تعليق على تجديد بقاء القوات التركية في ليبيا
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
بعد مناقشته طلبا من الرئيس طيب أوردغان، وافق البرلمان التركي على تمديد بقاء القوات التركية على الأراضي الليبية، غرب البلاد، لعامين إضافيين. وبرر أوردغان طلبه بالحاجة لحماية المصالح الوطنية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا، وكذلك تهديدات الهجرة، وأيضا تقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الليبيون، وباستثناء الفقرة الأولى المتعلقة بحماية المصالح الوطنية، فإن مبررات الرئيس التركي لاستمرار بقاء القوات التركية في الغرب الليبي لا مسوغ لها على الإطلاق.
ومعلوم أن قرار تمديد بقاء الوجود التركي العسكري يشكل عاملا من عوامل التأزيم في البلاد التي يتصارع فيها أطراف محلية تدعمهم قوى إقليمية ودولية، غير أن معارضة الوجود التركي لا تخلو من شبهة وقلة اتزان، ذلك أن من يتصدون بشدة للوجود التركي العسكري على الأراضي الليبية لا يرون حرجا في الوجود العسكري الروسي متمثلا في قوات فاغنر، برغم الاختلاف في ظروف الوجودين وشرعيته.
وعندما تكون مقاربة الوجود الأجنبي العسكري في البلاد خاصعة لأبجديات الصراع والمناكفة السياسية ستفقد بالقطع قيمتها، وهذا هو واقع الحال في ليبيا، فكيف سيكون موقف من يعارضون الوجود التركي في الغرب الليبي مقنعا لداعميه وهو ينظرون أن خصومهم يصمتون عن القوات الاجنبية في مناطقهم في الشرق والجنوب.
تركيا تسللت عسكريا إلى الغرب الليبي في ظروف شديدة التعقيد، ذلك أن حكومة الوفاق واجهت تهديدا مباشرا بهجوم قوات حفتر المدعومة بالمال والسلاح إقليميا ودوليا، فلم يكن أمامها خيار إلا التسليم بتوقيع اتفاقية هي أقرب إلى الدفاع المشترك.
لا يمكن فصل الوجود التركي عن النزاع القائم والإخفاق في الوصول إلى تسوية تنهي الصراع الراهن، وعندما يصبح طرف إقليمي أو أكثر حاضرا في أجندة التفاوض وضاغطا لأجل تمرير متطلبات بعينها ضمن الاتفاق سيكون مجافي للحكمة والمنطق أن تطلب من الخصم السياسي التجرد الكامل وتجاهل عناصر الدعم الداخلية والخارجية التي تجعله يدافع عما يراه مصلحة عامة وموقفا سليما.قوات الفاغنر الروسية بالصوت والصورة شاركت في الهجوم على العاصمة خلال عامي 2019-2020م ووصلت إلى مدى لا يتجاوز 10 كم عن مركز العاصمة، فكيف يكون هذا مبررا ومقبولا فيما يصبح الاستعانة بالاتراك لصد هذا الهجوم خيانة وعمالة وتسليم البلاد للغزاة كما تكرر على لسان مسؤولين ونشطاء سياسيين وإعلاميين وغيرهم.
الوجود الأجنبي ينبغي أن يكون مرفوضا من قبل الجميع وتجاه كل الدول دون استثناء، أما اعتبار طرف إقليمي أو دولي نصير ومسموح له أن يتدخل عسكريا ويمد حليفه بالسلاح والخبرة ويكون هذا مبررا حتى لو كان وجوده على حساب المصلحة الوطنية، ثم يقال للطرف النقيض أنك خائن لأنك استعنت بطرف إقليمي أو دولي لصد عدوان لا غطاء شرعي ولا قانوني ولا سياسي ولا اجتماعي له، فهذا منطق مختل وموقف مهزوز يحتاج إلى مراجعة.
دخلت تركيا إلى الغرب الليبي وصار لها وجود عسكري هناك وصار هذا الوجود مقبولا ومبررا لأن هناك طرفا من أطراف الصراع هدد العاصمة والغرب الليبي ولا يزال، ولم يلجم ويكبح جماح طموحه إلا الوجود والدعم التركي لقوات الغرب، وما لم ينته التهديد بشكل قطعي وحاسم وفق عملية سياسية ناجحة وضمانات كاملة تشتمل على اتفاق يخرج كل القوات الاجنبية من البلاد دون استثناءات ويمنع اللجوء للقوة والسلاح في حال الخلاف، فإنه من غير المنطقي ولا الممكن إقناع الطرف الذي يشعر بالتهديد بسلامة موقف المعارضين للوجود التركي في الغرب الليبي.
وأخيرا لا يمكن فصل الوجود التركي عن النزاع القائم والإخفاق في الوصول إلى تسوية تنهي الصراع الراهن، وعندما يصبح طرف إقليمي أو أكثر حاضرا في أجندة التفاوض وضاغطا لأجل تمرير متطلبات بعينها ضمن الاتفاق سيكون مجافي للحكمة والمنطق أن تطلب من الخصم السياسي التجرد الكامل وتجاهل عناصر الدعم الداخلية والخارجية التي تجعله يدافع عما يراه مصلحة عامة وموقفا سليما.
والخلاصة هي أن الوجود الأجنبي، المرفوض قطعا، يتغذى على طفيليات النزاع ويتوسع وفقا للمساحات التي يوجدها الصراع، وأن ازدواجية المعايير تزيد الطين بلة وتعمق من التدخل الخارجي في الأزمة الليبية أكثر فأكثر، وأن ثقة الليبيين ببعضهم وتغليبهم للمصلحة العامة على مصالحهم الخاصة وتوصلهم إلى اتفاق عادل وشامل سيكون هو الوسيلة لإنهاء الوجود الاجنبي في البلاد ولا استثناء لتركيا في ذلك.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليبيا تركيا ليبيا تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الوجود الترکی الغرب اللیبی
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: الاستيطان اليهودي يهدد الوجود المسيحي بالأراضي الفلسطينية
حظيت الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة من جراء الحرب الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة باهتمام صحف عالمية، إضافة إلى التطورات الميدانية المتسارعة في سوريا واليمن.
وسلطت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الضوء على الوضع المتردي جدا للمنظومة الصحية في قطاع غزة، بسبب القصف الإسرائيلي المكثف للمستشفيات.
ونقلت الصحيفة عن عاملين طبيين قولهم إن من أسوأ الأضرار الناجمة عن القصف الإسرائيلي استهداف خطوط الغاز والمياه والكهرباء في المستشفيات، في ظروف عمل شبه مستحيلة لعلاج أعداد كبيرة من الجرحى بإمدادات طبية محدودة جدا.
وركزت صحيفة التايمز البريطانية على إلغاء الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة بسبب الأوضاع الصعبة.
واعتبرت الصحيفة انخفاض عدد المسيحيين في بيت لحم والضفة الغربية "تهديدا ديمغرافيا واسعا يضع كنيسة المهد أمام مستقبل محفوف بالمخاطر".
وأشارت إلى أن ممارسات المستوطنين اليهود العدوانية تتزايد، وتهدد بعزل بيت لحم خلف سياج من المستوطنات التي ترعاها الحكومة الإسرائيلية.
بدورها، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحيتها إن قمع منتقدي الحكومة الإسرائيلية أصبح الممارسة السائدة في عهد من سمته الصحيفة وزير انعدام الأمن إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي).
إعلانورأت الصحيفة أن حكومة بنيامين نتنياهو تتصرف وكأنها نظام قمعي يدوس على مواطنيه، والشرطة هي أداة في يدها، والنيابة العامة تتعاون معها، كما حثت المعارضة في إسرائيل على أن تصحو قبل أن يتم إسكاتها تماما.
المشهد السوريوطالب المقال الرئيس في مجلة فورين أفيرز الأميركية واشنطن بمنح الأولوية للعمل مع الحكومة السورية الجديدة وحلفائها، لضمان التخلص من الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا بشكل آمن وسليم.
وطالب المقال أيضا "بالعمل على محاسبة جميع المسؤولين في نظام بشار الأسد على جرائمهم بتنفيذ الهجمات الكيميائية".
وتطرقت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى توقف مصفاة نفط بانياس، وهي الأكبر في سوريا، عن العمل بعد توقف تدفق النفط الإيراني، مشيرة إلى أن نقص النفط يشكل تحديا كبيرا للحكومة السورية المؤقتة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس المصفاة إبراهيم مسلم قوله إن أعضاء الحكومة السورية الجديدة أخبروه أنهم يتوقعون رفع العقوبات عن البلاد، مما يسمح لسوريا باستيراد النفط من مصادر غير إيرانية.
وخلص تحليل بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إلى أن الضربة الإسرائيلية على الحديدة وصنعاء في اليمن لن تؤدي إلى أي تأثير حقيقي على قوة الحوثيين.
ورأى التحليل أن التحرك الإسرائيلي الأميركي الواسع المشترك وحده هو الأكثر نجاعة في التعامل مع التهديد الحوثي، بمساعدة معلومات استخبارية دقيقة عن مواقع الحوثيين العسكرية رغم الصعوبات.