لن تكون محددة بوقت.. كيف يمكن أن تنتهي هذه الحرب؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
في ظل إصرار إسرائيل على أن الحرب يجب أن تستمر "مهما طال أمدها" لتحقيق أهدافها المعلنة، تتحدث الولايات المتحدة عن حرب يجب ألا تستمر عدة أشهر.
وجددت إسرائيل تأكيدها، السبت، أن الحرب ضد حماس "مستمرة حتى القضاء" على الحركة الفلسطينية المصنفة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أوفير غندلمان، في مؤتمر صحفي من تل أبيب: "الحرب لم تكتمل، ولن تنتهي إلا بالقضاء على حماس"، مضيفا: "الحرب مستمرة مهما طال الوقت حتى يتم تدمير حماس بأكملها وإعادة المختطفين".
ولدى استقباله وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في تل أبيب، الخميس، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن "العملية البرية ستستغرق عدة أشهر".
ورد عليه بلينكن بالقول: "لا أعتقد أن أمامكم عدة أشهر"، في إشارة إلى ضرورة إنهاء الحرب بشكل أسرع.
وقال مسؤول أميركي رفيع تحدث لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية شريطة عدم الكشف عن هويته إن بلينكن سأل الإسرائيليين عن المدة التي يتوقعون أن تستمر فيها الحملة العسكرية في قطاع غزة، ولم يحصل على إجابة واضحة.
ويوم السبت، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر في مؤتمر صحفي إن هذه الحرب "ستكون طويلة ولن تكون محددة بوقت".
ويشير التباين في المواقف بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى أنه لا نهاية واضحة تلوح في الأفق لهذه الحرب المدمرة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين بين قتيل وجريح وشردت مئات الآلاف في إسرائيل وقطاع غزة.
"شهران"وقال المحلل السياسي، يوآب شتيرن، إن "هذه الحرب بلا نهاية واضحة إذا ما أرادت إسرائيل تحقيق أهدافها المعلنة".
ومع ذلك، استدرك المحلل الإسرائيلي في حديثه لموقع "الحرة"، قائلا إن "إسرائيل لا تستطيع خوض حرب بلا نهاية ولذلك لا نستطيع حاليا التكهن بوقت محدد لانتهاء هذه الحرب".
ولليوم الثاني على التوالي، يشن الجيش الإسرائيلي قصفا مكثفا على غزة، السبت، بعد انتهاء الهدنة مع حماس والتي أتاحت إطلاق سراح رهائن إسرائيليين وسجناء فلسطينيين وإدخال مساعدات إنسانية إضافية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وامتدت الهدنة 7 أيام وأتاحت الإفراج عن 80 رهينة من الإسرائيليين الذين يحمل بعضهم جنسيات أخرى، كانوا محتجزين في قطاع غزة، مقابل إطلاق 240 من السجناء الفلسطينيين في إسرائيل. والغالبية العظمى من هؤلاء من النساء والأطفال.
كما أفرجت حماس عن 25 رهينة إضافية من الأجانب لم يشملهم الاتفاق الأساسي.
وقال الخبير الاستراتيجي اللواء متقاعد، سمير فرج، أن "إسرائيل بعد أكثر من 50 يوما من القتال لم تحقق شيئا" من أهدافها المتمثلة في القضاء على حماس وتحرير الرهائن.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال فرج إن الحرب يمكن أن تستغرق فترة طويلة جدا حتى تحقق إسرائيل أهدافها، لكنه استبعد هذا السيناريو.
وأضاف: "الحرب لن تطول إلى ما بعد يناير حيث تبدأ الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي جو بايدن الذي لا يريد خسارة المزيد من الناخبين المتعاطفين مع الفلسطينيين".
ويتفق شيترن قائلا إن أمد هذه الحرب قد "لا يزيد عن شهرين" بعد استئناف القتال، لكن أهداف إسرائيل لن تحقق إلا جزئيا، وفق تعبيره.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية في غزة، مخيمر أبو سعدة، إن "هناك إجماعا عالميا على أن حماس أيدولوجيا لا يمكن القضاء عليها في ظل وجود احتلال".
وأضاف في تصريحاته لموقع "الحرة" أن إسرائيل قد "تنجح في توجيه ضربة عسكرية كبيرة لحماس، ولكنها لن تستطيع القضاء على فكرة المقاومة المستمرة منذ 75 عاما".
وتابع: "في بداية الحرب قالت (إسرائيل) إنها بحاجة إلى أشهر دون أن تحدد الوقت بالضبط المدة المحددة للوصول لأهدافها بتدمير حماس وإخراجها من السلطة.. فيما بعد أصبح الهدف هو تدمير القدرات العسكرية لحماس وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين".
ويذهب شتيرن في الاتجاه ذاته قائلا إن إسرائيل ستحقق أهداف جزئية في حملتها العسكرية، بما في ذلك "ضربة قاسية لحركة حماس".
وتابع: "أعتقد أن استعادة المختطفين قد يتم في نهاية المطاف بالتفاوض على اعتبار أن الطرق العسكرية فشلت لأنها تخاطر في حياتهم وإسرائيل تريد إعادتهم وهم على قيد الحياة".
"فوضى عارمة"واندلعت شرارة الحرب بعد هجمات شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وأعلنت إسرائيل الحرب وتوعدت بـ "القضاء على حماس" وردت بقصف جوي عنيف ترافق مع عمليات عسكرية برية داخل القطاع الساحلي بدأت 27 أكتوبر، مما أوقع حوالي 15 ألف قتيل، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق سلطات غزة الصحية.
وقال أبو سعدة إن إنهاء الحرب قبل أعياد الميلاد بناء كما تريد الولايات المتحدة "يبدو غير ممكن في ظل الحديث عن الذهاب للمرحلة الثانية وهو مهاجمة منطقة الجنوب".
ووصف ذلك السيناريو بـ "مرحلة ستكون أكثر سوءا ومأساوية بعد نزوح مليون شخص من الشمال للجنوب"، مردفا: "أي هجوم بري (على الجنوب) فإن أعداد الضحايا والجرحى سيكون أكبر بكثير مما حصل في المرحلة الأولى".
وكان وزير الخارجية الأميركي صرح من دبي قبل سفره إلى واشنطن قائلا: "لقد أوضحت أنه بعد الهدنة كان من الضروري أن توفر إسرائيل حماية واضحة للمدنيين ولاستدامة المساعدات الإنسانية في المستقبل".
وأضاف بلينكن أن ذلك أم "مهم جدا جدا"، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ".
وسمحت أيام الهدنة المؤقتة بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، في ظل الحاجات المتزايدة لسكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة والحديث عن "أوضاع إنسانية كارثية".
وفي حين "تريد الولايات المتحدة إيقاف الحرب مع بداية يناير"، كما قال اللواء فرج، فإن الحديث حاليا عن "مستقبل قطاع غزة" خلال اجتماعات رؤساء المخابرات الإسرائيلية والأميركية والمصرية بالدوحة.
وبينما قال فرج إن "الكل يفكر كيف ستدار غزة بعد الحرب"، رأى شتيرن أن القطاع قد يدخل "في نهاية المطاف بفوضى عارمة مع سيطرة جزئية لحماس".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة القضاء على هذه الحرب قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كتابات ما بعد الحرب: هل تصلح الخرطوم أن تكون عاصمة للدولة السودانية الجديدة؟
هذه رؤية حاولنا أن تكون متكاملة وعميقة قدر الإمكان لمستقبل الخرطوم الحالية، أو لفكرة عاصمة بديلة لها في سودان ما بعد الحرب. وقد اجتهدنا في تعديلها وتحسينها من حيث الأسلوب والتسلسل المنطقي، آملين أن تكون أكثر جذبًا للمهتمين وللقارئ العادي على حد سواء.
الخرطوم، هذه المدينة التي ظلّت لعقود قلب السودان النابض، تحمل اليوم آثار الحروب والتهميش والانهيار، وكأنها صارت مرآةً لكل جراح البلاد. ومع بزوغ أمل في سودان جديد ينهض من رماد الحرب، تتجدد الأسئلة: هل تستطيع الخرطوم أن تواصل دورها كعاصمة؟ أم أن إعادة البناء تتطلب البدء من نقطة الصفر، بتصميم مدينة جديدة تعبّر عن طموحات السودانيين وتطلعاتهم إلى دولة حديثة، تنعم بالحرية والسلام والكرامة؟
هل الخرطوم مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة؟
رغم ما تحمله من رمزية وتاريخ، تبدو الخرطوم اليوم مدينة مرهقة، تفتقد إلى بنية تحتية صالحة، ويصعب فصلها عن مشهد الدمار والدم الذي خيم عليها خلال الحرب. فهل يكفي التاريخ وحده ليضمن لها البقاء كعاصمة؟ أم أن المستقبل يحتاج إلى تصور جديد لعاصمة تُجسد انطلاقة الدولة السودانية الحديثة؟
تصور لمدينة الخرطوم الجديدة: عاصمة المستقبل
الموقع والتخطيط العمراني:
o اختيار موقع قريب من الخرطوم الحالية لتسهيل الانتقال، مع مراعاة الأمان البيئي (كالابتعاد عن مخاطر الفيضانات والزحف الصحراوي).
o تصميم حضري حديث يُراعي الهوية السودانية المتنوعة ويضمن حياة منظمة ومستدامة.
o التعليم والبحث العلمي:
o بناء جامعات بمعايير عالمية ومراكز بحثية حديثة تكون منارة للإبداع.
o إنشاء مدارس حديثة تركز على التعليم المهني والتقني لتلبية احتياجات سوق العمل.
2.
3. الصحة والرعاية:
o إنشاء مستشفيات متطورة ومراكز صحية شاملة.
o دعم البحث الطبي المحلي لتطوير قطاع الرعاية الصحية.
4.
5. الرياضة والترفيه:
o بناء مدينة رياضية متكاملة ومرافق ترفيهية ومساحات خضراء لتحسين جودة الحياة.
6.
7. الاقتصاد والتجارة:
o إنشاء مولات حديثة وأسواق تدعم الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل.
o تسويق المنتجات المحلية والتراث الثقافي السوداني في فضاءات تجارية منظمة.
8.
9. البنية التحتية:
o مطار دولي بمواصفات عالمية يربط السودان بالعالم.
o شبكة مواصلات ذكية تشمل قطارات كهربائية وطرق حديثة.
o نظام نقل عام متكامل يسهّل التنقل داخل العاصمة ويخفف الازدحام.
10. الثقافة والإعلام:
o مسارح، دور سينما، مراكز ثقافية، وإذاعات وتلفزيونات وطنية تعبّر عن روح السودان الجديد.
التمويل: من أين نبدأ؟
نجاح هذا المشروع الطموح يعتمد على تنوع مصادر التمويل وشفافية الإدارة. وتقترح الرؤية أربع قنوات رئيسية:
الدعم الحكومي:
o تخصيص جزء من ميزانية الدولة لإعادة الإعمار.
o استثمار الموارد الطبيعية مثل الذهب، البترول، والصمغ العربي.
2. الشراكات الدولية:
o جذب الاستثمارات الأجنبية والتعاون مع الدول والمنظمات الداعمة.
o توفير بيئة استثمارية مشجعة للشركات العالمية.
3. الدعم الشعبي والقطاع الخاص:
o إطلاق صناديق وطنية بمساهمات شعبية ومؤسساتية
o تشجيع الشركات السودانية على الاستثمار في بناء العاصمة.
4. آليات التمويل المبتكر:
5. إصدار سندات تنمية طويلة الأجل.
o تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP).
خاتمة:
الحديث عن عاصمة جديدة ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة استراتيجية تُواكب التحولات الكبرى التي يشهدها السودان. فالمدينة التي ستقود الدولة السودانية المقبلة يجب أن تكون عنوانًا لعصر جديد، تُبنى فيه المؤسسات على أسس العدالة والشفافية والمعرفة والتخطيط السليم.
الخرطوم قد تظل حاضرة في الذاكرة والرمزية الوطنية، لكن عاصمة السودان المستقبلية يجب أن تُولد من رحم الحلم والتخطيط، لا من رماد الحرب.
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com