عربي21:
2024-07-06@18:56:56 GMT

الحرب على غزة.. في تفسير الموقف الألماني

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

لم يحدث أن شهدت أوروبا منذ عقود انقساما حادا في المواقف السياسية تجاه القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي مثلما حدث مع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

السبب في ذلك عملية "طوفان الأقصى" الفريدة من نوعها من جهة والحرب الإسرائيلية على غزة ـ الفريدة من نوعها أيضا ـ ضمن سياق الحروب على القطاع من جهة أخرى.



غير أن ما يلفت الانتباه هذه المرة حدة المواقف الأوروبية وتعبيراتها الخطابية، سواء المؤيدة أم المناهضة لإسرائيل، ففي حين برزت إسبانيا عرابة المناهضين للحرب الإسرائيلية إضافة إلى ايرلندا وبلجيكا ولوكسمبورج والنرويج، برز موقف ألماني فج ملفت للانتباه في تأييده لإسرائيل دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يهتم به هذا المقال.

الموقف الألماني

بعد يومين من عملية "طوفان الأقصى" أصدرت ألمانيا مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بيانا مشتركا أكدت فيه تضامنها مع إسرائيل.

وبعد عشرة أيام على عملية "طوفان الأقصى"، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز من تل أبيب أن أمن إسرائيل مصلحة وطنية عليا لبرلين.

ترجم هذا التصريح عمليا بتصدير ألمانية أسلحة ومعدات عسكرية إلى إسرائيل، فضلا عن السماح لإسرائيل باستخدام مسيرتين حربيتين تصنعهما إسرائيل، كانتا تحت تصرف ألمانيا في الهجوم على قطاع غزة، في وقت علقت ألمانيا المساعدات للأراضي الفلسطينية، وربطت استئنافها بما سماه المستشار الألماني تحقيق السلام لـ "الدولة الإسرائيلية".

ترجم الموقف الألماني الرسمي ليس بانحياز حاد لائتلاف الحكومة الألمانية بمختلف أحزابها ـ باستثناء أحزاب اليسار ـ في دعم إسرائيل فحسب، بل بتشديد الخناق على أي تصريح أو خطوة عملية من شأنها دعم الفلسطينيين، بحيث أصبحت ألمانيا مساعدة كاملة لدعم إسرائيل.

تفسير الموقف الألماني

ثمة سبعة أسباب تتفاوت في شدتها وتأثيرها تفسر الموقف الألماني الحاد في دعم إسرائيل:

أولا، عقدة الهولوكوست: نشأت هذه العقدة من مفهوم الفرادة، وهو مفهوم توصل إليه كثير من الباحثين الغربيين مفاده أن الهولوكوست حدث تاريخي متفرد، لم يحدث مثله في التاريخ.

ولما كانت له هذه الصفة، فإن معاناة الشعب اليهودي تختلف كثيرا عن معاناة أي شعب آخر، بما فيه الشعب الفلسطيني، بمعنى أن حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير لا ترقى أبدا إلى حقوق الشعب الإسرائيلي في الأمن والأمان، مع ما يتطلبه ذلك من نفي لحقوق الآخرين.. إن فرادة الهولوكوست كظاهرة تاريخية تتطلب مواقف فريدة من نوعها.

ثانيا، الارتباط العميق بين الاستعمار والصهيونية: في سعيها إلى بناء الدولة القومية الأوروبية، عملت النازية على تصفية القارة من اليهود عبر مسارين، الأولى التصفية الجسدية والثاني دعم الهجرة إلى فلسطين، وهذا ما يفسر الدعم الألماني المطلق بعد الحرب العالمية الثانية للكيان الإسرائيلي باعتباره كيانا استعماريا، وما يفسر التعاون الوثيق في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا والمنظمات الصهيونية في دعم الهجرة إلى فلسطين.

ثالثا، المنبت البروتستانتي للصهيونية: نشأت الصهيونية المسيحية من المذهب البروتستانتي بداية القرن الـ 16 في ألمانيا مع الإصلاح الديني بزعامة مارتن لوثر، خصوصا فيما يتعلق باعتقاد الكنيسة اللوثرية ـ البروتستانتية الجديدة بأن قيام دولة إسرائيل مسألة دينية، باعتبارها تجسيدا لنبوءات الكتاب المقدس، وتشكل المقدمة لمجيء المسيح المخلص إلى الأرض.

ومنذ ذاك التاريخ، وبخلاف الكنيسة الكاثوليكية، أكدت الكنيسة البروتستانتية أنه لم يعد بالإمكان فهم العهد الجديد (الإنجيل) دون العودة للعهد القديم (التوراة والكتب المقدسة الأخرى عند اليهود)، وقد كتب مارتن لوثر كتابا بعنوان "المسيح ولد يهوديا" أكد فيه أن المسيحيين واليهود ينحدرون من أصل واحد.

ويرى المؤرخ اليهودي وأستاذ التاريخ بجامعة مونتيريال يعقوب رابكن أن اليهود جاؤوا إلى الصهيونية بعد المسيحيين بمدة طويلة.

تشكل العوامل الثلاثة السابقة الأساس الهوياتي ـ الثقافي للدعم الألماني لإسرائيل، أما العوامل الأخرى فهي عوامل مؤقتة مساعدة.

رابعا، تزايد قوة اللوبي الصهيوني في ألمانيا: شهد اللوبي الصهيوني خلال العقود الثلاثة الماضية توسعا في نفوذه داخل الساحة الألمانية، خصوصا في المجتمع المدني، حيث أصبح لديه نفوذا قويا في وسائل الإعلام والحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية.

خامسا، الحكومة الألمانية الحالية: وهي حكومة ائتلافية (الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب الخضر، الديمقراطي الحر) تعلن دعمها لإسرائيل.

سادسا، التقارب الألماني ـ الأمريكي مؤخرا بسبب طبيعة الحكومة الألمانية الحالية، وبسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

سابعا، الضعف العربي ـ الإسلامي على الصعيد الدولي، ما يجعل انعدام وجود أي تكلفة اقتصادية وسياسية تترتب على دعم إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الحرب غزة موقف المانيا فلسطين غزة حرب موقف مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دعم إسرائیل

إقرأ أيضاً:

مسؤول أمني إسرائيلي: حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة

سرايا - صرح مسؤول أمني إسرائيلي، اليوم الأربعاء، بأن حركة حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من العودة للقتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى والرهائن بين الطرفين.
ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، عن مسؤول أمني بارز أن حركة حماس ما تزال مصرة على بند في الصفقة المحتملة مع إسرائيل على منع تل أبيب من العودة إلى القتال في قطاع غزة بعد المرحلة الأولى من الصفقة.

وأوضح المسؤول الذي لم تذكر الصحيفة اسمه أو كنيته أن هذا البند لا تسمح به إسرائيل ولن توافق عليه، مضيفًا أن هناك ثغرات أخرى في بنود الصفقة لم يتم إغلاقها بعد، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي سيواصل الضغط العسكري على قطاع غزة من أجل العمل على إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس في القطاع.


وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، قال قادة الفرق العسكرية الإسرائيلية الأربعة في قطاع غزة، إن الادعاءات بعدم إحراز إنجازات ملموسة في غزة تضر بالمجهود الحربي، إلا أن الإرهاق بدأ يظهر على الجنود.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن القادة الأربعة التقوا مع نتنياهو، مطلع الأسبوع الجاري، وأكدوا له ضرورة الأخذ في الاعتبار أن حالة من الإرهاق بدأت تظهر على الجنود بعد 9 أشهر من الحرب.
ويعاني الجيش الإسرائيلي نقصا في الجنود بسبب الحرب المتواصلة بجانب عملياته المكثفة في الضفة الغربية، ومواجهاته مع "حزب الله" على الجبهة الشمالية، حيث كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، يوم الاثنين، عن حاجة الجيش إلى 10 آلاف جندي إضافي فورا، بينما أفادت القناة 12 الإسرائيلية بوجود زيادة كبيرة في عدد الضباط الذين يطلبون التقاعد من الخدمة العسكرية.
كانت وسائل إعلام أمريكية نقلت عن مسؤولين قولهم إن كبار جنرالات إسرائيل يريدون بدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك لبقاء "حماس".

وأضاف المسؤولون أن جنرالات إسرائيل يعتقدون أن قواتهم تحتاج لوقت للتعافي في حال حرب برية ضد "حزب الله" اللبناني، كما يظنون أنه يمكن للهدنة مع "حماس" أيضا أن تسهل التوصل إلى اتفاق مع "حزب الله".
وتعاني جميع مناطق قطاع غزة أزمة كبيرة في المياه والغذاء، جراء تدمير الجيش الإسرائيلي للبنى التحتية وخطوط ومحطات تحلية المياه، فيما حذرت الأمم المتحدة من تداعيات أزمة الجوع التي يتخبط فيها سكان غزة مع استمرار الحرب بين حركة حماس وإسرائيل.
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أحكم الجيش الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة، وقطع إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني، الذين يعانون بالأساس أوضاعا متدهورة للغاية.


مقالات مشابهة

  • اجتماع حزب الله بحماس.. لقاء تصعيد أم تهدئة؟
  • ضربة لإسرائيل: الشعاع الحديدي لمواجهة الحزب خارج الخدمة.. ولن يكون جاهزًا قبل هذا الموعد!
  • الشعاع الحديدي خارج الخدمة.. ضربة لإسرائيل بمواجهة حزب الله
  • وزارة الدفاع الألمانية توصي باستخدام المُسيرات الصغيرة بالجيش
  • وسط تصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.. نصر الله يجتمع بوفد من حماس
  • وثيقة مسربة تكشف مخطط إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى مصر
  • تركيا تستدعي السفير الألماني وبرلين ترد بالمثل
  • باحث: موقف الشباب الأمريكي ضد السياسة المنحازة بشكل أعمى لإسرائيل
  • الكابينت يجتمع مساءً - نتنياهو يوافق على سفر وفد المفاوضات
  • مسؤول أمني إسرائيلي: حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة