جريدة الوطن:
2025-01-25@04:06:17 GMT

استدارة غير مكتملة فـي الموقف الأميركي

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

استدارة غير مكتملة فـي الموقف الأميركي

الضغوط الدبلوماسيَّة على «إسرائيل» من جانب المُجتمع الدولي بعد خمسين يومًا من العدوان والقصف الجوِّي المجنون ضدَّ المَدنيِّين والبنى التحتيَّة وما استولده من أزماتٍ إنسانيَّة، دفعت الكثير من المنظومات السِّياسيَّة والدوليَّة لرفع صوتها بما في ذلك تراجع الإدارة الأميركيَّة عمَّا طرحته في الأيَّام الأولى من العدوان.

الموقف الأميركي، تدحرج سريعًا، من مسح القِطاع، إلى تهجير مواطنيه إلى سيناء وغيرها، وصولًا للموقف المُعلن في اجتماعاتِ طوكيو لوزراء خارجيَّة الدوَل السَّبع يوم 11/11/2023 حين أكَّدَ وزير خارجيَّة أميركا أنتوني بلينكن «إنَّ قِطاع غزَّة ومصيره يقرِّره الفلسطينيون، ولا يوجد لا تهجير ولا إعادة احتلال». وعَلَيْه أكَّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم 26/11/2023، وجود «فرص حقيقيَّة» لتمديد هدنة الأيَّام الأربعة في غزَّة، قائلًا «إنَّ الوقت حان للعمل على إحياء حلِّ الدولتَيْنِ لإرساء سلام بَيْنَ إسرائيل والفلسطينيِّين». وحقيقة الأمْرِ، يواجه الرئيس جو بايدن ومستشاروه من سلسلة أزمات داخليَّة، كان مِنْها عرائض جماعيَّة موقَّعة من «ما لا يقلُّ عن 500 عنصر عامل في الدوائر الحكوميَّة من ضِمنها مجلس الأمن القومي ووزارة العدل، وأكثر من ألف موظَّف في الوكالة الدوليَّة الأميركيَّة للتنمية، مُطالبة الرئيس بايدن بالتدخُّل لوقف إطلاق النَّار في غزَّة (وول ستريت جورنال، 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023). فضلًا عن تداخل أولويَّات الاستراتيجيَّة الأميركيَّة لتفرضَ اختيارات عاجلة كانت إدارته ترغب في ترحيلها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسيَّة، خصوصًا في ملفَّي أوكرانيا وتايوان. بَيْدَ أنَّ العدوان «الإسرائيلي» على قِطاع غزَّة فرض التحرُّك الفوري على أعلى المستويات. على كُلِّ حال، إنَّ التدحرج والاستدارة المُتتالية في الموقف الأميركي، جاء بعد صمود شَعبنا وفشل سياسة التهجير والترانسفير والتطهير العِرقي بالنَّار والبارود كما حدث في النَّكبة الكبرى الأولى عام 1948. وبعد ارتفاع أصوات شعوب العالَم في حراكٍ لا نظير له، وقَدْ فاق حراكات شعوب العالَم إبَّان الحرب الفيتناميَّة الأميركيَّة أضعاف أضعاف ما شهده العالَم في حينها. وبعد العراكات السِّياسيَّة داخل مجلس الأمن، وهي العراكات بَيْنَ موسكو وبكين من جهة والولايات المُتَّحدة وبريطانيا من جهة. وتهديد موسكو باللجوء للدَّعوة لعقْدِ اجتماع للجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة وفق القرار 377 (متَّحدون من أجْل السَّلام) وهو ما يتمُّ اللجوء إليه حال تعقَّدت الأمور داخل مجلس الأمن، وهو ما حدَث في أزماتٍ دوليَّة ثلاث: الحرب الكوريَّة 1952. ودخول القوَّات السوفييتيَّة إلى هنجاريا 1954 وإخماد حركة الانقلاب الَّتي قادها الأمين العام للحزب الشيوعي الهنجاري في حينها أميري ناجي. والعدوان الثلاثي على مصر نهاية 1956. حين يتمُّ إصدار قرار من الجمعيَّة العامَّة بوقف الحرب وفق البند السَّابع، أي استخدام القوَّة الدوليَّة. ولا ننسى أنَّ رهانات واشنطن والحزبَيْنِ الكبيرَيْنِ على كسب كُلٍّ مِنْهما أصوات الكتلة اليهوديَّة المؤثِّرة في الانتخابات الرئاسيَّة الأميركيَّة القريبة إلى جانبه، قَدِ انتهت أيضًا مع ما شهدته مُدُن الولايات المُتَّحدة من مَسيرات ومظاهرات تُندِّد بالعدوان على القِطاع وتدعو لوقفه. وانطلاقًا من هذا الأمْرِ عَدَّ الأستاذ في دراسات الدِّفاع في جامعة «كينجز كوليدج لندن»، أندرياس كريج (ورد أعلاه الاستشهاد في رأيه)، عَدَّ «أنَّ واشنطن غير مستعدَّة لعمليَّة مكثَّفة تستمر أشهرًا بلا انقِطاع مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسيَّة الأميركيَّة العام المقبل»، وأوضح قائلًا «لذلك تحتاج إدارة بايدن إلى إيجاد مخرج أيضًا».

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة الأمیرکی

إقرأ أيضاً:

الشهيد القائد ..جمع بين صلابة الموقف ونقاء الإيمان

إن الحديث عن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي هو حديث عن رجل استثنائي بحجم أمة، ورمز خالد جمع بين شجاعة القائد وحكمة العالم، وبين صلابة الموقف ونقاء الإيمان، كان شعلةً مضيئة في زمن الانكسار، وصوتًا صادقًا في زمن الذل، ورجلًا شامخًا لا تهزه العواصف، عظيمًا بعظمة القرآن، عزيزًا بعزة الإسلام.

لقد نهل الشهيد القائد من كتاب الله قوته، واستلهم من تاريخ الأمة روح التضحية والفداء، فكان نموذجًا للقائد الذي يتقدم الصفوف حاملًا راية الحق في وجه طغاة العالم.

لقد وقف الشهيد القائد كالطود الأشم، متحديًا طغيان أمريكا وأدواتها في المنطقة، ورفع صوته عاليًا ليكسر صمت المستضعفين، ويعيد للأمة كرامتها التي أهدرتها التبعية والخضوع، بوقفته المهيبة، أضاء الشهيد القائد مشاعل الدين المحمدي الأصيل، وأحيا في النفوس روح العزة والكرامة التي كادت أن تنطفئ تحت وطأة الهزائم والخذلان.

كان رجلًا يواجه الباطل بجرأة الأنبياء، وحكمة الأولياء، وشجاعة الأحرار، متحديًا مشروع الهيمنة الاستعمارية الذي تسلل عبره المستكبرون لخنق إرادة الشعوب وإذلالها.

من مرّان، حيث ارتقى الشهيد القائد، انبثق النور الذي بدّد ظلمات الاستبداد وكشف زيف الطغاة، فكان مشروعه القرآني كالسيف البتار الذي هز أركان الباطل حتى تهاوى أمام عظمة الموقف وصدق القضية.

كان موقفه الصلب في مواجهة جبروت الطغيان شهادة خالدة لمعاني التضحية والصبر، لقد جسّد في حياته معاني الإباء حين وقف شامخًا كالجبل، لا تلين عزيمته أمام الحروب الناعمة ولا الدعايات المضللة، مؤمنًا بأن العزة لا تُنال إلا بالتضحيات الكبرى.

لقد أسس الشهيد القائد مشروعًا قرآنيًا عظيمًا أطلق الحياة في الأمة، بعدما كادت تتيه بين ظلمات الجهل وخضوعها المذل لليهود والمستكبرين، هذا المشروع، الذي سُقي بدمائه وأفكاره، أصبح اليوم شجرة باسقة جذورها تضرب في عمق الأرض، وفروعها تعانق السماء، تُظلّل المستضعفين وتحميهم من لهيب الظلم والاستبداد، مشروع أعاد للأمة هويتها، وأحيا فيها روح المقاومة التي تتحدى أعتى إمبراطوريات العالم، ليؤكد أن لا كرامة لأمة تخضع لأعدائها أو تبيع قضيتها.

رحل الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي بجسده، لكن إرثه الفكري والنضالي ظل خالدًا، وكلماته أصبحت نورًا يهتدي به الأحرار في معركة الحق ضد الباطل، ترك مشروعًا يضيء طريق المقاومة، وراية لا تُنكّس في مواجهة قوى الاستكبار والهيمنة، سيبقى اسمه رمزًا للكرامة، وعنوانًا للحرية، ونورًا يبدّد الظلمات، إلى أن يتحقق وعد الله في التمكين لعباده الصادقين.

سيدي القائد، لقد أصبحت صرخاتنا التي أطلقتها ضد أمريكا وإسرائيل سلاحًا يرعبهم، وصواريخ تدك معاقلهم، وتهز عروشهم، وتكشف جبنهم وهوانهم.

سيدي القائد؛ إن مشروعك القرآني العظيم اليوم يدعم المستضعفين في الأمة، ويقف كالسد المنيع في وجه أمريكا وإسرائيل، مدعومًا بعزيمة رجالك الأوفياء الذين ساروا على نهجك واقتفوا أثر خطاك.

سيدي القائد؛ لقد أصبح مشروعك عقيدة راسخة في قلوب الملايين من أبناء الأمة، وأدرك أحرار العالم أن مشروعك القرآني هو الكفيل بإزالة مشاريع الاستعمار الغربي الهادفة إلى محو الإسلام وطمس هويته، ونبشرك أن الأعوام القادمة ستحمل ثمار تضحياتك، وستترجم مشروعك القرآني إلى قوة تزيل وجود أمريكا وإسرائيل، بإذن الله وبعزيمة رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

مقالات مشابهة

  • بين الموت والنفاق والمجهول.. ثلاثية يوسف السباعي تلخص أزمات الإنسان الفلسفية
  • رئيس جهاز دمياط الجديدة يتفقد المعدات والسيارات بالمدينة لمجابهة أزمات الشتاء
  • بشير التابعي: الأهلي قادر على ضم زيزو.. والسماسرة سبب أزمات الزمالك
  • بشير التابعي: "السماسرة" سبب أزمات الزمالك.. الأهلي قادر على ضم زيزو
  • “جلاكسي ليدر”.. حكاية عن قوة الموقف ومصداقية الوفاء
  • بايدن أو ترمب.. الفشل في اليمن سيد الموقف
  • الشهيد القائد ..جمع بين صلابة الموقف ونقاء الإيمان
  • ثلاثة وزراء في واحد.. أزمات “نتنياهو” لا تأتي فرادى 
  • تسلسل زمني .. أزمات الأهلي حديثة العهد تضع مجلس الخطيب في مأزق
  • مستشار سابق بالبرلمان الأوروبي: أمريكا تواجه أزمات اقتصادية ومديونة خارجية ضخمة