محمد بن حمد المسروري
"لعبة الأمم".. في نسختها المتجددة في ثَوْبِ كبش يرتديه ثعلب، ما زالت دول أوروبا الاستعمارية، وبزعامة أمريكا الوارث العنصري للرؤية الاستعمارية التي كانت وما برحت تقودها الأفعاء المتوحشة (بريطانيا)، وإن تخفت خلف جناح المتهور القوي (راعي البقر) الأمريكي، هل سمعتم أو علمتم لها صوتًا طوال الأحداث الأخيرة في فلسطين وغيرها من الدول العربية والإسلامية؟!! إنها أفعى المكائد ومخزن الدسائس والمكر والخداع، وحدها من تصنع المكائد وتتخفى خلف الجدران، هذا العمل معلوم للكافة أنه من طباع الأفاعي السامة، التي لا تظهر إلا حين الإيذاء ثم تختفي، ابحثوا عن الإنجليز وراء كل أزمات العالم وحروبه، ستجدونها صاحبة الخيوط الأساسية في لعبة الأمم، والشواهد كثيرة عبر تاريخها الاستعماري البغيض، وما دويلة إسرائيل إلا صنيعة لدولة بريطانيا من قبل وعد بلفور ومن بعده، وتبعتها بالضرورة دول أوروبية أخرى منها ما هو منافس؛ مثل: فرنسا وألمانيا وإسبانيا والبرتغال، ومنها ما هو طفيلي يقتات على ما تركه المتسيدون الأوروبيون على بلدان العالم الأخرى، ومنها على وجه الخصوص بلاد العرب والمسلمين متخذين من اللغة العربية والإسلام هدفا معلنا وأساسيا لحروبهم الصليبة ضد بلدان العالم العربي والإسلامي، والأهداف غير المعلنة هي:
1- مصادرة القرار العربي والإسلامي.
2- التمكن من الثروات الطبيعية التي تحتويها الأراضي العربية والإسلامية.
3- الحرب على الثقافة وعلى مصادرها لجعل قشور ثقافة الغرب المسيطر على العالم؛ بُغية إنهاء الانتماء الثقافي لأوطانهم.
4- بث الفتنة بين المجتمعات العربية والإسلامية، لتمكين المستعمر الاوروبي من التوسط بداية ثم الأمر بالإكراه على سماع ما يملى عليهم.
5- ربط الاقتصاد الوطني للعالم العربي والإسلامي بذيل الأفعى ونظرائها الأوروبيين.
6- استكمال السيطرة الكاملة على الأرض والبشر ومصادر الرزق، إلا بما تجود به دول الاستعمار الأوروبي.
ومن تلكم المنطلقات المعلومة وغيرها -بما يستحدث- تزعمت مجموعة أشرار الإنجليز وخريجي سجونها فيما عرف تاليا بالولايات التحدة الامريكية المشهد في العصر الحديث من "لعبة الأمم".
كشفتها بكل وضوح كتائب القسام في غزة الصمود والنضال، ما كان يُحاك من مؤمرات ضد الأمة العربية والإسلامية، فإلي جانب الانتصارات المتعددة التي كسبتها المقاومة الفلسطينية في غزة التي حددها أحد الإعلاميين المصريين، هناك انتصار كبير جدا حدوده أبعد عن التوقعات بكثير، حققته غزة على أكبر دولة في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أعلن رئيسها -جو بايدن- أن حماس "علمت بخطتنا التي كنا نعمل عليها مع شركائنا الآخرين بعمل خط يربط الهند عبر الأراضي الفلسطينية ودول أخرى اإى أوروبا، وكنا على وشك الإعلان عنها)، وبطبيعة الواقع تم إفشال المشروع الذي كان يهدف أساسا لضرب (خط الحرير الصيني والغاز الروسي)، انتصار حققته حماس غزة ضد أكبر دولة في العالم، أكان ذلك في علمها أم لم يكن، فإنه نصر من الله أطاح بالنسخة الجديدة من "لعبة الأمم" التي تديرها وتتبناها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من خلال دويلة إسرائيل التي زرعوها عنوة لتنبت في غير مكانها وأرضها؛ لأنهم في الواقع مجرد شتات من أقوام وعناصر لا رابط بينهم إلا الاستيلاء على أملاك الآخرين، والسيطرة على دورهم ومقدساتهم لتُنْسَب من ثم لمحتل جاء ببنظال عتيق ليتزعم عناصر من سفهاء أوروبا ومجرميها والمرتزقة من كل طينة ويابس.
إذا سقط مشروع "الهند أوروبا" وهذا ما أغضب الحزب الهندي العنصري الحاكم حاليا لدولة الهند، وجعله يقف مؤيدا للاحتلال الإسرائيلي في تدمير وقتل أطفال ونساء وشيوخ غزة، والحال ليست ببعيدة عن اليابان التي قدمت المساعدات للمحتل الصهيوني فأصبح هؤلاء شركاء في "لعبة الأمم" المستحدثة؛ إذ الجميع شركاء في مؤامرة الأفعى.
ولأنها "لعبة الأمم" ضد كل ما هو عربي ومسلم، فعلينا أن نتنبه جيدا في قراءاتنا للحسابات اللاحقة؛ فلا يجب أن تذهب هدرا دماء 20 ألف فلسطيني من غزة وحدها، عدا المئات من الضفة الغربية، لقد قبلت دولة الصهاينة مبدأ الهدنة المؤقتة على مضض؛ لأنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، وأضحت عاجزة حتى عن حماية كيانها المدجَّج بأكبر ترسانة أسلحة في العالم أمام صمود الإيمان العميق بالله عز وجل لرجال حماس وذراعها الضارب "كتائب القسام".
قبلت دولة الشر، وتدفق الفلسطينون إلى غزة جنوبها وشمالها بعكس رغبة متطرفي الصهيونية ومن والاهم وهم كثر، ليقولوا للعالم أجمع لا ثم لا لنكبة أخرى، بل إلى انتصارات قادمة حتى تحرير الأرض من أدناسكم، وما ذلك على الله بعزيز.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مجرد لعبة كراسي
يُلاحظ أنه مع الإعلان عن كل دورة انتخابية أمريكية جديدة، ينشغل العالم كله بتحليلات وتوقعات، مستعرضاً التاريخ السياسي لكل حزب، ثم الحياة المهنية للمرشحين كليهما، ولإنجازات الرئيس الذي تنتهي ولايته، ومؤهلات منافسه وقدراته التي ربما ترجح الكفة لصالحه.
وتزداد حمُّى التكهُّنات مع قرب موعد الإعلان عن النتائج، مثل أيامنا هذه، ويذهب بعض المهتمين في التنظير، بعيداً عن كل ما يدور في دهاليز مطبخ السياسة الأمريكية، في ما يتعلق برأي النخبة السياسية وعامة الشعب على حد سواء.
أما واقع الحال كما أراه من وجهة نظري المتواضعة: السياسة الأمريكية ثابتة، يحكمها اللوبي اليهودي من خلال مجلسيها.
والنتيجة: دعم غير محدود لدولة الكيان اليهودي، يحتل المرتبة الأولى، حتى على المصلحة الأمريكية نفسها. وتوظيف المنظمات الدولية الهلامية من مجلس (قهر) وأمم (غير متحدة) ومفوضية (ظلم) الإنسان وغيرها من صندوق (الاستغلال) الدولي… إلخ، لخدمة إسرائيل أولاً، ثم من بعد لخدمة أمريكا، بعيداً عن الاهتمام بأي مشاكل أخرى في العالم، كانت أمريكا نفسها سبباً مباشراً في إشعال جذوتها.
والحقيقة: الأمر لا يتطلب عبقرية خارقة لاستكشافه، فبصرف النظر عن قراءة متعمِّقة في التاريخ السياسي لأمريكا، نجد أن ما قدمه الجمهوريون عن طريق ترامب مؤخراً، أو قل ما قدمه اللوبي اليهودي في أمريكا لإسرائيل، من دعم استفز مشاعر العالم كله، لم يسبق أن تجرأ رئيس أمريكي من سلفه حتى على مجرد التفكير فيه.
وها هم الديمقراطيون في عهد بايدن، أو قل أيضاً اللوبي اليهودي في أمريكا: تُذبح فلسطين من الأذن إلى الأذن، وتدكّ بيوتها على رؤوس ساكنيها من أبرياء، وحتّى على حيواناتهم، تحت سمع الديمقراطيين
وبصرهم، بل أكثر من هذا: بدعم سخي منهم، ناهيك عن حرب السودان العبثية، وقرى منطقة الجزيرة التي يُذبح حتى أطفالها ونساؤها وشيبها وشبابها بالجملة، ويذلون ويهانون بطريقة بشعة تغضب حتّى الشيطان، دونما جريرة ارتكبوها؛ دون أن تحرك أمريكا (راعية العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان) ساكناً؛ وقطعاً لن تحرك أبداً: بل تصبّ الزيت على النار.
وليس دعم أمريكا، أقصد اللوبي اليهودي الذي يحكم أمريكا قولاً وفعلاً، لأوكرانيا في حربها ضدّ روسيا ببعيد، وتجّييش الغرب لمناصرة أوكرانيا في محرقة أشعلتها أمريكا نفسها. ولن أتحدث عن تداعيات (الخريف العربي)، و (فوضى امريكا الخلاقة) في منطقة الشرق الأوسط.
وبالجملة: ما من فتنة هنا أو هناك، في هذا العالم الفسيح، إلا من خلفها فوضى أمريكا، وديمقراطيتها العرجاء، وكيلها بمكيالين.
أما في ما يتعلق بقرار الشعب الأمريكي في التصويت لانتخابات الرئاسة، ففي تقديري: يحكمه المزاج، والأهواء، والانفعال الآني، أكثر ممّا يحكمه العقل الرزين. ولأن أهل مكة أدري بشعابها كما نقول، يدرك الأمريكيون (مكرهين) أكثر من أي شعب آخر، أن بلادهم يحكمها اللوبي اليهودي، طوعاً، أو كرهاً، إن فاز الديمقراطيون، أو الجمهوريون، فالأمر سيَّان، أكد هذا كثير من الأكاديميين الأمريكيين أنفسهم. ففي ما يتعلق بالأهواء، والمزاج العام، واللحظة الآنية، مثلاً: فوز الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، الذي كان ديمقراطياً ليبرالياً في الأساس، ثم (تجمّهر) وجاء للانتخابات من شاشة السينما، عام 1980، فوزه على سلفه جيمي كارتر الديمقراطي الأصل، الذي جاء للبيت الأبيض من مراكز الأبحاث والقلم والقرطاس، إثر أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران. مع أن الكل كان يدرك جيداً: أن كارتر كان أكثر علماً، وأرجح عقلاً، وأبعد نظراً، وأطيب قلباً، مقارنة بمنافسه ريغان.
والذي أراه اليوم، أن رؤية اللوبي اليهودي في أمريكا لحرب دولة الكيان اليهودي على غزة، هي التي تحدِّد الفائز.
والمحصلة في تقديري المتواضع: لا ينتظر أحد جديداً من انتخابات أمريكا، إن حكمها زيد أو عمرو.