مسلسل كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته.. نظارة أميركية لرؤية العالم
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
ارتفعت توقعات المشاهدين والنقاد من قبل عرض مسلسل "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" (All the Light We Cannot See) على شاشة نتفليكس، فالعمل ذو الأربع حلقات مقتبس من رواية لـ"أنتوني دوير" فازت بجائزة بوليتزر عام 2014، ويشرف على إخراجه كمسلسل "شون ليفي" صاحب واحد من أشهر المسلسلات الحديثة "أشياء غريبة" (Stranger Things)، وتحولت الرواية إلى سيناريو على يد "ستيفن نايت" مبدع المسلسل الناجح "بيكي بلايندرز" (Peaky Blinders)، ويشارك في التمثيل كل من "مارك رافلو" و"هيو لوري".
بالفعل احتل المسلسل رقم 1 على المنصة، كأكثر مسلسل باللغة الإنجليزية مشاهدة، ولكن بمجرد معرفة القليل عن قصته نجد أن هذه اللغة لغز في حد ذاته، فلماذا تدور أحداث عمل تلفزيوني في كل من فرنسا وألمانيا، فلا يتحدث أبطاله سوى بالإنجليزية؟ يأتي هذا التساؤل كبداية لأسئلة أخرى، حول عملية الاقتباس ومدى نجاحها في نقل روح الرواية شديدة التميز.
اقتباس أزهق روح الروايةتنتقل أحداث "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" بين فرنسا وألمانيا، وذلك لتغطية الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الـ20 ويتبع كل من المسلسل والرواية السرد غير الخطي، أي تنتقل الأحداث بين خطوط زمنية مختلفة، حيث تستدعي الفرنسية "ماري" والألماني "فيرنر" طفولتهما التي رسمت حاضرهما التعيس.
مسلسل "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" بمثابة تسطيح وأمركة للرواية الفائزة بالبولتيزر (المصدر: يوتيوب)لا يجتمع البطلان سوى مرة واحدة قرب النهاية، ولكن بينهما مساحة واسعة من التشابهات، أهمها أنهما ضحايا للنظام النازي، فالأولى اضطرت للنزوح من باريس مع والدها لتقيم في مدينة صغيرة قرب البحر في ضيافة العم "إتيان" وأخته "مونيك"، بينما الثاني تم تجنيده قسريا في الجيش لمهارته الكبيرة في استخدام الراديو، الاختراع الذي كان له أثر كبير في هذه الفترة، سواء في الترفيه أو نقل الأخبار والإحداثيات في الحرب.
الراديو كذلك هو ما يجمع بين الشخصيتين عبر صوت "ماري" الذي يستمع إليه "فيرنر" من خلال البث الإذاعي السري الذي تقرأ فيه رواية "20 ألف فرسخ تحت الماء" للفرنسي "جول فيرن"، في محاولة بث الطمأنينة بنفسها ومستمعيها ومستخدمة صفحات معينة لنقل رسائل المقاومة الفرنسية للقوات الأميركية.
يبلغ طول رواية "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" حوالي 500 صفحة، وفي نسختها الصوتية تعدت الـ17 ساعة، بينما تم نقلها على الشاشة في 4 حلقات فقط، يبلغ طول كل منها ساعة واحدة، ما يعني بالتبعية الكثير من الاختصارات للتخلص من شخصيات وحبكات فرعية وتغيير النهاية الأصلية.
ما قام به صنّاع المسلسل ليس فقط بضعة اختصارات، ولكن كان هناك تغيير في روح الرواية نفسها التي ركزت بشكل أساسي على المعرفة كوسيلة لدرء أخطار الأفكار الفاشية، حيث كَوَّن الطفل فيرنر والطفلة ماري معارفهما من محطة راديو موجهة للأطفال في الفترة ما بين الحربين العالميتين، تنقل رسائل عن السلام والمحبة، والضوء الذي لا يمكننا رؤيته كاستعارة لضوء العلم، وساهمت هذه المعرفة في بلورة شخصية كل منهما، فماري الطفلة العمياء تعلمت المقاومة، بينما كان التأثير أكبر على فيرنر، الذي يتربى في بيئة نازية، ولكنه لم يتطبع بها لأنه اكتشف الظلم والعنصرية والعنف وراءها.
وبالإضافة إلى النهاية التي سنعود إليها لاحقا عند الحديث عن "أمركة" المسلسل، فإن أهم تغييرات المسلسل حدثت في شخصية "فيرنر" ففي العمل الأدبي لم يتم تجنيد الشاب رغما عن إرادته، بل توجه بنفسه للمعهد العسكري، وقام بالاختبارات الشاقة في سبيل الهرب من وظيفة قاتلة بالمناجم، فقد كان الانضمام للجيش النازي بالنسبة له ترقيا حلم به، ولكن بعدما أصبح أحد جنوده اكتشف عمق المأساة التي يسببها هذا الجيش، فتحولت شخصيته بالتدريج، حتى انقلب على رؤسائه.
ما قام به صنّاع المسلسل ليس فقط بضعة اختصارات، ولكن كان هناك تغيير في روح الرواية نفسها (الجزيرة) الكثير من الأمركةاستغرقت كتابة رواية "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" 10 سنوات، قضى الكاتب جزءا منها في "سانت مالو" المدينة التي دارت بها الأحداث، بالإضافة إلى ألمانيا وفرنسا، ورغم استخدامه لغته الأولى وهي الإنجليزية في كتابة عمله الأدبي؛ فإنه استعان بالكثير من المصادر الفرنسية والألمانية لتعزيزها وجعلها أقرب لروح المكان الذي تدور فيه.
ربما لم يمتلك الكاتب المهارة اللغوية لكتابة روايته باللغة التي تتحدث بها شخصياته، ولكن نتفليكس كانت بالتأكيد قادرة على صناعة مسلسل يعيد القصة للغتها الأصلية، ولن تكون هي المرة الأولى التي تقدم فيها أعمالا شديدة النجاح بلغات غير الإنجليزية، منها على سبيل المثال فيلم "كل شيء هادئ في الميدان الغربي" (All Quiet on the Western Front)؛ الفيلم الألماني من إنتاج المنصة والفائز بـ4 جوائز أوسكار منها أفضل فيلم دولي، بالإضافة إلى ذلك شارك بالمسلسل بالفعل ممثلين من جنسيات ألمانية وفرنسية، ولكن استخدموا اللغة الإنجليزية.
ولسنوات اعتادت السينما الأميركية على جعل الجميع يتحدث لغتها، فنشاهد فيلما تدور أحداثه في اليابان، ونجد حتى اليابانيين يتحدثون فيما بينهم بالإنجليزية بدون أي سبب حقيقي سوى أن المنتج وصنّاع العمل أميركيون، يفترضون أن العالم بأجمعه عليه التحدث بلغتهم.
أبطال مسلسل "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" الفرنسيون يتحدثون الإنجليزية بلهجة أميركية، بينما الألمان يتحدثونها بلهجة بريطانية، الأمر الذي أضفى على العمل طابعا من الأمركة غير مستساغ، ولا يحمل سياقا وسببا مفهوما، خاصة أن المسلسل يُعرض على منصة إلكترونية تتيح بشكل آلي ترجمات ودبلجات مختلفة لكل عمل، وبالتالي كان من المنطقي إصدار المسلسل بلغت أبطاله الأصلية، مع وجود دبلجة بالإنجليزية لمن يفضلها.
مسلسل "كل الضوء الذي لا يمكننا" يمثل فرصة ضائعة أُتيحت لصنّاعه (المصدر: يوتيوب)جانب آخر من "الأمركة" ظهر في الهالة التي تحيط القوات الأميركية بالمسلسل، فعلى سبيل المثال جعل صناع "كل الضوء الذي لا يمكننا رؤيته" الطائرات الأميركية تقصف فقط أماكن تمركز الجيش النازي، وعندما دخل الأميركيون المدينة الصغيرة، طلبت ماري من فيرنر تسليم نفسه إليهم، وليس المقاومة الفرنسية، لأنهم سيقتلونه، بينما الجنود الأميركان سيعاملونه باحترام كأسير حرب، وهي جملة غير موجودة في الرواية؛ ما يجعل إضافتها رسالة مشفرة للمشاهدين تروج للجيش الأميركي.
ويمثل مسلسل "كل الضوء الذي لا يمكننا" فرصة ضائعة، فقد أُتيح لصنّاعه رواية مميزة وشديدة النجاح من الناحية النقدية والتجارية، وطاقم تمثيل جيد للغاية، ولكنه أهدر هذه الإمكانيات بمحاولته ضغط الرواية في مسلسل قصير، وتخفيف أحداثها المفجعة لتتحول إلى صراع مبسط بين الخير والشر.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
كشفت بيانات حللتها جامعة أكسفورد، عن البلدان التي تضم أطول الرجال والنساء.
وتعد تركيا موطناً لأطول رجل في العالم، وهو سلطان كوسين، الذي يبلغ طوله 8 أقدام و3 بوصات، وأطول امرأة، هي رميسة جليجي، التي التي يبلغ طولها 7 أقدام و 1 بوصة.
ورغم ذلك، فإن تركيا لا تتمتع بأطول متوسط طول، بل يذهب هذا اللقب إلى هولندا ولاتفيا، موطن أطول الرجال والنساء على هذا الكوكب، وفق "دايلي ميل".
وفي المتوسط، تُظهر الأرقام أن الرجال الذين ولدوا في هولندا، عام 1996 في الدولة الأوروبية، يبلغ متوسط طولهم 182.54 سم - ما يعادل 6 أقدام تقريباً، بينما يبلغ طول النساء الهولنديات 168.72 سم، أو 5 أقدام و5 بوصات.
ولاتفيا هي موطن أطول النساء بمتوسط طول 169.80 سم (5 أقدام و5 بوصات)، ويحتل الرجال في الدولة الواقعة في شمال أوروبا المرتبة الرابعة بمتوسط طول 181.42 سم (5 أقدام و9 بوصات).
وتتخلف المملكة المتحدة كثيراً عن بقية الدول، حيث يبلغ متوسط طول الذكر البريطاني المولود في نفس العام 177.49 سم، أو حوالي 5 أقدام و10 بوصات، وهو ما يجعلها في المركز 31 في ترتيب الطول العالمي.
ويبلغ متوسط طول النساء البريطانيات 164.40 سم، وهو ما يعادل 5 أقدام و3 بوصات - وهو ما يجعلها في المركز 38 في الترتيب.
وبالمقارنة، يبلغ متوسط طول الرجال في الولايات المتحدة حوالي 177.13 سم (5 أقدام و8 بوصات) والنساء 163.54 سم (5 أقدام و3 بوصات).
وتعد تيمور الشرقية، وهي جزيرة في جنوب شرق آسيا، موطناً لأقصر الرجال، حيث يبلغ متوسط طولهم 159.79 سم (5 أقدام و2 بوصات)، والنساء في دولة غواتيمالا في أمريكا الوسطى، من بين أقصر النساء في العالم بمتوسط طول يبلغ 149.39 سم - حوالي 4 أقدام و 9 بوصات.
وبيانات الطول، التي تشاركها Our World in Data، وهي منصة مدعومة من جامعة أكسفورد، متاحة لجميع البلدان الـ 195 وتشمل ملايين المشاركين، وتم حساب النتائج عن طريق قسمة مجموع الطول الإجمالي على عدد السكان الذكور، وتم استخدام نفس الطريقة لحساب متوسط طول السكان الإناث.
وكتب فريق Our World in Data في مشاركة نتائجهم: "إن سوء التغذية والمرض في مرحلة الطفولة يحدان من النمو البشري، نتيجة لذلك، يرتبط متوسط طول السكان ارتباطاً وثيقاً بمستويات المعيشة في السكان، وهذا يجعل دراسة الطول ذات صلة بالمؤرخين الذين يريدون فهم تاريخ ظروف المعيشة، ولكن لا يمكن استخدام الطول كمقياس مباشر للرفاهية".
ويعتقد الباحثون أن طول الفرد يتحدد إلى حد كبير من خلال العوامل الوراثية.
وبعد هولندا، تأتي بلجيكا (181.70 سم)، وإستونيا (181.59 سم)، ولاتفيا (181.42 سم)، والدنمارك (181.39 سم) في المراكز الخمسة الأولى لأطول الرجال.
وبالنسبة للنساء، تأتي لاتفيا (169.80 سم)، وهولندا (168.72 سم)، وإستونيا (168.67 سم)، وجمهورية التشيك (168.46 سم)، وصربيا (167.69 سم) في المراكز الخمسة الأولى لأطول الرجال.
ووفقاً لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، كان أطول رجل في العالم على الإطلاق هو روبرت وادلو، المولود عام 1918 من سانت لويس، إلينوي، والذي بلغ طوله 272 سم (8 أقدام و11 بوصة)، وكانت أطول امرأة في العالم هي الصينية زنج جين ليان التي بلغ طولها 246.3 سم (8 أقدام و1 بوصة) عندما توفيت في 13 فبراير (شباط) 1982.