سلمت مصر بعد نجاحها فى مؤتمر المناخ  COP27 بشرم الشيخ العام الماضى، دولة الإمارات العربية المتحدة، رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ  COP28، الذى تستضيفه خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023 في دبي.

وأفرز مؤتمر المناخ فى نوفمبر 2022، نتائح إيجابية عظيمة على قمتها نجاح مصر خلال رئاستها COP27، فيما عجز عنه المجتمع الدولى خلال 31 عاماً، بإقرار تاريخى هو إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، فضلا عن نتائج أخرى ملموسة منها الدعوة إلى خفض "سريع" لانبعاثات الغازات الدفيئة وخفض استخدام الطاقة الأحفورية المسببة للاحترار وتطوير مصادر الطاقة المتجددة الذى ذكر للمرة الأولى إلى جانب مصادر الطاقة "المنخفضة الانبعاثات" في إشارة إلى الطاقة النووية.


ويثور التساؤل حول عن ما تطلبه الأرض وتأمله شعوبها فى مؤتمر الإمارات COP28 من مطالب أخرى على قمتها التحدى الأكبر فى صناعة اَلية التمويل المناخى.

وتعرضت إحدى الدراسات الدولية للمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، لمطالب العدالة المناخية تجاه الدول الاقتصادية الكبرى، تحت عنوان "العدالة المناخية تشرق على البشرية  من أرض الحضارة والتاريخ.. دراسة عالمية حديثة لمنازعات تغير المناخ"، باعتبار أن تغير المناخ  يأتى على رأس التحديات التي تواجه العالم فى العصر الحالى والمشكلة الأكبر عالمياً.

وتأتى الدراسة لرفع مستوى الوعي العام العربى بمفهوم العدالة المناخية في النقاط التالية: 

أولاً: التمويل المناخى هو التحدى الأكبر لمؤتمر المناخ  COP28 بالإمارات بعد نجاح مصر فى إنشاء صندوق الخسائر والأضرار

يقول الدكتور محمد خفاجى إن مؤتمر المناخ  COP28 بالإمارات باعتبارها من أكبر الدول المنتجة للنفط، بات مطالباً بتحقيق بعض أهداف اتفاقية باريس، خاصة تغطية الديون المناخية بإيصال الأموال للعمل المناخي من البلدان الأكثر ثراءً وتقدماً إلى البلدان الفقيرة والنامية ، وتعجيل الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، من أجل "خفض" انبعاثات الغازات الدفيئة قبل عام 2030 فى فلك حماية الطبيعة والناس.

كما يجب حسم مستقبل الوقود الأحفوري، الفحم والنفط والغاز،وتقليص استهلاك الوقود الأحفوري الذي يتم حرقه دون تكنولوجيا لالتقاط انبعاثاته وفقاً للدراسات العلمية .

وأوضح أن التمويل المناخى هو التحدى الأكبر لمؤتمر المناخ  COP28 بالإمارات ,  باعتبار أن مؤتمر COP27  المنعقد العام الماضى بمصر، من بين انجازاته الاتفاق على تقرير صندوق "الخسائر والأضرار" للدول الأكثر ثراءً لدفع الأموال اللازمة للدول الفقيرة لمواجهة آثار تغير المناخ، فالدول الغنية هى السبب الرئيسى فيما يجاوز 80 %  من انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، لذا فالمسئولة الكبرى عن أزمة المناخ تقع على عاتق تلك الدول والتى أصابت البدان الفقيرة والنامية .

وهذا التمويل يكتنفه الكثير من الغموض فيما يتعلق بإدارته فضلا عن أمريكا استبعدت دفع تعويضات المناخ عن انبعاثاتها التاريخية وهى مسألة تحتاج إلى نقاش دولى، فضلاً عن أن الدول الكبرى ترى ضرورة أن تكون الصين من الدول الواجب أن تشارك فى مساهمات تغير المناخ وغيرها من القضايا ذات الصلة.  

ثانياً: 3 قضايا رئيسية تحتل حيزاً كبيراً من المناقشات الجادة والمباحثات المفيدة

هناك ثلاث قضايا رئيسية سوف تأخذ حيزا كبيرا من المناقشات الجادة والمباحثات المفيدة هى تمويل صندوق الخسائر والأضرار والتعهدات الضخمة لخفض الانبعاثات وأخيراً التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. خاصة أن وقف إنتاج الوقود الأحفوري تدريجيا سيضر بالدول التي تعتمد إيراداتها عليه.

وعلى مدار مؤتمرات الأمم المتحدة فى تغير المناخ لسنوات طوال لم تلتزم الدول والشركات المشاركة في قمم المناخ العالمية رسمياً بالتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري بشكل قاطع وجازم وحاسم، إذ تعرضت لهذه القضية مرة واحدة خلال قمة غلاسكو " COP 26 " عندما اتفقت الحكومات على "التخفيض التدريجي" للفحم، لكن دون الالتزام بـ "التخلص الكامل".

ثالثاً: قصة صندوق الخسائر والأضرار وعجز المجتمع الدولى طوال 31 عاماً حتى نجاح مؤتمر مصر COP27 في إنشائه 

فى عام 1991، قامت الدول الجزرية الصغيرة خلال مفاوضات المناخ في جنيف بتقرير مصطلح "الخسائر والأضرار" مع اقتراح خطة تأمين ضد ارتفاع منسوب مياه البحر  بما يتضمنه من تحمل الدول الصناعية الكبرى التكاليف المتلعقة بتلك الخسار والأضرار وهى المتسببة فيها.

ومنذ عام 1991 لم ينجح المجتمع الدولى فى تقرير إنشاء هذا الصندوق على الطبيعة الفاعلة بإستثناء قمة المناخ التاسعة عشرة في بولندا عام 2013 تم التعرض إلى نقاش حول  إنشاء الآلية الدولية لهذا الصندوق ومرت الأعوام منذ 1991 حتى عام 2022 أى 31 عاما ولم يتم الاتفاق علي هذا الصندوق حتى عُقد مؤتمر COP27 بمصر نوفمبر 2022، وتقرر لأول مرة فى تاريخ مؤتمرات الأمم المتحدة عن تغير المناخ وعلى أرض مصر الحضارة بالاتفاق وإقرار تاريخى بإنشاء صندوق "الخسائر والأضرار".  

علماً أنه في عام 2009، تعهدت الدول الكبرى المتقدمة بمنح 100 مليار دولار سنويًا، بحلول عام 2020، للدول النامية لمساعدتها على تقليل الانبعاثات والاستعداد لتغير المناخ. وفى إحدى الدراسات الحديثة الإحصائية فى مجال تغير المناخ قدرت الخسائر التي ستتحملها الدول المعرضة لخطر تغير المناخ ما بين 290 مليار دولار و580 مليار دولار بحلول عام 2030.

رابعاً: 3 إشكاليات جوهرية تتعلق بصندوق الخسائر والأضرار تواجه مؤتمر المناخ  COP28 بالإمارات
هناك العديد من التفاصيل تمثل ثلاث إشكاليات جوهرية متعلقة بصندوق الخسائر والأضرار تواجه مؤتمر المناخ  COP28 بالإمارات

أولاً: كيفية إدارة هذا الصندوق خاصة أن بعض الاَراء ترى أن يقع مقر هذا الصندوق خارج البنك الدولى لأن فى وجود مقر الصندوق داخل مؤسسة البنك الدولي سوف يؤدى إلى منح الدول الغنية نفوذا على حساب الدول النامية.

ثانياً: تحديد الدول الثرية التي ستدفع المخصصات المالية ومدى التزام كل منها بدفع الحصة التى سوف تقرر، وعلى أساس تقرر حصة الدفع ؟، وهل تعهدها بالدفع يكون من قبيل الإلزام القانونى الدولى أم من قبيل المساعدات التى تقررها الدول الغنية حسبما تراه بإرادتها المنفردة؟  

ثالثاً: تحديد الدول النامية والفقيرة التى أصابتها أضرار تغير المناخ والتي ستحصل على تعويضات من الصندوق، وتقرير مبدأ الأولويات فى مفهوم الخسائر والأضرار بمعايير موضوعية

خامساً: مطالب شعوب العالم لتحقيق العدالة المناخية ومعضلة الاحتفاظ بالوقود الأحفوري في الأرض
يذكر أن قضية تغير المناخ هى الأزمة الحقيقية التى يواجهها كوكب الأرض فى عصرنا الحالى، وأمام الدول الصناعية الكبرى فرصة كبيرة لتطوير سياستها التى من شأنها أن تؤثر على حياة البشرية وتغير من مضار البيئة لتحقيق العدالة المناخية لعل أهمها الاحتفاظ بالوقود الأحفوري في الأرض وتقديم حلول حقيقية عادلة وعملية وضرورية تواجه أزمة تغير المناخ والوفاء بالتزامات الدول المتقدمة الصناعية الكبرى بتمويل المناخ للدول النامية وضمان احترام الدول الأولى  لحصصها العادلة بحسبانها كانت السبب الرئيسي في إحداث أزمة تغير المناخ .

إن أزمة تغير المناخ تؤثر على صحة ملايين الأشخاص حول العالم ، وتؤثر بصفة مباشرة على كوكب الأرض وتصيبه بظواهر غير طبيعية تسبب الإضرار بالبيئة خاصة فى تلك الدول التى لم تساهم بشكل كبير فى إحداث تلك الأزمة بينما تصيب الدول الصناعية الكبرى بضرر أقل

من هنا توجد مشكلة غياب العدالة المناخية التى يجب على العالم البحث عن حلول عادلة لمواجهتها بشجاعة ومسئولية، وحلول تحقق طموح البشر وتستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة وضرورية تعتمد على مبادئ الإنصاف والمسئولية التاريخية فى تحمل الدول الأكثر إنبعاثاً للغازات فى دفع التكاليف العالمية والعادلة للوصول إلى مستقبل اَمن للبشرية بالاحتفاظ بالوقود الأحفوري في الأرض .

سادساً: على الدول المتقدمة انتهاج مبدأ ديمقراطية الطاقة بخلق صور الطاقة المتجددة دون الصناعات الاستخراجية

يقول القاضي خفاجي، إنه على الدول المتقدمة أن تتعهد بانتقال عادل ومنصف إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100 % بحلول عام 2030، وأن تلغي الإعانات المقدمة لصناعة الوقود الأحفوري وتتعهد بالتخلي عن الوقود الأحفوري بالكامل، وفرض حظر على عمليات التكسير الهيدروليكي واعتماد وقف عالمي على تقنيات التنقيب عن الوقود الأحفوري واستخراجه، كما يجب على جميع الدول احترام الحظر الدولي للهندسة الجيولوجية الذي أقرته اتفاقية التنوع البيولوجى، ورفض مشاريع احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) والطاقة الحيوية مع التقاط الكربون وتخزينه (BECCS) ومشاريع التجهيز التقني الأخرى، ووقف تحويل الأراضي الزراعية المحلية إلى أغراض غير غذائية.

ويتعين على العالم  تحويل أنظمة الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري والمصادر الضارة الأخرى مثل الوقود النووي، والطاقة المائية الضخمة، والوقود الحيوي إلى نظام نظيف وآمن يكفل للبشرية الحياة السليمة، ولها فى سبيل ذلك وقف جميع المشروعات المدمرة للبيئة حتى تعود الأرض لطبيعيتها، ونمتلك القدرة الذاتية على امتصاص غازات الاحتباس الحرارى، كما أنه يتوجب على العالم اليوم ضرورة اتباع الأساليب التكنولوجية  للتصدي لتغير المناخ ،عن طريق  ديمقراطية الطاقة ، بما يخلق فرص عمل جديدة فى مجال الطاقة المتجددة دون الصناعات الاستخراجية.

سابعاً: على الدول الكبرى احترام "حصصها العادلة" للتمويل المناخى تجنباً للفوضى المناخية  
يقول المستشار محمد خفاجي، إنه يتعين الوفاء بالتزامات الدول المتقدمة بتمويل المناخ للدول النامية , بتوفير المال الكافي  فضلاً عن  المساعدة الإنمائية الخارجية، من أجل توسيع نطاق التكيف للمتأثرين بتغير المناخ، وعليها أيضاً تقديم تعهدات محددة  مستجدة للتمويل العام للمناخ مصحوبة بجدول زمني محدد للتسليم والوفاء به، والالتزام بتعويضات المناخ لأولئك البلدان الأكثر تضررا ولكن الأقل مسئولية عن إحداث تغير المناخ.
كما يجب على الدول المتقدمة أن تحترم "حصصها العادلة" لأنها هى المتسببة فى إحداث أزمة تغير المناخ , وعليها الاعتراف الصريح بمسئوليتها التاريخية بنسبة أكبر عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وأن تعمل على تنفيذ حصصها العادلة بدعم تمويل المناخ العالمي، والعمل الجاد للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية لوقف انهيار المناخ.

يقول خفاجي: إن العالم اليوم يعيش حالة طوارئ مناخية ، ويواجه الجفاف والعواصف ويقف عاجزاً عن انهيار النظام البيئي بكثافة غير مسبوقة , فضلاً عن غياب العدالة المناخية حيث يتحمل أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً وطأة أزمة المناخ التي ترسخ للظلم المناخى في كل مكان , لذا فإن شعوب العالم تطالب بالعدالة المناخية وعليها سرعة الاستجابة لمطالب الشعوب لوقف انهيار المناخ .

وأكد تقرير للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، حقيقة مهمة هى أنه يجب أن يتحرك العالم دون إبطاء لتحديد مسار عادل ومنصف تجنباً للفوضى المناخية، ويتعين دعوة جميع البلدان الغنية الملوثة للالتزام على الفور بالالتزامات العالمية وسن سياسة محلية تضمن تلافى التدهور المنظم لموارد الكوكب بالانتقال من الوقود الأحفوري إلى طاقة نظيفة ومتجددة من أجل خلق عالم يتسم بالعدالة والاستدامة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية ؤتمر المناخ COP27 استجابة لمطالب استخدام الطاقة استهلاك الوقود ارتفاع درجة الحرارة اتفاقية الأمم المتحدة بحلول عام 2030 إنشاء صندوق الخسائر والأضرار صندوق الخسائر والأضرار العدالة المناخیة أزمة تغیر المناخ الطاقة المتجددة الوقود الأحفوری الصناعیة الکبرى الدول المتقدمة COP28 بالإمارات مؤتمر المناخ إنشاء صندوق هذا الصندوق على الدول

إقرأ أيضاً:

لماذا ترفض مصر التهجير القسري للفلسطينيين؟.. دراسة للمستشار محمد خفاجي

يتصدر الموقف الثابت لمصر المشهد، وهو موقف تاريخي عن رفض الدعوة الأمريكية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين إلى مصر والأردن لتنفيذ مخطط التهجير القسري لسكان قطاع غزة، بحجة إعادة الإعمار، وذلك بعد أن فشلت إسرائيل في تخويف الشعب الفلسطيني بتنفيذ استراتيجية الجحيم بقطاع غزة بالقصف والحصار والتجويع.

أجرى المفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، دراسة بعنوان «لماذا ترفض مصر التهجير القسري للفلسطينيين؟ والحل الأمثل لإنهاء الصراع: نظرات في التاريخ والوعي».

الجزء الأول من دراسة الفقيه المصري تتمثل في نقطتين:

النقطة الأولى أن مصر موقفها ثابت، حيث قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين، وأمريكا قادت 33 دولة بنشأتها وتقسيم فلسطين (17% من العالم والباقي تحت الاستعمار).

النقطة الثانية أن دعوة الرئيس الأمريكي ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء تخالف الشرعية الدولية وتمحو الوجود الفلسطيني من سياق التاريخ، وتعيد ذكرى نكبة 1948.

من جانبه يقول الدكتور محمد خفاجي: "إن مصر موقفها ثابت منذ البداية لم يتغير تجاه الشعب الفلسطيني، فقد قادت 13 دولة عام 1948 لرفض نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين، وقادتهم للانسحاب، أما الدول الـ13 التي رفضت نشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين على قمتها: مصر واليمن والعراق ولبنان وسوريا والسعودية وإيران وباكستان وأفغانستان وكوبا وتركيا والهند واليونان".

وأضاف "عند إعلان نتيجة التصويت، قادت مصر الانسحاب من الاجتماع وتبعها المندوبون العرب، وأعلنوا كافة في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها. الأمر الذي دعا جيمس فورستال، وزير الدفاع الأمريكي حينذاك، إلى تسجيل القول في مذكراته: "إن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة".

وتابع "رؤية مصر عام 1948 أن نشأة إسرائيل بتقسيم فلسطين منح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني، وحرصًا على أراضي الأمة العربية مستقبلًا، لذا قادت 13 دولة لرفض قرار تقسيم فلسطين، وكان ذلك لسببين:

الأول أنه أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني.

الثاني لرفض مصر والدول الأخرى هو التخوف من المستقبل على أراضي الأمة العربية، خشية أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية، وهو ما أثبت التاريخ صدق رؤية مصر".

وأشار الدكتور محمد خفاجي إلى أن أمريكا قادت 33 دولة لنشأة إسرائيل وتقسيم فلسطين (17% من العالم فقط والباقي تحت الاستعمار)، مشيرا إلى أن إسرائيل نشأت بالغش بموافقة 17% بموافقة 33 دولة فقط من أصل 57 دولة، هم العدد الكلي وقتها في منظمة الأمم المتحدة بمؤامرة بريطانية على فلسطين! بينما عدد العالم الحالي 193 دولة، وكانت سائر دول العالم تحت الاستعمار، حيث قامت بريطانيا في أوائل 1947 بالتواطؤ مع منظمة الأمم المتحدة الوليدة حينذاك بعد عصبة الأمم، والمكونة من 57 دولة فقط! أي مكونة بنسبة 29% من دول العالم الآن البالغ عددها 193 دولة، ومن ثم فإن نسبة 71% دول من شعوب العالم كانت مُستعمرة تحت نير الاستعمار وقت نشأة إسرائيل على أرض فلسطين العربية".

وأضاف: "أمريكا قادت الدول الـ33 التي وافقت على نشأة إسرائيل بتقسيم أرض فلسطين العربية، والدول هي، أمريكا، فرنسا، الاتحاد السوفيتي، جنوب أفريقيا، ليبيريا، أستراليا، النرويج، أيسلندا، فنلندا، كندا، الجمهورية الأوكرانية السوفيتية الاشتراكية، جمهورية بيلاروس السوفيتية الاشتراكية، الدانمارك، السويد، نيوزيلندا، بولندا، تشيكوسلوفاكيا، الفلبين، بارغواي، فنزويلا، أوروغواي، بيرو، بنما، كوستاريكا، البرازيل، جمهورية الدومينيكان، الإكوادور، بيرو، هولندا، لوكسمبورج، غواتيمالا، هايتي، نيكاراغوا. أما الدول الـ10 التي امتنعت عن التصويت، فهي: على قمتها إثيوبيا، المملكة المتحدة - صاحبة القرار - جمهورية الصين، يوغوسلافيا، الأرجنتين، تشيلي، كولومبيا، السلفادور، هندوراس، المكسيك. أما عن الدولة الوحيدة الغائبة، فهي تايلاند".

تصريحات ترامب

يقول القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، أن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهجير القسري للفلسطينيين إلى مصر في سيناء تمثل عدوانًا على السيادة المصرية ومخالفة للشرعية الدولية، وسيؤدي إلى محو الوجود الفلسطيني من سياق التاريخ. وهو ما يتنبه إليه الفلسطينيون أنفسهم بالذكريات النكبة التي حلت بهم في عام 1948، حينما أجبر الآلاف منهم على ترك منازلهم دون أن يتمكنوا من العودة لخدمة قضيتهم مرة أخرى.

وتابع "إن أي نقل قسري لبعض أو كل الفلسطينيين من غزة خارج ديارهم سيشكل في حقيقته وجوهره انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي، إذ تحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة النقل القسري الفردي أو الجماعي أو ترحيل الأشخاص المحميين إلى أي دولة أخرى، بغض النظر عن الدافع إليه. كما أنه سيشكل انتهاكًا خطيرًا للمادة (2) من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف، الذي يحظر الأمر بتهجير السكان المدنيين أو إجبارهم على النزوح. وتجدر الإشارة إلى أن الترحيل والنقل القسري للسكان يعتبر جرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي يجب أن تجري تحقيقًا نشطًا في الوضع في غزة وما يجري فيها".

وقال «على الإدارة الأمريكية الحالية ألا يغرنها بالله الغرور بتدعيمها للرغبة الإسرائيلية بمحاولة نقل الفلسطينيين قسرًا إلى مصر، لأن مثل هذا التفكير الشيطاني من شأنه أن يجعل القادة الأمريكيين مسئولين عن التواطؤ في جرائم الحرب بصفة مباشرة، ويجب على غطرسة القوة ألا تنسيهم ما تدرجه المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من أن "ترحيل السكان أو النقل القسري للسكان" باعتباره جريمة حرب، وما تحدده المادة 25 من نفس النظام من المسؤولية الجنائية الفردية، والتي تنص على أن "الشخص يكون مسئولًا جنائيًا ويعاقب بالعقوبة على جريمة تدخل في اختصاص المحكمة إذا ساعد أو حرض أو ساعد بطريقة أخرى في ارتكابها أو محاولة ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها".

دعوة الرئيس الأمريكي جريمة ضد الإنسانية وأسوأ أنواع التطهير العرقي

ويشير الدكتور محمد خفاجي إلى أن الدعوة التي تبناها الرئيس الأمريكي ترامب مع بداية ولايته الثانية لقيادة أمريكا بشأن التهجير القسري للفلسطينيين في مصر والأردن تحت ستار إعادة الإعمار، تشكل جريمة ضد الإنسانية لأنها تمثل نزوحًا قسريًا كجزء من "هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين"، وهو الأمر المجرم بموجب نظام روما قوامه الترحيل أو النقل القسري، أي النزوح القسري للأشخاص المعنيين بالطرد أو غير ذلك من الأفعال القسرية من المنطقة التي يتواجدون فيها بشكل قانوني، دون أسباب مسموح بها بموجب القانون الدولي.

كما تعد دعوته للتهجير القسري للفلسطينيين أسوأ أنواع التطهير العرقي. ذلك أن "التطهير العرقي" - وفقًا للتقرير النهائي للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بشأن يوغوسلافيا السابقة - هو سياسة مقصودة من جانب جماعة عرقية أو دينية لإزالة السكان المدنيين من جماعة عرقية أو دينية أخرى عن طريق القتل أو التهجير القسري أو غيرها من الأفعال.

من لا يملك يمنح لمن لا يستحق

ويقول الدكتور محمد خفاجي: "فلسطين دولة عربية كانت تحت الانتداب البريطاني منذ سنة 1923 حتى سنة 1948، وبعد انتهاء الانتداب البريطاني، قررت سلطة الانتداب تسليم فلسطين للصهاينة عن طريق قرار تقسيم دولة فلسطين الذي وافقت عليه منظمة الأمم المتحدة في بداية عهدها، بالمخالفة الجسيمة للقوانين الدولية للاحتلال، أهمها اتفاقيات جنيف التي تقضي المادة (8) من الاتفاقية الرابعة منها بأنه لا يجوز للأشخاص المحميين أنفسهم التنازل عن حقوقهم، وبالمخالفة للمبادئ التي استقرت عليها القوانين المتعارف عليها دوليا، من أنه بعد انتهاء الانتداب يجب إعادة تسليم البلاد إلى أصحابها الحقيقيين، لا لغيرهم."

وأضاف "قد قررت بريطانيا، أوائل عام 1947، أنها غير قادرة على الحفاظ على الانتداب على فلسطين، وكان من الطبيعي، حينما أنهت انتدابها البريطاني، أن تمنح السيادة لأصحاب الأرض وهم الفلسطينيون. إلا أنها بدلًا من تنازلها عن السيادة للشعب الفلسطيني، أهدت ما لا تملك لمن لا تستحق وهي إسرائيل."

واختتم "ثم أن منظمة الأمم المتحدة، المشكلة حديثًا في ذلك الوقت من 57 دولة فقط، لا يكتسبها هذا العدد الضئيل وصف المنظمة العالمية، حيث كانت شعوب العالم تحت السيطرة الاستعمارية، وبالتالي كانت غير ممثلة في تلك المنظمة. إلا أنها قامت بالدعوة إلى تحديد الوضع السياسي لفلسطين، وأنشأت في 15 مايو 1947 لجنة خاصة بشأن فلسطين (UNSCOP)، تتألف من ممثلين عن إحدى عشرة دولة عضو، من بينها أربع من أوروبا، وأستراليا وكندا، وثلاثة من أمريكا اللاتينية، واثنان فقط من آسيا، ولا أحد من أفريقيا. وذلك لدراسة الأمر، ومن ثم لم تكن المنظمة عالمية في ذلك الحين، إذ شُكلت من 57 دولة فقط! ومن ثم لم يكن قرارها معبرًا عن إرادة دولية حقيقية لشعوب العالم أجمع. ثم عينت UNSCOP لجنة فرعية لدراسة القضايا المتعلقة بالقدس والأماكن المقدسة في فلسطين.

اقرأ أيضاًنادي مستشاري النيابة الإدارية يدين مقترح ترامب حول تهجير الفلسطينيين

انتهاكًا للشرعية الدولية.. مجلس رؤساء محاكم الاستئناف يدين محاولات تهجير الفلسطينيين

مقالات مشابهة

  • تغير المناخ في قفص الاتهام: حرائق لوس أنجلوس تعكس تصاعد المخاطر البيئية
  • «البيئة»: إجراء دراسات تحليلية لتحديد تأثيرات تغير المناخ المحتملة على المنطقة المحلية
  • مركز معلومات تغير المناخ: عاصفة شمسية قوية تضرب الأرض خلال أيام.. «فيديو»
  • تحذير عالمي بمواجهة تغير المناخ والتهديد النووي
  • خبير بيئي: الاعتراف بحقيقة تغير المناخ ضروري لمواجهة الانبعاثات الدفينة
  • دراسة تكشف سبب تفاقم حرائق لوس أنجلوس: تغير المناخ في قفص الاتهام!
  • وزيرة البيئة ونظيرها الأردني يناقشان خطة عمل «هيئة البحر الأحمر» لمكافحة تغير المناخ
  • وزير الكهرباء: التحدي الأكبر الذي نواجهه هو توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة
  • وزير الكهرباء العراقي: التحدي الأكبر الذي نواجهه هو توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة
  • لماذا ترفض مصر التهجير القسري للفلسطينيين؟.. دراسة للمستشار محمد خفاجي