يبدو أن دول الساحل الأفريقي لديها المزيد من الخيارات لمواجهة ضغوط باريس وأوروبا بشكل عام، فإلى جانب طرد القوات الفرنسية من مالي والنيجر وبوركينافاسو، يبرز ملف الهجرة غير النظامية كورقة ضغط معتبرة في يد قادة هذه الدول.

فقد قرر الحاكم العسكري للنيجر عبد الرحمن تياني توظيف ملف الهجرة غير النظامية في مواجهته للزعماء الأوربيين الذين يرفضون الاعتراف بالسلطات الانقلابية وينادون بعودة الرئيس المخلوع محمد بازوم لمنصبه.

وكان جيش النيجر أطاح بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي، مما أدخل البلاد في أزمة دستورية وجعلها في مواجهة مع فرنسا وعواصم أوروبية.

ولم تسفر الضغوط الغربية وتهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "الإيكواس" عن أي تراجع من طرف الحكام العسكريين، الذين واصلوا نهج نظرائهم في مالي وبوركينافاسو في محاربة الوجود الفرنسي والأوروبي بشكل عام.


ملف الهجرة

واستكمالا لنهج التحدي، فقد أصدر المجلس العسكري في النيجر نهاية الشهر الماضي مرسوما يقضي بإلغاء "قانون 2015" وهو القانون الذي وقعته حكومة البلاد بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي عام 2015 للتصدي للهجرة غير النظامية من النيجر نحو أوروبا.

ويفرض القانون عقوبات تصل إلى 7 آلاف يورو والسجن من 5 إلى 10 سنوات للمتورطين في تسهيل الهجرة غير النظامية.

وسبق أن واجه هذا القانون انتقادات من مجموعات محلية رأت فيه آلية لخدمة الأجندات الأوروبية وسد أبواب الرزق أمام شرائح كبيرة من فقراء النيجر تعتمد في معيشتها على اغتراب أبنائها.

وعلى مدى سنوات، ظلت منطقة "أغاديز" في النيجر بوابة لعبور الأفارقة عن طريق الجزائر وليبيا عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.

وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن هذا الطريق كان يشهد حركة 4000 مهاجر أسبوعيا لا يحملون وثائق سفر من مختلف دول غرب أفريقيا، وهو ما دفع دول الاتحاد الأوروبي للضغط على النيجر بسن قانون 2015 الذي ينص على أن عقوبة تهريب المهاجرين قد تصل إلى 30 سنة.


الرد على أوروبا

وفي ردها على سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه القادة العسكريين في النيجر، وقّعت الحكومة التابعة للمجلس العسكري في نيامي مرسوما يلغي العمل بالقانون المذكور.

وقد نصّ المرسوم الجديد على إلغاء القانون وما يترتب عليه ابتداء من تاريخ صدوره في 26 مايو/أيار 2015.

وقال رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني إن الإدانات الصادرة بموجب هذا القانون ستلغى نهائيا كما ستلغى تبعاتها.

كما أكّد الأمين العام لوزارة العدل في النيجر، إبراهيم جان إتيان، أن جميع المدانين بهذا القانون سيتم إطلاق سراحهم.

ويرى مراقبون أن إلغاء هذا القانون جاء نتيجة للقرار الذي اتخذته دول الاتحاد الأوروبي مؤخرا والقاضي بتبني دول الاتحاد إطارا قانونيا يسمح بمعاقة الكيانات والأفراد التي تهدد السلم والأمن في دولة النيجر.

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر مدير المركز المغاربي للدراسات الأكاديمي الموريتاني الدكتور ديدي ولد السالك، "أن محاولة الخروج عن سيطرة فرنسا هي نتيجة لرغبة الشعوب التي قتلت باريس أحلامها وعملت على إفقارها على مدى عقود من الزمن".

مخاوف أوروبية

وتعليقا على قرار المجلس العسكري في النيجر قالت المفوضية الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون إنها قلقة بسبب إلغاء قانون تهريب المهاجرين.

وأضافت أن القانون المذكور أسهم في انخفاض معدل الوافدين غير النظاميين نحو أوروبا، وقلّص من عدد الوفيات في الصحراء.

وفي النصف الأول من العام الجاري لقي نحو ألفي شخص حتفهم غرقا في المتوسط حسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة.

وتقول منظمة الهجرة إن إجمالي المهاجرين عن طريق المتوسط إلى أوروبا وصل هذا العام إلى أكثر من 82 ألف شخص.

وحذّرت المفوضة الأوروبية المكلّفة بالشؤون الداخلية من أن يؤدي القرار إلى وفيات جديدة في الصحراء وهو الشيء الأكثر قلقا وفق تعبيرها، وأشارت إلى أن هذه الخطوة ستغرق ليبيا بالمهاجرين الذين يعتبرونها بوابة رئيسية نحو أوروبا.

وتعاني الجزائر وليبيا وتونس والمغرب بوصفها دول العبور الرئيسية في المتوسط من موجات المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا.


انسحاب القوات الفرنسية

ويتزامن قرار النيجر إلغاء تجريم الهجرة، مع الوصول للترتيبات النهائية لاكتمال رحيل القوات الفرنسية من قاعدتها العسكرية بنيامي، وبعض المناطق الأخرى.

وفي بيان له نشر قبل يومين، أكّد الجيش النيجري أن 1300 من القوات الفرنسية غادرت البلاد ورحلت ب80% من عتادها وآلياتها، وفقا للخطة التي أعلن عنها في شهر أغسطس الماضي.

ويأتي هذا الانسحاب ضمن عملية فك الارتباط الفرنسي النيجري التي بدأت مع رئيس المجلس العسكري عبد الرحمن تياني.

وكانت القوات الفرنسية تنشر 1500 من جنودها في مناطق مختلفة من النيجر أهمها العاصمة نيامي والقواعد القريبة من مناجم الذهب.

وطردت مالي القوات الفرنسية عام 2022 ودخلت في تنسيق عسكري واقتصادي واسع النطاق مع روسيا الساعية لتقليص مساحات النفوذ الفرنسي في القارة السمراء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهجرة غیر النظامیة الاتحاد الأوروبی القوات الفرنسیة المجلس العسکری هذا القانون فی النیجر

إقرأ أيضاً:

إيران تسعى لمحادثات مع أوروبا وسط قلق غربي متزايد.. الخوف من العقوبات بسبب البرنامج النووي أبرز الأسباب.. والدعم العسكري لروسيا والحلفاء الإقليميين على الطاولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تستعد إيران لعقد محادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في أعقاب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يُدين نقص الشفافية الإيرانية وانتهاكاتها للاتفاق النووي لعام 2015. 

القرار، الصادر في 21 نوفمبر، أكّد شكوك الوكالة في الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مما قد يمهد الطريق لتفعيل آلية "سناب باك" التي تعيد فرض جميع العقوبات الأممية التي كانت قائمة قبل الاتفاق.

استعداد إيران للمحادثات

رغم إعلان وزارة الخارجية الإيرانية جاهزيتها للتفاوض، يبقى السؤال حول مدى استعدادها لتقديم تنازلات في قضايا رئيسية تشمل: برنامجها النووي، دعمها للقوات الوكيلة في المنطقة، ودورها العسكري في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

البرنامج النووي.. أولوية للمحادثات

البرنامج النووي الإيراني يظل محور الاهتمام الدولي، لكنّه ليس التحدي الوحيد في المفاوضات. تشمل الملفات الأخرى دعم إيران لميليشياتها الإقليمية، توترات مع إسرائيل، تدخلاتها في الحرب الأوكرانية، تطوير الصواريخ، اتهامات بالتورط في عمليات إرهابية عابرة للحدود، وانتهاكات حقوق الإنسان.

قلق غربي من دعم إيران لحلفائها الإقليميين

رغم الضربات الإسرائيلية الأخيرة على جماعات مثل "حماس" و"حزب الله"، فإن إيران تستمر في تقديم الدعم المالي واللوجستي لتعويض خسائرهما. كما تواصل إيران الترويج لرؤية "محور المقاومة" المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة.

المخاوف الأوروبية من دور إيران في الحرب الأوكرانية

يتزايد القلق الأوروبي بشأن تورط إيران في دعم روسيا عسكريًا، خاصةً مع تأثير الحرب على استقرار القارة الأوروبية. هذه الأزمة تشكل تحديًا إضافيًا لأوروبا التي تحاول التوفيق بين دعم أوكرانيا وضغوط اقتصادية داخلية.

برنامج الصواريخ الإيراني.. تهديد قائم

تواصل إيران استعراض قدراتها الصاروخية بعيدة المدى، ما يثير قلق الدول الأوروبية رغم محدودية فعاليتها في مواجهة الدفاعات الإسرائيلية. الاستخدام المتكرر للصواريخ ضد أهداف مدنية في السعودية والعراق يزيد من هذا القلق.

حقوق الإنسان.. ورقة ضغط غربية

تتصاعد الانتقادات الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، خاصةً بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو 2024، التي شهدت مقاطعة واسعة من الإيرانيين. ومع استمرار الاحتجاجات المحلية وتصاعد الضغوط الدولية، تبدو حقوق الإنسان قضية مركزية في أي مفاوضات مقبلة.

النظرة المستقبلية

تبدو المحادثات القادمة بين إيران والدول الأوروبية حاسمة في تحديد مسار العلاقات الدولية، في ظل تصاعد التوترات بشأن الملفات النووية والإقليمية والإنسانية. ومع ذلك، يبقى نجاحها مرهونًا بمدى استعداد إيران لتقديم تنازلات ملموسة تواجه بها المخاوف الدولية.

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • إيران تسعى لمحادثات مع أوروبا وسط قلق غربي متزايد.. الخوف من العقوبات بسبب البرنامج النووي أبرز الأسباب.. والدعم العسكري لروسيا والحلفاء الإقليميين على الطاولة
  • الباعور يلقي باللوم على أوروبا في معالجة الهجرة
  • موقع أمريكي يؤكد: هجمات الجيش اليمني في البحر الأحمر واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري
  • الأمريكيون يتجهون للقارة العجوز.. أوروبا تستعد لموجة هجرة غير مسبوقة
  • موقع أمريكي يؤكد أن هجمات اليمنيين البحرية واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري
  • واشنطن:هجمات اليمنيين من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري
  • دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك السهم الثاقب
  • نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية: قانون عفى عليه الزمن
  • روسيا: التعاون العسكري مع نيودلهي يسهم في إعادة تجهيز القوات الهندية
  • وزارة الدفاع تواصل استعداداتها للعرض العسكري "حصن الاتحاد 10"