سودانايل:
2024-07-04@01:13:29 GMT

التصدي لنهب الأراضي في ظل الحرب (١/٢)

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

اعلن محافظ مشروع الجزيرة ان وزارة المالية وبنك السودان المركزي قد وافقا على تمويل محصول القمح بعد أن تم تفويض المحافظ برهن أصول المشروع، وهو قرار خطير في ظل الحرب الجارية حاليا وعدم شرعية الحكومة الحالية، وغياب السلطة التنفيذية والتشريعية .. وهو امتداد لقرار جبريل ابراهيم في ظل الحكومة الانقلابية لضم المشروع لوزارة المالية، واستمرار لمخطط نهب الأراضي بعد الابادة الجماعية التي جرت في دار فور.


مما يتطلب اوسع مقاومة لرفض المخطط، فالحكومة ملزمة بتمويل محصول القمح وتوفير مدخلات الإنتاج والوقود دون رهن المشروع، فهي تمول الحرب اللعينة الجارية الان مما يتطلب وقفها، وتمويل محصول القمح وتوفير الاحتياجات الأساسبة مرتبات العاملين. الخ.

بهذه المناسبة نعيد نشر هذه الدراسة بعنوان " التراكم الرأسمالي من نهب الأراضي في السودان (١٨٩٨ -٢٠٢٠ )

نتابع في هذه الدراسة نهب الأراضي في السودان بعد التوسع في إدخال نمط الإنتاج الرأسمالي في السودان والزراعة الحديثة مع بداية الاحتلال الانجليزي للسودان، واشتداد الهجمة علي الأراضي بعد الاستقلال ، والدور الكبير الذي لعبته الأرض كأحد مصادر التراكم الرأسمالي في السودان علي الصعيدين المحلي والعالمي، وتهريب العائد ، بعد إدخال المحاصيل النقدية علي حساب الغذاء، مما أدي للافقار والمجاعات التي يشهدها السودان.
أولا : بعد إعادة إحتلال السودان عام 1898م جرى التوسع في إدخال نمط الإنتاج الرأسمالي في السودان والزراعة الحديثة ، وكان من ضمن أهداف الاستعمار الإنجليزي تحويل السودان إلى مزرعة قطن كبيرة تشكل مصدرا دائما ومستمرا لمصانع لانكشير من خامة القطن السوداني ، أي مصدر رخيص للمواد الخام وسوق لمنتجاتها الصناعية حسب قوانين التبادل غير المتكافئ ، ولتحقيق ذلك كان لابد تنظيم ملكية الأرض وإلغاء نظام الرق .
فيما يختض بتنظيم ملكية الأرض صدرت قوانين تنظيم الملكية وتسوية النزاع حول الأراضي والتي كان أهمها:
- قانون الحقوق على الأرض الزراعية لعام 1899 م،
- صدر قانون الغابات 1901 م ، قانون نزع الأراضي 1903 م. الذي يعطي الحكومة الحق في الاستيلاء علي أي أرض يمكن أن تحتاج اليها للصالح العام ، علي أن تعوض المالك بقطعة أخري بعد الاتفاق معه ، وقد صدر هذا القانون لأن الحكومة كانت بصدد مد خطوط السكة الحديد في بعض المناطق ، وستحتاج الي تلك الأراضي.
- صدر قانون تحديد الأراضي ومساحتها 1905 م الذي اصبحت بموجبه الحكومة المالك الشرعي لكل الأراضي الزراعية والغابات الخالية من الملكية الخاصة.
- في عام 1912 ، تم تسجيل كل الأراضي الزراعية ، وصدر قانون تقييد تصرف السودانيين في الأراضي 1918 م الذي يتضمن عدم جواز بيع أو رهن أو التصرف في اي أرض ما لم يكن بموافقة المديرية ، ماعدا في حالة الوصية أو الايجار لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات ، وعندما يراد بيع الأرض تحصل المحكمة علي صورة مما هو مدون عنها في "تسجيل الضرائب"، وتطلب اذا لزم – شهادة الشيخ أو العمدة بأن الشخص المسجلة الأرض باسمه هو المالك الوحيد لها ( للمزيد من التفاصيل راجع، سعيد محمد أحمد المهدي ، قوانين السودان ، المجلد الأول ، 1901- 1925، دار جامعة الخرطوم للنشر 1975م) .
كان الهدف من صدور القوانين المقيدة لبيع الأراضي هو منع المضاربات وانتقال الأراضي للاجانب والمصريين ، ورغم صدور هذه القوانين ، فان عملية المسح والتسوية للأراضى لم تكن قد تمت نهائيا في أنحاء السودان .
من أهم القوانين التي أصدرتها إدارة الحكم الثنائي فيما يتعلق بالأراضي كان قانون تسوية الأراضي وتسجيلها عام 1925، والذي وضع القواعد الأساسية لتسوية وتسجيل الأراضي إذ ضمن وجود صاحب الأرض والمستند الدال على ملكيته، واعتبر الأراضي غير المشغولة ملكا للحكومة.
إدخال نظام الإدارة الأهلية والحواكير
- في عام 1923 ادخل الاستعمار نظام الإدارة الأهلية ومعها نظام الحواكير التي يديرها نظار القبائل ، وتقسيم الأراضي القبلية (الحواكير)، حواكير لمالكيها الأصليين (الذين يستضيفون قبائل أخري دون أن يكون لهم الحق في النظارة ، والسماح لها بالاستفادة منها، باعتبارها مستضافة) وأصبح ناظر القبيلة مسؤولا عن إدارة الحواكير ، أي تمّ ربط الحاكورة بالقبيلة في المكان المحدد ، اضافة لسلطات ناظر القبيلة الادارية والمالية للحواكير.
فى عام 1930 م صدر قانون ملكية الأراضي الذي منح الحاكم العام السلطة للحصول على أي مساحة للاستخدام العام وذلك بنزع ملكيتها.
وهنا نلاحظ التوسع في تطور حق الملكية الخاصة للأراضى الذي يعنى الاستعمال والاستغلال والتصرف ، فحسب ما ورد في قانون الأراضي وتسجيلها 1925 م عن التصرف في الأرض بأنه كل ما يرهن أو ينقل من شخص لاخر بفعل الأطراف ، أو بأمر محكمة ، وان أيلولة الأرض أو الرهن تعنى نقلها من شخص لاخر بالميراث أو أي طريقة قانونية أخرى.
كما ابقت الإدارة البريطانية علي تشريعات الامام المهدي التي حرمت ملكية الأجانب للاراضي ، وضمت كل اراضي الأجانب التي صادرتها المهدية من الأجانب للدولة.
هذا اضافة الي أن قوانين الأراضي لم تمس من الناحية الفعلية الحقوق العينية التقليدية المعروفة والمسلم بها للأفراد والقبائل والجماعات..
وبصدور هذا القانون 1930 م الخاص بقانون ملكية الأراضي الذي منح الحاكم العام السلطة للحصول على أي مساحة للاستخدام العام ، وذلك بنزع ملكيتها ، تكون الإدارة الاستعمارية قد استكملت قبضتها على ملكية الأرض ، وقننت كل الخطوات التي اتخذتها منذ بداية حكمها والتي مهدت بشكل أساسي لإدخال زراعة القطن والذي كان من أهداف احتلالها للسودان .
بعد استكمال قبضة الإدارة البريطانية علي الأراضي تمّ هجوم الشركات الرأسمالية الاقليمية والعالمية علي الأرض في السودان بهدف تحويل البلاد لمزرعة قطن كبيرة لمد مصانعه في لانكشيربالمادة الخام كما أشرنا سابقا ، علي أساس التبادل غير المتكافئ، واصبح السودان مصدراً للمواد الخام ومستورداً للسلع الرأسمالية،وقامت مشاريع القطن في الجزيرة والقاش وطوكر وجبال النوبا، اضافة للمشاريع الخاصة للقطن علي النيلين الأبيض والأزرق، ومشاريع الطلمبات في الشمالية ، الخ، اضافة للاستثمار في الزراعة الآلية المطرية التي بدأت إثناء الحرب العالمية لمد قوات الحلفاء في شمال افريقيا بالغذاء، وبنهاية الاستعمار كانت المؤسسات الاستعمارية قد حققت أرباحا ضخمة من زراعة القطن ونهب ثروات البلاد الأخري ، وتحويل معظم الأرباح التي حققتها شركة السودان الزراعية إلى خارج البلاد في شكل عائدات لاصحاب الأسهم ، علي سبيل المثال: كان أجمالي أرباح الشركة في السنوات الأربع الأخيرة ( 1947 - 1950 م ) اكثر من 9.500.000 جنية إسترليني ( تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان ، ص ، 29 _30 ) ، أي أن الاستعمار كان ينهب ويستنزف قدرات البلاد الاقتصادية ، ويصدر الفائض الاقتصادي اللازم لتنمية البلاد إلى الخارج ، وفى النهب أيضا ترد مرتبات كبار الموظفين والإداريين الإنجليز ، ففي عام 1945 م بلغ نصيب 771 موظفا إنجليزيا 61.3 %من إجمالي المرتبات في الميزانية، وعندما أحيل هؤلاء الموظفين للمعاش عام 1954 م تقاضوا تعويضا مقداره 1.590.00 جنية مصري ، وهذا النهب الاستعماري ، ومن كل النواحي ، يجعلنا نؤكد أن المستعمر جاء لينهب الشعب السوداني ، وبالتالي كان ذلك من أسباب تخلف السودان الاقتصادي والاجتماعي .
نواصل

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان صدر قانون

إقرأ أيضاً:

حرب السودان: ثم ماذا بعد سنجة !!

بقلم : محمد بدوي

التطورات التي شهدتها ولاية سنار من سيطرة الدعم السريع على مدينة سنجه وقبلها جبل موية، شكلت تطورًا نوعيًا في سياق الحرب الدائرة منذ 15/ أبريل/2023.
ففي الوقت الذي ناورت فيه "الدعم السريع" بالهجوم على مدينة سنار، وحشد الجيش قوات كثيرة لتحصينها سيطر الدعم السريع على سنجة الاستراتيجية، حيث وضعت سنجة، سنار بينها وولاية الجزيرة، وصارت مدن النيل الأزرق الدمازين والروصيرص بين سنجة وقوات الحركة الشعبية التي تسيطر على مناطقها المحررة في يابوس، والتي حاولت لثلاث مرات منذ بدء الحرب السيطرة على مدينة الكرمك، إضافة إلي حال المدنيين الفاريين من سنجة باتجاهات متعددة ومعاناة كبيرة في تكرار لما حدث للآخرين في المدن التي استهدفها الدعم السريع بالهجوم أو التي دار فيها القتال بين طرفيها داخلها، للعودة مرة أخرى لسؤال حماية المدنيين، والطرق للمساعدات الانسانية، كجزء من الصورة التي تطرح السؤال الجوهري وقف الحرب وكيفيه ذلك !
قراءة سيطرة الدعم السريع على جبل موية ثم سنجة يعني انتقال الحرب بشكل سريع من جبهه شمال دارفور إلي وسط السودان في تلخيص لسرعة تقلص المناطق الآمنة للمدنيين، وثبات مشهد رغبة الأطراف في البعد من الحل السياسي كمخرج آمن ووقف دائم للحرب.

من ناحية أخرى فإن ديناميكية الحرب تشير إلى أن خارطتها وعلى وجه التحديد الدعم السريع انتقال نحو المناطق ذات الأراضي الزراعية المنتجة للغذاء، أضف إلي ذلك فقد كشف بوست على منصة "فيس بوك" للعميد بالدعم السريع العبيد محمد سليمان ابوشوتال بأن النظر يتجه نحو النيل الأزرق، بغض النظر عن صحة ذلك أو استخدامه في سياق الدعاية الحربية، فالراجح أن يدفع ذلك الحركة الشعبية قطاع الشمال بالنيل الأزرق على التفكير في التقدم والسيطرة على مناطق جديدة كما فعلت باقليم جبال النوبة، فلن أقف حتي تزحف الحرب نحونا في حرب هي الأقدم فيه من الدعم السريع.
احتمال اتساع رقعة الحرب محفزة بالالتفاف الذي حدث من جبل موية نحو سنجة والتمويه بهجوم سنار، وذلك لان قادة الدعم السريع في وسط السودان ينحدرون من ذات المناطق وعلى دراية بها، إضافة إلي تعدد الطرق الرابطة بين ولاية سنار، النيل الأزرق، القضارف، إضافة إلي ميزة حديقة الدندر كمستر رعوي يلقي به المسار من الغرب، ليمضي نحو الفشقة والي جنوب السودان عبر النيل الأزرق

عطفًا على ما سقناه من تحليل حول استراتيجية الدعم السريع في السيطرة على مناطق ذات ميزات عسكرية واقتصادية فهذا يدفع نحو كيفية استقامة السيطرة بما يدفع التحليل لاستصحاب الكرمك رغم بعدها والفشقه مخطوط امتداد شرقية تكمل خط الامتداد بعرض السودان من حدود أفريقيا الوسطي غربا، وتشكل ترابط مع سنقو بجنوب دارفور التي تقود إلي راجا ومن شرق دارفور إلي أويل بدولة جنوب السودان.

كل هذا يعيد سؤال استمرار الحرب مع تمركز الجيش داخل الحاميات ببعض الولايات وسيارة الدعم السريع على مساحات للحركة التي تجعله في وضع الهجوم، مع الاخذ في الاعتبار بأن ذات خطة الدعم السريع يبدو أنها تستهدف المناطق التي ظلت تغذي الجيش بالجنود تاريخيا أكثر من غيرها.

كشفت سنجه وقبلها الفاشر التي تكاد تكون أحياءها الشمالية، الجنوبية والشرقية خاليه من السكان حيث أجبر المدنيين على الفرار، بأن جزء استراتيجية يستهدف مناطق السلطنات التي شكلت جزء من السودان الحديث والتي ترتفع فيها نسب صراعات داخلية مرتبطة بملكة الأرض تاريخيًا لتشكيل دافع آخر لاستمرار الحرب بنسق مخاطبة أزمات سابقة على ذات حافر النظام السابق الذي تكمن الإشارة إليه بسياسة فرق تسد .

وصول الحرب إلى سنجة أو جبل موية فهو وصول إلي نقطة جغرافية مركزية لدولة في مركز جغرافي في القارة الافريقية، فمؤكد أن دول جنوب السودان واثيوبيا تعكفان على دراسة الحال في السودان ولو في أصغر جزئياته المؤثرة إنسانيا مثل أثر اللجوء الذي يتقاعد نحو أراضيها، وكذلك مصر التي بدأ الأمر يلامس جوهر علاقتها بالسودان وهو ملف المياه، ولا سيما ما قد يحدث في إقليم النيل الأزرق البوابة المباشرة لمنطقة سد النهضة على الجانب الآخر.
يتجدد السؤال حول دور المجتمع الدولي في التعامل مع الحالة، فهل آن الآوان لاتخاذ خطوات جادة لإيصال المساعدات الإنسانية وفتح الممرات الآمنة، ووقف الحرب؟ بشمول النظر إلى أن حرب السودان ليست منذ 15 ابريل 2023 بل هي أقدم من ذلك يجب استصحاب كآفة الأطراف فيها بما يشمل الحركات المسلحة التي لم تنخرط في اتفاق سلام السودان 2020 مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة الفريق عبدالعزيز الحلو وحركة وجيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد نور، وقبل ذلك الشارع السوداني، نعيد تكرار أن ما حدث في سنجة لن يبقي فيها ليس نحو داخل السودان فقط بل في الجوار الإفريقي هذه المرة .

badawi0050@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس الشيوخ: قضية تفتيت الأراضي الزراعية تحتاج إلى تشريع للحفاظ على الرقعة الزراعية
  • رئيس الشيوخ: قضية تفتيت الأراضي تحتاج لتشريع للحفاظ على الرقعة الزراعية بمصر
  • حرب السودان: ثم ماذا بعد سنجة !!
  • التوافق السياسي السوداني: تأملات واقتراحات
  • رئيس الشيوخ: قضية تفتيت الأراضي الزراعية تحتاج إلى تشريع للتصدي لها
  • "الأمم المتحدة للسكان" يحذر من مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان
  • البندقية التي تقتل السودانيين.. ماذا تريد من الأرض؟
  • نساء في السودان بين العنف الجنسي والوصم الظالم من المجتمع
  • بعد أن يسدل الستار علي الحرب العالمية الثالثة في السودان يمكن اجراء مناظرة سياسية بين الجنرالين
  • أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه