هنالك الكثير من الهمس الذي يطرح أسئلة عمّا يمرالسودان به وقضايا المرحلة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير وأدت إلى تشكيل حكومة مدنية-عسكرية مشتركة وكان الفشل في التوافق واضحا وكانت الحكومة تواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما في تلك الأزمة الاقتصادية والأمنية والإنسانية والسياسية إلي حدوث الانقلاب وخروج المدنيين من التحالف الهش هذا وأعود لوضع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الحقبة الانتقالية في السودان
(يونيتامس) تأسست في يونيو 2020 بقرار من مجلس الأمن الدولي رقم 2524 وتهدف إلى دعم السلطات السودانية في تنفيذ اتفاق السلام الشامل الذي وقع في جوبا في أكتوبر 2020، وكذلك في تعزيز حماية حقوق الإنسان وتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية والمساهمة في بناء السلام والمصالحة الوطنية.

وفقا للقرار، تتمتع البعثة بصلاحيات واسعة للتنسيق مع الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية والدولية والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وللتدخل في حالات الطوارئ والأزمات والنزاعات والانتهاكات لحقوق الإنسان ,وكانت تواجه البَعثة مقاومة وانتقادات من قبل بعض القُوَى السياسية والعسكرية في السودان، التي ترى فيها تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد وتهديدَا لسيادتها ووحدتها. وقد تصاعدت هذه التوترات بعد اندلاع النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في دارفور في أبريل 2021، والذي أسفر عن مقتل وجرح المئات وتشريد الآلاف من المدنيين. وقد اتهمت الحكومة السودانية رئيس البَعثة الأممية فولكر بيرتس بالانحياز والتدخل في الشأن السوداني والتحريض على الفتنة والتآمر مع بعض الجماعات المسلحة، وطالبت بتغييره أو إنهاء تفويض البَعثة وقد قدم بيرتس استقالته ولم يتم تعيين بديل له من نفس أصحاب الياقات البيض الغربيين , ولقد أعلنت الحكومة السودانية رسميَا إنهاء تفويض البَعثة الأممية وإلغاء العمل باتفاقية مقر البَعثة، مبررة ذلك بفشل البَعثة في الإيفاء بالتزاماتها ومهامها المنصوص عليها في القرار 2524 وتجاهلها لملاحظات السودان حول أدائها السلبي. وقد أبلغت الحكومة السودانية هذا القرار إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدُّوَليّ، وطلبت منهما اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء وجود البَعثة في السودان في أسرع وقت ممكن هذا القرار يثير العديد من التساؤلات والمخاوف حول مستقبل السودان وعملية السلام والانتقال الديمقراطي فيه. فمن جهة، يمكن أن يعكس هذا القرار رغبة الحكومة السودانية في الحفاظ على سيادتها واستقلاليتها وتحمل مسؤوليتها تجاه شعبها ومصالحها، وأن تبحث عن حلول وطنية وإقليمية للمشاكل التي تواجهها، بدلا من الاعتماد على التدخلات الدولية التي قد تكون محملة بالمصالح الخاصة والمزايدات السياسية , ومن جهة أخرى، يمكن أن يعبر هذا القرار عن عدم رضا بعض القوى العسكرية والسياسية عن الاتفاقات والتنازلات التي تم التوصل إليها في اتفاق السلام الشامل، وأن يشير إلى نية هذه القِوَى في السعي إلى تغيير الوضع الراهن والعودة إلى الحكم العسكري والاستبدادي، وأن يؤدي إلى تفاقم النزاعات والعنف والانتهاكات في السودان، خاصة في المناطق المتضررة من الحرب مثل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وفي هذا السياق، يمكن أن يلعب مجلس الأمن الدُّوَليّ دورا هاما في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين في السودان، وفي دعم الشعب السوداني في تحقيق تطلعاته في الحرية والعدالة والديمقراطية , ولكن ليس من الواضح ما هي الخطوات والإجراءات التي سيتخذها مجلس الأمن في ضوء قرار الحكومة السودانية بإنهاء تفويض البَعثة الأممية, فبعد أحترم مجلس الأمن قرار السودان ووافق على سحب البَعثة، والأن يحاول في نفس الوقت أيجاد بدائل أخري لكي تكون ولاية مجلس الأمن قائمة بل الان يكون التخطيط علي تحديد ماذا يكون في المرحلة القادمة أذا رفضت الأطراف المتحاربة وقف أطلاق النار , وهنا لا يمكن التنبؤ بالوضع المتوقع من أعضاء مجلس الأمن بشكل قاطع، لأنه يعتمد على الظروف والمصالح المحيطة بالطلب. ومع ذلك، يمكن القول بشكل عام أن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو أداة قوية وحساسة تستخدم في حالات استثنائية، وتتطلب موافقة مجلس الأمن بالإجماع أو بأغلبية تسعة أعضاء على الأقل، بما في ذلك الأعضاء الدائمين الخمسة¹.
ولذلك، فإن أي طلب للتدخل بموجب البند السابع يواجه عدة عوائق سياسية وقانونية وعملية من العوائق السياسية، أن أعضاء مجلس الأمن قد يكون لهم مواقف مختلفة أو متضاربة بشأن الوضع في السودان، وقد يستخدمون حق النقض
(الفيتو) لمنع أو تأخير أو تخفيف أي قرار يتضمن تدابير عقابية أو عسكرية ضد السودان , ومن العوائق القانونية، أن مجلس الأمن يجب أن يحدد أولًا ما إذا كان هناك تهديد للسلم والأمن الدَّوْليّ أو إخلال به أو عمل عدواني في السودان، وأن يتوافر الدليل والمبرر الكافيان لتبرير التدخل, ومن العوائق العملية، أن مجلس الأمن يجب أن يحصل على موافقة السودان أو الدول المجاورة له على السماح بدخول القوات الدولية إلى أراضيها، وأن يتوفر التمويل والموارد والتنسيق اللازمين لتنفيذ العمليةوبالتالي، فإن الاحتمال الأكبر هو أن مجلس الأمن يفضل استخدام الوسائل السلمية والدبلوماسية لحل الأزمة في السودان، وأن يدعم الجهود الإقليمية والوطنية للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم وفي حالة تدهور الوضع أو تفاقم الانتهاكات أو تعرض المدنيين للخطر، فقد يلجأ مجلس الأمن إلى فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية أو أخرى على الأطراف المسؤولة، أو إلى إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو إلى تفويض قوة دولية أو إقليمية لحفظ السلم وحماية المدنيين ولكن هذه الخطوات تبقى خيارات أخيرة وصعبة، وتحتاج إلى توافق وتعاون الأعضاء والأطراف المعنية وعليه لا نفرح كثيرًا ونقول أن الدبلوماسية السودانية حقق نصرا علي القرار الأممي الذي جاء بطلب من رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك لا تزال كل التوقعات والاحتمالات مفتوحة أمام قرار جديد

zuhairosman9@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحکومة السودانیة مجلس الأمن هذا القرار فی السودان

إقرأ أيضاً:

التنافس الدولي في البحر الأحمر.. تداعيات التحركات الإسرائيلية والفرنسية على الأمن المصري .. والسودان كساحة للتنافس الدولي

أصبح البحر الأحمر في السنوات الأخيرة ساحةً لتنافس دولي وإقليمي متصاعد، حيث تتسابق قوى عالمية وإقليمية ليكون لها موطئ قدم في هذه المنطقة الحيوية في الشرق الأوسط خصوصًا في ظل ما يحدث في المنطقة في الشهور الأخيرة. التحركات الإسرائيلية والفرنسية في المنطقة تُشكِّل تحدي مباشرة للأمن القومي المصري، خاصةً في ظل التوترات السياسية والتحولات المتسارعة في أفريقيا.



الأهداف الإسرائيلية في أفريقيا والبحر الأحمر

منذ اتفاقية السلام مع مصر عام 1979، ساد هدوء نسبي بين البلدين، تخللته اتفاقيات تعاون في مجالات متعددة. لكن إسرائيل بدأت مؤخراً بتكثيف جهودها لتعزيز نفوذها في أفريقيا، مستهدفةً دولًا مثل السودان والصومال وجيبوتي المطلة على البحر الأحمر.

في عام 2020، سعت إسرائيل لإقامة علاقات دبلوماسية مع جيبوتي بهدف استخدام قواعد عسكرية لتعزيز سيطرتها على البحر الأحمر ومواجهة الحوثيين في اليمن، إضافةً إلى الضغط على مصر. ورغم رفض جيبوتي، استمرت إسرائيل في مساعيها، مستفيدةً من علاقاتها القوية مع فرنسا والإمارات العربية المتحدة، كما يؤكد عدد من الباحثين أن إسرائيل تولي أهميةً كبيرة لإقامة علاقات مع جيبوتي لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر ومكافحة الحوثيين بشكل أكثر فعالية، بالإضافة إلى الضغط على مصر.

التعاون الفرنسي-الإسرائيلي وتأثيره الإقليمي

تمتلك فرنسا وجودًا عسكريًا كبيرًا في جيبوتي، حيث تستضيف أكبر قاعدة عسكرية فرنسية خارج أراضيها. تسعى فرنسا لتعزيز نفوذها في أفريقيا بعد تراجعها في مناطق نفوذ تقليدية في غرب القارة. وبحسب تقارير، تضغط فرنسا لتقريب وجهات النظر بين جيبوتي وإسرائيل، وتسمح للاستخبارات الإسرائيلية بالعمل من قواعدها.

ويشير مراقبون  إلى أن السودان والقرن الأفريقي أصبحا نقاط التقاء للمصالح الفرنسية والإسرائيلية والإماراتية، خاصةً في ظل التحولات السياسية والعسكرية العالمية.

السودان كساحة للتنافس الدولي

يعيش السودان صراعًا داخليًا بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما جعله ساحة لتدخلات خارجية. تدعم إسرائيل حميدتي لتحقيق مصالحها، بما في ذلك تقويض نفوذ الإسلاميين والضغط على مصر، وفقًا لخبراء عسكريين.

في المقابل، تسعى فرنسا لاستعادة نفوذها في أفريقيا بدعم بعض الشخصيات السياسية السودانية بهدف إقامة قاعدة عسكرية في السودان. ويرى مختصون في الشأن السوداني أن فقدان فرنسا نفوذها في دول أفريقية أخرى دفعها للبحث عن موطئ قدم جديد عبر السودان.

التحديات الأمنية لمصر

تشكل التحركات الإسرائيلية والفرنسية تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. التواجد الإسرائيلي في مناطق مثل أرض الصومال وجيبوتي يهدد حرية الملاحة في قناة السويس، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري.

بالإضافة إلى ذلك، قد تزيد التحالفات بين إسرائيل وفرنسا والإمارات من الضغوط على مصر في قضايا إقليمية مثل أمن نهر النيل والأمن في البحر الأحمر.

الاستراتيجيات المصرية المحتملة لمواجهة هذه التحديات

قد تحتاج مصر لتعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية ودعم الاستقرار في السودان والقرن الأفريقي. يمكن لمصر تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع دول المنطقة لمواجهة النفوذ الخارجي المتزايد.

كما قد تسعى لتعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر لحماية مصالحها وضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الحيوية.

التنافس الدولي المتصاعد في البحر الأحمر والقرن الأفريقي يفرض على مصر والدول العربية تحديات جديدة. تتطلب هذه الظروف تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحركات الخارجية التي تهدد استقرار المنطقة ومصالحها الحيوية.

محمد صادق .. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا  

مقالات مشابهة

  • راشد عبد الرحيم: البل الدولي
  • يوم غير سعيد لدعاة تدويل المشكل السوداني
  • نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية
  • التنافس الدولي في البحر الأحمر.. تداعيات التحركات الإسرائيلية والفرنسية على الأمن المصري .. والسودان كساحة للتنافس الدولي
  • لهذا أفشلت موسكو مشروع قرار مجلس الأمن حول السودان.. تجاهل الحكومة الشرعية
  • السودان.. الحكومة ترحب بـ”فيتو” روسيا ضد مشروع بريطاني بشأن الحرب
  • البرهان يوافق على مقترحات المبعوث الأميركي لحل الأزمة السودانية
  • الخارجية السودانية ترحب بـ «الفيتو الروسي» في مجلس الأمن الدولي
  • قرقاش يُعلق على إخفاق مجلس الأمن بوقف العنف في السودان
  • الجزائر تدعو المجتمع الدولي إلى احترام سيادة السودان