صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
مواطن مجتهد كادح، رغم الصعوبات المالية أخذ قرضًا من البنك واشترى قطعة أرض، وبناها شققًا سكنية أو مكاتب ومحلات لغرض إيجارها والاستفادة من دخلها.
مواطن آخر بنى "توين فيلا" ليسكن في إحداهما هو وعائلته، ويؤجر الأخرى مترقبًا دخلًا شهريًّا اضافيًّا، يُعينه على قضاء حوائج دنياه.
وبمجرد أن بدأ هؤلاء الملاك تأجير مبانيهم، فرحين بالحصول على عائد مادي يُعينهم، بدأت معاناتهم مع توقف بعض المستأجرين عن تسديد مبالغ الإيجارات المستحقة؛ إذ يقوم هؤلاء المستأجرون بالمماطلة والتأجيل والتهرب من دفع ما عليهم من مستحقات إيجارية، والبعض لا يرد على الهاتف ولا يستجيب للمراسلات، والأيام تمضي والوقت يمر، والمستأجر يتهرب لا يدفع المستحقات الإيجارية ولا يريد إخلاء السكن!
في المقابل، المالك لا حول له ولا قوة؛ حيث لا يستطيع إغلاق الكهرباء والماء عليهم لإجبارهم على الدفع، ولا يستطيع خصم المبلغ من رواتبهم كما تفعل البنوك للدائنين لها.
البعض يقول ولكن من الطبيعي عند تأجير أي مبنى أخذ شيكات على المستأجر، فلماذا لا يتم تقديم هذه الشيكات المستلمة إلى الادعاء العام، مادام أنها بدون رصيد عندما تم تقديمها إلى البنوك في وقتها؟
هذا صحيح، وإنما تسليم الشيكات للادعاء العام أو الشرطة معناه أن يتم رفع قضية شيكات من غير رصيد، والمعاملة في هذه القضايا تستغرق وقتًا طويلًا بسبب الإجراءات، بينما المالك يريد استلام عقاره المؤجر فورًا ليُعيد تأجيره لاعتماده على هذه المبالغ الإيجارية لتسيير حياته وتسديد ديونه الشهرية للبنك، كما أنه يكون في أمس الحاجة لمستحقاته المالية من الإيجار في وقته وليس غدًا، وحسب ما ينص عليه عقد البلدية المصدق منها والمعتمد من الطرفين (المؤجِّر والمستأجِر)، أو إخلاء السكن.
تمر الأيام والمبالغ تتضاعف والمستأجر لا يدفع ولا يخرج من السكن، والأمر واضح وضوح الشمس، فهناك مستأجر لا يدفع مبلغ الإيجار في وقته المحدد المنصوص عليه في عقد البلدية المعتمد الملزم، مخلا بذلك ببنود العقد، وهناك مالك عقار مُتضرر لا يستلم حقه، ويريد أولًا استرداد عقاره فورًا لإعادة تأجيره لوقف خساراته مبالغ مستحقة غير مدفوعة، وذلك قبل تفاقم الأمور وتضاعف المبالغ الإيجارية المطلوبة على المستأجر الذي هو غير قادر على سدادها.
لكن يُمكن وضع حدٍّ لهذا الموضوع، فبدلًا من الشكوى للادعاء العام ثم بدوره إحالة القضية إلى المحاكم وإجرءاتها الطويلة، وهي في الأساس لديها ما لديها من قضايا متنوعة تكفيها، إضافة إلى ثلاثة أشهر إجازة القضاة، وكذلك عدم رغبة المالك في أن يدخل المحاكم وما يأتي مع ذلك من صعوبات، فإننا نقترح تشكيل لجنة تنفيذية قانونية في البلدية، تتولى مسألة النظر في شكاوى مالك العقار في عدم سداد المستأجر للإيجار في وقته، حسب ما ينص عليه عقد البلدية المعتمد. وفي حال تبين بالإثبات أن المستأجر لم يدفع مبلغ الإيجار المستحق لفترة ثلاثين يومًا بدءًا من تاريخ إخطاره من المالك، تقوم البلدية بتوجيه مخالفة للمستأجر بعدم الالتزام ببنود عقد الإيجار وإلغاء العقد لعدم سداد المبالغ المستحقة.
ومن حق المالك حينها إلزام المستأجر بإشراف مُفتشي البلدية، إخلاء السكن على الفور مع سداد متأخرات فواتير الكهرباء والماء وعمل الصيانة اللازمة ودفع المتأخرات الإيجارية، وإذا عجز المستأجر عن ذلك يتم إلزامه بالإخلاء الفوري من السكن أولًا، ويقوم المؤجر بمتابعة موضوع استرداد مستحقاته المالية لدى الجهات المختصة.
أو أن يأتي قاضٍ من المحكمة إلى البلدية مرة كل أسبوع، للبت في قضايا الإيجارات والفصل فيها فورًا، كما هو متبع لدى وزارة العمل فيما يتعلق بالخلافات بين العمال وكفلائهم، وبذلك لا يضطر مالك العقار تكبد عناء الذهاب إلى المحاكم بنفسه أو من خلال محامٍ يوكّله ويدفع له مبالغ طائلة.
وندرك بأنه يمكن الآن أن يذهب مالك العقار أو من يوكله إلى محكمة التنفيذ مباشرة لرفع قضية المطالبة بمبالغ الإيجارات غير المدفوعة، وكذلك رفع قضية طلب إخلاء المستأجر، وإنما مع زحمة المحاكم وطابور الانتظار وما تستغرقه إجراءات تقديم الطلب وحتى وصول القضية المرفوعة للقاضي للنظر فيها والتأجيلات التي قد تحدث لإحضار وثيقة مطلوبة من أحد الطرفين إلى أن تُعقد جلسة القضية وما يتبعها من تأجيلات وما يأتي بعدها من إجراءات، وحتى صدور الحكم وتنفيذه يكون مالك العقار قد تم استنزافه ماديًّا ومعنويًّا ونفسيًّا دون أن يكون له ذنب فيما يحدث في قضية واضحة؛ فهناك مستأجر لا يدفع الإيجار، وهناك مالك عقار يُريد استعادة عقاره لإعادة تأجيره بعد استلامه ووقف التراكمات الماليه في انتظار حكم المحكمة.
والمستأجر غير قادر على سداد إيجار شهر فكيف إذا طالت المدة أكثر وأكثر؟ وماذا يفيد مالك العقار إذا حُكم على المستأجر في نهاية المطاف بالسجن بعد عدة شهور أو سنة أو اكثر لعدم استطاعته دفع المستحقات الإيجارية؟!
أما إذا حصل مالك العقار على إذن إخلاء العقار من البلدية خلال شهر أو شهرين، فلن يكون هناك مبلغ كبير متراكم على المستأجر، وبإمكانه تقسيطه وكذلك يستطيع المستأجر عند الاخلاء الانتقال مؤقتًا للسكن مع أهله أو معارفه لحين ترتيب أموره.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عضو تشريعية النواب: نسعى لقانون جديد للإيجار يراعي الحق في السكن والملكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف الدكتور إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، تفاصيل تعاطي النواب مع حكم المحكمة الدستورية بشأن إلغاء قانون الإيجار القديم.
وتابع رمزي، خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج على مسئوليتي، المذاع على قناة صدى البلد، أن المحكمة الدستورية تخاطب المشرع فقط في أحكامها ليتعامل مع الحكم.
وأكد أنه سيكون هناك حوار مجتمعي مع اللجان المعنية والوزارات بشأن قانون الإيجار القديم، مؤكدا أن الأفضل إعداد قانون جديد يحقق التوازن بين المالك والمستأجر.
وأوضح رمزي، أنه لا بد من إعادة النظر في الموضوع لتحقيق التوازن برؤية جديدة في ضوء المستجدات.
واستطرد أن كل نائب في مجلس النواب يسعى للمصلحة العامة وعدد الأعضاء قارب الـ 600 ودورهم تحقيق التوازن والعدالة بين المستأجر والملاك وهذا يحسب للمجلس حال تحقيقه خلال دور الانعقاد الحالي.
وأشار إللى أن المجلس سيعمل على إصدار قانون يحافظ على الحق في الملكية والحق في السكن، حيث سيتم تقدير قيمة الإيجار وفق معايير منضبطة حسب المتر والمنطقة وتختلف من محافظة لأخرى.
واختتم رمزي حديثه بالإشارة إلى أنه سيكون هناك مقترحات من الحكومة والأحزاب والنواب في هذا الشأن.