ما صحة حديث «إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» ؟ الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوي تحمل رقم “8093” عن مدى صحة حديث: «إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»؟ وبيان معناه ؟
قائلة: كلما اعتنت الأمم والشعوب والمجتمعات بضعفائها ومحتاجيها كان ذلك أدلَّ على رقيها وأرفع لعمادها، وأقوى لنصرها وأقوم لاقتصادها، وأبعثَ لنهضتها وأسمى لحضارتها، وأبعدَ لها من البلايا وأنأى بها عن الرزايا؛ كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ابْغُونِي فِي ضُعَفَائِكُمْ؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وصححه -واللفظ له-، والنسائي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وصححه المنذري في "الترغيب والترهيب"، وحسّنه البغوي في "مصابيح السنة"، والنووي في "خلاصة الأحكام"، وقال في "رياض الصالحين": "إسناده جيد".
وهو في "صحيح البخاري" من حديث بلفظ: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ».
قال الإمام المظهري [ت: 727هـ] في "المفاتيح في شرح المصابيح" (4/ 405، ط. دار النوادر): [يعني: اطلبوني في ضعفائكم؛ فإني معهم في الصورة في بعض الأوقات، وقلبي معهم في كل الأوقات؛ لِمَا أعرف من عظيم منزلتهم عند الله، فإنكم ببركتهم تُرزقون وتنصرون؛ يعني: عظِّموهم لأجل خاطري؛ فإنَّ مَن حَفِظَهم فقد حفظني، ومن أحبهم فقد أحبني] اهـ.
وقال أيضًا (5/ 296): [يعني: أنا صحب الضعفاء ورفيقُهم وجليسهم؛ لأن لهم فضلًا، فإذا كنت معهم فمن أكرمَهم فقد أكرمني، ومن آذاهم فقد آذاني] اهـ.
وقد ذكر الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخارى" (5/ 90، ط. دار الرشد) في تأويل معنى كون النصر والرزق بسبب عباد الله الضعفاء أنهم: [أشدّ إخلاصًا وأكثر خشوعًا؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها، وصفاء ضمائرهم ممَّا يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدًا؛ فزكت أعمالهم، وأجيب دعاؤهم] اهـ.
وعدَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى وجعل أصحابَه أحب الناس إليه سبحانه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ -وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ- مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَها لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ» أخرجه الطبراني في معاجمه: "الكبير" و"الأوسط" و"الصغير". وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الإفتاء تجيب دار الإفتاء المصرية ت ر ز ق ون ت ن ص ر ون
إقرأ أيضاً:
15 عامًا من العطاء.. دار الإفتاء تحتفي بإنجازات الإمام الأكبر أحمد الطيب
في ذكرى مرور 15 عامًا على توليه مشيخة الأزهر، رفعت دار الإفتاء المصرية أسمى آيات التقدير لفضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مشيدة بدوره البارز في ترسيخ مبادئ الوسطية الإسلامية، ونشر قيم الحكمة والاعتدال في ظل التحديات التي تواجه العالم الإسلامي.
شهد الأزهر الشريف خلال قيادة الإمام الطيب تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، حيث عمل على تحديث المناهج الأزهرية مع الحفاظ على الأصول الإسلامية، وتعزيز دور الأزهر عالميًا في مواجهة الفكر المتطرف، بالإضافة إلى إطلاق برامج تدريبية متطورة للأئمة والخطباء لمواكبة المتغيرات الفكرية والثقافية.
وامتدت جهود فضيلة الإمام الأكبر إلى الساحة الدولية، حيث قاد مبادرات لتعزيز الحوار بين الأديان، ووقع وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس، كما تصدى لحملات الإسلاموفوبيا، وأكد دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، محذرًا من مخاطر تهويد المقدسات.
وفي هذه المناسبة، أكدت دار الإفتاء اعتزازها بجهود الإمام الأكبر، داعية الله أن يمتّعه بالصحة والعافية، ويبارك في مساعيه لخدمة الإسلام والمسلمين، ويحفظ الأزهر منارةً للعلم والوسطية في العالم.