الطبيب محمد أبو سلمية في مواجهة صندوق الأكاذيب الأسود
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
ترك وحيدا في أقبية السجون الإسرائيلية، ولم يتمكن أحد حتى اليوم من مقابلته ومعرفة مكانه، حتى الجهات الدولية المنوط بها هذه المهمة اكتفت بتصريحات باردة ومحايدة و"جبانة".
التهمة جاهزة ومعلبة منذ اليوم الأول الذي رفض فيه مغادرة موقعه وترك مهمته الإنسانية في الاعتناء بالمرضى، وهو القسم الذي أقسمه حين تخرج من كلية الطب.
محمد أبو سلمية، المولود عام 1973 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، لأبوين لاجئين من قرية الجورة في عسقلان، درس الطب في جامعة "بوغوموليتس" في العاصمة الأوكرانية كييف، وتخصص في طب الأطفال ثم عاد إلى قطاع غزة عام 1998. وفي وقت لاحق وحصل على البورد الفلسطيني في طب الأطفال.
عمل بعد عودته إلى فلسطين في عدد من مستشفيات قطاع غزة، فبدأ عام 2000 طبيبا في مستشفى غزة الأوروبي حتى عام 2004، ثم في مستشفى النصر للأطفال حتى 2013، وتولى منصب المدير الطبي للمستشفى نفسه عام 2007.
وسيتولى "أبو خالد" فيما بعد إدارة مستشفى الرنتيسي للأطفال عام 2015، وبعدها أصبح مديرا لمستشفى الشفاء عام 2019 أكبر مؤسسة طبية داخل قطاع غزة .
لم يتوقف أبو سلمية عند علمه الطبي فقد عمل على تطوير مستشفى الشفاء بجميع أقسامه، إذ بدأ مشروع ترميم مبنى الولادة القديم. كما طور قسم الطوارئ الجديد الذي أصبح القسم الأكبر على مستوى الضفة وغزة والقدس. كما عمل على تطوير الكوادر الطبية والتمريضية الإدارية العاملة في المستشفى.
وكان في طريقه قبل العدوان لتطوير قسم الأشعة التداخلية، الذي يعتبر من أحدث الأجهزة على مستوى العالم، بتمويل من الرابطة الفلسطينية الطبيبة الأميركية (بي إيه إم إيه).
وكان يسعى إلى توطين زراعة الكلى في قطاع غزة، كما أصبحت للمستشفى القدرة على التعامل مع عمليات جراحية كبرى ذات مهارة عالية كانت في السابق تحول إلى خارج قطاع غزة.
عمل محاضرا في جامعة الأزهر والجامعة الإسلامية حتى تاريخ اعتقاله.
ومنذ العدوان الإسرائيلي على غزة تعرض المستشفى للقصف شبه اليومي، والذي انتهى باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى وتدمير منشآته وجرف باحاته، وعزله تماما بقطع الكهرباء والإنترنت عن قطاع غزة بأكمله.
وما لبث أن قام الاحتلال باعتقاله وعددا من الكوادر الطبية في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وكان أبو سلمية قد رفض أخلاء المستشفى وترك المرضى بناء على طلب من الاحتلال بعدما رفض أمرا سابقا مماثلا، إذ تم إجلاء مئات المرضى والنازحين إلى مستشفى آخر جنوبي القطاع، إضافة لنقل العشرات من الأطفال الخدج.
وقبل يومين قررت سلطات الاحتلال تمديد اعتقال أبو سلمية 45 يوما والتحقيق معه تمهيدا لتوجيه لائحة اتهام له. سلطات الاحتلال قالت : "نحن نستجوبه لكونه كان مديرا لمستشفى يقع فوق شبكة إرهابية بكاملها كيف له ألا يعرف ما كان يحدث؟".
ويزعم الاحتلال إن مستشفى الشفاء هو مركز القيادة الرئيسي لعمليات "حماس" في قطاع غزة، وهو ما تنفيه الحركة، وفتشت القوات الإسرائيلية مباني المجمع الطبي على مدار أيام ولم تجد فيه أية أدلة تدعم مزاعمها.
وقال مصدر عسكري لوسائل الإعلام "تم نقل أبو سلمية للتحقيق من قبل الوحدة 504 التابعة للمخابرات العسكرية وجهاز الأمن العام (الشاباك)".
وفي وقت سابق قال جيش الاحتلال في بيان: " تم الكشف عن شهادات عديدة حول استخدام المستشفى الذي يديره كمقر قيادة لحماس".
وزعم الاحتلال أن حماس "استغلت موارد كبيرة في المستشفى من بينها الكهرباء لتقوية شبكة الأنفاق بالإضافة إلى تخزين وسائل قتالية عديدة داخله وفي محيطه".
لكن منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي اكتفيا بالقول بأنه "لا معلومات حول مصير أبو سلمية" داعية إلى "احترام كامل حقوقه" وهي عبارة توحي بإسقاط مسئوليتهما المهنية والأخلاقية عن سلامته ونوع من "رفع العتب".
وحين دخلت هذه المنظمات مستشفى الشفاء بعد نحو 30 يوما اكتفت بأداء دور حفار القبور وإحصاء الشهداء، وبالقول إنه تحول إلى "منطقة موت".
الدكتور محمد أبو سلمية لا تفيده كلمات "رفع التعب" والهروب من المسؤولية، ويحتاج إلى عاصفة إعلامية للضغط باتجاه إطلاق سراحه، وسط صمت مخجل ومعيب لمنظمات حقوق الإنسان وفي مقدمتها "هيومن رايتس ووتش" التي تبخرت واختفت تماما من الساحة .
دعونا لا ننسى أبو سلمية، وان نواصل الطرق على منصات التواصل وغيرها حتى نراه حرا يمارس عمله في تخفيف الآلام بثوبه الملائكي الأبيض.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه غزة الاحتلال احتلال غزة بورتريه ابو سلمية بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه عالم الفن سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مستشفى الشفاء أبو سلمیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 206 منذ بدء حرب الإبادة
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، مساء الجمعة، ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في قطاع غزة إلى 206، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على القطاع، عقب استشهاد صحفية متأثرة بجراحها.
وأشار المكتب في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، إلى أن الصحفية آلاء أسعد هاشم استشهدت متأثرة بإصابتها بقصف إسرائيلي سابق.
وأعرب عن إدانته بأشد العبارات لاستهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين، داعيا كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وحمّل الاحتلال الإسرائيلي وكل من يسانده ويدعمه، المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجرائم ضد الصحفيين، مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم، بإدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية.
وطالب بممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف جريمة قتل واغتيال الصحفيين الفلسطينيين.
من جهته، نعى منتدى الإعلاميين الفلسطينيين الشهيدة الصحفية آلاء هاشم، معربا عن إدانته للصمت الدولي والعجز عن حماية الصحفيين الفلسطينيين.
وطالب المنتدى في بيان، بتمكين الصحفيين من أداء واجبهم المهني، وفقا للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.
ويرتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.