أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوي تحمل رقم “8093” عن مدى صحة حديث: «إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»؟  وبيان معناه ؟

قائلة: كلما اعتنت الأمم والشعوب والمجتمعات بضعفائها ومحتاجيها كان ذلك أدلَّ على رقيها وأرفع لعمادها، وأقوى لنصرها وأقوم لاقتصادها، وأبعثَ لنهضتها وأسمى لحضارتها، وأبعدَ لها من البلايا وأنأى بها عن الرزايا؛ كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ابْغُونِي فِي ضُعَفَائِكُمْ؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وصححه -واللفظ له-، والنسائي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وصححه المنذري في "الترغيب والترهيب"، وحسّنه البغوي في "مصابيح السنة"، والنووي في "خلاصة الأحكام"، وقال في "رياض الصالحين": "إسناده جيد".

وهو في "صحيح البخاري" من حديث بلفظ: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ».

قال الإمام المظهري [ت: 727هـ] في "المفاتيح في شرح المصابيح" (4/ 405، ط. دار النوادر): [يعني: اطلبوني في ضعفائكم؛ فإني معهم في الصورة في بعض الأوقات، وقلبي معهم في كل الأوقات؛ لِمَا أعرف من عظيم منزلتهم عند الله، فإنكم ببركتهم تُرزقون وتنصرون؛ يعني: عظِّموهم لأجل خاطري؛ فإنَّ مَن حَفِظَهم فقد حفظني، ومن أحبهم فقد أحبني] اهـ.

وقال أيضًا (5/ 296): [يعني: أنا صحب الضعفاء ورفيقُهم وجليسهم؛ لأن لهم فضلًا، فإذا كنت معهم فمن أكرمَهم فقد أكرمني، ومن آذاهم فقد آذاني] اهـ.

وقد ذكر الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخارى" (5/ 90، ط. دار الرشد) في تأويل معنى كون النصر والرزق بسبب عباد الله الضعفاء أنهم: [أشدّ إخلاصًا وأكثر خشوعًا؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها، وصفاء ضمائرهم ممَّا يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدًا؛ فزكت أعمالهم، وأجيب دعاؤهم] اهـ.

وعدَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى وجعل أصحابَه أحب الناس إليه سبحانه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ -وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ- مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَها لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ» أخرجه الطبراني في معاجمه: "الكبير" و"الأوسط" و"الصغير". وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الإفتاء تجيب دار الإفتاء المصرية ت ر ز ق ون ت ن ص ر ون

إقرأ أيضاً:

ماحكم الوضوء من الترع على حالها؟.. الإفتاء تجيب

قالت دار الإفتاء المصرية، إن  يجوز الوضوء من الأنهار والقنوات الجارية، ولا كراهةَ في ذلكَ، لكون مائها جاريًا لا تَظْهَر فيه نجاسةٌ، ولا تتأثَّر أوصافُه الثلاثة.

وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما هو حكم الوضوء من الترع على حالها؟ أن الماء يتجدَّد بالجريان، فإن ظَهَرتْ أحد أوصافِ النجاسة عليه؛ فإنَّه لا يجوز الطهارة من هذا الحيز الذي ظَهَرت فيها أوصاف النجاسة خاصة.

وطالبت دار الإفتاء المصرية المواطنين بالحفاظ على مياه نهر النيل وقنواته المائية المختلفة؛ حمايةً له مِن أن يكون موطنًا للأمراضِ والأوبئة.

وذكرت دار الإفتاء أن الوضوء شرط صحة لكثيرٍ من العبادات؛ كالصلاة بجميع أنواعها -فرضًا أو سنةً أو نفلًا- وسجود التلاوة، والطواف بالبيت الحرام، ومسِّ المصحف ونحوه.

وتابعت دار الإفتاء: ومع كون ماء الترع بدرجاتها الأربعة الناقلة لمياه نهر النيل تعتبر ماءً جاريًا إلَّا أنَّ صلاحيتها للوضوء من عدمها في أيام مناوبات الري التي لا يتم إطلاق الماء خلالها: تتوقف على تغير هذه المياه بأحد أوصافها الثلاثة؛ فإذا ظهرت فيها آثار النجاسة من طَعْمٍ أو لونٍ أو رائحةٍ؛ كان الماء نجسًا بالإجماع لا يصلح للوضوء والطهارة، وإذا لم تظهر فيها آثار النجاسة، فهو طاهر يجوز الوضوء والطهارة منه؛ لما قررناه من أنَّ الماء الجاري والماء الذي بلغ قلتين (270 لترًا تقريبًا) إذا وقعت فيه نجاسة لم يكن نجسًا، ما لم يتغير طعمه أو لونه أو رائحته.

وأوضحت أنَّ عدم صلاحية ماء الترع والمساقي حالة تَغيُّر الماء عن حالته الأصلية، واختلاطه بالملوثات مقتصرٌ على الحيز الذي ظهرت فيه النجاسة، وأَثَّرت على طَعْم الماء أو لونِه أو رائحتِه.

مقالات مشابهة

  • ما حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات؟ .. الإفتاء تجيب
  • أيهما أفضل العمرة أم الإنفاق على الفقراء والمحتاجين ؟.. الإفتاء تجيب
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة صحيح البخاري بمسجد الحسين
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة «صحيح الإمام البخاري» من مسجد الإمام الحسين
  • انعقاد مجلس الحديث العشرين لقراءة “صحيح البخاري” من مسجد الإمام الحسين
  • هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • هل بر الوالدين يكفر الذنوب؟.. الإفتاء تجيب
  • ماحكم الوضوء من الترع على حالها؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم خلع لباس الإحرام وتغييره.. دار الإفتاء تجيب