جرائم تهدد سلامة المجتمع
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
حمد الحضرمي
محامٍ ومستشار قانوني
إن الجرائم التي تهدد أمن وسلامة واستقرار المجتمع متنوعة، وتعد من جرائم الجنايات، والتي يعاقب عليها قانون الجزاء العماني بالإعدام أو السجن المطلق أو السجن المؤقت من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة، مثل الجرائم الماسة بأمن الدولة كالتجسس، والجرائم ذات الخطر العام كالحريق، والجرائم المخلة بالثقة العامة كالتزوير، والجرائم المتعلقة بالوظيفة العامة كالاختلاس والإضرار بالمال العام، والجرائم التي تمس الدين كالتطاول على الذات الإلهية، والجرائم المخلة بالآداب العامة كالبغاء والفجور، والجرائم الواقعة على العرض كهتك العرض، والجرائم التي تمس حياة الإنسان وسلامته، كالقتل العمد والانتحار، والجرائم الواقعة على الأموال كالسرقة والابتزاز والاحتيال وإساءة الأمانة، وغيرها من الجرائم التي لا يتسع المجال لذكرها.
فمثل هذه الجرائم وغيرها لكثرتها وشيوعها تهدد أمن المجتمع، لأنها قد ظهرت بصور وأساليب جديدة للجريمة لم تكن معروفة من قبل، حيث يستخدم في هذه الجرائم القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، وهذه الجرائم بأساليبها المختلفة تشكل تهديد يخل بالنظام العام، ويعرض أمن المجتمع وسلامته للخطر، لما لهذه الأفعال الإجرامية من خطورة على الأشخاص وتعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، وتبث في نفوس أفراد المجتمع الرعب والفزع، وتقوم بالاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، والاعتداء على أفراد المجتمع بسفك دمائهم، وهتك أعراضهم، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، أو الأمن القومي، أو نشر الفوضى والاضطرابات في المجتمع.
ويشكل العود في الجرائم التي تهدد الأمن العام ظاهرة خطيرة، لأنها تهدد كيان المجتمع، وتعمل على عدم استقراره والإضرار بمصالح أفراده، ويبقى العائد المجرم الذي يرتكب الفعل الإجرامي مرة أخرى أكثر خطورة على المجتمع وأفراده، لأن الروح الإجرامية قد تأصلت به، ولم تردعه عقوبة الحكم المقررة عليه في قضيته السابقة، ويظل سلوكه الإجرامي المتكرر يشكل خطرًا يهدد مصالح المجتمع، ويسبب خسائر للإنسان في نفسه وماله وعرضه. وقد تفشت ظاهرة العود في الجرائم التي تهدد أمن وسلامة المجتمع، الأمر الذي أثر بشكل بالغ على عدم استقرار المجتمع، والإضرار بحياة وممتلكات أفراده، وقد نتج عن ذلك ارتفاع ملحوظ في معدل الجرائم الواقعة من الأشخاص الذين لهم سوابق جرمية.
وتطارد الأجهزة الأمنية الجريمة أينما كانت وبكل الوسائل، ويقوم الادعاء العام بإحالة القضايا الجنائية للمحاكم للنظر فيها وإصدار الأحكام بحق الجناة، لأن الجريمة ظاهرة اجتماعية خطيرة، وسلوك ضار بالمجتمع وأفراده، والغاية من إحالة القضايا الجنائية وصدور أحكام قضائية بحق الجناة، لتكون هذه الأحكام رادعًا لهم لعدم العود للجريمة، ويقل ارتكاب ووقوع الجرائم، ليسود الأمن والاستقرار في المجتمع، ولكن للأسف الشديد بعض المجرمين الذين صدرت ضدهم أحكام من قبل لم تزجرهم عقوبات الجرائم السابقة ويعودون في ارتكاب جرائم جديدة، وهنا يشكل هذا العود خطورة تثبت بأن هذا الإنسان أصبح مجرمًا لا بد من تغليظ العقوبة عليه، حفاظًا على أمن واستقرار المجتمع وحماية لأفراده.
وتبقى الجريمة تشكل تهديدًا كبيرًا على حياة الأفراد والمجتمعات، وانتهاكًا واضحًا لحرمة المجتمع، وتعديًا سافرًا على أمن واستقرار المواطن والوطن، وقد ركزت التشريعات والقوانين على مكافحة الجريمة بمختلف أشكالها وأنواعها وصورها وأساليبها، حتى يعيش الأفراد في مجتمعاتهم في أمن وأمان وسلم وسلام. ورغم كل ذلك ستظل الجريمة الجنائية مستمرة إلى قيام الساعة، وستظل خطورتها قائمة لأنها تشكل عدوان على المجتمع وتمس أمنه ومصالحه، وسيبقى المجرم العائد يشكل خطورة أكبر من الآخرين، لوجود سجل إجرامي بحق يثبت ارتكابه جريمة سابقة مماثلة، ويقرر القاضي تغليظ العقوبة في حالة عود المجرم لارتكاب قضية مماثلة، لأن العقوبة الأولى المحكوم بها عليه لم تردعه ولم تزجره من ارتكاب جريمة أخرى.
وهناك عوامل تساعد على انتشار الجريمة في المجتمع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ضعف الوازع الديني للفرد، والاستخفاف بالحدود والعقوبات والقوانين الموضوعة للحد من انتشار الجريمة، والتنشئة الأسرية غير السليمة، وتنشئة الطفل ضمن نطاق عنف وتفكك أسرتي. والحكمة من تشريع العقوبة على الجاني هي لحفظ نظام الحياة والمصالح الكبرى للمجتمع، والعقوبة غايتها الردع والزجز للجناة من معاودة جرائمهم، وتطبيق مبدأ العدالة بين الناس، وأخذ الحق من الجاني ورده للمجني عليه دون تجاوز ومن منطلق المبدأ الإسلامي العظيم "لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال". ويتطلب من إدارة السجون تفعيل البرامج الإصلاحية لنزلائها، وتأهيلهم ومساعدتهم لتخطي الكثير من العقبات نحو حياة جديدة حرة كريمة بعد الإفراج عنهم من السجون.
والتركيز على علاج نزلاء السجون الصادر عليهم أحكام قضائية نهائية في كل القضايا، مع التركيز على قضايا المخدرات خاصة المدمنين منهم لأنها حالات مرضية أكثر منها إجرامية، وذلك لمساعدتهم على التعافي النفسي والبدني من خلال برامج علاجية ونفسية بالتعاون مع وزارة الصحة والمستشفيات الحكومية والخاصة المختصة بعلاج مثل هذه الحالات، مع زيادة تفعيل البرامج الإرشادية والدينية والثقافية والرياضية والمهنية لهم، والتهيئة النفسية للمتوقع الإفراج عنهم للاندمامج في المجتمع، وتعزيز الثقة بقدراته وإمكانياته ليكون إنسانا صالحًا نافعًا لنفسه وأسرته ومجتمعه بعد خروجه من بوابة السجن، على أمل أن لا يعود إليه مرة أخرى. رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الجرائم التی فی المجتمع
إقرأ أيضاً:
حصيلة: الجريمة العنيفة في تراجع هذا العام بعد تسجيل 755 ألف قضية زجرية
سجلت المؤشرات الرقمية لعمليات مكافحة الجريمة في عام 2024، استقرارا وثباتا في إجمالي عدد القضايا الزجرية المسجلة، بحسب الحصيلة السنوية التي نشرتها المديرية العامة للأمن الوطني.
وفق الحصيلة، فقد ناهز عدد هذه القضايا، 755 ألف و541 قضية، مقارنة مع 738 ألف و748 قضية خلال نفس الفترة من سنة 2023، بينما تم تسجيل تراجع ملحوظ بنسبة ناقص 10 بالمائة في مؤشرات الجريمة العنيفة التي تمس بالإحساس العام بأمن المواطنات والمواطنين. فقد تراجعت مثلا قضايا السرقة المشددة بنسبة ناقص 24 بالمائة في السرقات تحت التهديد، وناقص 20 بالمائة في سرقة السيارات، وناقص 12 بالمائة في السرقات بالعنف، وناقص 10 بالمائة في السرقات بالكسر وغيرها من ظروف التشديد، بينما تراجعت الاعتداءات الجنسية بناقص 4 بالمائة وكذا قضايا المخدرات بناقص 7 بالمائة والسطو على المؤسسات البنكية بناقص 45 بالمائة.
وفي مقابل ذلك، يضيف المصدر ذاته، استمرت مصالح الأمن الوطني في تحقيق مستويات قياسية في معدل الزجر، وهو نسبة استجلاء حقيقة الجرائم المرتكبة، حيث تم تسجيل هذه السنة 95 بالمائة كمعدل للزجر في المظهر العام للجريمة، وهو المستوى الذي شهد منحى تصاعديا خلال السنوات الثمانية الأخيرة. وفي تحليل نوعي للمظهر العام للإجرام، تبقى الجريمة العنيفة في مستوياتها الدنيا بحيث لم تتجاوز 07 بالمائة من إجمالي القضايا الزجرية المسجلة، حيث بلغت 49 ألف و838 قضية وعرفت توقيف 29 ألف و959 شخصا، من بينهم 10.720 كانوا يشكلون موضوع مذكرات بحث على الصعيد الوطني.
وقد راهنت مصالح الأمن الوطني خلال سنة 2024 على استهداف وتفكيك الشبكات الإجرامية المتخصصة في هذا النوع من الإجرام، حيث تم تفكيك 947 عصابة إجرامية تنشط في السرقات الموصوفة وتوقيف 1561 شخصا متورطا في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، فضلا عن حجز 119 سيارة و75 دراجة نارية استعملت في تنفيذ هذا النوع من الإجرام.
وفي قضايا المخدرات بمختلف أصنافها، فقد تم تسجيل تراجع بنسبة 7 بالمائة، حيث تمت معالجة 92 ألف و346 قضية، وتوقيف 119 ألف و692 شخصا، من بينهم 287 شخصا من جنسيات أجنبية مختلفة. أما الشحنات المخدرة المحجوزة فقد ناهزت 123 طنا و971 كيلوغراما في مخدر الحشيش ومشتقاته، وطن و948 كيلوغراما من الكوكايين، و16 كيلوغراما و53 غراما من الهيروين، علاوة على مليون و429 ألف و52 من المؤثرات العقلية المهلوسة، من بينها 773 ألف و493 قرص من مخدر إكستازي.
وشهدت هذه السنة إجهاض عمليتين لتهريب أدوية مصنعة من مواد مخدرة خاضعة للمراقبة الدولية، انطلاقا من آسيا في اتجاه دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تم حجز 704 ألف قنينة تضم 70 ألف و400 لتر من هذه المواد المخدرة. أيضا سجلت سنة 2024 تراجعا كبيرا بنسبة 47 بالمائة في عدد قضايا مخدر « البوفا »، وناقص 52 بالمائة في عدد الأشخاص المتورطين في هذا الصنف من المخدرات، بينما عرفت- في المقابل- نسبة الضبطيات زيادة قدرها 58 بالمائة بعدما تم تشديد المراقبة الحدودية وعمليات استهداف هذا المخدر التركيبي، مما مكن من حجز ثماني كيلوغرامات و331 غراما من مخدر البوفا.
أما بخصوص قضايا الهجرة غير النظامية، فقد أفضت جهود مصالح الأمن الوطني خلال سنة 2024 بتفكيك 123 شبكة إجرامية تنشط في تنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر، بزيادة ناهزت اثنين بالمائة مقارنة مع السنة المنصرمة، كما تم توقيف 425 منظما ووسيطا في عمليات الهجرة، وحجز 713 وثيقة سفر مزورة، فضلا عن إجهاض محاولة هجرة 32 ألف و449 مرشحا، من بينهم تسعة آلاف و250 مواطنا أجنبيا.
وقد سجلت سنة 2024 أسلوبا إجراميا جديدا له ارتباط بقضايا الهجرة غير النظامية، يتمثل في نشر دعوات تحريضية على الهجرة الجماعية على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أسفرت العمليات الأمنية المنجزة عن تشخيص هويات 65 محرضا، تم توقيف 50 شخصا منهم أحيلوا على العدالة في حالة اعتقال، بينما تم إخضاع أربعة أشخاص لأبحاث قضائية وإحالة ملفاتهم على العدالة، في حين تم تعميم مذكرات بحث على الصعيد الوطني في حق 11 شخصا يشتبه في تورطهم في التحريض على ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية. وعلاقة بالجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة وجرائم الابتزاز المعلوماتي، فقد سجلت زيادة قدرها 40 بالمائة، بعدد قضايا ناهز 8333 قضية، في حين بلغ عدد المحتويات ذات الطبيعة الابتزازية المرصودة 3265 محتوى إجرامي، وعدد الانتدابات الدولية الموجهة في إطار هذه القضايا 956 انتدابا ، بينما بلغ عدد الموقوفين والمحالين على العدالة في هذا النوع من الجرائم 563 شخصا.
كلمات دلالية أمن المغرب شرطة