى مرحلة التأثير المباشر في صناعة القرارات الدولية، فحضورهن الفاعل يعكس ما أولته الدولة من ثقة ورعاية، ويثبت أن صوت المرأة العُمانية أصبح اليوم جزءًا من الحوار الأممي في قضايا التنمية والسلام وحقوق الإنسان، لترسم صورة مشرقة لسلطنة عمان في العالم.