حملات المقاطعة ستؤدي إلى نتائج ملموسة حتما.. ماذا بعد؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "ستار" التركية مقال رأي للكاتب كامل يشيل سلط فيه الضوء على حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات الشركات التي أعلنت دعمها لإسرائيل.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أدّت المجازر الوحشيّة التي ارتكبها الكيان الصهيوني إلى إيقاظ ضمير شعوب العالم ضدّ دولة الإرهاب الإسرائيلية.
ولفت الكاتب بالقول: "بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أصبح الناس في جميع أنحاء العالم يكرهون اليهود سواء كانوا جيرانهم أو زملاءهم في العمل أو حتى معارفهم، وباتوا ينظرون إليهم على أنهم أعداء خطيرون. وإذا تم تهميشهم أو تحميلهم مسؤولية مجازر غزة، فهذا بسبب نتنياهو وفريقه الصهيوني. فالكيان الصهيوني الذي يوزّع الأسلحة حتى على المدنيين، لا يدرك أنه يدفع شعبه إلى الموت لأن الشخص الذي تلقى الأسلحة سيعطي انطباعًا لدى غير اليهود بأن أي مدني يهوديّ ربما يحمل سلاحًا ومن المحتمل أن يقتل غيره به". وفق قوله.
قد تكون شعوب الدول الأخرى الهدف التالي
أشار الكاتب إلى أن العالم أدرك مرة أخرى أن الكيان الصهيوني لن يتردد في قتل مواطني الدول الأوروبية التي تدعمه اليوم، مثلما قتل النساء والأطفال الفلسطينيين في غزة - فمن فعل ذلك مرة سيفعله مرة أخرى. وإذا كان الفلسطينيون اليوم هم الهدف، فغدًا سيكون هناك آخرون.
مع ذلك، لم تتوقف دول أوروبا ودول إفريقيا عن الخروج إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة لساعات ولعن الصهاينة.
بالنظر إلى تاريخ الاستعمار، من المناسب أن نطرح السؤال التالي: هل يجب أن نفرح بالاحتجاجات في بلدان مثل إنجلترا وفرنسا وإسبانيا؟ هذه الصور جعلت الناس يقولون "الإنسانية لم تمت" وأظهرت أن الحكام مختلفون كثيرا عن شعوبهم من حيث الإنصاف والضمير والحقوق والحريات الأساسية. نعم، إن حُكام أوروبا والولايات المتحدة يتخلفون عن شعوبهم فيما يتعلق بالقيم الإنسانية.
الغصن الذي يتمسكون به انكسر
أورد الكاتب أنه كان من الصعب على محبي الغرب رؤية سقوطه. كانوا حزينين للغاية على أنفسهم وعلى أجيالهم لأن الغصن الكبير الذي كانوا متمسكين به قد انكسر. وكان الحدث الأكثر أهمية الذي أظهر مدى هشاشة هذا الرابط المسيرة والاحتجاجات الهائلة في إسطنبول حيث تجمّع ملايين الأشخاص وهتفوا ضد إسرائيل الصهيونية أن النهاية التي تخافها ستأتي يومًا ما.
المقاومة السلبية
أوضح الكاتب أن الأصوات المناهضة لإسرائيل الصهيونية التي صعدت من دول المسلمين وغيرها من الدول، والانتقادات، ونداءات وقف إطلاق النار، والمساعدات الغذائية والطبية التي تُرسَل إلى فلسطين، كلها "مقاومة سلبية". يُصنّف موقف الجميع، باستثناء النساء والأطفال والشيوخ الذين لا يتركون غزة ويُعرِضون أنفسهم للشهادة بقولهم "أنا باقٍ هنا" إلى جانب حماس وكتائب القسام، بأنه "مقاومة سلبية". هناك جبهة واحدة فقط في فلسطين انتقلت إلى المقاومة النشطة وهي أهل غزة وكتائب القسام وحماس.
وفي تركيا، كانت "المقاومة السلبية" أو المقاطعة متعددة الأوجه، حيث تم تطبيقها على الأحزاب السياسية والصحفيين والمؤسسات التي تدعم إسرائيل، وعلى السلع الإسرائيلية، والمنتجات التي تملكها شركات تشترك مع إسرائيل في رأس المال، وحتى على الأشخاص والمؤسسات التي بقيت صامتة أمام مذابح إسرائيل. وقد تجاوزت هذه المقاطعة بذلك بعدها السلبي وأصبحت مثالًا فريدًا من نوعه في العالم. كما أعطتها خطب الجمعة صفة دينية، إلى جانب حراك البلديات والجمعيات الخيرية والمنظمات المدنية الأخرى.
وأكّد الكاتب أنّ هذه المقاطعات كانت فعالة جدًا وهذا ما يجب أن يحدث. مع ذلك، تعلّمنا من هذا الحدث أن إسرائيل الصهيونيّة موجودة إما بشكل مباشر أو من خلال شراكة رأسمالية أو إدارة إنتاج جميع الاحتياجات الإنسانية والإلزامية تقريبًا من مواد التنظيف إلى الغذاء، ومن الأجهزة المنزلية إلى بطاقات الائتمان، ومن مواقع بيع الكتب عبر الإنترنت إلى الأسواق. وباختصار، يبدو أن البلد قد "احتُل" من قبل إسرائيل الصهيونية. وإذا كان الوضع كذلك في تركيا، فهو كذلك في الغرب. كما أن أوضاع إفريقيا وآسيا والبلدان العربية لا تختلف كثيرًا.
وأضاف الكاتب أن "الإسرائيليين المحليّين، أو محبي الصهيونية المحليون" ظهروا بشكل أساسي بين المشاهير في مجالات السينما والموسيقى وكرة القدم والتلفزيون والصحافة والإعلام. لم يتمكن العديد منهم من الرد، سواء شفهيًا أو على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو أرادوا ذلك لأن منتجي السينما والموسيقى، واللجان التحكيمية، والمؤسسات والأشخاص المانحين للجوائز الدولية، ووسائل الإعلام عبر الإنترنت، والتلفزيون، كلها في أيدي "الصهاينة" أو من "تحت تأثيرهم". هذا يعني أن مستقبل المثقفين والفنانين والأشخاص "المشهورين" في أيدي الصهاينة. إذا لم يكن هذا غزوًا ثقافيًا، فماذا يكون؟
الاستقلال الاقتصادي
أشار الكاتب إلى ان الانتصارات السياسية والعسكرية، مهما كانت كبيرة، إذا لم تُدعَم بالانتصارات الاقتصادية فلن تستمر لفترة طويلة. الكماليون والأتاتوركيون خانوا هذه الكلمات أكثر من غيرهم لأن أكبر خيانة وقعت لهذا البلد كانت من "رجال الأعمال الزائفين"، والمسؤولين الحكوميين السابقين الذين عارضوا الإنتاج المحلي. وقعت أكبر خيانة لهذا البلد في الاقتصاد من خلال السياسات الحكومية التي تُعرقل الإنتاج المحلي والوطني وتعتمد على سياسات الاستيراد في كل شيء.
لقد أرادوا التبعية لتركيا
لقد تم اتباع سياسة خاصة لمنع تركيا من النهوض اقتصاديًا حتى تظل دائمًا معتمدةً على الديون الخارجية والإنتاج الخارجي.
لم يجد الغربيون صعوبة في إيجاد سياسيين ورجال أعمال وإعلاميين من الداخل للتعاون مع رغبتهم في تطوير سياسات داخلية تتوافق مع رغبتهم. وبهذه الطريقة، تكون تركيا دائمًا دولة خاضعة للأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ولا تستطيع رفع صوتها.
وحسب الكاتب يمكن أن تحقق تركيا الاكتفاء الذاتي اقتصاديًا إذا أصبحت مستقلة في مجالات مثل الزراعة، والبذور، وتربية الحيوانات، والغابات، والتعدين، وصناعة الدفاع والصحة والسياسة.
ومن الواضح أن نجاح هذه المجالات سيتحقق من خلال استبدال المنتجات الأجنبية التي نراها في قائمة المقاطعة بمنتجات وطنية ومحلية. لذلك، نقول لأولئك الذين ينتظرون أن نعود إلى المنتجات التي تُطبّق عليها المقاطعة بمجرد حل مشكلة غزة وفلسطين في أقرب وقت ممكن: "لا، إن مقاومتنا السلبية، مقاطعتنا، ليست مؤقتة بل مستمرة. سنستعيد قوتنا من هذا الاستمرار. من يكسر المقاطعة، أو يقاوم المقاومة السلبية، فإنه يضع نفسه دون قصد في صف إسرائيل الصهيونية. المقاطعة هي حرب ضد إسرائيل الصهيونية في جميع هذه المجالات. ويجب أن تفوز تركيا بهذه الحرب، وستفوز".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية مجازر غزة المقاومة السلبية المقاطعة المقاطعة مجازر غزة دولة الاحتلال المقاومة السلبية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسرائیل الصهیونیة إسرائیل الصهیونی الکاتب أن التی ت
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
حذرت صحيفة نيويورك تايمز من أن العالم يحبس أنفاسه مع احتمال تفجر الصراع بين إسرائيل وإيران في أي وقت، وذكرت أن ما يقرب من شهر قد انقضى منذ هاجمت إسرائيل قواعد إيران العسكرية، ولا يزال العالم يترقب كيف سترد طهران.
وتتساءل الصحيفة، في تقرير لمراسلتها في روما، لارا جايكس، عن الأسباب التي تمنع القوتين في الشرق الأوسط من الدخول في حرب أوسع نطاقا بدت للوهلة الأولى أنها على وشك الانفجار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الحرس الثوري الإيراني: مواجهتنا مع إسرائيل لها امتداد دوليlist 2 of 2إعلام إسرائيل يتساءل: متى سترد إيران؟ وكيف؟end of listوربما كان المحللون يتوقعون، منذ وقت ليس ببعيد، أن أي ضربة مباشرة من إيران على إسرائيل، أو من إسرائيل على إيران، ستؤدي إلى اندلاع حريق فوري، إلا أن الأمور لم تسر على هذا النحو.
كواليسوذكرت الصحيفة أن أحد أسباب ذلك التحركات الدبلوماسية المحمومة "خلف الكواليس" من الولايات المتحدة ودول عربية.
ومع ذلك، فإن تبادل الهجمات "المدروسة والمحدودة" بين إسرائيل وإيران تنذر أيضا بحرب "صدمة وترويع" بينهما، قد تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل على معظم دول العالم.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن جوليان بارنز داسي، مدير شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله إن طبيعة الهجمات المتبادلة تشي -على ما يبدو- بأن الدولتين تدركان مدى خطورة نشوب حرب إقليمية أشد ضراوة، ترغب كلتاهما -على الأرجح- في تفاديها.
واستدرك أن ذلك لا يعني أن النهج الحالي يخلو من مزالق، فهو "مسار محفوف بمخاطر جمة وغير مستدام، سرعان ما قد يخرج عن السيطرة".
التصعيد تدريجياوأضاف أن إسرائيل ربما تتعمد التدرج في التصعيد بنية القيام، في نهاية المطاف، بشيء أوسع نطاقا وأكثر حسما.
ورغم كل ذلك، فإن نيويورك تايمز ترى أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تشبه كثيرا الحرب المعروفة باسم الصدمة والترويع التي تُستخدم فيها القوة النارية الماحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة لتدمير قدرات العدو المادية وإرادته في المقاومة، وهو مدلول أطلقه لأول مرة خبيران عسكريان أميركيان عام 1996.
ولعل أبرز مظاهر الصدمة والترويع التي لا تنسى -حسب الصحيفة- تلك التي تجلت في وابل الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في بداية غزوها العراق عام 2003، وحربها على أفغانستان عام 2001.
وتعتقد الصحيفة أنه سيكون من الصعب تنفيذ حرب "الصدمة والترويع" في الصراع الدائر حاليا في الشرق الأوسط، ذلك أنه يستدعي إشراك قوات برية وتزويدها بعتاد بري وجوي وبحري أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران في نشره عبر مئات الأميال التي تفصل بينهما.
الصدمة والترويعولا تزال الأوساط العسكرية تتداول في إذا ما كان هجوم "الصدمة والترويع" قابلا للتطبيق. وهذا ما ناقشه رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال الأميركي مارك ميلي، والرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميت، في مقالهما التحليلي الذي نشرته مجلة فورين أفيرز أغسطس/آب الماضي.
وفي ذلك المقال، كتب الاثنان أن عصر حروب الصدمة والترويع، "التي كانت واشنطن قادرة فيها على القضاء على خصومها بقوة نيران قاهرة، قد ولى"، وأن الأسلحة ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي يغيران طبيعة الحرب.
وقد رد محللان في مركز الدراسات الإستراتيجية التابع للبحرية الملكية البريطانية، الشهر الماضي، على المقال المذكور بأن حرب الصدمة والترويع تتطور ولم تنتهِ، واستدلا على ذلك بهجوم إسرائيل على حزب الله في لبنان عبر أجهزة النداء واللاسلكي المفخخة.
ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، فإن تبادل الهجمات الأشهر الماضية بين إسرائيل وإيران جعل المسؤولين حول العالم في حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع نطاقا. وبعد ساعات من الضربات، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي إن بلاده قررت خلق "معادلة جديدة" في صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.
مخاطرغير أن فرزان ثابت، وهو محلل متخصص في السياسة الإيرانية والشرق أوسطية في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، صرح للصحيفة الأميركية بأن وابل الهجمات الصاروخية المنضبطة يبدو أنه يشير إلى نوع جديد من الحروب.
لكنه حذر أيضا من الأسوأ ربما يحدث حتى الآن، إذ أشارت إيران مؤخرا إلى أنها مستعدة لضرب مصادر الطاقة الرئيسية في إسرائيل -بما في ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط- في حال استُهدفت بنيتها التحتية المدنية.
ويعتقد ثابت أن إيران "تحاول أن تكون لها الكلمة الأخيرة"، بمعنى أنها "تريد أن تُظهر لشعبها وللرأي العام الإقليمي أنها فعلت شيئا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع".
ومع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة، فإن نيويورك تايمز تتوقع على نطاق واسع أن ينتهج سياسة خارجية مواتية لإسرائيل، و"يحشد صقورا مناوئين لإيران في حكومته"، مما قد ينقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى مضمار جديد.