قال الدكتور عبد الرحيم ريحان خبير آثار، وعضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إن القطع المعروضة للبيع في دار سوثبي للمزادات العالمية في لندن يبدو أنها خرجت من مصر نتيجة للحفر الغير قانوني «الحفر خلسة» والذي زادت حدته بعد فوضى يناير 2011 وساهمت بعض الفتاوى المضللة في ذلك الوقت بانتشارها بشكل كبير.

 

وكانت دار سوثبى للمزادات العالمية في لندن، قد أعلنت عن عرض 15 قطعة أثرية مصرية قديمة ويونانية ورومانية للبيع بنظام المزاد العلني يوم الثلاثاء القادم الموافق 5 ديسمبر الجاري، ويبلغ سعرها بالمزاد 935 ألف جنيه استرليني أي ما يساوي مليون 182 ألف دولارًا أمريكيًا. 

ضعف الرقابة 

وأشار الدكتور ريحان في تصريحات إلى الفجر، أن معظم منازل القرى حاليًا تحفر للبحث عن الآثار وتهريبها وظهر الغناء الفاحش على العديد من الأفراد فجأة نتيجة الحفر وتهريب الآثار. 

واضاف أن هذا يأتي في ظل قانون يحتاج إلى التعديل، وعدم إحكام الرقابة الدقيقة على استخدام المنقبون بشكل غير شرعى للتكنولوجيا الحديثة والأجهزة المهربة علاوة على عدم توافر كل الإمكانيات المادية من أجهزة وأفراد وتقنية عالية لدى الأجهزة المعنية لإحكام الرقابة

وأوضح الدكتور ريحان أن الموضوع شائك وله عدة أبعاد أثرية وقانونية ودينية واجتماعية ودولية، والحفر خلسة أو التنقيب غير الشرعي فهو مخالف للمادة 32 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته التي تنص على أن السلطة المختصة بأعمال التنقيب عن الآثار فوق الأرض وتحت الأرض والمياه الداخلية والإقليمية المصرية هي المجلس الأعلى للآثار. 

ويجوز للمجلس أن يرخص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية منها والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب في مواقع معينة ولفترات محددة وذلك بعد التحقق من توافر الكفاية العلمية والفنية والمالية والخبرة الأثرية ويكون لهذه الهيئة حق النشر العلمي فقط للآثار المكتشفة، وتضمنت المادة 35 أن تكون جميع الآثار المكتشفة التي تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية الأجنبية والمصرية ملكًا لمصر

وبخصوص العقوبة أضاف الدكتور ريحان أن عقوبة التنقيب غير الشرعي جاءت في المادة 44 من القانون بأن يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه كل من قام بأعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص أو اشترك في ذلك ويعاقب بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أو من مسئولي أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.

وجاءت عقوبة جريمة الحفر خلسة وإخفاء الآثار بقصد تهريبها فى المادة 42 فى تعديلات القانون رقم 91 لسنة 2018 كالآتى "تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقــل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات لكل من قام بالحفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزء منه بقصد التهريب ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح المجلس"

وأوضح الدكتور ريحان أن هناك إشكالية في هذه العقوبة بأن تكون الأراضي محل التنقيب من الأراضي الأثرية، والأراضى الأثرية متنوعة منها الأثر المسجل وهو أثر صدر به قرار من الوزير المختص بالآثار ويأخذ رقم تسجيل وهناك أراضي أثرية بقرار ضم وهي الأراضي التي تحتوي على آثار ثابتة ويضمها المجلس الأعلى للآثار لملكيته ولو اقتضى الأمر نزع ملكيتها من صاحبها ولا يجوز التعامل عليها مطلقًا والضم يجب أن يثبت وجود آثار في هذه الأرض.

ويتابع الدكتور ريحان بأن هناك أراضي إخضاع وهي الأراضي التي يصدر بشأنها قرار من رئيس المجلس الأعلى للآثار وتعتبر في ملكية صاحبها لحين صدور قرار بنزع ملكيتها لصالح المجلس الأعلى للآثار أو تسليمها لصاحبها بعد إخلائها من الآثار ولا يستطيع مالك الأرض أن يقوم بأى أعمال بها إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للآثار.

ويشير إلى حرم الأثر وهي الأماكن أو الأراضي الملاصقة للأثر والتي تحددها اللجنة الدائمة المختصة بما يحقق حماية الأثر أمّا خط التجميل المعتمد للأثر فهي المساحة التي تحيط بالأثر وتمتد لمسافة يحددها المجلس بما يضمن عدم تشويه الناحية الجمالية للأثر وتعامل هذه الأراضي معاملة الأراضي الأثرية

وينوه إلى أراضي المنافع العامة للآثار وهي الأراضي المملوكة للدولة والتي يثبت أثريتها لوجود شواهد أثرية بها وهناك الأماكن أو الأراضي المتآخمة للأثر وهي الأماكن أو الأراضي التي تقع خارج نطاق المواقع أو الأماكن أو الأراضي الأثرية والتي تمتد حتى المسافة التي يحددها المجلس ويصدر بها قرار من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية بما يحقق حماية بيئة الأثر.

ولفت الدكتور ريحان إلى أن الإشكالية فى أن معظم الحفر خلسة إن لم يكن كله  يتم فى أراضى خارج نطاق ما ذكر، وبالتالي فالأراضي من الملكية الخاصة لا تقوم فيها جريمة التنقيب وفى حالة مداهمة أي شخص يحفر أو يقوم بالتنقيب في ملكية خاصة دون العثور على لقى أثرية فلا جريمة

وفي حالة القبض علي القائمين بالحفر في ملكية خاصة مع العثور على لقى أثرية تعتبر قضية حيازة للأثر وليست حفر أو تنقيب غير شرعي طبقًا لدراسة قانونية للدكتور محمد عطية مدرس الترميم بآثار القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص

وأوضح الدكتور ريحان أن نظام المكافأة لمن يعثر على آثار لا يساهم أيضًا في تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أعمال التنقيب الغير شرعي أو العثور على قطع أثرية بسبب عيوب المواد 24، 44 من قانون حماية الآثار ومنها تحديد مدة 48 ساعة للإبلاغ عن العثور على أثر من لحظة العثور عليه وإلا يعاقب بتهمة حيازة أثر، كما جعل قيمة الأثر احتمالية وبالتالي إعطاء المكافأة احتماليًا أيضا حيث نصت المادة 24 "وللمجلس إذا قدر أهمية الأثر أن يمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة".

وبالتالى طبقًا لما جاء فى الدراسة فإن اعتبار المكافأة نقدية فقط ليس بالأمر الصائب لأن توفير مخصصات مالية ليس بالأمر السهل وهو ما سوف يؤثر سلبًا علي قيمة المكافأة بحث تصبح عبثية قليلة القيمة بحيث تدفع من يجد أثرًا أن يمتنع عن تسليمه وبهذا سيكون تصرفه التالي هو ارتكاب ما يجرمه القانون كما يجب التحول إلى المكافأة العينية مثل التعيين فى وزارة السياحة والآثار 

وفى النهاية يوضح الدكتور ريحان بأن الثغرات الموجودة فى بنود قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته المادة 24، 42، 44 تساهم فى زيادة الحفر خلسة واتساع نطاقه وهو ما ينتج عنه تهريب آثار يستحيل عودتها باعتبارها غير مسجلة إلا بالعلاقات الدبلوماسية والاتفاقيات الثنائية ورغبة هذه الدول نفسها فى عودة الآثار لبلد المنشأ وهى مصر

علاوة على أن الرقابة على الحفر خلسة غير كافية والذى يتطلب حصرًا شاملًا لكل أراضى مصر سواءً داخل نطاق الآثار أو خارجها بإحداثيات وتقنيات علمية لضمان رقابتها بريًا وبحريًا وجويًا، كما أن المعدات المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية غير كافية للمتابعة وإحكام الرقابة ويقترح الدكتور ريحان دخول القوات المسلحة فى هذا المضمار وإنشاء وحدة متكاملة من الجيش والشرطة يطلق عليها "وحدة مكافحة الاتجار بالآثار" تبدأ مهامها من الحفر خلسة إلى السرقة والتهريب ومتابعة المزادات العالمية وحركة الآثار التى تخرج من مصر على أن يكون بها آثاريين وقانونيين والجهات الأمنية من شرطة وجيش ودبلوماسيين

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الآثار المجلس الأعلى للثقافة الحضارة المصرية المجلس الأعلى للآثار العثور على ألف جنیه

إقرأ أيضاً:

"منطقة حيوية وغنية".. كل ما تريد معرفته عن منطقة جبل مويا السودانية

منطقة جبل مويا السودانية، تصدرت محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعد نشر قوات الدعم السريع فيديوهات عدة تعلن فيها السيطرة على المنطقة.

ما هي منطقة جبل مويا؟

تقع منطقة جبل مويا في السودان، وتحديدًا في ولاية سنار بجنوب شرق البلاد. تعد هذه المنطقة من المواقع الأثرية الهامة التي تشهد على حضارات قديمة في إفريقيا. جبل مويا هو جزء من سلسلة جبال تمتد في المنطقة، وتعتبر ذات أهمية جيولوجية وتاريخية.

الجغرافيا والبيئة

تتميز منطقة جبل مويا بتضاريسها الجبلية والمنحدرات الشديدة، التي تجعلها مميزة عن بقية المناطق المحيطة بها. تتنوع النباتات والحيوانات في هذه المنطقة، مما يساهم في التنوع البيئي. يتسم المناخ هناك بأنه حار وجاف في الصيف ومعتدل في الشتاء، مما يؤثر على طبيعة الحياة النباتية والحيوانية.

التاريخ والأثرية

يعود تاريخ منطقة جبل مويا إلى العصور القديمة، حيث كانت مأهولة بالسكان منذ آلاف السنين. وقد اكتشف علماء الآثار العديد من الأدوات الحجرية والنقوش الصخرية التي تعود إلى الحضارات القديمة. تُظهر هذه الآثار أن المنطقة كانت مركزًا حضاريًا وتجاريًا مهمًا.

في عام 1910، قام عالم الآثار البريطاني سير هنري ويلفريد بإجراء حفريات في جبل مويا، حيث اكتشف مقابر ومواقع سكنية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. أظهرت هذه الحفريات وجود مجتمع زراعي متطور كان يعيش في المنطقة، حيث تم العثور على أدوات زراعية وحبوب محفوظة بشكل جيد.

الأهمية الاقتصادية

تعتبر المنطقة محط اهتمام بسبب الموارد الطبيعية التي تحتويها، مثل المعادن والأحجار الكريمة. كما أن الزراعة تعد نشاطًا اقتصاديًا رئيسيًا لسكان المنطقة، حيث تزرع هناك المحاصيل الزراعية مثل الذرة والقمح والفواكه.

الأهمية السياحية

تجذب منطقة جبل مويا العديد من الزوار بفضل جمالها الطبيعي وأهميتها التاريخية. تقدم الجبال المحيطة بها فرصًا ممتازة لمحبي رياضة التسلق والمغامرات الطبيعية. كما تتيح المواقع الأثرية الفرصة للباحثين والمهتمين بالتاريخ لاستكشاف ماضي المنطقة الغني.

التحديات والمستقبل

تواجه منطقة جبل مويا تحديات بيئية واقتصادية، من بينها تدهور الأراضي الزراعية وتغير المناخ. هناك جهود مستمرة للحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي للمنطقة، بما في ذلك حماية المواقع الأثرية من النهب والتخريب.

تظل منطقة جبل مويا رمزًا لتراث السودان الغني، حيث تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق، مما يجعلها وجهة مثالية للاكتشاف والاستكشاف.

مقالات مشابهة

  • رئيس الرقابة الصحية: التحولات الجذرية في القطاع الصحي جعلت الحوكمة الرشيدة قابلة للتطبيق
  • باحث يمني يكشف عن بيع مادة قرابين من آثار اليمن مزينة بحروف المسند في معرض بلندن قبل عامين
  • خبير عسكري: ما يحدث في فلسطين صراع من أجل البقاء
  • "منطقة حيوية وغنية".. كل ما تريد معرفته عن منطقة جبل مويا السودانية
  • انتصار لبايدن.. المحكمة العليا تسمح بالضغط على الشبكات الاجتماعية لإزالة المعلومات المضللة
  • ما عقوبة عدم الالتزام بمواعيد غلق المحال؟.. خبير يجيب
  • باحث: تمثال من آثار اليمن يُعرض للبيع في مزاد بلندن
  • الأمم المتحدة تعلن 5 مبادئ لوقف نشر المعلومات المضللة والكراهية عبر الإتترنت
  • تمثال رجل من قتبان يعرض للبيع في مزاد بلندن
  • صحيفة إماراتية: لهذه الأسباب ألغى المجلس الانتقالي اجتماعه في شبوة