ما حكم المسارعة بتجهيز الميت ودفنه؟ وهل هذا من السنة؟ الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية عن ما حكم المسارعة بتجهيز الميت ودفنه؟ وهل هذا من السنة؟ عبر فتوى تحمل رقم “8092”.
قائلة: من مظاهر تكريم الإسلام للإنسان بعد موته جعل الله تعالى أهم مظاهر تكريم الإنسان بعد خروج روحه: التعجيلَ بتغسيلِه، وتكفينِه، والصلاةِ عليه، ودفنِه، وهذا ما أجمعت عليه أمة الإسلام إلى يومنا هذا؛ حتى سمّاها الفقهاء: الأركان الأربعة التي تجب على الحي في حق الميت.
وأوجب الله دَفنَ الميت ومُوارَاة بَدَنِهِ؛ إكرامًا للإنسان وصيانة لحرمته وحفظًا لأمانته؛ حتَّى تُمنَع رائحتُه وتُصانَ جُثَّتُه وتُحفَظَ كرامتُه؛ لأن حرمته ميتًا كحرمته حيًّا، وجعله حقًّا مفروضًا لكل ميتٍ، وفرض كفاية على المسلمين: إن قام البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن تركوه أثموا جميعًا، وهذا من الأحكام الشرعية القطعية التي دلت عليها أدلة الوحي وإجماع الأمة سلفًا وخلفًا:
فأما الكتاب؛ فقال تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ﴾ [المائدة: 31]؛ فكان إرسال الغراب إعلامًا بوجوب الدفن؛ قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (4/ 301، ط. دار الكتب المصرية): [وأما دفنه في التراب ودسه وستره فذلك واجب؛ لهذه الآية] اهـ بتصرف.
وأما الإجماع؛ قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 244، ط. مطبعة الحبي): [وأجمَعوا على وجوبِ الدَّفنِ] اهـ.
وقال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 44، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن دفن الميت لازم واجب على الناس، لا يسعهم تركُه عند الإمكان] اهـ.
لم تكتف الشريعة بفرض حق الدفن للميت، حتى شددت على سرعة استيفائه، ودعت إلى المبادرة بأدائه؛ حفظًا لكرامته وصونًا لحرمته؛ فأجمعت الأمة على مشروعية الإسراع بالجنازة؛ لما ورد من الأمر النبوي المؤكد بسرعة دفن الميت والنهي عن التباطؤ أو التلكؤ فيه، وعلى ذلك مضى عمل الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم؛ حتى حمل بعضُ الفقهاء ذلك على الوجوب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» متفق عليه.
قال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (3/ 382، ط. دار الفكر): [ويجب الإسراع بالجنازة، ونستحب أن لا يزول عنها من صلى عليها حتى تدفن، فإن انصرف قبل الدفن: فلا حرج، ولا معنى لانتظار إذن ولي الجنازة. أما وجوب الإسراع: فلِمَا رُوِّينَاهُ من طريق مسلم.. فذكر الحديث ثم قال: وهو عمل الصحابة، كما رُوِّينَا من طريق أحمد بن شعيب.. عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: "لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنا لنكاد نَرمُلُ بالجنازة رَملًا"] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدامة المقدسي الحنبلي في "المُغني" (2/ 352، ط. مكتبة القاهرة): [لا خلاف بين الأئمة رحمهم الله في استحباب الإسراع بالجنازة، وبه وردَ النَّص] اهـ. وقال أيضًـــا (2/ 337): [قال أحمد: كَرامَةُ الميتِ تَعجِيلُهُ] اهـ.
وروى الإمام أبو داود في "السنن": أن طلحة بن البراء رضي الله عنه مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوده فقال: «إِنِّي لَا أَرَى طَلْحَةَ إِلَّا قَدْ حَدَثَ بِهِ الْمَوْتُ؛ فَآذِنُونِي بِهِ وَعَجِّلُوا؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ».
قال الإمام الطيبي في "شرح المشكاة" (4/ 1376، ط. مكتبة الباز): [قوله: «لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ»: وصف مناسب للحكم بعدم الحبس؛ وذلك أن المؤمن عزيز مكرم، فإذا استحال جيفة ونتنا استقذره النفوس وتنبو عنه الطباع فيهان، فينبغي أن يسرع فيما يواريه، فيستمر على عزته؛ فذكر الجيفة ها هنا كذكر السوأة في قوله تعالى: ﴿لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ﴾، السوأة: الفضيحة؛ لقبحها] اهـ.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ» أخرجه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 184، ط. دار المعرفة): [قال القرطبي: "مقصود الحديث: أن لا يُتَبَاطَأَ بالميتِ عن الدفن"] اهـ.
وعن علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «يَا عَلِيُّ، ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلاَةُ إِذَا آنَتْ، وَالجِنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ، وَالأَيِّمُ إِذَا وَجَدْتَ لَهَا كُفْؤًا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والضياء في "المختارة".
وقال الزبير بن العوام رضي الله عنه: "إنما كرامة الميت تعجيلُه" رواه ابن شبة في "تاريخ المدينة".
وقال أيوب السختياني: "كان يقال: مِن كرامة الميت على أهله تعجيلُه إلى حُفرَتِه" رواه ابن أبي الدنيا.
وقال أبو الصدِّيق الناجي: "إن كان الرجل لينقطع شِسْعُهُ في الجنازة، فما يدركها أو ما كاد أن يدركها" رواه ابن أبي شيبةَ في "المُصنف".
قد بالغت الشريعة المطهرة في استيفاء حق الدفن للميت وقدمته على ما عداه؛ حتى خفَّفت لأجله صلاة الجنازة؛ فلم تجعل لها أذانًا ولا إقامة، ولا ركوعًا ولا سجودًا، ولم تشرع بعد الفاتحة فيها قراءةً، واستثنت أداءها في أوقات الكراهة.
وأفتى جماعةٌ من الفقهاء بمشروعية صلاة الجنازة على من مات قبل صلاة الجمعة دون انتظار الجمعة، وأن فريضة الجمعة تسقط عن أهله ومن يتبعهم ويصلونها ظهرًا؛ لضرورة الإسراع بالجنازة؛ قال الإمام ابن الحاج المالكي في "المدخل" (2/ 220، ط. دار التراث): [وقد وردت السنة أن من إكرام الميت تعجيلَ الصلاةِ عليه ودفنِه. وقد كان بعض العلماء رحمه الله ممن كان يحافظ على السنة إذا جاءوا بالميت إلى المسجد، صلى عليه قبل الخطبة، ويأمر أهله أن يخرجوا إلى دفنه ويعلمهم أن الجمعة ساقطة عنهم إن لم يدركوها بعد دفنه، فجزاه الله خيرا عن نفسه على محافظته على السنة والتنبيه على البدعة، فلو كان العلماء ماشين على ما مشى عليه هذا السيدُ لانسدَّتْ هذه الثُّلْمةُ التي وقعت] اهـ.
وقال العلَّامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 602، ط. دار الكتب العلمية): [وقد جرت عادة الناس في هذا الزمان بتأخير الجنائز إلى بعد الجمعة، فينبغي التحذير عن ذلك. وقد حكى ابن الرفعة: أنَّ الشيخ عز الدين بن عبد السلام لما ولي الخطابة بجامع مصر كان يصلي على الجنازة قبل الجمعة، ويفتي الحمَّالين وأهل الميت بسقوط الجمعة عنهم؛ ليذهبوا بها. بل ينبغي أن يُراد بهم: كل من يشق عليه التخلف عن تشييعه منهم] اهـ.
وقد علَّق على ذلك العلَّامة الحصني الدمشقي الشافعي في "كفاية الأخيار" (ص: 142، ط. دار الخير) فقال: [وقد صرح بذلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وهي مسألةٌ حَسَنة] اهـ.
ومما ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ودفنه الإفتاء تجيب النبی صلى الله علیه وآله وسلم قال الإمام ابن رضی الله عنه
إقرأ أيضاً:
حكم دفن الميت ليلا .. احذر 3 أوقات لا تدفن فيها المتوفى
هل يجوز دفن الميت ليلا؟ يبحث الكثير عن حكم الدفن ليلا والأوقات التي لا يجوز فيها دفن الميت ، وأوقات نهى الإسلام فيها عن دفن الميت وردت في عقبة بن عامر الجهني رضى الله عنه قال: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ» رواه مسلم.
أوقات الدفن المنهي عنهاأوقات الدفن المنهي عنها ثلاث ساعات وردت في عقبة بن عامر، وهي: عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها قبيل الظهر حتى تزول قبل الظهر بقليل، وعند غروبها عند انحدارها للغروب، وتضيفها للغروب واصفرارها.
دفن الميت قبل المغربأكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" رواه مسلم.
وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ".
حكم بناء القبر دورينوقال الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز بناء مقبرة ثانية فوق المقبرة الأولى في حال الضيق بشرط وضع الكثير من التراب، لامتصاص الرطوبة، ولكن هذا الأمر لا يجوز في حالة السعة والاختيار وجود الكثير من الأراضي.
وأوضح «فخر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم بناء دور ثاني في المقابر؟ وهل يجوز بناء دور ثاني بمقبرة لتجميع العظام بها؟»، أنه من الأفضل في هذه المسألة قول يجوز ولا يجوز، فكلاهما صحيح بين حالتي السعة والضيق، بمعنى أنه إذا كانت الحالة فيها سعة واختيار، فلا ينبغي بناء دور ثاني للمقبرة.
ولفت إلى أنه في حال امتِلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميتٍ في القبر الواحد إلَّا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجِزٍ حتى ولو كانوا مِن جِنْسٍ واحد.
دعاء للميت مستجاب.. ردده في جوف الليل وكن على يقين برحمة اللهدعاء للميت يوم الجمعة .. يفرح به المتوفى ويجعل قبره من رياض الجنة
حكم بناء دور ثان للمقبرةونبه على أنه إذا حصلت الضرورة فيُمكِن عملُ أدوارٍ داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطيةُ الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوبٍ أو حجارةٍ لا تَمَسُّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويُدفَن فوقَه الميتُ الجديد, وكذلك العظَّاماتُ، لا يُلجأ إليها إلَّا عند الضرورة التي لا تَندَفِع بغيرها، وذلك كلُّه بشرط التعامل بإكرامٍ واحترامٍ مع الموتى أو ما تَبقَّى مِنهم؛ لأن "حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا".
حكم دفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة عند الضرورةأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يجب أن يُفرَد كلُّ ميت بقبر لا يشترك معه فيه غيره، إلا إذا ضاقت بهم المقابر؛ فقد صح أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجمع بين الرجلين والثلاثة من شهداء أُحد في قبر واحد، وكذلك يجب أن يكون للرجال مقابرهم وللنساء مقابرهن، فإذا لم يتيسر ذلك واقتضت الظروف أن يدفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة فيجب أن يكون هناك حاجز من الطوب أو ساتر من التراب بين الرجال والنساء.
كيفية دفن الميتأفادت دار الإفتاء المصرية، بأنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله تعالى في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (المرسلات: 25-26)، وقد حَثَّ الإسلامُ عليه، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين.
وأضافت الإفتاء فى فتوى لها، أن المأثور في كيفية دَفن الميت أنه بعد دخوله القبرَ يُوضَع على شِقِّهِ الأيمن استِحبابًا، ويجب أن يُوَجَّه وَجهُهُ إلى القِبلة، وهذا باتِّفاق الأئمة الأربعة، ويَحرُمُ تَوجيهُ الوَجهِ لغير القِبلة؛ كما هو حاصلٌ مِن بعض مَن يدفن في هذا الزمان.
وتابعت: «ويُدخَل بالميت مِن فتحة القبر؛ بحيث يُدفَن تِجاه القِبلة مُباشَرةً مِن غير حاجَةٍ إلى الدَّوَران به داخل القبر، وذلك حسب فتحة القبر؛ إذ المطلوب شرعًا هو وضعُ الميت في قبره على شِقِّه الأيمن وتوجيهُ وَجهِهِ لِلقِبلة كما سَبَق، ولا يَضُرُّ أن يكون الدَّفن على الرَّمل أو التُّراب، فكُلُّ ذلك جائز».
خطأ شائع أثناء غسل الميتكشف الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، عن خطأ شائع منتشر بين الناس أثناء غسل الميت، قائلًا: «إن بعض الغرباء هم من يتولون أمر الغُسل، وهذا مُخالف للأصل، فلابد أن يعلم الأب أبناءه الغسل لأنه هم الأحق بذلك.
وأفاد «أبوبكر» بأن أولى الناس بغسل الميت الرجل: الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم؛ لأنهم أولى الناس بالصلاة عليه.
حكم غسل لزوجته لزوجها المتوفىألمح إلى أنه يجوز للزوجة أن تغسل زوجها؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: «أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى أسماء بنت عميسٍ زوجته أن تغسله».
حكم غسل الميتوشدد على أن غُسل الميت فرض على الكفاية -إذا فعله البعض سقط عن الباقين؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحاج الذي سقط من بعيره ومات: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا» رواه مسلم.
كيفية غسل الميتوذكر أنه يغسل الميت أولًا بماء مطلق، فيعمم جميع جسده بالماء بعد عصر بطنه لإخراج ما فيها، وإزالة ما علق بجسمه من نجاسات، ينوي المغسل عند غسله غسل الميت، ويستحب أن يوضع الميت على مكان مرتفع ليسهل غسله، وأن تستر عورته إن لم يكن صبيًّا صغيرًا، وينبغي أن يغسله أمينٌ كاتمٌ للسر حتى لا يفضح أمره إن رأى فيه ما يعاب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليغسل موتاكم المأمونون» رواه ابن ماجه.
وواصل: ثم يغسله ثلاثًا بالماء والصابون، أو بالماء المطيب، مبتدئًا باليمين، وله أن يغسله أكثر من الثلاثة، بحيث تكون الغسلات وترًا: خمسًا أو سبعًا، وذلك إن رأى ما يدعو إلى الزيادة؛ ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال للنسوة اللاتي جئن يغسلن زينب ابنته رضي الله عنها: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» رواه البخاري، وبعد الغسل يُطَيِّبُ جسمه بشيء من الطيب مثل الكافور أو ما يقوم مقامه.
كيفية صلاة الجنازة
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلاة الجنازة فرض كفاية إذا فعلها البعض سقطت عن الباقين الذين لم يصلوها على الميت، وتكون عبارة عن أربع تكبيرات.
وأوضح «شلبي»، في إجابته عن سؤال: «ما كيفية الصلاة على الجنازة»، أن يكبر المصلي التكبيرة الأولى ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية التي نقرؤها في الصلاة التشهد، ثم يكبر الثالثة ويجتهد في الدعاء للميت بالمغفرة ورفع الدرجات وأن يبدله الله خيرًا من أهله وأن يخلفه في أهله بخير، ثم يكبر الرابعة ويدعو لجميع المسلمين أحياء وأمواتًا.