الرعي المُستدام في الإمارات.. حماية للمراعي والموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تبني الممارسات المجتمعية التقليدية المرتبطة بالهوية التراثية والثقافية، ويُعد رعي الثروة الحيوانية أحد هذه الممارسات التقليدية التي اعتمد عليها الإنسان الإماراتي قديمًا في معيشته وما زال يُحافظ عليها ويُمارسها لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فالحفاظ على الرعي والمراعي الطبيعية عبر اتخاذ مجموعة من التدابير مثل موسمية الرعي وإجراءات ترخيص ممارسته وفق شروط وضوابط مُحددة، سينعكس بشكل إيجابي وملموس على حماية الغطاء النباتي بشتى أنواعه وأشكاله والحفاظ على الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي البري، إضافة إلى استدامة ممارسة المجتمع المحلي للرعي بشكل بيئي وموزون.
وتُسهم هذه التدابير في إتاحة الفرصة للمراعي والموائل البرية للتعافي والتجدد الطبيعي من خلال تمكينها من بلوغ مراحل النمو الكامل، الأمر الذي يتيح لها طرح البذور في التربة وضمان استكمال دورة الحياة لها في المواسم اللاحقة، كما تسهم هذه التدابير في حماية البيئة الصحراوية من الضغوط الناجمة عن الرعي الجائر وتأثيره على الغطاء النباتي الصحراوي والنباتات المحلية وما ينتج عنه من زيادة تعرية التربة وانجرافها، هذا بالإضافة إلى الآثار السلبية التي قد تُؤثر على استدامة الثروة الحيوانية بشتى أنواعها وانخفاض أعدادها وبخاصة تلك الأنواع الحيوانية التي تعتمد بشكل رئيس في غذائها وحياتها على المراعي الطبيعية، وظهور علامات التصحر .
من هنا، يبرز محور “حماية البيئة”، ضمن حملة “استدامة وطنية” التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” الذي تستضيفه الدولة خلال الفترة من 30 نوفمبر الماضي إلى 12 ديسمبر الجاري في مدينة إكسبو دبي، قصص النجاح الوطنية في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها، وذلك في إطار المبادرات المستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتهدف حملة “استدامة وطنية” إلى نشر الوعي بشأن التحديات البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في اقتراح الحلول المستدامة، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي في سلوك الأفراد وتعزيز مسؤولياتهم نحو البيئة، وصولاً إلى مجتمعٍ واعٍ بيئياً.
– تراخيص لتنظيم الرعي.
بدأت هيئة البيئة – أبوظبي في يوليو 2023 بإصدار تراخيص لمُلاك ومربي الثروة الحيوانية لتنظيم الرعي وجميع الأنشطة المرتبطة به في إمارة أبوظبي، وذلك ضمن الجهود المبذولة لحماية المراعي الطبيعية وضمان تعافي الغطاء النباتي وتعزيز التنوع البيولوجي البري واستدامته.
ويأتي إصدار التراخيص استناداً إلى اللائحة التنفيذية للقانون رقم (11) لسنة 2020 بشأن تنظيم الرعي في إمارة أبوظبي التي أصدرتها الهيئة مؤخراً، بكونها السلطة المختصة بشؤون البيئة في إمارة أبوظبي، حيث تتولى الهيئة تنفيذ هذا القانون الذي يهدف إلى تنظيم نشاطات الرعي، وتعزيز الممارسات التقليدية المستدامة بالتنسيق مع الجهات المعنية بإدارة المحميات والموائل الطبيعية الحرجة والحساسة وذلك وِفق أسس موزونة تضمن حماية النباتات البرية المحلية بجميع أنواعها وأشكالها مِن الرعي الجائر.
وحددت هيئة البيئة – أبوظبي عدداً من الاشتراطات البيئية يجب على المُرخص لهم بالرعي الالتزام بها، ومنها عدم إدخال النباتات أو الحيوانات الدخيلة أو أية مواد ضارة في مناطق الرعي، وعدم قلع أو حرق أو نقل أو قطع أو إتلاف، أو احتطاب أو إزالة أو جمع النباتات الرعوية أو أي جزء منها في مناطق الرعي، وعدم إتلاف أو الإضرار بالتنوع البيولوجي أو التسبب بأي ضرر للبيئة في مناطق الرعي والتقيد بمواسم الرعي المسموح بها، فضلاً عن منع استخدام الدراجات أو السيارات أو أي نوع من المركبات أو الآليات في مناطق الرعي بما يؤثر على الغطاء النباتي.
وتحرص الهيئة على تنفيذ برنامج للتواصل المجتمعي من خلال ندوات ومحاضرات توعوية بشأن المحافظة على المراعي واستدامتها بمشاركة أصحاب العِزب وملاك ومربي الثروة الحيوانية وذلك لتعزيز وعي الفئات المستهدفة وتعزيز معارفهم وسلوكياتهم في مجال المحافظة على البيئة البرية وتنميتها.
– حماية التوازن البيئي .
وتولي إمارة الشارقة أهمية خاصة لتنظيم عملية الرعي، وتبذل الإمارة جهوداً كبيراً للحفاظ على التوازن البيئي ومكافحة التصحر والحد من الرعي العشوائي، ولذلك أنشأت المراعي في مختلف مدن ومناطق الإمارة.
ويعد مرعى الشمال في مدينة الذيد، الأكبر من نوعه في إمارة الشارقة، حيث تبلغ مساحته 11 كيلو مترا مربعا، وقد تم تخصيص عزب لأصحاب الثروة الحيوانية من أهالي منطقتي الزبيدة وسهيلة.
وتمت زراعة النباتات داخل المرعى على مساحة تقدر بـ400.000 متر مربع، وشملت أنواعاً متنوعة من الأشجار المحلية وهي: الثمام والمرخ والطلح والسمر والغاف والسدر والتبلدي.
ويهدف قانون تنظيم المراعي في إمارة الشارقة، الذي صدر في عام 2018، إلى الاهتمام بتوفير الغطاء النباتي والتوسع الخضري وإيجاد مراع طبيعية في الإمارة، وتنمية الموارد الرعوية وتنويعها لتسهم في رفع القدرة الإنتاجية للثروة الحيوانية، وتشجيع المواطنين على تربية الثروة الحيوانية وتحسين المستوى المعيشي للمربين، وحماية النباتات الرعوية والنبات الطبيعي ووقف الاستغلال الجائر لها ووضع الأطر والتدابير اللازمة للمحافظة عليها، وتوفير الخدمات اللازمة للمراعي بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتنظيم الرعي وفق أسس علمية وتقنية والقيام بالدراسات والأبحاث لتطوير المراعي.
وبحسب القانون يُحظر الإضرار بالمراعي أو إدخال المواد الضارة بالنباتات الرعوية أو استعمال أي وسيلة تتسبب في موتها أو اتلافها أو إضعافها أو حرقها أو قلعها أو نقلها أو احتطابها أو تجريدها من قشورها أو أوراقها، أو إزالتها أو جمع منتجاتها أو استغلالها أو نقلها دون تصريح، وإتلاف أو تدمير التنوع الحيوي والأصول الوراثية النباتية ومناطق الإنبات والتكاثر، وقيادة أو تسيير المركبات أو وسائل النقل في المراعي، وتلويث تربة أو مياه المراعي.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الثروة الحیوانیة الغطاء النباتی فی إمارة
إقرأ أيضاً:
قضاء أبوظبي تنظم منتدى حول "دور القانون في حماية حقوق الإنسان"
نظمت دائرة القضاء في أبوظبي، منتدى دولياً حول "دور القانون والقضاء في حماية وتعزيز حقوق الإنسان"، وذلك بهدف إلقاء الضوء على الآليات التشريعية والأطر القانونية التي تكفل حماية حقوق الإنسان، وتعزز جودة الحياة ورفاهية وسعادة المجتمع في بيئة جاذبة ورائدة تحفظ الحقوق والحريات.
وركز المنتدى، الذي نفذته الدائرة ممثلة بأكاديمية أبوظبي القضائية واختتمت أعماله أمس، على دور القانون والقضاء في حماية حقوق الإنسان وتعزيز التنمية المستدامة ، مع تسليط الضوء على تجربة دولة الإمارات الرائدة في تعزيز قيم العدل والمساواة، وتحديث الأطر القانونية والتشريعية وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.وشهد المنتدى على مدار يومين، سلسلة من الجلسات، تناولت عددا من الموضوعات، أبرزها الإطار القانوني والتنظيمي في دولة الإمارات والذي يتوافق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكافة المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة ، ودور القانون والقضاء في حماية الحقوق والحريات في التجربة الكندية، ودور محكمة الأسرة في تعزيز العدالة الاجتماعية، وجهود دائرة القضاء في مجال حقوق الإنسان، والتجربة الأمريكية للنيابة العامة في مجال حقوق الإنسان.
واستعرض المنتدى، تجربة أبوظبي الرائدة في تعزيز حقوق نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل وفقاً لأفضل الممارسات على المستوى الدولي، إضافة إلى الإطار التشريعي المتطور لحماية حقوق العمال، ودور محكمة أبوظبي العمالية في حماية حقوقهم، وأيضاً دور محاكم أبوظبي في تطبيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ، والتجربة القضائية الأمريكية.
كما استعرض الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ودور المحاكم في تأمين تطبيقها على المستوى المحلي للدول الأعضاء، فيما تناولت المناقشات دور القانون والقضاء الإداري في تعزيز حقوق الانسان في تجربة دائرة القضاء في أبوظبي.