من هذه اللحظة خلع عنِّي لقب زوجة، وأصبح لقبي مطلَّقة، هنا ألقيتُ بجسدي المُنهَك على كرسيِّ المفضَّل الَّذي طالما جلستُ عَلَيْه لساعات وساعات، استرجعتُ شريط ذكرياتي يوم أن نلتُ لقب (مخطوبة) هو لقب يجعلني أزهو بَيْنَ صديقاتي، وأستبشر بمستقبل سعيد، تذكَّرتُ تجوُّلنا أنا وصديقاتي في المُجمَّعات لأشتريَ تجهيزات الزفاف، وأغاني الفرح تعلو في سيارتنا، تذكَّرتُ فستاني الأبيض الطويل الَّذي كنتُ أجرُّه بزهو وخيلاء في قاعة حفل زفاي، وأيَّام شهر العسل السَّعيدة، فهنا عرفتُ معنى كلمة السَّعادة، وتذكَّرتُ يوم أن نلتُ لقب (أُم) هنا لَمْ يتحملْ قلبي الصغير كُلَّ هذه المشاعر السَّعيدة حتَّى باتت تفيض عَيْناي بدموع السَّعادة، وكان قلبي يخفق فرحًا عِندما صار لابنتي أخٌ سيلعب معها وسنأنسُ بضحكاتهما وشجارهما في البيت وفي السِّيارة، وتذكَّرتُ كيف ازداد الشجار بَيْنَي وبَيْنَ زوجي لتتحوَّلَ حياتنا السَّعيدة إلى حلقات مبارزة كُلُّ طرفٍ يسعى لِيذخرَ بمكاسب من الآخر، لِيستمرَّ الشجار ولِيتحوَّلَ بيتنا الصغير إلى جحيم لا يطيق أحَد العيش فيه، وحتَّى صغيرانا زهَدَا في أحضاننا الحنونة؛ لأنَّها وسط هذا الجحيم.
باتَ هذا الرجُل الَّذي أحببْتُه يومًا ما غريبًا عنِّي، باتَ رجُلًا أجنبيًّا، وسأغادر هذا البيت الَّذي اخترتُ كُلَّ زاوية فيه، اشتريتُ كُلَّ قطعة أثاث فيه، وكُلَّ تحفة، وكُلَّ جهاز في مطبخي الصغير، وسأغادر غرفة ألعاب ابنَيَّ الَّتي نقضي فيها ساعات، لِيتحوَّلَ هذا العشُّ إلى ماضٍ، قَدْ لا يكُونُ له مكان حتَّى في ذاكرتي. وسيتغيَّر حال ابنَيَّ، سيكُونان مجرَّد ضيوف في بيت أبيهما يزورانه كُلَّ أسبوع، وستتغيَّر استمارة المعلومات لدى المشرِفة الاجتماعيَّة في مدرستهما لِتكُونَ حالة الأُسرة: (مطلَّقَيْن) وسيُصنَّف ابنَيَّ بأنَّهما ابْنَا أُسرة متصدِّعة لِيتعاملَ معها التربويون في المدرسة بشكلٍ مختلف، وسأكونُ مجرَّد ماضٍ في حياة زوجي، وسيكُونُ هو مجرَّد ماضٍ في حياتي، وعلى كُلٍّ مِنَّا أن يقلبَ صفحة الماضي ويبدأَ صفحة جديدة في حياته. أمَّا طفلَيْنا فسيُعانيان من آلام مشاعر الشَّوق، لأبيهما، وربَّما لأُمِّهما، وسيبحثان عن أبٍ يعوِّضهما مشاعر الأبوَّة بَيْنَ أخوالهما أو بَيْنَ أعمامهما.
لكن عليَّ أن أرسمَ سيناريو حياة ابنَيَّ القادمة، سيظلُّ زوجي السَّابق هو أباهما، وسأظلُّ أنا أُمَّهما، عَلَيْنا أن نتخلَّى عن أنانيَّتنا بعد أن دمَّرنا عشَّ صغيرَيْنا؛ لِنعوِّضَهما بنظام حياة يُقلِّل أضرار الطلاق بالقدر المُمكن، سنظلُّ نحن الاثنان لَهُما أبويْنِ، عَلَيْنا أن نتعاونَ لِتحقيقِ مصلحتهما، هو مشروع يجمعنا، فأنا وزميلاتي في العمل نتواصل ونتعاون عِندما نعمل في مُهمَّة واحدة ونجتهد معًا لِتحقيقِ أهداف هذه المُهمَّة، ولا نلتفت للخلافات في التعامل مع بعضنا البعض، ونتجاهل الاختلاف في الطبائع بَيْنَنا، فالأولى أن نعملَ بهذا النهج أنا وزوجي السَّابق لِنربيَ ولدَيْنا معًا، عَلَيْنا أن نتعاونَ نتكاتفَ، نبتعدَ عن العداء لبعضنا البعض، وألَّا ننتقمَ من بعضنا البعض على حساب مصلحة ولدَيْنا، وستجمعنا كلمة واحدة (أُم العيال وأبو العيال) سنذهب معًا لليوم المفتوح لِنسألَ عن أحوال طفلَيْنا في المدرسة، سأعرضُ عَلَيْه جميع مشاكل التربية الَّتي أمُرُّ بها، وسأخبره بأحوال الولدَيْنِ أوَّلًا بأوَّل، مستواهما الدراسي، أحوالهما الصحيَّة، علاقاتهما مع أصدقائهما، حتَّى مرافقته لهما للسُّوق ولحديقة الألعاب سأتمسَّكُ بها فتلك حقوق ابنَيَّ الَّتي يجِبُ أن أحافظَ عَلَيْها، ولَنْ أكتفيَ بتنفيذ حُكم القاضي بزيارتهما لأبيهما يومًا في الأسبوع، بل سأدفع بهما له طوال الأسبوع ما أمكن، لا أريدُ أن يكُونَ ابنَيَّ مجرَّد ماضٍ في حياة أبيهما، فتضيع حقوقهما.
نعم.. لَمْ تَعُدْ زوجي، لكنَّك ستظلُّ أبا ابنَيَّ، لذا لَنْ ينقطعَ تواصلنا سأتعاملُ معك كما أتعامل مع زملائي في العمل نتعاون، ونتفاهم، ونجتهد معًا لتحقيقِ مصلحة مشتركة. أبا ابنَيَّ: سأظلُّ أتشاور معَك ونتباحث في تربية ولدَيْنا، ولتحقيقِ مصلحتهما. وسنكتُم معًا أسرار ولدَيْنا عن الآخرين كما كنَّا نفعل، وسنتحاور لِنتَّخذَ قرارات مشتركة في حياتهما، تحديد المدرسة الَّتي سينتقلان لها، التخصُّص الَّذي سيدرسانه، اختيار الطبيب الَّذي سيراجعه ولَدانا لا قدَّر الله، وسنتحاور في قرارات الطبيب. أبا ولدَيَّ: عَلَيْنا أن نطويَ صفحة الشجار والغضب الَّتي كانت تلفُّ علاقتنا، وتبقى علاقة الاحترام والتعاون والتفاهم في مشروعنا المشترك (تربية ولدَيْنا). أبا ولدَيَّ: لَنْ نجعلَ ابنَيْنا يدفعان ثمَن فشَلِنا في إقامة علاقة زوجيَّة سليمة، لَنْ نجعلَهما يدفعان تبعات هدم أُسرتهما الَّتي هدَمناها بأيدينا. ولْيكُنْ مبدؤنا الَّذي نتمسَّك به أن نقلِّلَ أضرار الطلاق على ولدَيْنا ما استطعنا… وداعًا زوجي السَّابق، ومرحبًا بأبي ولدَيَّ.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ع ل ی نا أن
إقرأ أيضاً:
وصلت للعالمية ونهايتها حزينة.. محطات في حياة «داليدا» بنت حي شبرا
حلت أمس الجمعة 17 يناير، الذكرى الـ 92 لميلاد الفنانة الإيطالية الفرنسية المصريةداليدا، والتي حفرت اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الغناء، لما تمتعت من موهبة كبيرة، وصوت عذب أمتعت به الملايين من محبيها، ومرت المطربة الراحلة بمحطات عديدة في حياتها لكن لا تزال سيرتها تثير الحزن والشجن لدى الجماهير العريضة التي تعلقت بها، فقد كتبت السطور الأخيرة من حياتها بالانتحار.
نشأة الفنانة داليداولدت يولاندا كريستينا جيجليوتي، التي عرفها العالم باسم داليدا، في حي شبرا في مصر، يوم 17 يناير 1933، لأبوين إيطاليين، حيث هاجر أجدادها إلى مصر في بداية القرن الـ 20، وحققت نجاحاً كبيراً في عالم الغناء، ولها العديد من الأعمال الغنائية التي لا تزال محفورة في أذهان الجماهير المصرية والأحنية.
في عام 1954، قررت داليدا السفر إلى فرنسا بحثًا عن فرصة فنية أكبر، ورغم أنها لم تجد النجاح في البداية، قابلت رولاند برجر، الذي اكتشف موهبتها الغنائية وبدأ بتدريبها، وغنت في الصالات الليلية في باريس، حتى لفتت انتباه برونو كوكاتريكس، مدير أشهر قاعة موسيقية في المدينة، مما ساعدها على تحقيق شهرة واسعة.
عمر الشريف وداليدا بداية الحلم للفنانة داليدا في مصربدأت داليدا حياتها العملية كسكرتيرة في شركة أدوية بعد وفاة والدها، لتساعد أسرتها ماليًا، لكن شغفها بالفن دفعها للمشاركة في مسابقة ملكة الجمال عام 1954، وفازت بالمركز الثاني دون علم والدتها، وبقيت تعمل في وظيفتها اليومية بينما ترددت على استديوهات السينما وشاركت بأدوار صغيرة.
أولى خطواتها نحو الغناء، جاءت عندما سجلت أغنيتها الأولى «فتان يا ليل فتان» عام 1955، أما في السينما، فقد شاركت في فيلم «سيجارة وكأس»، ثم لعبت دور راقصة مصرية في فيلم «ذهب النيل»، الذي أُنتج بين مصر وفرنسا.
المطربة داليداأصبحت داليدا نجمة عالمية، فقدمت أغاني بأكثر من 500 أغنية بلغات مختلفة، مثل «حلوة يا بلدي» و«سالمة يا سلامة»، التي تحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين، ورغم نجاحها الكبير في فرنسا والعالم، بقيت متصلة بجذورها المصرية، وشاركت في آخر أفلامها بمصر «اليوم السادس» مع يوسف شاهين.
التحول من «دليلة» إلى «داليدا»كانت داليدا في البداية تحمل اسم «دليلة»، تأثرًا بالممثلة هيدي لامار ودورها في فيلم «سامسون ودليلة»، لكن المخرج الفرنسي مارك دي جاستين نصحها بتغيير الاسم إلى «داليدا»، ليصبح أكثر بساطة وقبولًا في الغرب.
داليدارحلة الفنانة داليدا مع الحب
زواج داليدا من لوسيان موريستزوجت الراحلة داليد من لوسيان موريس، وكانت قصة حبهما حديث وسائل الإعلام وقتها، ورغم ذلك انفصلا بعد زواج دام عدة أشهر فقط، لكن حاول لوسيان العودة مرة أخرى لداليدا وعندما فشل قام بإطلاق النار على نفسه.
ارتباط داليدا بلويجى تينكووبعد وفاة زوجها السابق بسنوات تعرفت داليدا على مغنى شاب إيطالى الجنسية يدعى لويجي تينكو، الذى كان لايزال في بداية طريقه، فقامت بدعمه ليصبح نجما لكنه فشل في النهاية لذلك انتحر بمسدسه.
داليدا داليدا مع شاب صغيرعام 1973 فاجأت داليدا جمهورها بإطلاقها أغنية (Il venait d’avoir dix-huit ans)، والتي كانت تتحدث فيها عن حبها لطالب يبلغ عمره 18 عاماً، والذى يقال إنه لقى حتفه منتحرا، لكن هذه العلاقة كانت أسفرت عن حمل لكنها تعرضت للإجهاض في النهاية.
قصة حب داليدا مع مغنٍ شابوفي السبعينيات عاشت قصة حب قوية مع مغنٍ شاب يدعى مايك برانت انتحر عام 1975.
دخلت داليدا في بئر الاكتئاب المظلم، الذى دفعها في النهاية إلى الانتحار عام 1987 تاركة رسالة مفادها «الحياة صارت لا تحتمل، سامحونى».
اقرأ أيضاًشبهت نفسها بـ «داليدا».. عبير صبري: أفكر في كتابة مذكراتي
في ذكرى ميلادها.. داليدا «أسطورة الغناء» التي خطفت قلب عمر الشريف
في ذكرى ميلادها.. داليدا «أسطورة الغناء» التي خطفت قلب عمر الشريف