اسطوانة الانتهاكات .. مضادات السواقة بالخلا (٧)
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
من كان مخلصا صادقا في إنقاذ الشعب السوداني من ويلات الانتهاكات فيجب ان يكون ساعيا في تجفيف منبعها! اي إيقاف الحرب ، ثم الانخراط في مشروع اعادة بناء المنظومة الأمنية والعسكرية بحيث تكون حامية للشعب السوداني وحارسة لحريته وكرامته بدلا من ان تكون متخصصة في انتهاك حقوقه كما هو حالها الان وبلا استثناء: جيش، دعم سريع، شرطة ، جهاز امن! كلهم انتهكوا حقوق الشعب السوداني ولو كانت الانتهاكات تستوجب الاستئصال الكامل فيجب استئصال كل من الجيش والدعم السريع والشرطة وجهاز الامن! وليس الدعم السريع وحده ! ولكن لان الاستئصال بمعنى الإفناء غير ممكن ولا مطلوب، فإن المطلوب هو استئصال المناهج الفاسدة وتغيير شفرة تشغيل هذه الاجهزة واعادة بنائها كمؤسسات وطنية في خدمة الوطن والمواطن.
من أبلغ نماذج الغوغائية والغباء المركب خطاب المعتوهين الذي يعارضون السلام ويستخدمون اسطوانة الانتهاكات في تأييد استمرار الحرب على اساس ان الدعم السريع بعد كل ما ارتكبه من انتهاكات لا يجوز مجرد الحديث عن حل تفاوضي معه لانه يجب أن يختفي من الوجود تماما عقابا له على انتهاكاته!
اولا:منبع الانتهاكات هو الحرب وليس مجرد وجود الدعم السريع ، لأن الدعم السريع موجود في الخرطوم منذ عام ٢٠١٣ بآلاف الجنود وكامل عدته وعتاده ولم يطرد الناس من منازلهم وكانت انتهاكاته زمن السلم تشبه ما اعتدنا عليه من كل قواتنا النظامية من جيش وشرطة وامن ، اي محاولة لتضليل الناس وايهامهم بأن سبب معاناتهم ليس واقع الحرب هي محاولة لكسر عنق الحقيقة.
ثانيا: فرضية ان شرط وقف الانتهاكات هو القضاء التام على الدعم السريع كان يمكن قبولها لو كان الجيش قادرا على ذلك ولو كان الجيش متفوقا على الدعم السريع اخلاقيا ولو كان سجله خاليا من الانتهاكات!
ان الواقع ليس مفتوحا على انتصار الجيش لان هزائمه المتتالية ماثلة أمام الجميع وفي مقدمتهم البلابسة الذين يصرخون الان ويطالبون بتجاوز الجيش واستبداله بالمقاومة الشعبية، بل الواقع في حالة إطالة أمد الحرب مفتوح ليس على القضاء على الدعم السريع بل على انتقال الحرب إلى الولايات الآمنة الأمر الذي يعني شيئا واحدا هو ان يعاني سكان ولايات نهر النيل والشمالية والجزيرة وكسلا والقضارف وبورسودان من ذات التشرد والجحيم والانتهاكات الفظيعة التي عاناها سكان الخرطوم ودارفور! وفقدان الأمان الذي هم فيه الان ! لأن سبب امانهم ليس هو حماية الجيش لهم، بل سبب امانهم هو عدم وصول الحرب إلى مناطقهم! فإذا وصلت الحرب إليهم سيهرب الجيش او يتخندق في ثكناته ولن يقدم لهم شيئا سوى قصف الطيران والمدفعية تماما كما حدث في الخرطوم ودارفور، إذ لا منطق في افتراض ان الجيش الذي فشل في حماية المواطنين في عاصمة البلاد سوف ينجح في ذلك في الولايات الاخرى، وبالتالي فإن دعاة استمرار الحرب عليهم ان يبحثو لذلك عن اي مبرر اخر وان يكفوا عن العبط والهبل والغباء والاستغباء ممثلا في الزعم بانهم يرغبون في استمرار الحرب لوقف الانتهاكات ومعاقبة مرتكبيها! لان استمرار الحرب في واقعنا معناه استمرار مسلسل الانتهاكات! ونقلها إلى الولايات الآمنة! كما أن استمرار الحرب سيفتح كل يوم بابا جديدا على الجحيم: التقسيم وقدوم الارهابيين واطماع المتربصين باراضينا ومواردنا فضلا عن تفاقم الكوارث الانسانية .
ثالثا: لا توجد مسافة اخلاقية تفصل بين الجيش والدعم السريع ، تاريخ الانتهاكات في السودان لم يبدأ في ١٥ أبريل كما يحاول اقناعنا الكيزان والمتواطؤون معهم وكثير من المصابين بمتلازمة العبط السياسي!
ابشع صور انتهاكات الجنجويد كانت مع بدايات حرب دارفور عام ٢٠٠٣ وتحت قيادة موسى هلال، حينها كان الجيش قائدا لتلك الانتهاكات ومشاركا فيها وكان جهاز امن الكيزان يعاقب كل من فتح فمه ضد تلك الانتهاكات بل كان يعاقب ضحاياها على مجرد الانين من وطأتها ! والان وياللمسخرة والمهزلة يزايد الكيزان علينا في موضوع الانتهاكات ويتحدثون عن حقوق الإنسان من مواقع الاستاذية! انها متلازمة البجاحة وقوة العين والانعدام التام لأي ذرة من الحياء !
حتى الدعم السريع في اسوأ فترات تاريخه من حيث الانتهاكات في دارفور وعندما كان مجلس الامن بصدد اصدار قرار إدانة ضده سخر الكيزان حينها وتحديدا عام ٢٠١٤ كل ما في وسعهم لعرقلة القرار ونجحوا في ذلك بمساعدة الصين واحتفلوا وهللوا وكبروا لانهم انقذوا الدعم السريع من إدانة دولية! لانه في ذلك الحين كان حارسا لمصالحهم وكراسيهم وحاميا لهم من الحركات المسلحة ! كم هو مقزز حد الغثيان والاستفراغ عندما يتنمر الكيزان على خصومهم السياسيين بذريعة عدم إدانة انتهاكات الدعم السريع ! مع العلم ان القوى الديمقراطية ادانت ببيانات موثقة انتهاكات الدعم السريع ولكن الكيزان يستنكرون إدانة الطرفين! ويرغبون في إدانة طرف واحد فقط!! في حين ان الادانة واجبة ضد الطرفين(جيش ودعم سريع) من الناحية الموضوعية لاشتراكهما معا في ترويع الأبرياء بهذه الحرب، حتى جرائم الابادة الجماعية للمساليت في دارفور التي يتحمل مسؤوليتها الدعم السريع في المقام الأول، يجوز فيها إدانة الطرفين لان الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ضالعة بشكل واضح في إشعال الفتنة بين العرب والمساليت، لا بد من تحقيقات مهنية مستقلة في كل الانتهاكات لكشف الحقائق كاملة لوجه العدالة.
لا سبيل لوقف الانتهاكات سوى إيقاف الحرب وتحقيق السلام المستدام بدفع استحقاقاته وعلى رأسها الإصلاح الأمني والعسكري وصولا لتكوين جيش مهني قومي واحد ، والعدالة الجنائية والعدالة الانتقالية وخروج العسكر من السياسة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الانتهاکات فی استمرار الحرب الدعم السریع ان الجیش
إقرأ أيضاً:
عاجل - الجيش السوداني يعلن تطهير مناطق غرب أم درمان من الدعم السريع ومأساة نزوح جديدة تضرب الفاشر
أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، استعادة السيطرة الكاملة على مناطق غرب أم درمان بعد طرد قوات الدعم السريع منها، مؤكدًا تحقيق "انتصارات نوعية" ضمن عملياته العسكرية في القطاع الغربي.
وجاء في بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن "قوات العمل الخاص بالقطاع الغربي التقت بقوات المرخيات في منطقتي قندهار ودار السلام، وتم تطهيرهما من مليشيا دقلو الإرهابية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي".
"أطباء بلا حدود" تدين الهجوم على مستشفى تابع لها في جنوب السودان: "انتهاك صارخ للقانون الدولي" انتصارات للجيش.. ماذا يحدث في السودان؟وأضاف البيان أن الجيش ضبط أموالًا مزورة وعددًا من المعدات العسكرية المتقدمة، بينها منظومات تشويش وطائرات مسيّرة ومدافع، كانت قد خلفتها قوات الدعم السريع أثناء انسحابها من المنطقة.
هجوم بمسيّرات في مجمع الصفوة والجيش يتصدىفي المقابل، كشف مصدر عسكري سوداني أن قوات الدعم السريع شنت هجومًا بمسيّرة انقضاضية استهدفت مواقع للجيش السوداني في مجمع الصفوة السكني، الواقع غربي أم درمان، دون الكشف حجم الخسائر.
وتأتي هذه التطورات بعد إعلان سابق للجيش في نهاية مارس الماضي عن طرد قوات الدعم السريع من جميع مناطق العاصمة الخرطوم، لكن آثار الدمار في المدينة ما زالت تتكشف تباعًا.
الشرطة: تدمير مؤسسات الدولة يقدّر بمليارات الجنيهاتمن جانبه، صرّح العميد أمير عباس مدني من قوات الشرطة السودانية أن قوات الدعم السريع دمرت عددًا كبيرًا من المرافق العامة والمؤسسات الرسمية، أبرزها دار الشرطة وسط الخرطوم، مشيرًا إلى أن الأضرار المادية الناتجة عن الحرب تقدّر بمليارات الجنيهات السودانية.
ويأتي هذا التصريح تزامنًا مع الذكرى الثانية للحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي خلّفت حتى الآن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فيما رجحت دراسات صادرة عن جامعات أميركية أن عدد القتلى قد يصل إلى 130 ألف شخص.
93 ألف نازح من الفاشر ومأساة إنسانية تتكشفوفي غرب البلاد، تعيش مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور أوضاعًا مأساوية، حيث تشهد موجة نزوح جماعي جديدة.
وأعلن آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور، أن نحو 93 ألف نازح من مخيم زمزم توجهوا خلال الساعات الماضية إلى منطقة طويلة التي تبعد 60 كيلومترًا عن الفاشر.
وأشار رجال إلى أن النزوح يجري وسط ظروف إنسانية قاسية، إذ يعاني النازحون من نقص حاد في الماء والغذاء والرعاية الصحية، ما أدى إلى وفاة العديد من الأطفال والنساء بسبب الجوع والعطش والأمراض والصدمات النفسية.
ودعا رجال المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتقديم خدمات الطوارئ، محذرًا من أن المنطقة المنكوبة لا تملك أي مقومات لاستقبال هذا العدد الضخم من النازحين.
قصف عنيف في الفاشر وتمشيط أمني واسعميدانيًا، واصلت القوات المسلحة السودانية قصفها المدفعي على مواقع الدعم السريع في أطراف مدينة الفاشر، موقعة خسائر بشرية ومادية في صفوف المليشيا، حسب مصادر عسكرية تحدثت للجزيرة.
وأكدت المصادر أن الجيش نفذ حملات تمشيط في الأحياء الجنوبية للمدينة، أسفرت عن اعتقال متسللين من قوات الدعم السريع وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بالإضافة إلى تدمير طائرات مسيّرة حاولت مهاجمة الدفاعات العسكرية للجيش.
صور أقمار اصطناعية تكشف حجم الدمار في دارفوروفي سياق متصل، أظهرت صور أقمار اصطناعية، التقطت بين 10 و15 أبريل الجاري، تصاعد أعمدة الدخان في مناطق متفرقة من مدينة الفاشر، نتيجة القصف المدفعي وهجمات المسيّرات التي نفذتها قوات الدعم السريع.
وتُظهر الصور آثار حرائق واسعة في مخيمي زمزم وأبو شوك للاجئين، وهو ما يعكس حجم المأساة التي يعيشها المدنيون في إقليم دارفور، الذي يقطنه أكثر من 1.5 مليون نسمة.
السودان في مواجهة أسوأ أزمة إنسانيةفي ظل استمرار الحرب وغياب أي حلول سياسية في الأفق، يواجه السودان أسوأ أزمة جوع في العالم حسب الأمم المتحدة، إضافة إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وغياب الدولة عن إدارة الشأن العام.
وبينما يستمر القتال على الأرض، تتصاعد الدعوات المحلية والدولية للتهدئة وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى مزيد من التصعيد، مما يُنذر بتفاقم الكارثة في البلاد التي كانت تُعد من أكبر الدول الإفريقية من حيث الإمكانات الزراعية والمائية.