الأسرى الإسرائيليون بين الديني والسياسي
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
ابتدعت الإمبريالية "الدولة الوظيفيّة" إسرائيل، وأمدّتها بكل أسباب البقاء في مواجهة "الحيوانات البشرية" التي "يجب هزيمتها أو تدميرها للحفاظ على الحضارة"، وَفقًا للفيلسوفة الأميركية جوديث باتلر.
فبقاء إسرائيلَ مرهون بهذا الدعم، كما يقول المفكّر عبد الوهاب المسيري؛ لأنّها كائن يعاني نقاط ضعف مميتة كأنها "أعقاب أخيل" كما تقول الأسطورة الإغريقية القديمة، وقد جعلت "طوفان الأقصى" هذا الضعف باديا للعيان، وخاصة للرأي العام الغربي.
سنكتفي بالحديث عن "عقب واحد"، ألا وهو قضية أسرى إسرائيل لدى المقاومة الفلسطينية، والتي تصر تل أبيب على أنهم "رهائن"، ونبين كيف يوظَّف الديني لخدمة السياسي، وهو توظيف تستعمله إسرائيل، التي قامت أساسًا على توظيف الحركة الصهيونية للدين، لتحقيق مآربها.
ما إن أفاقت إسرائيل من صدمة يوم السابع من أكتوبر حتى احتدم الجدل داخل إسرائيل بشأنِ الأسرى لدى المقاومة، وهو جدل اختلط فيه الديني بالسياسي، وهذا ما يؤكد طبيعة هذا الكيان، وكذلك الأهمية البالغة التي يوليها لأسراه في يد الأعداء وذلك لأغراض سياسية وأمنية، وليس امتثالًا لأوامر دينيَّة.
وقد سعت إسرائيل جاهدة أن تجعل من قضية الأسرى، قضية العالم كله وليس الغرب- وفي مقدمته الولايات المتحدة- الذي تكالب على المقاومة وأخذ يرميها عن قوس واحدة.
بدأت الصفقات العربية- الإسرائيلية لتبادل الأسرى عقب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، وما نجم عنه من حروب مع الدول العربية وعمليات مقاومة شعبية؛ مما أدَّى إلى وقوع آلاف الأسرى والمعتقلين العرب والفلسطينيين بأيدي سلطات الاحتلال.
في حين أسرت الدول العربية وحركات المقاومة أكثر من 1000 إسرائيلي. وبلغ عدد صفقات تبادل الأسرى التي تمت بين العرب وإسرائيل 38 صفقة في الفترة الواقعة بين 1948 و2011.
لخص خمسة أكاديميين إسرائيليين، وهم: دافيدوفيتش إشيد، وحاييم فايس، وإيشاي روزين تسفي، ويوفال روتمان، وجيمس آدم ريدفيلد، ما تنص عليه اليهودية: (التوراة والتلمود وما أنتجه الحاخامات اليهود من أدبيات بشأن أسرى اليهود لدى أعدائهم)، وذلك في مقال بعنوان: "لماذا يجب افتداء الرهائن.. نظرة تاريخية"، نشروه في "Commentary" في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أي بعد 13 يوم من "طوفان الأقصى".
يقول هؤلاء: إن اليهود مأمورون بالعمل على فداء أسراهم، وأن القيام بذلك عمل عظيم القيمة ونبيل للغاية.
ونظرًا للظروف التاريخية التي عاش في ظلها اليهود، أقلية ثقافية وسياسية، فإن مسألة معاملة اليهود الأسرى -فضلًا عن اهتمام المجتمع بأعضائه في الأسر- كانت دائمًا ذات أهمية كبيرة، مما جعل أفراد مجتمعهم يرفضون البقاء مكتوفي الأيدي، ويبذلون كل ما في وسعهم لتأمين فداء أحبائهم.
ويرى الأكاديميون الخمسة أنه مع قيام دولة إسرائيل، تغير الالتزام بتخليص الأسرى، وتكثف أيضًا بطرق عديدة؛ لأن هذه الوصية الدينية أصبحت فجأة متأصلة في الروح الوطنية.
أصبح الالتزام بتحرير الأسرى -حتى بثمن باهظ، وهو الثمن الذي كلف المجتمع غاليًا- اختبارًا حقيقيًا للتضامن الإسرائيلي وعنصرًا أساسيًا في العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها.
إسرائيل أو "المقاولة"- كما يسميها الراحل اليهودي المغربي المعارض للصهيونية أبراهام السرفاتي- لها تاريخ في قتل رعاياها والاتجار بمآسيهم دون اعتبار لأي قيم دينية
ويتعامى هؤلاء عن الشرخ الذي أحدثته قضية الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في المجتمع الإسرائيلي، ويدّعون أن المناقشات المحيطة بالأسير -سواء أكان في تاريخ الشريعة اليهودية أم في إسرائيل اليوم- كانت دائمًا عناصر أساسية للتضامن الاجتماعي اليهودي.
يستحضر الأكاديميون الإسرائيليون التاريخ ليقولوا ضمنًا: إن إسرائيل لا تقبل "استخدام الرهائن كوسيلة ضغط سياسية واقتصادية"، كما جرى خلال ثورات اليهود -لمّا كانوا يفتقرون إلى السيادة- ضد الإمبراطورية الرومانية، وهذا ما حوَّل الأسير إلى اختبار للترابط المجتمعي والاعتماد على الذات.
يوظف الأكاديميون الخمسة عددًا من النصوص الدينية- من التوراة والتلمود والأدبيات الحاخامية- تؤكد أهمية فداء الأسرى "الرهائن"، ومنها تعليق الحاخام التلمودي يوحنان على الآية 2 من الإصحاح الخامس عشر من سفر إرميا: (وَيَكُونُ إِذَا قَالُوا لَكَ: إِلَى أَيْنَ نَخْرُجُ؟ أَنَّكَ تَقُولُ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: الَّذِينَ لِلْمَوْتِ فَإِلَى الْمَوْتِ، وَالَّذِينَ لِلسَّيْفِ فَإِلَى السَّيْفِ، وَالَّذِينَ لِلْجُوعِ فَإِلَى الْجُوعِ، وَالَّذِينَ لِلسَّبْيِ فَإِلَى السَّبْيِ). سفر إرميا (15 :2)، حيث يقول فيه: "كل عنصر لاحق في هذه الآية أسوأ من العنصر السابق. السيف أسوأ من الموت… المجاعة أسوأ من السيف، والأسر أسوأ منها جميعًا".
ولا يفوتهم الاستشهاد بأعظم الفلاسفة اليهود في ظل الحضارة الإسلامية كقول أحدهم: إنه "لم يظهر رجل كموسى من أيام موسى إلا موسى، والمقصود موسى بن ميمون الذي يعطي الأسبقية لفداء الأسرى على إطعام الفقراء وكسوتهم، وأنه ما من وصية أعظم من فداء الأسرى؛ لأن الأسير يعد من الجائعين والعطشى والعراة والواقفين على حافة الموت".
وأشار الأكاديميون الخمسة إلى أن إسرائيل دفعت "أثمانًا باهظة" لتحرير أسراها، دون أن يبسطوا الكلام في الأمر.
وذكروا، أن "المشناه" -وهي الجزء الثاني من التلمود، وتشمل كل الناموس غير المكتوب الذي ظهر حتى نهاية القرن الثاني الميلادي بهدف تحقيق التوازن بين اهتمامات الحاضر والمستقبل- لم تحدد مطلقًا الثمن، فهي تترك الأمر للمعايير المقبولة في كل زمان ومكان.
فما هي "المعايير المقبولة" حاليًا لفكاك الأسرى لدى المقاومة؟ لا جواب. لكن الجواب نجده عند أحد الصحفيين الإسرائيليين؛ مفاده أنّ إسرائيل كسرت في الماضي عدة قواعد مقدسة في صفقات التبادل.
ورأى الأكاديميون الخمسة أنّ أفضل ما يختمون به مقالهم هو اقتباس من كتاب "شولحان عاروج": (المائدة المنضودة)، وهو المرجع الفقهي والشرعي الأساسي لليهود منذ تاريخ ظهوره عام 1564، من وضع الحاخام يوسف كارو (1488-1575)، الذي يقول: " كل الذين يصرفون أبصارهم عن فداء الأسرى ينتهكون المحظورات. وكل دقيقة يتأخر فيها المرء عن تخليص الأسرى، بكل الوسائل المتاحة، فكأنما يسفك الدم".
و"الوسائل المتاحة" معروفة حين يتعلق الأمر بإسرائيل. وقد أفرد لها الصحفي والكاتب الإسرائيلي رونين كتابًا بعنوان: "بكل وسيلة ضرورية" .
هل الساسة في إسرائيل يقيمون أي وزن للأوامر الدينية بشأن الأسرى؟ الجواب قطعًا بالنفي، فلا اعتبار للقواعد المقدسة؛ رغم أن الحكومة الإسرائيلية مشكلة من أحزاب دينية متطرفة، لماذا؟
إن ما قاله الأكاديميون عن وضع الأسير، يؤكد بالفعل أنه بالنسبة لإسرائيل أحد نقاط ضعفها (واحد من أعقاب أخيل)؛ لأن وضعه -وفقًا لهم- يسلط الضوء على التوتر بين مصالح الفرد: (الأسرى والأسر) من ناحية، والمصالح المتنافسة داخل المجتمع من ناحية أخرى. وما يعانيه المجتمع الإسرائيلي اليوم- من شرخ وفقدان ثقة في مؤسسات الكيان بسبب قضية الأسرى- خير دليل على ذلك.
وحتى أعضاء حكومة الحرب المصغرة ليسوا على كلمة سواء بشأن الأسرى؛ فغانتس وايزنكوت وضعا استعادة المخطوفين في الصدارة، في حين يرى غالانت والجيش أن الهدف الرئيس هو "ضرب حماس"، ونتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب ما وجد إلى ذلك سبيلًا لإنقاذ نفسه من المقصلة فحسب.
لقد كان الآباء المؤسسون للكيان ملاحدة وظفوا في ذلك أساطير دينية، وما زالت تلك الأساطير-التي فنّدها المفكر الفرنسي روجيه غارودي والمؤرخون الجدد مثل: شلومو ساند، وإيلان بابي، وآفي شلايم- توجه سياسة هذا الكيان منذ تأسيسه إلى يوم الناس هذا.
فالدين عند الصهاينة يوظّف لسفك الدماء وإبادة الأعداء؛ فها هو نتنياهو يستدعي في إحدى خطبه يوشع بن نون والعماليق، في إشارة إلى أنَّ الفلسطينيين عدو إسرائيل الأبدي: "يجبُ أن تتذكّروا ما فعله عماليقُ بكم، كما يقول لنا كتابُنا المقدّس. ونحن نتذكّر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان، وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل. إنّهم ينضمّون إلى سلسلة من الأبطال اليهود، التي بدأت قبل 3000 عام مع يوشع في لبنان".
وإسرائيل أو "المقاولة"- كما يسميها الراحل اليهودي المغربي المعارض للصهيونية أبراهام السرفاتي- لها تاريخ في قتل رعاياها والاتجار بمآسيهم دون اعتبار لأي قيم دينية، فما بالك بالأغيار (الجوييم).
فالصهاينة ساهموا في قتل يهود المغرب (إغراق السفينة إيكوز)، وفي العراق (عملية فرهود)، وغيرهما لحمل اليهود على الهجرة إلى إسرائيل ليصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية، وهذا ما جعل الكاتب اليهودي المغربي يعقوب كوهين يقول: "أشعر أني أكثر قربًا من ابن بلدي المغربي مني إلى يهودي أشكنازي".
يكشف لنا تاريخ صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل وأعدائها أنها دفعت أثمانًا باهظة؛ فقد اضطرت لفك أسر الجندي جلعاد شاليط -الذي أسرته حركة المقاومة الإسلامية حماس في 2006- إلى الإفراج عن أكثر من 1000 أسير فلسطيني، وبرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وقتها، إبرام الصفقة بالقول: إن شعب إسرائيل "فريد في نوعه"، إنها "الخصوصية اليهودية"، وهي من الخرافات الصهيونية.
فأي تفرد لشعب يقصفه جيشه حتى يتفحم؟ وأي تفرد لشعب وضع جيشه "بروتوكول هانيبال" لجنوده، فوفقًا لهذا البروتوكول فإن "جنديًا قتيلًا أفضل من أسير"، أي أن البروتوكول يخوّل للجيش قتل أي جندي وقع في الأسر، وهذا ما جرى للملازم هدار غولدين الذي أسرته المقاومة في غزة سنة 2014. وما يجري حاليًا في الحرب التي تدور رحاها على الأسرى في يد المقاومة.
إنّ البروتوكول يعكس جانبًا من التناقضات الأخلاقية التي تعانيها إسرائيل، فهي تحاول أن تفهم شعبها والعالم أن أرواح جنودها مقدسة ومستعدة لتقديم الغالي والنفيس لفك أسْرهم، والقيام بما يلزم لحمايتهم من الوقوع في الأسر ولو بقتلهم. إنها روح "المقاولة".
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: لدى المقاومة ف إ ل ى ال أسوأ من وهذا ما
إقرأ أيضاً:
وسام العباسي زعيم خلية سلوان الذي حاكمته إسرائيل بـ26 مؤبدا
وسام العباسي أسير مقدسي انضم عام 2001 إبان انتفاضة الأقصى إلى خلية سلوان التابعة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تحت قيادة وائل قاسم أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية في القدس أثناء الانتفاضة.
شارك في تنفيذ عمليات فدائية وتفجيرات عدة ألحقت أضرارا بشرية ومادية كبيرة بإسرائيل، اعتقل عام 2002 وحكمت عليه المحكمة المركزية في القدس بالسجن 26 مؤبدا و40 عاما، وهدمت سلطات الاحتلال بيته بعد 5 أشهر من اعتقاله، ثم سحبت منه الإقامة وبطاقة هويته المقدسية.
الولادة والنشأةوُلد وسام سعيد موسى العباسي في 24 مارس/آذار 1977 في بلدة سلوان بالقدس.
توفي والده وعمره لم يتجاوز 13 سنة، مما اضطره إلى مغادرة مقاعد الدراسة للمساهمة في إعالة عائلته المكونة من 6 أفراد.
كان عمره 15 عاما عندما اعتقل لأول مرة، وسجن 5 أشهر بتهمة التخطيط لإلقاء قنبلة.
تزوج عام 2001 ورزق بابنته الوحيدة إيمان، وكان يعمل في مصنع "شيروت" للزجاج بمنطقة "ريشون ليتسيون" في تل أبيب.
المسار الدراسي
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة دار الأيتام، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة راس العامود، ترك الدراسة في المرحلة الثانوية للعمل من أجل مساعدة عائلته.
تقدم بطلب استكمال دراسته في السجن، فدرس التوجيهي ثم التحق بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية والمهنية في غزة وحصل منها على دبلوم في الفقه، ثم اتجه لدراسة التاريخ في الجامعة نفسها.
التجربة النضاليةانضم إلى خلية سلوان القسامية عام 2001، ولم يتردد عندما عرض عليه وائل قسام أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية في القدس أثناء انتفاضة الأقصى الانضمام إلى مجموعة عسكرية بهدف تنفيذ عمليات داخل إسرائيل ووافق فورا.
إعلانأوكلت له مهمة اختيار أماكن تنفيذ العمليات والاستطلاع والاستكشاف، نظرا لمعرفته بالداخل المحتل بحكم سنوات عمله في أحد مصانع الزجاج بتل أبيب.
الأسير المقدسي وسام العباسي مع والدته (مواقع التواصل الاجتماعي)
كانت أول عملية شارك فيها هي تفجير "مقهى مومنت" في تل أبيب، والذي لم يكن يفصله سوى 75 مترا عن بيت رئيس وزراء إسرائيل حينها أرييل شارون.
كان دور وسام هو استكشاف مكان العملية والطريق المؤدي إليه، قبل أن يفجر الاستشهادي فؤاد الحواري نفسه داخل المقهى في 9 مارس/آذار 2002، مما أدى إلى مقتل 11 إسرائيليا وإصابة 65 آخرين.
بعدها اقترح وسام على مسؤول الخلية وائل قاسم تنفيذ عملية في أحد نوادي منطقة "ريشون ليتسيون" حيث كان يعمل، وشرع في رصد النادي واستطلاع محيطه برفقة الأسير علاء الدين العباسي، واستمر ذلك أياما عدة.
وفي 7 مايو/أيار 2002 نقل وسام منفذ العملية الاستشهادية محمد جميل معمر بسيارته إلى النادي وهناك فجّر نفسه، وأسفرت العملية عن مقتل 17 إسرائيليا وإصابة 60 آخرين.
بعد ذلك فكرت الخلية في تنفيذ عمليات تعتمد على التفجير عن بعد عوض التدخل البشري المباشر، وكان وائل قاسم قد طور في تلك الفترة تكنولوجيا للتفجير عن بعد بالهاتف المحمول.
نفذت المجموعة أول عملية بالمرحلة الجديدة في مايو/أيار 2002 عندما استهدفت صهاريج الوقود الإسرائيلية بالعبوات الناسفة وفجرتها عن بعد بهاتف محمول، وكان وسام العباسي ورفيقه محمد عودة مسؤولين عن تتبع هذه الصهاريج.
انتقلت الخلية بعدها إلى التخطيط لتفجير القطارات وسكة الحديد الإسرائيلية، وكان وسام يذهب مع أحد رفاقه إلى موقع السكة للاستطلاع وفحص مكان زرع العبوة، ثم يعطي الإشارة لتفجيرها عن بعد عند اقتراب القطار من مكان زرع العبوة.
وهكذا فجرت الخلية سكة الحديد في مدينة اللد في يونيو/حزيران 2002، وأسفرت العملية عن جرح 4 إسرائيليين وتخريب السكة والقطار، كما نفذت عملية مماثلة في منطقة "كفار غبيرون" الواقعة شمال بلدة "يبنا" جنوب الرملة في يوليو/تموز من العام نفسه.
إعلان الاعتقال والتبادلاعتقل وسام العباسي عند حاجز عسكري في بلدة بيت أكسا فيما كان في طريق عودته إلى منزله بالقدس في 18 أغسطس/آب 2002، وفي اليوم نفسه اعتقل أعضاء خليته وائل قاسم وعلاء الدين العباسي، وبعدها بيومين اعتقل محمد عودة، وتعرضوا أثناء التحقيق معهم في مركز المسكوبية لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
وُجهت إلى وسام العباسي تهمة الضلوع في أعمال المقاومة بمدينة القدس المحتلة، والمشاركة في تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة، وبعد 5 أشهر من اعتقاله هدمت السلطات الإسرائيلية منزله في بلدة سلوان.
أصدرت المحكمة المركزية في القدس حكما في حقه بالسجن 26 مؤبدا و40 عاما، كما أصدرت سلطات الاحتلال في القدس قرارا بسحب إقامته وبطاقة هويته المقدسية.
تعرّض في السجن لوعكة صحية فماطلت سلطات الاحتلال في علاجه، قبل أن تنقله إلى مستشفى الرملة وتسمح له بإجراء عملية جراحية في عينه.
رفض الاحتلال الإسرائيلي إدراج اسمه وأسماء أفراد خليته في قائمة التبادل بصفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 حين بادل الجندي جلعاد شاليط مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا.
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل بداية 2025 تم الإفراج عن وسام العباسي وأُبعد إلى خارج فلسطين.