لم يقتصر دور القوات المسلحة الإماراتية على مشاركتها العسكرية الفعالة في تحرير محافظات اليمن، وتأمينها ومحاربة الإرهاب فيها بل كان لهذه القوات دور إنساني كبير منذ اللحظات الأولى لانطلاق عاصفة الحزم، وهو ما ساهم في تخفيف معاناة أبناء اليمن.

 

حيث أن دور الإمارات منذ مارس 2015 اتخذ ثلاثة مسارات بشكل متزامن: الأول مسار عسكري، والثاني تطبيع الحياة وإغاثة أبناء المحافظات المحررة، والمسار الثالث تأمين المحافظات المحررة ومحاربة الإرهاب.

 

كما لعبت القوات المسلحة دورًا مهمًا وبارزًا في عملية تأمين وصول المساعدات الإنسانية وإيصالها إلى مناطق الصراع، وكذلك إجلاء الآلاف من جرحى الحرب من مختلف المحافظات اليمنية والذين تكفلت الإمارات بنفقة علاجهم في الخارج.

أكاديمي بجامعة عدن لـ "الفجر": فلسطين قضية العرب الأولى.. والحوثي ينفذ أجندة تدمير وحدة شعوب المنطقة كيف يواجه اليمن أزمة اقتصادية عميقة بسبب الحوثيين؟

وقدّمت الإمارات مساعدات إغاثية وداعمة الاستقرار تقدر بقرابة ستة مليارات دولار من خلال المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى إعادة بناء المستشفيات والمدارس، والبنية التحتية، مثل أنظمة الماء والكهرباء كما تم توزيع عشرات الآلاف من الأطنان كتموين ومواد غذائية.

 

 يوم الشهيد بالإمارات

 

وفي وقت سابق أحيت دولة الإمارات يوم الشهيد،  تمتد هذه المناسبة إلى اليمن، الذي لا يمكن أن ينسى ما بذله شهداء دولة الإمارات في سبيل استقراره.

 

فبعد اكتمال السيطرة على مطار عدن الدولي في المعركة السادسة في 14 يوليو 2015، كُلف الملازم عبدالعزيز سرحان صالح الكعبي صاحب الـ 24 عاما من قوات الفرسان بالعمل في فرقة التوجيه والارتباط العملياتية إلى جانب المشاركة في الهجوم الرئيسي لتأمين المطار.

 

وتوجه الكعبي آنذاك بمركبة أوشكوش لتأمين “دوار ريمي” وحتى محطة الحمصي للوقود قبل أن يمطرها الحوثيون بالقذائف والرصاص لتخترق شظية درعه الواقي وتصيبه بالصدر، في حادث أدى إلى مقتل سائق المركبة جندي يمني وإصابة ضابط إماراتي آخر.

 

في تلك الليلة، أرسلت قوة في مهمة إنقاذ لتعثر على المركبة في فجر 16 يوليو، عندها كان الملازم الكعبي قد استشهد إلى جانب المقاتل اليمني الذي أصيب بالرأس فيما أصيب الضابط الإماراتي بالقدم.

 

ويعد الكعبي أول شهداء دولة الإمارات والتحالف العربي في معركة تحرير عدن واليمن بالكامل؛ إذ حفرت بطولته في قلوب أهل اليمن، وسجلت في التاريخ بماء الذهب، فيما لا زال عبق دمائه الزكية يفوح من تراب مديرية خور مكسر في العاصمة المؤقتة عدن.


وفي ملحمة فريدة من نوعها، سطر العقيد الركن سلطان الكتبي الذي كان ضمن عملية “السهم الذهبي”، اسمه بأحرف من نور، في صفوف معركة تحرير عدن في يوليو 2015، قبل أن يقود عملية توغل عبر الشريط الساحلي لتأمين خليج عدن باتجاه مضيق باب المندب.

 

ومطلع أكتوبر 2015، خط الكتبي المولود سنة 1971 مع رفاقه أحد أهم الانتصارات تحت غطاء ناري من بوارج قوات التحالف العربي، التي تقدمت لتحرير مضيق باب المندب وجزيرة ميون، وطرد الحوثيين رغم الألغام البحرية.

 

عقب ذلك، أسندت للعقيد الكتبي في نوفمبر 2015، مهمة شؤون المقاومة اليمنية في مسعى لترتيبها والانطلاق في مرحلة عملياتية جديدة، عندما أطلقت قوات تحالف دعم الشرعية باليمن عملية عسكرية واسعة النطاق حملت اسم “نصر الحالمة”، بهدف تحرير محافظة تعز، وفك الحصار الذي تفرضه عليها المليشيات الحوثية.

 

وفي 12 ديسمبر 2015، استيقظ الشعبان اليمني والإماراتي على إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية استشهاد العقيد الركن سلطان محمد بن هويدن الكتبي خلال مشاركته في عمليات تحرير محافظة تعز “جنوب”.

 


وفي أغسطس 2017، نعت القوات المسلحة الإماراتية بفخر استشهاد النقيب الإماراتي أحمد خليفة البلوشي مع 3 من زملائه في أثناء أداء مهامهم الاعتيادية، بمحافظة شبوة جنوبي اليمن.

 

كان البلوشي على متن مروحية قتالية وهو أحد صقور الإمارات الذين أذاقوا مليشيات الحوثي الويلات وكبدوها خسائر فادحة لكن تعرضت مروحيته لخلل فني ما أدى إلى هبوطها اضطراريا وارتطامها بالأرض.

 

ترعرع الشهيد أحمد خليفة البلوشي في أكناف أسرة ينتمي جميع أفرادها للقوات المسلحة والشرطة بالإمارات، يتقدمهم والده المقدم المتقاعد خليفة سالم علي البلوشي.

 

ولبى أحمد البلوشي نداء الواجب المقدس، وقد وجه قبل استشهاده رسالة مؤثرة عبر تطبيق «واتساب»، جسدت معاني سامية في الرجولة والشرف، وتنم عن مدى حبه وشجاعته، وتلبيته نداء الواجب مع رفاق السلاح للدفاع عن الحق المغتصب في اليمن الشقيق.


أطلق عليه “شهيد إنسانية الإمارات”، إنه هادي الشامسي الذي سقط بنيران أهل الشر وهو يؤدي واجبه في إغاثة المتضررين من الحرب في أعقاب تحرير العاصمة المؤقتة عدن وهزيمة الانقلاب الحوثي.

 

وتزامنت حادثة استشهاد الشامسي التي وقعت في منتصف أكتوبر 2015، مع بدء القوات الإماراتية مرحلة جديدة من معركة مكافحة خلايا التنظيمات الإرهابية، والتي حاولت أن توجد لها موطئ قدم مستغلة الفراغ الأمني وانشغال الجميع بالمعارك ضد مليشيا الحوثي.

 

وكان الشامسي أحد جنود الإنسانية الذين شاركوا لمساندة فرق الهلال الأحمر الإماراتي، الذراع اليمنى لدولة الإمارات في أداء فروض الواجب الأخوي، تجاه الشعب اليمني، وإنقاذ أرواح الأبرياء من النساء والأطفال في عدن، عقب سياسية العقاب الجماعي التي انتهجتها المليشيات الحوثية.

 

وعرف الكثير من سكان عدن اسم "هادف" عقب مشاركته في أول تدخل إنساني لإنقاذ الناس ومكافحة تفشي الأوبئة وحمى الضنك، عبر قوارب وسفن صغيرة أبحرت من مياه دولة جيبوتي إلى السواحل اليمنية، وتقل أطنانًا من المساعدات والسلع الغذائية والأدوية الطبية فور تحرير عدن في يوليو 2015.

 

وخلفت حادثة استشهاد الشامسي في مديرية المنصورة وسط مدينة عدن حالة من الصدمة، لا سيما ممن عرف إنسانيته وبطولته وأخلاقه، غير أن ذلك دفع ثمنا لتغرس فرق هلال دولة الإمارات خير شجرة زايد في كل المناطق المحررة.

 


كانت معركة تحرير عدن أول اختبار للقوات المسلحة الإماراتية والتي قدمت فيها دماء زكية لشهداء أبطال، كان على رأسهم الرقيب أول سيف يوسف أحمد الفلاسي.

 

ويُعد الشهيد الإماراتي سيف يوسف أحمد الفلاسي، وهو من إمارة دبي ومتزوج ولديه 3 أطفال، أحد الأبطال الذي قدموا حياتهم فداء من أجل حماية الأمن القومي العربي من خطر التمدد الحوثي في اليمن.

 

ففي يوليو 2015، ترجل الفلاسي عن صهوة جواده تاركا وراءه قصصا فريدة توثق حبه للمغامرات والطبيعة وتمسكه بتراث دولة الإمارات والعادات والتقاليد الأصيلة.

 

ونعت القيادة الإماراتية الرقيب سيف الفلاسي بفخر، حيث وصل جثمانه الطاهر إلى مطار البُطِين في أبوظبي على متن طائرة عسكرية تابعة للقوات الجوية، يرافقه عدد من الضباط.

 

ويعد الضابط علي فضل الطيار أحد رفاق الشهيد البطل عبدالعزيز الكعبي أول شهداء الإمارات في اليمن والذي قال عنه “كان لي أخا طيبا وصديقا لن أنساه ما حييت ولا تنسى عدن بسالته وشجاعته وإقدامه”.


"الأشقاء يدعمون دائما في السراء والضراء"، رسالة بعثها اليمن للسواعد الإماراتية والأيادي البيضاء التي امتدت لمداواة البلد الجريح وذلك على كافة المستويات منها إنسانيا وتنمويا.

 

دعم  إماراتي  في كافة الاتجاهات داخل اليمن

 


تواصل دولة الإمارات دعمها الإنساني والإغاثي في كافة الاتجاهات داخل اليمن، فإن دعمها العاصمة المؤقتة للبلاد فاق كل المستويات، لتتصدر المشروعات التنموية والخدمية.

 

حيث إنه لم تترك الإمارات مجالًا حيويًا باليمن إلا وأعادت إليه الحياة بعدما أدت حرب مليشيات الحوثي لتدمير القطاعات الصحية والتعليمية والمعيشية.

 

ولم تدخر الإمارات جهدًا في انتشال كل تلك المجالات مما وصلت إليه من ترد، فكما جادت الإمارات بدماء فلذات أكبادها للذود عن الحياض اليمنية، أعطت بسخاء لمداواة جروح اليمنيين وتعليمهم وإغاثتهم وتنمية البنى التحتية.


وليس هناك أفضل من يؤكد تلك الحقائق من شخصيات وقيادات يمنية عايشت تفاصيل تلك العطاءات الإماراتية منذ الوهلة الأولى للحرب الحوثية، سواءً في المجال العسكري أو المدني وذلك بمناسبة يوم الشهيد الإماراتي الذي يوافق 30 نوفمبر من كل عام.

 

منذ اجتياح صنعاء.. كيف تعمق ميليشيات الحوثي الأزمة الإنسانية للشعب اليمني؟ الحوثي والإخفاء القسري.. كيف تتورط الميليشيات في أبشع الجرائم باليمن؟

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الإمارات اليمن الازمة اليمنية القوات المسلحة الإماراتية عدن المسلحة الإماراتیة دولة الإمارات تحریر عدن فی الیمن

إقرأ أيضاً:

الإمارات والسعودية تعززان الأمن السيبراني خلال 2024

حققت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية خلال 2024، تصنيفًا متقدمًا في مؤشر الأمن السيبراني العالمي الصادر عن “الاتحاد الدولي للاتصالات”، ما يعكس التزام البلدين بتعزيز حماية البنية التحتية التقنية ودعم التحول الرقمي المستدام وترسيخ توجهات الاقتصاد المعرفي، وفقاً لورقة بحثية جديدة أعدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي.
ووفقاً لـ “الاتحاد الدولي للاتصالات” صُنفت دولة الإمارات في الفئة الأعلى عالميًا (النموذج الرائد) بمؤشر الأمن السيبراني العالمي 2024، ما يؤكد على توفير الدولة بنية تحتية رقمية آمنة ومتطورة، تواكب طموحاتها في التحول الرقمي وتعزيز موقعها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، فيما حصلت السعودية على تصنيف “نموذج رائد” في الفئة الأعلى لمؤشر الأمن السيبراني العالمي 2024.
جهود مستمرة
وحققت السعودية نسبة 100% في جميع معايير المؤشر، الذي يقيس التزام الدول عبر 83 مؤشرًا فرعيًا موزعة على 4 محاور، بفضل الجهود المستمرة التي تبذلها لتعزيز أمنها السيبراني وحماية بنيتها التحتية الرقمية.
ووفقًا لتقرير الهيئة الوطنية للأمن السيبراني لعام 2024، بلغ حجم سوق الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية نحو 13.3 مليار ريال 2023، حيث شكّل إنفاق منشآت القطاع الخاص 69% من هذا المبلغ (حوالي 9.2 مليارات ريال)، بينما شكّل إنفاق الجهات الحكومية 31% (حوالي 4.1 مليارات ريال ) كما تشير التوقعات إلى استمرار نمو سوق الأمن السيبراني في المملكة بمعدل نمو سنوي مركب بنحو 13% حتى 2029.
أولوية قصوى
وحسب ” إنترريجونال”، يعتبر الأمن السيبراني أولوية قصوى في دولة الإمارات لأسباب استراتيجية وحيوية تتعلق بالتطور التكنولوجي والأمن الوطني والاقتصاد الرقمي، حيث تعتمد الدولة وبشكل كبير على البنية التحتية الرقمية في قطاعات حيوية مثل: الطاقة، النقل، الاتصالات، والخدمات المالية”.
وتسعى الإمارات لأن تكون مركزًا عالميًا للاقتصاد الرقمي ومع زيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، تتضاعف الحاجة إلى حماية البيانات والمعاملات الرقمية من الهجمات السيبرانية.
وتعمل دولة الإمارات على تعزيز الثقة في البيئة الرقمية عبر حماية البيانات والأنظمة، ما يعزز ثقة المستثمرين والشركاء التجاريين، والمواطنين في البيئة الرقمية للدولة، ويسهم في جذب الاستثمار الأجنبي.

مبادرات
وذكر ” إنترريجونال” أن دولة الإمارات أطلقت العديد من المبادرات لتعزيز الأمن السيبراني من أهمها: إنشاء الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني واستراتيجية الإمارات للأمن السيبراني لتعزيز الحماية الرقمية كما تستثمر الدولة في البحوث والتطوير وبناء الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني ما جعلها نموذجًا في التصدي للتهديدات السيبرانية وحماية اقتصادها الرقمي المتنامي.
ويُقدَّر حجم سوق الأمن السيبراني في دولة الإمارات بنحو 2.1 مليار درهم 2024، مع توقعات بنموه إلى 3.9 مليار درهم 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.72%، مما يعكس التزام المؤسسات الحكومية والشركات بحماية أصولها الرقمية.
وقال إنترريجونال: شهدت التهديدات الرقمية تحولات عميقة مدفوعة بالتقدم التكنولوجي، ما جعل صناعة الأمن السيبراني قطاعاً سريع النمو، وقد أدى مشهد التهديدات المتطور، بما في ذلك ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى تزايد اهتمام الحكومات بتعزيز وجودها في صناعة الأمن السيبراني.
سوق كبير
ووفق تقرير صادر عن شركة فروست آند سوليفان (Frost & Sullivan)، يتوقع أن تصل قيمة صناعة الأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط إلى 13.4 مليار دولار العام 2030 فيما تشير (Statista) للأبحاث السوقية من المُرجَّح أن تصل عوائد سوق الأمن السيبراني عالمياً إلى نحو 538.30 مليار دولار العام 2030.
وأوضح “إنترريجونال” أن التوسع في إنترنت الأشياء وضعف نقاط الحوسبة السحابية وبرامج الفدية والرسائل الاحتيالية تعد أبرز أشكال التهديدات السيبرانية لاستهداف البنية التحتية الرقمية، فيما كانت المنشآت المالية والخدمية الأكثر عرضةً للهجمات ما يفرض على الجهات الحكومية المعنية تعزيز المراقبة وإجراء التحديثات المستمرة لبرامج وجدران الحماية بشكل استباقي كأفضل طرق مواجهة التهديدات المتصاعدة


مقالات مشابهة

  • 2.5 تريليون درهم قيمة سوق العقارات في الإمارات
  • المرأة الإماراتية تعزز حضورها بإنجازات فارقة خلال 2024
  • المرأة الإماراتية تعزز حضورها بإنجازات فارقة في 2024
  • حصاد 2024.. المرأة الإماراتية تعزز حضورها بإنجازات فارقة
  • الإمارات والسعودية تعززان الأمن السيبراني خلال 2024
  • ‏وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يبدأ التحقيق في أسباب عدم اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن
  • استخدموا مواردكم لتخفيف معاناة السودان وليس تعميقها.. بلينكن يعلن هذا الإجراء الذي ستتخذه الولايات المتحدة حيال الأمر
  • «ريتش» يشجّع ريادة الأعمال لدى الشباب
  • سوريا.. مسارات خادعة ومستقبل غامض
  • معهد أمريكي: ما الذي يمكن أن يخلفه سقوط الأسد من تأثير مباشر على اليمن؟ (ترجمة خاصة)