جنوب السُّودان.. ماضيه وصيرورته (8 من 21)
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
shurkiano@yahoo.co.uk
إزاء المواجهة الشديدة للسياسة البريطانيَّة في جنوب السًّودان من قبل قبائل الشمال، وبخاصة بعد ظهور ما سُمِّي بالقيادات الوطنيَّة في الشمال المناهضة للسياسة البريطانيَّة، عدَّلت الحكومة البريطانيَّة في السُّودان سياستها تلك، وعملت تدريجيَّاً على إتاحة أوسع الفرص للجنوبيين للاتصال بالشماليين، لكن لم يكن هناك متسع من الزمن، والاستعمار في عجلة من أمره في الجلاء، ليؤهِّلوا الجنوبيين لتحمُّل المسؤوليَّة السياسيَّة في إدارة دولاب الدولة في الجنوب، لذلك ظهرت أطروحات مثل الحكم الذاتي أو الفيديرالي مع تشكيل مجالس خاصة بالجنوب، والتف حول هذه الأطروحات وعضَّ عليها بالنواجذ أهل الجنوب بشدّة، وتبنَّتها الأحزاب الجنوبيَّة الناشئة حينئذٍ.
(1) الاتفاق على أنَّ الوحدة ضرورة لا بد منها، وأنَّ الفصل غير وارد.
(2) الإعراب عن أنَّ الجنوب لا يستطيع الاستقلال بشؤونه، ولا يرغب في الاتحاد مع أوغندا.
(3) أبدى الجنوبيُّون تذمُّرهم من واقع التخلُّف الاقتصادي والحضاري، كما أبدوا تخوُّفاً من نوايا الشماليين ومعارضتهم لتسلُّطهم.
في الانتخابات الحرَّة المباشرة في تشرين الثاني-كانون الأول (نوفمبر-ديسمبر) 1953م فاز الحزب الوطني الاتحادي، وتمَّ إنشاء أول برلمان سوداني، ثمَّ شكَّل السيِّد إسماعيل الأزهري أول حكومة وطنيَّة مُنح فيها الجنوبيُّون ثلاثة مقاعد وزاريَّة من الدرجة الثالثة، حتى يستميل إليه الجنوبيين والجنوب. وفي كانون الثاني (يناير) 1954م تشكَّل على إثر ذاك البرلمان أول حكومة وطنيَّة حُدِّدت لها ثلاث مهام رئيسة هي: سودنة الجيش والشرطة والخدمة العامة؛ وإجلاء قوَّات دولتي الحكم الثنائي؛ ثمَّ تنظيم إجراءات تقرير المصير. في خضم الصراعات الحزبيَّة إبَّان الهرولة نحو استقلال السُّودان، التي كانت على أشدها، رفضت القيادات الشماليَّة فكرة الحكم الذاتي أو الفيدراليَّة التي نادى بها أهل الجنوب في ذلك الردح من الزمان، وذلك باعتبارهما الطريق المؤدِّية إلى الانفصال، إلا أنَّ طريقة الرَّفض التي تمَّت بها إدارة عجلة الاستقلال من داخل البرلمان (الجمعيَّة التأسيسيَّة) حملت بذور المخاوف الدفينة في نفوس أهل الجنوب، فضلاً عن السياسات الخلطاء التي مارستها الحكومات الوطنيَّة المتعاقبة على سدة الحكم في الخرطوم. إذ كان تصريح قيادات أهل الجنوب أنَّ قيام سودان موحَّد سيدفع الشماليين للسيطرة، وستكون الوحدة أشبه بالوحدة بين الحصان وصاحبه، وإعلان الإسلام الدين الرسمي للدولة، وبخاصة أنَّ التاريخ الإسلامي يتجسَّد في العقيدة الدينيَّة، والثقافة العربيَّة هي ثقافة فقه، وقد صدق تخوُّفهم فيما بعد كما رأينا في الحكومات الديمقراطيَّة والعسكريَّة في السُّودان على حدٍّ سواء.
للمقال بقايا باقيات،،،
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أهل الجنوب
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري يوضح تأثير النقاط التي لن ينسحب منها الاحتلال جنوب لبنان
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن النقاط الخمس التي اختارها جيش الاحتلال الإسرائيلي للبقاء فيها جنوب لبنان تم اختيارها بدقة متناهية، مشيرا إلى أن هذه النقاط تشكل جزءا من إستراتيجية أمنية جديدة لإسرائيل تهدف إلى حماية مستوطناتها الشمالية ومراقبة الداخل اللبناني.
جاء ذلك في تحليل للمشهد العسكري جنوب لبنان بعد انتهاء المهلة المحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم المناطق التي سيطر عليها خلال الأشهر الماضية في جنوب لبنان، حيث أبقى قواته في 5 مناطق إستراتيجية بدعوى حماية المستوطنات القريبة من الحدود.
وأوضح حنا أن هذه النقاط الخمس تم اختيارها بعناية لتكون بمثابة منظومة أمنية متكاملة، حيث توجد في كل نقطة سرية عسكرية تضم ما بين 100 إلى 150 جنديا، مما يمنحها القدرة على حماية العمق الإسرائيلي ومراقبة التحركات داخل الأراضي اللبنانية.
وأضاف أن هذه النقاط تتيح لإسرائيل جمع المعلومات والتصرف بمرونة من دون الحاجة إلى الالتزام الكامل بالقرارات الدولية.
وأشار الخبير العسكري إلى أن هذه الإستراتيجية تشبه إلى حد كبير ما تم تطبيقه في غزة، حيث أنشأت إسرائيل منطقة عازلة ونقاطا أمنية داخلية لضمان أمن مستوطناتها.
إعلان
تعزيز للسيطرة
وأكد أن هذه النقاط الخمس في لبنان ستكون بمثابة وجود مادي وجسدي يعزز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، مع قدرة على التدخل السريع عند الحاجة.
ولفت حنا إلى أن البيان المشترك الصادر عن الرؤساء الثلاثة في لبنان (رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب) أكد على الالتزام بالقرار 1701 واتفاق الطائف، مشيرا إلى أن لبنان يسعى حاليا إلى حل دبلوماسي وقانوني للأزمة عبر التوجه إلى مجلس الأمن الدولي.
ورغم تحذير الأمم المتحدة من أن "أي تأخير" في الانسحاب الإسرائيلي سيعتبر انتهاكا للقرار 1701، أشار حنا إلى أن هذا القرار لم ينجح في تحقيق أهدافه بشكل كامل، وأن الواقع الجديد على الأرض يتطلب تعاملا مختلفا.
وفيما يتعلق بالخطوات المستقبلية، توقع حنا أن تستمر القوات الإسرائيلية في البقاء في هذه النقاط لفترة تتراوح بين شهرين إلى 6 أشهر، مع تعزيز دفاعاتها وحماية المستوطنات القريبة.
وأكد أن التكنولوجيا الحديثة قد تعوض عن الحاجة إلى وجود عسكري مكثف، لكن إسرائيل ما زالت تعتمد على الوجود المادي لضمان أمنها.
وأشار حنا إلى أن الوضع الحالي يمثل ديناميكية جديدة في المنطقة، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز وجودها الأمني في جنوب لبنان، بينما يبحث لبنان عن حلول دبلوماسية وقانونية لإنهاء هذا الوجود الذي يعتبره "احتلالا".