سودانايل:
2025-01-31@02:24:05 GMT

مآلات الصراع ما بعد البعثة الأممية

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

كررت العديد من القيادات السياسية أن الصراع السياسي بعد 15 إبريل سوف يختلف كثيرا عن ما كان دائرا قبل هذا التاريخ؛ و أكرر أيضا أن الصراع السياسي أثناء وجود البعثة الأممية سوف يختلف بعد مغادرة البعثة. و سوف تتغير كل الأجندة بعد وقف الحرب، إلي جانب أن الحرب سوف تفرز قيادات جديدة. لكن السؤال هل كل هذا التغيير سوف يحدث واقعا جديدا على المسرح السياسي؟ أن التغيير على المسرح السياسي ليس مرتبطا بتغيير الشخصيات و فاعليتها، بل مرتبط بالأفكار التي يمكن أن تقدم من قبل القوى السياسية أو تبنيها إذا كانت مقدمة من مؤسسات أكاديمية أو مفكرين يستطيعوا أن يجترحوا رؤى جديدة مغايرة للتي أدت للفشل و الحرب.


أن البعثة الأممية قبل الحرب كان موجها إليها انتقادا بأنها لا تعطي للأراء المقدمة إليها أهتماما، مما جعلها تتلقى هجوما عنيفا من قبل بعض القوى السياسية، التي تعتقد أن البعثة لا ترى في الوجود غير مجموعة بعينها، و رغم أن البعثة قد ستمعت للعديد من القوى السياسية و المنظمات المدنية لكنها فشلت أن تكون على مسافة واحدة من كل المجموعات في الساحة السياسية. فهي حصرت تعاملاتها مع مجموعة بعينها إضافة إلي المكون العسكري " الجيش و ميليشيا الدعم السريع" و حتى النشاطات التي كانت تقوم بها البعثة ليست مفتوحة لكل القوى السياسية، بل كانت مختصرة على ذات المجموعة و التابعين لها، حتى الورش التي اقيمت و الدعم المالي الذي قدم منها كان موجها إلي الإعلام و تأسيس صحف و دعم صحف كان لا يتم إلا من خلال موافقة هذه المجموعة. و الانتقاد للبعثة ليس كان من قبل عضوية النظام السابق وحده، بل حتى من قبل الإسلاميين بجميع أطيافهم، و من قحت الديمقراطي، و من قبل الحزب الشيوعي، و كل مجموعة من هؤلاء لها كانت لها أجندتها الخاصة، الأمر الذي عطل مشروع البعثة بالصورة المطلوب أن يكون عليها، و في النهاية وقع الشقاق بين العسكريين، و لم تستطيع البعثة أن تتدارك هذه المعضلة.
أن مهمة البعثة كانت مساعدة السودان لبناء دولة ديمقراطية مستقرة، و نهضة اقتصادية تدعم عملية التحول الديمقراطي، و الذي يتطلب دعم أكبر قاعدة أجتماعية له لكي تحدث توازن القوى في المجتمع، و كان على البعثة أن تخرج من دائرة المحاباة أن تجعل المؤسسات الأكاديمية تتولى مسألة انجاز عملية الورش المختلفة المطلوبة لعملية التحول الديمقراطي، و تجعلها هي التي ترسل الدعوات إلي الأحزاب و منظمات المجتمع المدني على أن يرسل كل حزب ممثلين فقط من أهل التخصص في الأجندة المطروحة للحوار، البلاد كانت في حاجة إلي حوارات متواصلة لكي تخلق ثقة بين المكونات السياسية، و كان على البعثة أيضا أن تدعم نشاطات سياسية حوارية في نوادي الأحياء في العاصمة و الأقاليم. فالبلاد كانت تعاني من ضعف الثقافة الديمقراطية، و مثل هذه النشاطات الحوارية التي تخلق ثقافة أحترام الرأي الأخر، هي التي تهيء البيئة الصالحة لعملية التحول الديمقراطي. لكن البعثة أرادت فقط أن تعجل بالانجازات، و بالتالي ركزت على مكون واحد و على الدائرين في محوره، هذا الخيار كان لابد أن يسمم الجو السياسي العام و يخلق تحدى للبعثة.
سوء تقدير البعثة خلق صراعا صفريا، كل لا يريد الأخر، و ذلك يعود لآن الكل كان يريد أن تسلم إليه السلطة و يديرها بالشكل الذي يخدم مصالحه الحزبية. صحيح عندما قدمت البعثة للبلاد كانت توجد حكومة و هي التي تخدم مطلوبات الحكومة، باعتبار أن رئيس الحكومة هو الذي طلب قدوم البعثة لمساعدة حكومته إنجاز عملية دعم عملية النهضة الاقتصادية و السياسية في البلاد، و لكن الصراعات التي حدثت في ظل الحكومة و الخلافات بين مكوناتها، و التي كان قد بينها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في خطابين أن هناك صراعات داخل المكونات السياسية و صراع داخل المكون العسكري و صراعات بين المكون العسكري و المدني، هذه كانت كفيلة أن تجعل البعثة تنتبه و تغير اسلوب عملها لكي يتناسب مع المعطيات الجديدة، كان رئيس الوزراء يؤكد أن البيئة غير صالحة، كان على البعثة أن تقرر أن تبدأ بإصلاح البيئة، و لكنها فشلت.
أن انقلاب 25أكتوبر و أطاح بالشراكة، و تبنت بعديه القوى السياسية شعار " لا تفاوض و لا مشاركة و لا مساومة" هذه الاءات أغلقت منافذ الحوار و الحراك السياسي حيث أدى إلي حالة من الجمود السياسي، لذلك تدخلت بعض الدول " الرباعية – الولايات المتحدة – بريطانيا – السعودية – الأمارات" التي ستطاعت أن تخترق الشعار، و أدارت حوارا بين " الحرية المركزي و المكون العسكري" فأصبحت الرباعية هي التي تضع الأجندة، و هي التي ترسم معالم العمل السياسي بالطريقة التي تعزز فيها مصلحة هذه الدول، و ليس الهدف أن تصلح بيئة العمل السياسي في البلا. للأسف أن البعثة الأممية و التي يجب أن يقع عليها عبء العمل و تحديد الأجندة التي تخدم عملية التحول الديمقراطي و النهضة الاقتصادية، أصبحت البعثة تأتمر برؤية الرباعية، و تراهن على القوى التي أشارت إليها الرباعية، أي القوى التي كانت قد عقدت اجتماعا في بيت السفير السعودي، الأمر الذي البعثة لا تستطيع أن تخرج من الطريق الذي رسمته الرباعية. لذلك كان قيادت المركزي في حواراتهم في القنوات التلفزيونية، عندما تطرح عليهم قضية توسيع قاعدة المشاركة كانوا يقولون " لا نريد إغراق العملية السياسية" و هي إشارة لاحتكارية السلطة.
أن قرار الأمم المتحدة عدم تمديد فترة البعثة التي سوف تنتهي في 4 نوفمبر 2024م، سوف يخلق واقع جديدا في العملية السياسية، هي خروج المؤثر الخارجي عن دائرة حوار القوى السياسية، فممثلي الاتحاد الأفريقي و الإيغاد كانوا يؤكدون مؤخرا فتح باب الحوار السياسي لمشاركة كل القوى السياسية. و ذهاب البعثة سوف يقلل فرص أي مجموعة أن تآول إليها السلطة دون الأخرين، فالكل يجب أن يغيروا طريقة تفكيرهم لمصلحة البلاد، أن يضعوا عملية السلام و الاستقرار و التحول الديمقراطية في أعلى الأجندة أن يكون الوطن و المواطن أولا. أن ذهاب البعثة؛ لا يعني أن العالم سوف يغلق أبواب مساعدته في وجه السودان مادام أبناء السودان قادرين على إدارة مؤسساتهم السياسية و الاقتصادية بإقتدار و أن ثروات البلاد محفزة لكل الدول الراغبة في الاستثمار. أن الحوار السوداني السوداني هو أفضل طريق للإصلاح و أن يتعود ابناء الوطن أن يحلوا خلافاتهم دون وجود الأجنبي. و للحقيقة و التاريخ هي المقولة التي يصر عليها الحزب الشيوعي إبعاد الأجنبي من قضايانا، لكن الزملاء يجب أن يخففوا شروطهم لكي يسير القطار. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البعثة الأممیة القوى السیاسیة أن البعثة هی التی من قبل

إقرأ أيضاً:

الجزائر تجدد دعوتها في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في السودان

عصو البعثة الدائمة للجزائر بالأمم المتحدة، لفت إلى أن الوضع في دارفور تمت إحالته للمحكمة الجنائية الدولية منذ عشرين عاما بقرار مجلس الأمن، والتي أصدرت بالمقابل 40 تقريرا حتى الآن حول القضية

التغيير: وكالات

جدد عضو البعثة الدائمة للجزائر لدى الأمم المتحدة توفيق العيد كودري، الدعوة إلى الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار في السودان الذي لا يزال يشهد حربا ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأكد كوديري خلال جلسة لمجلس الأمن ترأستها الجزائر حول السودان وجنوب السودان، أن “تحقيق العدالة والمساءلة يظل متغيرا أساسيا لضمان نهج شامل لحل النزاع في السودان”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الوضع في دارفور تمت إحالته للمحكمة الجنائية الدولية منذ عشرين عاما بقرار مجلس الأمن، والتي أصدرت بالمقابل 40 تقريرا حتى الآن حول القضية.

في هذا الصدد، ركز عضو البعثة الدائمة للجزائر على جملة من النقاط المتعلقة بضرورة ضمان التكامل بين العدالة الانتقالية والمسائلة وجهود السلام في السودان، خاصة في دارفور.

ودعا كوديري بهذا الخصوص إلى وجوب بذل كل الجهود لتنشيط و تعزيز الهياكل القضائية الوطنية بهدف دعم الملكية الوطنية في هذه العملية.

كما رحب في تصريحه، خلال جلسة لمجلس الأمن باعتماد الحكومة السودانية للخطة الوطنية لحماية المدنيين في السودان المرتكزة على مبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان.

وشدد عضو البعثة الجزائرية الدائمة، على أهمية دراسة الأطر المتاحة لإقامة عدالة انتقالية شاملة بقيادة سودانية.

في السياق ذاته، قال كوديري ‘ن الاتحاد الإفريقي يمثل إطارا هاما للعمل على إيجاد الآليات المناسبة لمعالجة الوضع في السودان.

وأدانت الجزائر خلال جلسة مجلس الأمن، على لسان عضو البعثة الدائمة كويدري، التدخلات الأجنبية “علنا وبشكل حازم”، معتبرة أن الحل الدائم للصراع لن يكون في متناول المجتمع الدولي في ظل التدخلات الأجنبية الصارخة في السودان.

تصاعد الصراع

ذكر كويدري في سياق مداخلته، أن عدم امتثال قوات الدعم السريع لقرار مجلس الأمن من خلال استمرار حصارها لمدينة الفاشر بإقليم دارفور يمثل مصدر قلق للغاية.

وقامت قوات الدعم السريع، يوم الجمعة الماضي، بقصف مسير استهدف آخر المستشفيات حيز الخدمة في الفاشر مما أسفر عن وفاة أكثر من 70 مدنيا.

وأضاف المتحدث ذاته، أن إقليم دارفور والسودان على نطاق أوسع يشهدان مستوى غير مسبوق من التصعيد في عدة مناطق مع تزايد خطر اتساع رقعة الصراع، لتشمل الدول المجاورة.

كما شجّع عضو البعثة الدائمة للجزائر الأطراف المعنية على زيادة تيسير وصول المساعدات الإنسانية وضمان استدامتها، مع تأكيد ضمان حماية المدنيين وإعلاء لغة الحوار.

يشار إلى أن النزاع قائم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أفريل 2023، وتسبب في أزمة إنسانية حادة شملت نزوح أزيد من 12 مليون شخص.

ومنذ شهر مايو الماضي عرفت الفاشر التي تعد أكبر مدن إقليم دارفور مواجهات واشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع.

الوسومالجزائر حرب الجيش والدعم السريع مجلس الأمن الدولي

مقالات مشابهة

  • الصحفيين والإعلاميين: خلال لقاء محافظ الدقهلية كلنا خلف الرئيس في جميع القرارات السياسية التي تحافظ على الأمن القومي
  • حزب صوت الشعب يطالب بإخراج ليبيا من البند السابع والوصاية الأممية
  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • لماذا تصر المنظمات الأممية على العمل في مناطق الحوثي؟.
  • الجزائر تجدد دعوتها في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في السودان
  • الإماء في الإسلام: مرآة الصراع بين الحرية والتقاليد وموروث الجاهلية الذي يثقل كاهل الإسلام
  • المبشر: الاعتماد المفرط على البعثة الأممية يضعف من قدرتنا على حل مشاكلنا بأنفسنا
  • تنسيقية الشباب تدعو القوى السياسية للانطلاق بوفود سياسية وشعبية للتضامن مع فلسطين
  • خامنئي: حزب الله يعاني من خسارة نصر الله