حنون: معركة النزاهة ضد الفساد تحتاج إلى زخم شعبي وعقائدي
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
الاقتصاد نيوز ـ بغداد
دعا رئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّة القاضي (حيدر حنون) المُؤسَّسات الدينيَّة إلى دعم جهود الأجهزة الرقابيَّة في معركتها الضروس ضدَّ الفساد، مُنبّهاً إلى حاجة تلك المعركة إلى ما يشابه فتوى الجهاد الكفائيّ التي أطلقتها المرجعيَّة وكانت العنصر الرئيس في الانتصار على الجماعات الإرهابيَّة.
القاضي (حيدر حنون)، وخلال كلمته في الندوة العلميَّة التي عقدتها دائرة العلاقات مع المُنظَّمات غير الحكوميَّة في الهيئة بالتعاون مع مركز دجلة للدراسات الاستراتيجيَّة تحت شعار(الخطاب الديني المؤثر .. أساس في تعزيز ثقافـة الـنزاهـة ومكافحـة الفسـاد) والتي شارك فيها ثلة من خطباء المنبر الديني وأساتذة الجامعات وممثلي المُنظَّمات المجتمعيَّة، شدَّد على ضرورة تركيز الخطاب الدينيّ على رصد الظواهر المُنحرفة في المُجتمع وتشخيص أسبابها ووضع المُعالجات المناسبة لها، لافتاً إلى أهميَّة توجيه الخطاب الدينيّ باتجاه تثقـيف المُجتـمع بخطـورة آفة الفساد وحرمة وقدسيَّة المال العام، مُشيداً بفتاوى المرجعيَّة الدينيَّة التي تحضُّ على الالتزام بالقوانين وأخلاقيَّات الوظيفة العامَّة، وتُحذِّرُ من الاعتداء على المال العام.
وأعرب رئيس الهيئة عن تفاؤله بالنصر على الفاسدين في معركة النزاهة ضد الفساد، مُنبّهاً إلى أنَّ إدارة تلك المعركة ينبغي أن تشترك فيها جميع الفعاليَّات الرسميَّة والمجتمعيَّة، وإحدى أدوات النجاح فيها إشراك المنبر الدينيّ الذي يُشكّلُ زخماً عقائدياً يمكنه من التأثير بسلوكيَّات أفرد المجتمع وإرشادهم نحو الصلاح، مُؤكداً أنَّ المنبر ينبغي أن يركز على ثلاثة تحدّياتٍ هي تمييز المصلحين من مُدّعي الإصلاح وإيقاظ الضمير لدى أفراد المجتمع والتحذير من المحسوبيَّة والانتفاع من الفساد الذي قد يوقع الفرد في مهاوي الاصطفاف مع الفاسدين.
واشتملت الندوة، التي حملت عنوان (الخطاب الديني ودوره في تعزيز ثقافة النزاهة ودعم جهود مكافحة الفساد)، على جلسةٍ علميَّةٍ ترأسها (د. علاء عبد النبي المدني)، فيما قرَّرها (د. حاكم الخزرجي)، وكانت الجلسة من محورين، الأول منهما قدَّمه السيد (حازم الحسيني) من مركز دجلة استعرض فيها آليات "إشاعة ثقافة النزاهـة وفق الرؤية الإسلاميَّة"، فيما حمل المحور الثاني عنوان "الإرشاد الديني ودوره في الإبلاغ عن حالات الفساد" قدَّمه (د. معتز العباسي) المدير العام لدائرة العلاقات مع المُنظَّمات غير الحكوميَّة في الهيئة. المشاركون في الندوة عبَّروا - عبر مداخلاتهم - عن شكرهم للهيئة للالتفات إلى أهميَّة إشراك الفعاليَّات المُجتمعيَّة بمُكافحة الفساد، حاثين على إصلاح المنبر الدينيّ وتوجيهه لتناول القضايا المصيريَّة التي تهم أبناء المجتمع، وترسيخ القيم الدينيَّة التي تدعو للفضيلة ونبذ الرذيلة، والتزام الصدق والأمانة والوفاء وعفة اليد، والتحذير من اقتراف الرشوة والاختلاس وغيرها من مظاهر الفساد؛ بعدِّها من الذنوب التي يستحق عليها المُكلَّف العقوبة في الدنيا وعذاب النار في الآخرة.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الخطاب الدینی ة التی
إقرأ أيضاً:
السياسة.. طبخة تحتاج لطباخ ماهر
بقلم : جعفر العلوجي ..
السياسة ليست مجرد قرارات وخطابات ، بل هي فن بحد ذاته تمامًا كالفنون الأخرى ، لكنها تختلف في طريقة عرضها ، هناك ما هو علني يُصقل ليبدو براقًا وجذابًا ، وهناك ما هو مخفي يُطبخ على نار هادئة خلف الكواليس ، حيث لا يرى الناس سوى النتائج ، بينما تظل الوصفات والأسرار حبيسة الغرف المغلقة .
السياسة كأي طبخة تحتاج إلى طباخ ماهر يعرف ماذا يضع في القدر ويدرك جيدًا التوقيت المناسب لإضافة كل مكون ، ويفهم النكهات التي ستروق للذوق العام .
القائد السياسي هو ذلك الطباخ الذي لا يستعجل نضوج الطبخة ، بل يتأنى، يقرأ المواقف جيدًا ، ويختار ما يخدم شعبه ، حتى وإن اضطر لتجرّع المرارة مرحليًا
ولعل تاريخ العراق الحديث يقدم درسًا واضحًا ، فبعد حربٍ ضروس استمرت لثمان سنوات مع إيران في عهد النظام البائد ، وسقوط نظام صدام حسين ، عادت العلاقات العراقية الإيرانية أكثر قوة ، ولم تكن هذه العودة نتيجة انصياع أو ضعف بل ثمرة لقراءة سياسية عميقة أدركت أن المصالح المشتركة والجغرافيا والتاريخ تحتم على البلدين تجاوز الماضي والانطلاق نحو المستقبل ، رغم ما سال من دماء وما خلفته الحرب من جراح .
ومع ذلك لم يخلُ المشهد من أصوات نشاز ، اعترضت واحتجت لكنها كانت في الغالب أصوات من فقدوا امتيازاتهم ومواقعهم ، أولئك الذين يرتزقون من الأزمات ، ويقتاتون على بقايا الخلافات
واليوم ، تتكرر المعضلة السياسية لكن مع جار آخر ، سوريا فزيارة وزير الخارجية السوري إلى بغداد ولقاؤه برئيس الوزراء والتأكيد على التعاون في كافة المجالات تطرح أسئلة جريئة ومؤلمة هل سيغلق العراق صفحة الماضي ، رغم الجراح النازفة جراء العمليات الإرهابية التي عصفت بأبناء شعبنا ، والتي لم يكن للشارع السوري يدٌ مباشرة فيها ، لكنها جاءت كجزء من حرب بالوكالة فرضتها الظروف السياسية والأمنية؟
هل سيكون العراق قادرًا على تجاوز الأحزان والبدء بمرحلة جديدة من العلاقات مع الحكومة السورية ، خاصة في ظل التحولات الإقليمية والدولية؟
القرار هنا يتطلب حكمة سياسية لا تعني النسيان ، بل تعني التطلع للمستقبل ، فالمواقف لا تُبنى على العواطف وحدها ، بل على المصلحة الوطنية العليا ، وعلى استيعاب أن الشعوب لا تختار دائمًا حكامها ، وأن الشعوب سواء في العراق أو سوريا دفعت أثمانًا باهظة بسبب صراعات تتجاوز حدودها .
السياسة لا تعني التنازل عن الحقوق، لكنها أيضًا لا تعني البقاء أسرى الماضي والمصلحة الوطنية قد تتطلب أحيانًا فتح صفحة جديدة دون أن يُمحى ما كُتب في الصفحات السابقة .
إن العراق اليوم بحاجة إلى سياسة تجمع لا تفرق ، تبني لا تهدم ، تقرأ المتغيرات لا تتجاهلها فهل سنشهد عراقًا يطوي جراح الأمس ليرسم خارطة جديدة من العلاقات الإقليمية ، أم سنظل ندور في ذات الدائرة ، نحمل أوزار الماضي ونعجز عن المضي قدمًا؟
الجواب مرهون بمهارة الطباخ السياسي الذي عليه أن يحسن اختيار المكونات ، ويدرك متى يضع الملح ، ومتى يطفئ النار ، ومتى يقدم الطبق لشعبه .