محامية: لهذا السبب العدل الدولية هي المكان المناسب لمحاكمة إسرائيل
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
خلافا للمحكمة الجنائية الدولية، فإن اتخاذ محكمة العدل الدولية إجراء مستندا إلى الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية سيكون له تأثير فوري، ويجبر إسرائيل على وقف هجومها الوحشي على المدنيين في غزة.
بهذه المقدمة قالت جويدة سياسي -وهي محامية مختصة في النزاعات عبر الحدود والتحقيقات الجنائية الدولية- إن الصراعات المسلحة هي صراعات سيئة وقاسية، وغالبا ما تكون طويلة ومستعصية على الحل.
ولفتت جويدة في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني إلى ما حدث مع قبيلة التوتسي في رواندا أو مسلمي البوسنة في سربرنيتسا أو أقلية الروهينغا العرقية في ميانمار، أو الفلسطينيين في غزة هذه الأيام.
وقالت إن حكومة إسرائيل تسعى إلى محو الشعب الفلسطيني بهذه القوة التدميرية الهائلة التي استهدفت بلا رحمة المدنيين الفارين في غزة والبنية التحتية المدنية على نطاق لم يسبق له مثيل من قبل.
وأشارت إلى أن عدد الشهداء تجاوز 15000 شخص، مؤكدة أن من بينهم 6000 طفل، ودفن عدد لا يحصى من الأشخاص تحت أنقاض المباني المهدمة، خلال 7 أسابيع فقط من الصراع.
وترى جويدة أنه بغض النظر عن مبرراتها للشروع في الهجوم بلا هوادة على غزة، هناك أدلة متزايدة على أن تصرفات إسرائيل في القطاع "تشكل حجة مقنعة" بأن المادتين الثانية والثالثة من "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" لعام 1948 قد انتهكت.
إجراءات تحفظيةوبينما يمكن متابعة المسؤولية الجنائية الفردية للمسؤولين شخصيا في أماكن أخرى، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، هناك توقعات كبيرة يثيرها احتمال قيام محكمة العدل الدولية، أو المحكمة العالمية، بتحميل دولة إسرائيل المسؤولية عن خرق التزاماتها التعاهدية الناشئة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية
واعتبرت المحامية مسألة أي طعن يقدم النتيجة الأجدى في محاسبة المسؤولين عن الإبادة الجماعية المرتكبة ضد الفلسطينيين مسألة مهمة. وأوضحت أن لدى دول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية مصلحة مشتركة في التماس المساءلة القانونية على مستوى الدولة.
وأي دولة طرف في الاتفاقية، تتصرف فقط بدافع المصلحة العامة الدولية لدعم ركيزة من ركائز النظام الدولي القائم على قواعد ما بعد الحرب العالمية الثانية، يجوز لها الاحتجاج بها برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية بزعم ارتكاب إسرائيل جريمة إبادة جماعية.
وبعد ذلك، يمكنها أن تطلب اتخاذ إجراءات تحفظية، تطالب إسرائيل بوقف أعمال الإبادة الجماعية والكف عنها، لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية وحفظ الأدلة على ذلك.
وبموجب الاتفاقية، يتطلب الهيكل الأساسي لجريمة الإبادة الجماعية النظر في ما إذا كانت هناك مجموعة محمية، وما إذا كانت الأفعال الواردة في واحدة أو أكثر من الفئات المحددة في المادة الثانية من الاتفاقية قد ارتكبت، وما إذا كانت الأفعال قد ارتكبت مع نية الإبادة الجماعية. ويمكن الاستدلال على نية الإبادة الجماعية، "في غياب أدلة صريحة مباشرة"، من الأدلة الظرفية.
مجموعة قوميةوتابعت المحامية أن الشعب الفلسطيني، في مفهوم الإبادة الجماعية، يشكل مجموعة قومية، ويشكل الفلسطينيون في غزة جزءا كبيرا من السكان الفلسطينيين. وتسرد المادة الثانية من الاتفاقية -كما أعيد طبعها في المادة 6 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية- 5 أعمال إبادة جماعية أساسية.
فلسطينيون أصيبوا في غارات جوية إسرائيلية يصلون إلى مستشفى ناصر الطبي في 2 ديسمبر 2023 في خان يونس (غيتي)
وبحسب راز سيغال -أستاذ دراسات المحرقة والإبادة الجماعية- فإن إسرائيل ترتكب حاليا 3 من هذه الأعمال في غزة: "الأولى: قتل أفراد المجموعة، الثانية: إلحاق ضرر جسدي أو نفسي خطير بأفراد المجموعة، الثالثة: إخضاع المجموعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا".
وترى جويدة أن تفعيل المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، مع احتدام الصراع في غزة، سيكون خطوة معقولة للعديد من الدول الأطراف فيها، بما في ذلك البرازيل وبوليفيا وجنوب أفريقيا وغيرها، للعمل معا ورفع قضية ضد إسرائيل.
وقالت إن هذا ينبع من فكرة أن الإبادة الجماعية هي مسألة تهم المجتمع الدولي ككل وهي قاعدة قطعية (أي الصفة القانونية لبعض الجرائم الدولية). وعند الشروع في إجراءات محكمة العدل الدولية، يجب على مقدم الطلب اتخاذ خطوات لإرساء ركيزة واقعية متينة لتكون القاعدة لوجود "نزاع" مع دولة إسرائيل عندما تنشأ مسألة الاختصاص القضائي.
ومن شأن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أن يوفر أيضا منتدى يمكن من خلاله استدعاء إسرائيل للرد على تهم الإبادة الجماعية في إطار قضائي رسمي وتخاصمي.
وختمت المحامية بأنه من المرجح أن تقرر إسرائيل عدم المثول أمام المحكمة، لكن الإجراءات ستقدم وصفا واقعيا قيما للانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة تجاه الفلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة الجنائیة الدولیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مرافعة قطر أمام العدل الدولية.. إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا في غزة
تواصل محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الخميس، ولليوم الرابع على التوالي، عقد الجلسات العلنية لاستماع للمرافعات الشفوية المتعلقة بالرأي الاستشاري بشأن التزامات دولة الاحتلال الإسرائيلي تجاه أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والدول الأخرى، بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي السياق نفسه، أبرز وفد قطر أمام محكمة العدل الدولية، أنّ: "إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية سلاحا ضد المدنيين وتبتز بها شعبا كاملا"، مضيفا أنها: "مُلزمة فورا بإلغاء قانونها ضد الأونروا الصادر في 28 أكتوبر 2024".
وتابع الوفد القطري، بالقول: "نشهد جنازات جديدة في الضفة الغربية كل يوم كمرآة لما يحدث في غزة"، مردفا: "إسرائيل لم تنه احتلالها بل واصلت الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين خاصة بغزة".
"ممارسات الحرب الإسرائيلية تظهر استهتارا تاما بالحياة البشرية" استرسل الوفد القطري نفسه، أمام محكمة العدل الدولية، مؤكدا أنّ: "التجويع سياسة إسرائيلية ممنهجة وهو جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي".
وأفاد أنّ: "وساطة قطر ومصر وأميركا فتحت شريان حياة لقطاع غزة قبل أن تغلقه إسرائيل مجددا"، موضّحا كيف أنّ: "إسرائيل تدمر جيلا كاملا من الفلسطينيين، وإنّها مُلزمة بضمان التغذية الكافية للأطفال بموجب اتفاقية حقوق الطفل".
إلى ذلك، أشار الوفد القطري إلى أنّ: "القطاع الصحي قد انهار بشكل شبه كامل في غزة بسبب الانتهاكات الإسرائيلية. أقل من ثلث المرافق الصحية التابعة للأونروا يعمل في غزة".
تجدر الإشارة إلى أنّه اليوم الخميس، يشارك في جلسات محكمة العدل الدولية، كل من: جزر المالديف، المكسيك، ناميبيا، النرويج، باكستان، بنما، بولونيا، قطر والمملكة المتحدة.
وستركز الجلسات على عدة قضايا تتعلق بالتزامات دولة الاحتلال الإسرائيلي القانونية تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ومسؤولية الاحتلال عن ضمان الإمداد من دون عوائق بالمواد الأساسية للسكان المدنيين الفلسطينيين.
وكانت جلسات الأيام الثلاث الأولى، قد اتّسمت بجُملة إدانات تم توجيهها من الدول لانتهاك دولة الاحتلال الإسرائيلي القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما طالب ممثلو الدول قضاة محكمة العدل الدولية بقبول طلب الأمم المتحدة بأن تقدم رأيا استشاريا حول عواقب منع عمل وكالة "أونروا".
أيضا، استندت العديد من المداخلات القانونية إلى قرارات سابقة للمحكمة نفسها في ما يتعلق بالرأي الاستشاري الذي أصدرته المحكمة في تموز/ يوليو الماضي حول العواقب القانونية للاحتلال الصهيوني، والذي دعا إلى إنهاء الاحتلال والانسحاب من الأراضي الفلسطينية خلال عام واحد بعدما تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي الاثنين الماضي، انطلقت محكمة العدل الدولية، أسبوعا من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات دولة الاحتلال الإسرائيلي، الإنسانية تجاه الفلسطينيين، عقب أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته حرب الإبادة.
ويأتي هذا التحرك بناء على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي، استنادا لاقتراح من النرويج، حيث دعت محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يحدّد التزامات دولة الاحتلال الإسرائيلي لتسهيل وصول الإمدادات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين وضمان عدم عرقلتها.