يشهد قطاع التعليم العمومي في المغرب أزمة حقيقية عقب احتجاجات متواصلة تخوضها شغيلة التعليم؛ ضد النظام الأساسي إلى جانب مطالبتها بالزيادات على مستوى الأجور.

تصف شغيلة التعليم هذه الاحتجاجات والإضرابات المتواصلة بـ”الحراك التعليمي”، وتشدد على عدم عودتها إلى الأقسام إلا بعد الاستجابة إلى مطالبها؛ إلى جانب تبرئها من النقابات التي تعد “الجيل الأول” من الحركات الاجتماعية في المغرب، وميلاد “التنسيق الوطني لقطاع التعليم” الذي يضم تنسيقيات مختلفة في هذا القطاع الحيوي.

ويبدو أن هذا التنسيق أربك الوزارة الوصية ومعها الحكومة؛ التي وعلى الرغم من مرور أزيد من شهر على هذا “الحراك” لم تستدع التنسيقيات إلى حضور الاجتماعات الأخيرة المنعقدة رفقة النقابات، وهذا أيضا يعتبر مطلبا من بين مطالب التنسيق السالف الذكر.

يقول نزار بركة، وهو الأمين العام لحزب الاستقلال، ويعد أحد مكونات الأحزاب التي تقود التحالف الحكومي، في هذا السياق، إن “الاتفاق لا يمكن أن يكون إلا مع النقابات”، محذرا من إضعافها، خلال اجتماع للأغلبية الحكومية، في 13 نونبر الفائت.

هذا التنسيق الذي لقي استجابة واسعة من طرف عدد كبير من شغيلة التعليم، يدفعنا إلى التساؤل هل فقدت النقابات بريقها عند هذه الشريحة الواسعة، وما أسباب ميلاد تنسيقيات متمردة عنها؟ وبالتالي، تغير نواة الحركات الاحتجاجية في المجتمع المغربي؟

يرى مصطفى بنزروالة، وهو باحث في الحركات الاحتجاجية، في تصريح لـ”اليوم24″، أن تراجع منسوب الثقة في التنظيمات التقليدية، خاصة النقابي منها، “يأتي بالنظر إلى ضعف التفاعل مع المطالب الحقيقية للشغيلة التعليمية، إلى جانب سيادة منطق الزبونية والتراضي”.

ويضيف، أن حضور التنسيقيات بشكل أكبر لدرجة تجاوزها للنقابات، يندرج في سياقات مختلفة يمكن تلخيصها على الشكل التالي، “التحرر من عقدة الإديولوجيا وكذا الارتهان السياسي للنقابات، بالإضافة إلى ضعف وتراجع منسوب الثقة في مؤسسات الوساطة الاجتماعية، ومؤسسات التنشئة السياسية”.

ويذكر الباحث في الحركات الاحتجاجية بالمغرب، أن “ترهل الأداة التنظيمية للنقابات وغياب الديمقراطية الداخلية وتجدد النخب”، قد يكون أيضا من أسباب فقدان الثقة “دفعت نساء ورجال التعليم إلى إحداث آليات تنظيمية واستراتيجيات نضالية جديدة، قادرة على رفع منسوب الضغط، وتحسين شروط التفاوض، وتثمين آليات الترافع”.

ويرى أنه من المسلم به في دراسات الحركات الاحتجاجية بالمغرب، أن هذه الأخيرة تعيش على وقع من التغير والتحول العميق الذي يلامس بنية هذه الحركات، وأبعادها التنظيمية، ومضمونها الخطابي والترافعي، بل تغير على مستوى الاستراتيجيات المعبأة في الحركات الاحتجاجية.

ويلفت الانتباه إلى أن “طبيعة هذه الحركات الاحتجاجية بدأت تنحو نحو تعبيرات جديدة تقطع بشكل كلي مع بعض الممارسات الاحتجاجية التقليدية”، ولعل أبرز معالم هذا التحول، تسمى “فك الارتهان مع البنيات التنظيمية التقليدية، الأحزاب النقابات، منظمات الوساطة والتنشئة الاجتماعية”.

حيث حدث تغير في البنيات التنظيمية وتحولها من بنية تقليدية شكلت نواة الحركات الاجتماعية في مراحل سابقة، وهي النقابة إلى بنيات تعبيرات تنظيمية جديدة تجلت في التنسيقيات، وما يشابهها من سكرتاريات، وكذا تعاضديات أو وداديات، وغيرها من التعبيرات التنظيمية الرديفة.

وهذا التحول، يمكن قراءته، بحسب مصطفى بنزرولة من خلال محاور؛ المحور الأول يتجلى “في انتهاء السرديات الكبرى المؤطرة للحركات الاجتماعية، أي المفاصلة التي باتت تقيمها التعبيرات الاحتجاجية الجديدة مع الخطابات الإيديولوجية، والمرجعيات المعرفية والفكرية الكبرى”.

بحسبه، أغلب “المطالب اليوم باتت ترتبط بمطالب مادية، نفعية وبراغماتية”، وأما الزاوية الثانية فتتجلى في” القطيعة التي باتت تمارسها التعبيرات الاحتجاجية والتنظيمية الجديدة بسبب ترهل الأداة التنظيمية للنقابات بفعل سيادة البيروقراطية وضعف الديمقراطية الداخلية، وغياب التداول والتشبيب والتنخيب الجديد من داخل الهيئات النقابية”.

بينما النقابي يونس فراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يؤكد أن النقابات لم تفقد بريقها، ويرى أنه من الضروري “التمييز بين النقابات والتنسيقيات”. الأولى بحسبه، “مؤسسة لها مشروع نضال من أجل بناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية حول القضايا المختلفة، مثل التقاعد والحماية الاجتماعية بشكل عام”. أما الثانية أي التنسيقيات “مطالبها محدودة بين الزمان والمكان، ومرتبطة بملفات محددة، وبمجرد تلبيتها ستنتهي”.

ويرى فراشين، أن ظاهرة التنسيقية ليست موجودة في المغرب فقط، بل في العالم، هي في الواقع، تعتبر نوعا من إرادة تحويل الملفات المطلبية من شموليتها إلى مطالب فئوية، وقد تتجه إلى مطالب فردية أو فردنة المطالب”.

الأساسي بالنسبة لفراشين ليس هو الصراع أو المقارنة بين التنسيقيات والنقابات بل التفكير “في كيفية خلق التكامل بين الإثنين أي بين دينامية اجتماعية جديدة، والعمل النقابي الذي يمثله الجيل الأول من الحركات الاحتماعية؟”.

ورفض الانتقادات التي توجه إلى عمل النقابات، وعلق على هذه النقطة، ” ليس هناك زبونية أو تراضي”، مشددا على أن ” النقابة هي مؤسسة مختلفة عن التنسيقية، لها مؤتمرها ومجلس وطني وأجهزة تنتخب بشكل ديمقراطي”.

وتابع، ضمن تصريحه، “إذا كانت هناك أي ملاحظات لأي أحد بشأن ديمقراطية تدبير النقابات عليه الولوج إلى هذه المؤسسات وتغييرها من الداخل”.

كلمات دلالية الأحزاب الثقة الحركات الإحتجاجية الحكومة الزبونية المغرب النظام الأساسي النقابات شغيلة التعليم

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الأحزاب الثقة الحكومة المغرب النظام الأساسي النقابات شغيلة التعليم شغیلة التعلیم

إقرأ أيضاً:

محافظ أسوان: جهد ملموس لتدعيم مختلف النقابات

واصل اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، لقاءته مع كافة فئات المجتمع الأسوانى حيث التقى برؤساء و ممثلى النقابات المهنية والعامة والعمالية فى حواراً مفتوحاً وسط أجواء من المصارحة والشفافية الكاملة.

شهد الحوار استعراض العديد من المطالب الاحتياجات والشكاوى والمشاكل الجماهيرية التى تمس نبض الشارع الأسوانى، وتم التفاعل المباشر معها من المحافظ بالتدخل الفورى لسرعة تلبيتها وفقاً للإمكانيات المتاحة.

جاء ذلك فى حضور اللواء محمد عبد الجليل السكرتير العام المساعد، واللواء ياسر عبد الشافى معاون المحافظ للمشروعات، فضلاً عن القيادات التنفيذية، ومن جانبهم قدم رؤساء و ممثلى النقابات شكرهم الجزيل لمحافظ أسوان وجهازه المعاون على الجهود المتميزة و الملموسة المبذولة على أرض الواقع فى كافة قطاعات العمل العام، فضلاً عن إتاحة الفرصة بعقد هذا الحوار المشاركين، والذى يعد الأول من نوعه للتعرف على الأراء والمقترحات والأفكار البناءة التى تصب فى صالح المواطن، مؤكدين على أن ذلك يتم بإخلاص وتفانى فى العمل من أجل النهوض بمحافظتهم العريقة.

فيما أكد الدكتور إسماعيل كمال على أنه حريص على فتح جسور التواصل مع كافة أطياف وفئات المجتمع الأسوانى، وأن باب مكتبه مفتوح أمام الجميع.

لافتاً إلى أن هذا اللقاء يأتي فى مرحلة تحتاج إلى زيادة الوعى لدى الجميع لتظل جبهتنا الداخلية قوية بأبناء الشعب المصرى العظيم وقواته المسلحة وأفراد الشرطة للحفاظ على وطنهم الغالى مصر، وتحقيق المزيد من التكاتف والتماسك لمواجهة التحديات الجسام التى يشهدها الوضع الإقليمى بشكل عام.

وأشار إسماعيل كمال إلى أننا نعمل جاهدين لخدمة ورضا المواطن الأسوانى، والإستماع لمطالبه وشكواه، وهو ما يتم عملياً أثناء الجولات الميدانية، وفى اللقاءات الأسبوعية، ويتم حلها بأسلوب علمى ممنهج ومحكم لتحقيق الإستدامة له.

مؤكداً على أنه بالتوازي يتم التنسيق مع كافة الوزارات والجهات المختصة للإسراع بدفع حركة العمل الجاد والإنتاج ضمن خطة الدولة داخل الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى.

فضلاً عن الإهتمام بمختلف المشاكل العامة بقطاعات البنية التحتية، وكذا ملف النظافة العامة، والذى يتطلب تحقيق التكامل بين الجميع من خلال حملة سيتم إطلاقها تحت شعار " أسوان الجميلة "، لتعود لمكانتها الحضارية، ولتكون واجهة مشرفة بشكل راق وجميل أمام أهلها وضيوفها من الزائرين من مختلف دول العالم.

مقالات مشابهة

  • مستقبل القطاع الصناعي التركي في خطر: تجار إسطنبول يحذرون من انهيار الشركات الصغيرة
  • خفض 10% من رواتب مديري فولكسفاغن ضمن خطة لتقليص المكافآت
  • اجتماع بوزارة الصحة يناقش استكمال الدمج وتحديث الهياكل التنظيمية
  • مناقشة سير أداء فرق العمل الخاصة باستكمال الدمج والتحديث للهياكل التنظيمية لوزارة النفط والمعادن
  • مستشار وزير التعليم العالي: التعليم الفني هو مستقبل مصر
  • مستقبل وطن سوهاج ينظم ندوة تثقيفية حول «أساليب التنشئة الاجتماعية السليمة»
  • محافظ أسوان: جهد ملموس لتدعيم مختلف النقابات
  • أزمة مياه مقبلة في أميركا وهذه هي الأسباب
  • شركات النفط تضغط على ترمب لتخفيف الرسوم والقيود التنظيمية
  • “نداء الوسط”: أزمة مياه حادة تهدد حياة سكان مدينة الفاو بولاية القضارف