أمام السعودية خيارين جيدين بالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة، فإما صفقة كبرى للتطبيع مع إسرائيل تُدخل المملكة في نظام التحالف الأمريكي أو تتبع مسار دولة متأرجحة صاعدة دون ضمانات أمنية أمريكية كنسخة من النموذج التركي مع إدخال تحسينات.

تلك القراءة طرحها كليف كوبشان في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء زيارته للسعودية لمدة خمسة أيام الأسبوع الماضي لاستكشاف السياسة السعودية تجاه الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والنهج السعودي للتوصل إلى صفقة كبرى مع الولايات المتحدة.

وقبل حرب الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت تُجرى محادثات بين الرياض وتل أبيب وواشنطن لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل التي تواصل احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ عقود.

ومقابل التطبيع مع إسرائيل، ترغب السعودية في توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة والحصول على أسلحة أكثر تطورا وتشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، بالإضافة إلى التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.

كوبشان تابع: "التقيت (في السعودية) بمسؤولين حكوميين وقادة مؤسسات بحثية وأعضاء من القطاع الخاص، وكان التعاطف والدعم للشعب الفلسطيني قويين ومنتشرين في كل مكان، لكنني سمعت أيضا دعما واسع النطاق للصفقة الكبرى مع واشنطن، والتي من شأنها أن توفر للرياض الحماية".

وأردف: "أدرك المحاورون السعوديون أن توقيت الصفقة تعرض لانتكاسة كبيرة بسبب الحرب في غزة، وإذا تمت الصفقة فستكون خلال ولاية (الرئيس الأمريكي جو) بايدن الثانية (بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024) أو رئاسة (دونالد) ترامب، وسمعت أيضا أن المحادثات مع الولايات المتحدة مستمرة، ولكن بوتيرة أبطأ بكثير".

واستطرد: كما يرون أن هذه الصفقة "ستكون مستحيلة في ظل حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وأعتقد معظمهم أن حكومة بقيادة بيني غانتس ستكون أفضل قليلا، وكان هناك اعتقاد بأن التوصل إلى اتفاق بشأن القضية الفلسطينية أمر بعيد المنال، حتى على المدى المتوسط".

اقرأ أيضاً

السعودية: التطبيع مع إسرائيل ما زال مطروحا بشرط

خياران جيدان

"القيادة السعودية أمام خيارين جيدين، فإما أن تستمر في السياسة الحالية وتحاول الدخول في نظام التحالف الأمريكي أو أن تتبع مسارا كدولة متأرجحة صاعدة دون التزام أمني من الولايات المتحدة"، كما أضاف كوبشان.

وتابع: "قدمت هذه الرؤية إلى منتديات خاصة عديدة أثناء وجودي في الرياض، وتم الترحيب بها باهتمام كبير، وفي حالات قليلة، قيل لي إن هذه الخيارات تتم مناقشتها بهدوء وبشكل غير رسمي.. لكن اختلف آخرون، معتبرين أن نظام الأمن الأمريكي أفضل بكثير".

وأوضح: "قلت إن بعض الدول في الجنوب العالمي، الأعضاء في مجموعة العشرين، وبينها السعودية، تتمتع بثقل جيوسياسي وآخذة في الصعود، وهي دول تمتع بقوة أكبر من أي وقت مضى منذ عام 1945 (نهاية الحرب العالمية الثانية)".

واستطرد: "فهي تستفيد في عصر تراجع العولمة من وضعها كقوى إقليمية، ويمكنها تعزيز مصالحها من خلال تأليب الولايات المتحدة والصين ضد بعضهما البعض، ومن هنا يتم تصنيفها كدول متأرجحة".

كوبشان اعتبر أن "الميزة الواضحة للسعي وراء صفقة كبرى هي أنها توفر إمكانية الحماية الأمريكية، إذ تواجه السعودية تهديدا مستمرا من إيران ووكيلها (جماعة) الحوثي (في اليمن المجاور للمملكة)، والمخاطر الأمنية العامة الكامنة في منطقة خطيرة".

وزاد بأنه "من المرجح أن يسمح الضمان الأمني الموثوق به من الولايات المتحدة للحكومة السعودية بالتركيز بشكل أفضل على رؤية 2030 (التنموية) وأجندتها المحلية".

اقرأ أيضاً

ستراتفور: حرب غزة أعادت أهمية القضية الفلسطينية.. وعقدت جهود التطبيع السعودية

النموذج التركي

في الواقع، بحسب كوبشان، "تسعى الرياض إلى الحصول على نسخة من النموذج التركي للعلاقات الأمنية مع واشنطن، والتي تجمع بين مكانة الدولة المتأرجحة الصاعدة والضمانات الأمريكية الرسمية".

وبيَّن أن "أنقرة تحاول توسيع نموذج الانحياز الأمريكي للحصول على مزيد من استقلال في السياسة الخارجية. وقد تكون نسخة من هذا النموذج هي الخيار الأفضل للمملكة، على الرغم من أن لها عيوب".

و"باعتبارها عضوا قديما في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، سعت تركيا إلى تقليص اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة وتأمين وضع دفاعي أكثر استقلالية على مدى العقد الماضي"، كما أضاف كوبشان.

ولفت إلى أنه "بناء على ذلك، اشترت أنقرة (مظومة الدفاع الجوي) إس-400 من روسيا وهاجمت شركاء الولايات المتحدة في سوريا، وهي تحركات أثارت توترات مع واشنطن، ففرضت عقوبات على كيانات تركية وأدت إلى تآكل رأس المال السياسي لأنقرة في واشنطن".

وشدد شوبكان على أن "هذه الديناميكيات تسلط الضوء على مخاطر النموذج التركي: فقد يأتي بنتائج عكسية إذا اعتبرت واشنطن أنه يقلل من مصداقية الضمانات الأمريكية".

واستدرك: "لكن النسخة السعودية ستعمل بشكل مختلف، وستكون الفجوات مع واشنطن على الجانب السياسي أكثر بكثير، مثل الحرب في غزة والمبيعات العسكرية. ومع ذلك، فإن خطر الفشل سيكون مماثلا".

اقرأ أيضاً

مودرن دبلوماسي: السعودية مصممة على اتفاقية دفاع مع أمريكا حتى لو فشل التطبيع

المصدر | كليف كوبشان/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العلاقة أمريكا السعودية تحالف ضمانات أمنية مع الولایات المتحدة مع واشنطن

إقرأ أيضاً:

محاولة الانقلاب في بوليفيا رتبتها واشنطن

عن محاولة الانقلاب التي فشلت الولايات المتحدة في إنجازها، كتبت لوبوف ستيبوشوفا، في "برافدارو":

جرت محاولة انقلاب عسكري في بوليفيا. استمر التمرد ثلاث ساعات فحسب، حيث لم يحظ بتأييد كبير داخل القوات المسلحة وقوات الأمن، ورفضه السكان فوقفوا للدفاع عن الديمقراطية من خلال نزولهم إلى الشوارع.

وقد أدان جميع جيران بوليفيا القريين محاولة الانقلاب، ولكن ليس الولايات المتحدة التي "راقبت الوضع بدقّة والتزمت الهدوء".

وقبل عشرة أيام من هذا الحدث، تم استدعاء القائمة بالأعمال الأميركية في لاباز، ديبراهيفيا، إلى وزارة الخارجية للفت انتباهها إلى أن تصرفات السفارة تشكل "تدخلاً في الشؤون الداخلية" لبوليفيا. وفي 13 يونيو/حزيران، اتهم وزير الاقتصاد البوليفي سفارة الولايات المتحدة بشكل مباشر بالتحضير "لانقلاب ناعم" ضد حكومة لويس آرسي..

تحتاج الولايات المتحدة إلى جماعتها في لاباز. فبوليفيا تمتلك أكبر احتياطي في العالم من الليثيوم، المستخدم في إنتاج البطاريات. وقد زاد الطلب عليه بشكل حاد في السنوات الأخيرة بسبب زيادة إنتاج السيارات الكهربائية.

وفي مارس/آذار 2023، قالت مديرة القيادة الجنوبية، لورا ريتشاردسون، إن "مثلث الليثيوم" (بوليفيا والأرجنتين وتشيلي) يعد "مشكلة أمن قومي في ساحتنا الخلفية".

ومن المثير للاهتمام أن تشيلي والأرجنتين هما الدولتان الوحيدتان من أميركا الجنوبية اللتان حضرتا المؤتمر السويسري حول أوكرانيا على أعلى مستوى، ووقعتا على بيانهالختامي. وكان الرئيس البوليفي آرسي في موسكو في ذلك الوقت، حيث تم التوصل إلى اتفاق بشأن إنتاج الليثيوم مع روساتوم.

ستواصل الولايات المتحدة زعزعة استقرار بوليفيا من أجل تنصيب حكومة تضمن توريد الليثيوم للصناعة الأميركية.

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

مقالات مشابهة

  • الشراكة السعودية- الأمريكية.. تعزيز التجارة والاستثمار والابتكار
  • رجل أعمال ألماني: مناظرة بايدن وترامب أظهرت أن أمريكا على وشك الانهيار
  • واشنطن تبحث عن حروب
  • صحيفة: الولايات المتحدة طلبت من قطر التوسط في حل الصراع بين إسرائيل و"حزب الله"
  • محاولة الانقلاب في بوليفيا رتبتها واشنطن
  • ترامب يكشف كيف تصبح أمريكا صديقة لروسيا والصين وكوريا الشمالية
  • مجلس التجارة والاستثمار السعودي الأمريكي يعقد اجتماعه الثامن في واشنطن
  • دار غلوبال السعودية تتطلع لاستثمار 300 مليون دولار بأميركا
  • أمريكا شحنت أسلحة لـ”إسرائيل” بقيمة 6.5 مليار دولار
  • قواعد المناظرة التلفزيونية بين بايدن وترامب اليوم