أفريكا إنتليجنس: مخطط أمريكي لإعادة هيكلة المليشيات الليبية
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
كشف موقع “أفريكا إنتليجنس” الفرنسي، عن سعي الولايات المتحدة لإطلاق مخطط جديد لنزع السلاح، وحل وإعادة دمج “المليشيات التي تعمل في ليبيا عبر شركة “تشيمونكس إنترناشيونال”، التي تعد الشريك الرئيسي لوزارة الخارجية الأمريكية في مشاريعها الليبية.
وقال الموقع الفرنسي إن الشركة الأمريكية الخاصة تلقت ما يقرب من 15 مليون دولار لهذا الغرض في عام 2022، وإن أول اجتماع لمناقشة نزع السلاح عقد في منتصف نوفمبر بتونس على هامش اجتماع لمجموعة العمل الأمني المنبثقة عن عملية برلين.
كما أن للشركة خبرة سابقة في التعامل مع الملف الليبي، حيث كانت قد شاركت في “مبادرة الانتقال الليبية” في الفترة من 2017 إلى 2022 نيابة عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وبحسب الموقع الفرنسي، كانت خطة الأمم المتحدة للمهمة في ليبيا قد تضمنت في بندها الثاني نزع سلاح “المليشيات” ضمن قائمة التدابير المطلوبة في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار، وقد جرت محاولة تنفيذ هذه الخطة في عام 2020، غير أن بند نزع السلاح سرعان ما تراجع إلى المرتبة الثانية، خلف قضية أخرى أكثر إلحاحاً وهي مغادرة المرتزقة الأجانب.
وأضاف الموقع أنه في عام 2020 كانت هناك عدة مبادرات لنزع سلاح “الميليشيات،” وحصلت في ذلك الوقت شركة “جونز جروب إنترناشونال” الأمريكية للاستشارات الدفاعية والأمنية، على عقد من حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج؛ لوضع مخطط لنزع السلاح وحل وإعادة دمج “المليشيات”.
وتابع تقرير الموقع الفرنسي أن فرنسا والاتحاد الأوروبي استثمرتا أكثر من 2 مليون يورو في مخطط آخر عام 2021 لإعادة تدريب الجنود السابقين، وأدارته منظمة “سوبر نوفاي” غير الحكومية الدولية التي تختص في دعم الشباب في البلدان التي دمرتها الصراعات، وركز المخطط تحديداً على إعادة دمج المقاتلين السابقين في مدينتي الزنتان ومصراتة.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
تبرير المليشيات- منكر في ذهنية المثقف وسقوط أمام الحاضر
زهير عثمان
تبرير سلوك إباحة إقامة المليشيات هو أمر منكر في ذهنية المثقف، مهما كان رصيده الأخلاقي أو خلفيته الفكرية، سواء كان يسارياً عتيقاً أو أكاديمياً مرموقاً لا يُشق له غبار. فالكِبْر الفكري قد يخل بالطرح، ويتقزم أمام معطيات الحاضر، حيث تصبح المواكبة ضرورة، لكنها عصية على من يستسلم لتصوراته القديمة أو نزعاته الذاتية. وأقول هذا لك أيها الشيخ الحكيم، لأننا نعيش في عالم متغير، يفرض علينا تحليلاً عميقاً يتجاوز التأريخ المكرر إلى فهم واقعي وحاضر لما نعيشه اليوم.
رد على طرح "حق الجيوش في توظيف المليشيات": تفكيك وتحليل
التوظيف التاريخي للمليشيات من قبل الدول، بما فيها السودان، يتطلب فهماً عميقاً لسياقات الدولة الحديثة ووظائفها. هذا الفهم يُبرز الإشكالية في طرح فكرة "حق الجيوش في توظيف مليشيات"، حيث أنها تفتقر إلى التعليل القانوني والمؤسسي، وتدفع بتبريرات قد تبدو مقبولة تاريخيًا ولكنها تتعارض مع طبيعة الدولة الحديثة. فيما يلي تحليل للمحاور الرئيسية
الدولة الحديثة واحتكار العنف المشروع
وفقاً لماكس فيبر، الدولة الحديثة تحتكر استخدام العنف المشروع كأحد أسس وجودها. وهذا يعني أن أي تفويض باستخدام العنف لجهة غير رسمية (المليشيات) يقوض هذا الاحتكار ويضعف بنية الدولة. السودان، منذ الاستقلال، أظهر عجزًا عن بناء مؤسسات قوية للحفاظ على هذا الاحتكار، مما أتاح للمليشيات فرصة النمو والازدهار، وهو ما تجلى في أزمات متكررة.
التاريخ السوداني مثال واضح
عهد الإنقاذ والدعم السريع لقد كان تمكين مليشيا الدعم السريع لتصبح قوة مستقلة تحولاً خطيراً، حيث أضحت "شريكاً" في السلطة العسكرية، لا مجرد أداة مؤقتة.
حقبة ما بعد الاستقلال و حتى في عهود عبود أو نميري، كانت الدولة توظف القبائل كأدوات ضد خصومها في الجنوب أو الغرب. هذا النمط استمر مع تحولات أكثر خطورة في العقود اللاحقة.
المليشيات وأزمة الشرعية
الدولة التي تعتمد على المليشيات تفقد شرعيتها بين مواطنيها. هذا الاعتماد ينقل السلطة من مؤسسات الدولة إلى قوى قبلية أو فئوية ذات أجندات خاصة.
السودان نموذجاً كما أوضح بلين هاردن، حرب الدولة السودانية "الرخيصة" من خلال المليشيات القبلية خلقت صراعات ممتدة، وتركت أعباء طويلة الأمد على النسيج الاجتماعي.
المليشيات غالباً ما تشتغل خارج القانون، بما يعزز الفوضى ويُضعف إمكانية بناء سلام مستدام.
التوظيف التاريخي للمليشيات في السودان
التاريخ السوداني مليء بأمثلة لتوظيف الدولة لمليشيات قبلية، مما أدى إلى دوامات عنف وصراعات ممتدة
المهدية استخدمت القبائل المتحالفة لكسر ثورة الكبابيش.
الاستعمار الإنجليزي تحالف مع قبائل مثل الكبابيش لمواجهة السلطان علي دينار، مستغلاً عداءها التاريخي مع دارفور.
نظام عبود استخدم قبائل المورلي في الجنوب كأداة ضد الحركة المسلحة.
هذه الأنماط تؤكد أن توظيف المليشيات ليس جديداً، ولكنه ظل يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ يُطيل أمد الصراعات ويؤسس لانقسامات أعمق.
أخطاء نظام الإنقاذ كنموذج الدعم السريع
نظام الإنقاذ انحرف بشكل غير مسبوق في استخدام المليشيات عبر تحويل الدعم السريع إلى قوة موازية للجيش.
هذا الوضع يُعتبر خرقاً للنظام العسكري للدولة الحديثة، حيث لا يجوز وجود جيشين متوازيين.
النتيجة كانت تآكل المؤسسات العسكرية التقليدية، مما أدى إلى هشاشة الدولة وأفضى إلى حرب 2023 الكارثية.
تفنيد الادعاء بأن الجيوش يحق لها توظيف المليشيات
أ. مخالفة القانون الدولي
الدولة الحديثة ملتزمة بالقوانين الدولية التي ترفض عسكرة المجموعات القبلية أو إنشاء مليشيات خارج سيطرة الدولة.
ب. تهديد السلم الاجتماعي
توظيف المليشيات يعزز الانقسامات الاجتماعية، ويزيد من احتمالات الحرب الأهلية.
ج. تقويض الجيش نفسه
مثلما حدث في السودان، يؤدي الاعتماد على المليشيات إلى إضعاف الجيش النظامي، حيث تتحول السلطة العسكرية إلى أدوات خاصة.
وعلينا أن نسعي نحو دولة قانونية مستقرة , السودان بحاجة إلى إعادة بناء جيشه الوطني كقوة موحدة تحت قيادة مدنية ديمقراطية. استخدام المليشيات، تاريخياً أو حالياً، ليس مبرراً، بل هو انحراف عن مسار بناء الدولة الحديثة.
تاريخ السودان مليء بالدروس التي تؤكد أن توظيف المليشيات يُفضي إلى صراعات طويلة الأمد ويُضعف الدولة، وهي تجربة يجب أن تكون عبرة لمن يريد سلاماً واستقراراً دائماً.
zuhair.osman@aol.com