في اليوم العالمي للرق.. الشريعة الإسلامية حرّمته وجففت منابعه وأجازته في الحروب
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
يحتفل العالم اليوم السبت 2 ديسمبر باليوم العالمى لإلغاء الرق، الذى بدأ الاحتفال به فى عام 1949وهو تاريخ اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالأشخاص.
9 معلومات عن اليوم العالمى لإلغاء الرق كما يلى:
1- 2 ديسمبر عام 1949 اعتمدت الجمعية العامة لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالأشخاص.
2 - يهدف الاحتفال بهذا اليوم للقضاء على أشكال الرق المعاصرة.
3- وضعت الأمم المتحدة أمثلة لأشكال الرق المعاصر، وهى"الإتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي وأسوأ أشكال عمل الأطفال والزواج القسري والتجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة".
4- وفقا لمنظمة العمل الدولية، هناك أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ضحايا للرق الحديث.
5- يتعرض أكثر من 150 مليون طفل لعمل الأطفال، وهو ما يمثل قرابة 1 من كل 10 أطفال في جميع أنحاء العالم.
6- وفى تقرير لدراسة أعدتها مجموعة منظمات عالمية، خاصة بما أسمته "العبودية العصرية"، فهناك نحو 71% من العبيد هم من النساء والفتيات، والباقي من الذكور
7- عرفت المنظمات، العبودية العصرية بأنها عدم قدرة الأفراد على مواجهة العوامل التى تؤدى لتعرضهم للاستغلال مثل التهديدات، والعنف، والإكراه، والخداع، واستغلال الطاقات الجسدية.
8- هناك أكثر من 400 ألف شخص في الولايات المتحدة يعيشون في ظل "عبودية حديثة"، وهناك نحو 136 ألفا آخرين يعيشون فى بريطانيا.
موقف الشريعة الإسلامية من ظاهرة الرق
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الشرع دعا للحرية، منبها على أن الإسلام لم يشرع الرق بل جفف منابعه، ولكن شرع العتق وأكثر من موارده.
وأضاف «جمعة» خلال لقاء سابق له ، أن الإسلام حرم المنابع التي يأتي منها الرق، ومنها: الديون والخطف، وأن يعرض الإنسان نفسه للبيع ليكون عبدا.
وأشار مفتي الجمهورية السابق، إلى أن العبيد كانوا يأتون عن طريق الأسر في الحروب، والإسلام وضع قواعد طيبة لحسن معاملة الأسرى، منوها بأن العالم اجتمع للمطالبة بإلغاء الرق، والمسلمين وافقوا على ذلك، وصدرت مواثيق في ذلك، وفي عام 1852 دخلت مصر فى هذه المواثيق وانتهى الأمر.
الرق في الإسلام
وأكدت دار الإفتاء، أن الإسلام جاء فوجد الرق موجودا في كل أنحاء الدنيا، وكانت وسائله متعددة، بعضها يقوم على الخطف والسرقة، وبعضها يقوم على الحروب، وبعضها يقوم على استرقاق الغرماء، فألغى الإسلام كل هذه السبل وأبقى الاسترقاق بالحرب، وإنما لم يمنعه الشرع مرة واحدة على عادته في التدرج في الأحكام؛ حتى لا يحصل الاختلال الاجتماعي.
ونوهت دار الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «كيف كان نظام الرق في الإسلام؟»، بأن الرق كان ظاهرة موجودة عند كل الأمم، وكان الرقيق قوة بشرية لها أثرها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الأزمان الغابرة، وكان الاسترقاق والسبي قانونا معمولا به لدى شعوب الأرض كلها، فضيق الإسلام منابعه؛ سعيا لتجفيفها، وجعله حراما إلا إذا كان سببه هو القتال والجهاد لدفع الطغيان ورد العدوان، وكذلك فيما يتوالد من الأرقاء السابقين؛ فأباح استرقاق المحاربين فقط ومن معهم في دار الحرب من النساء والأطفال، على أن يكون ضرب الرق على الأسير بأمر الحاكم إن رأى فيه المصلحة، أما غير المحاربين فلا استرقاق لهم أصلا، واسترقاق المحارب أهون من قتله، وحرم قتل المرأة في الحرب وجعل سبيها عوضا عن قتلها، ومع ذلك كان الاسترقاق مصحوبا بآداب أوجبها الإسلام تجاه الرقيق، بحسن معاملتهم والرفق بهم، وعدم جواز إيذائهم، وحرمة الاعتداء عليهم.
وتابعت:ثم وسع الإسلام في تشوفه لجعل الناس كلهم أحرارا أبواب الحرية بالعتق في مخالفات كثيرة؛ كالفطر في رمضان، والظهار، والقتل الخطأ، والحنث في اليمين، وغير ذلك، كما رغب في العتق ابتداء، وإذا ضاق المنبع واتسع المصب كانت النتيجة القضاء على الرق بالتدريج.
وواصل: وفي المسافة التي بين الرق والعتق أمر الإسلام بالإحسان إلى الرقيق، ونصوصه في ذلك كثيرة جاء فيها التعبير عن المملوكين بأنهم إخوان من ملكوهم، وهي أخوة في الإنسانية تقتضي الرحمة والحفاظ على كرامتهم، حتى كان عتق العبد كفارة عن ضربه وإهانته، فكانت هذه الرحمة بابا عريضا لدخول الناس في دين الله أفواجا.
وأكمل: وقد وقف الإسلام بتضييق منابع الرق، وتوسيع منافذ الحرية، والإحسان إلى المملوك والترغيب في عتقه، موقفا شريفا مناقضا للأساليب التي كانت موجودة قبله في بلاد العالم، وما فعله بعد ذلك تجار الرقيق في القرون الأخيرة عند اكتشافهم للأراضي الجديدة. والآيات التي تتحدث عن ملك اليمين تتعامل مع واقع حاول الإسلام تغييره؛ كما بينا، حتى وصل العالم الآن إلى معاهدة تحرير العبيد التي أقرها علماء المسلمين والدول الإسلامية مع بقية دول العالم، وذلك في زمن اشتد فيه التنافس بين الدول في هذه التجارة فقرروا الاتفاق على منعها، فكانت الاتفاقية الدولية لتحرير الرق (في برلين سنة 1860 ميلادية تقريبا)، وبعد هذه الاتفاقية انتهت تجارة الرقيق في العالم، وحل مكان الاسترقاق لأسرى الحرب اليوم السجن وغيره من الممارسات التي نصت عليها المعاهدات الدولية التي التزم العالم بها ومعهم المسلمون؛ فأصبح هذا نظاما ملزما، ولم يعد يجوز لأحد استرقاق أحد.
حكم تجارة العبيد الآن
وشددت على أنه لا تجوز التجارة في البشر، وكل البشر بهذه الاتفاقيات أحرار وليسوا محلا للبيع والشراء، وقد وقع المسلمون المعاهدات الدولية التي تقضي بإنهاء الرق والعبودية للبشر، وكان ذلك متفقا مع ما أراده الإسلام من تضييق منابعه وتوسيع أبواب العتق، ليكون الناس كلهم أحرارا كما خلقهم الله تعالى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025
محمد الربيعي
بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن
في قلب ولاية كاليفورنيا المشمسة، حيث تتراقص اضواء التكنولوجيا وتتلاقى عقول المبتكرين، تقبع جامعة ستانفورد، شامخة كمنارة للعلم والمعرفة. ليست مجرد جامعة، بل هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى صرح عظيم، يضيء دروب الاجيال.
منذ سنوات خلت، تشكلت لدي قناعة راسخة بجودة جامعة ستانفورد، وذلك من خلال علاقات علمية بحثية مشتركة في مجال زراعة الخلايا. فقد لمست عن كثب تفاني علماء الجامعة وتميزهم، وشهدت انجازات علمية عظيمة تحققت بفضل هذا التعاون المثمر.
ولعل ما يزيد اعجابي بهذه الجامعة هو شعار قسم الهندسة الحيوية (الرابط المشترك بيننا) والذي يجسد رؤيتها الطموحة: “بينما نستخدم الهندسة كفرشاة، وعلم الاحياء كقماش رسم، تسعى الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد ليس فقط الى الفهم بل ايضا الى الابداع”. انه شعار ينم عن شغف اعضاء القسم بالابتكار وتطوير المعرفة، ويؤكد التزامهم بتجاوز حدود المالوف.
البداية: قصة حب ملهمة
تعود جذور هذه الجامعة العريقة الى قصة حب حزينة، ولكنها ملهمة. ففي عام 1885، فقد حاكم ولاية كاليفورنيا، ليلاند ستانفورد، وزوجته جين ابنهما الوحيد، ليلاند جونيور. وبدلا من الاستسلام للحزن، قررا تحويل محنتهما الى منحة، وانشا جامعة تحمل اسم ابنهما، لتكون منارة للعلم والمعرفة، ومصنعا للقادة والمبتكرين.
ستانفورد اليوم: صرح شامخ للابداع
تقف جامعة ستانفورد اليوم شامخة كواحدة من اعرق الجامعات العالمية، ومنارة ساطعة للابداع والابتكار. فهي تحتضن بين جدرانها نخبة من الاساتذة والباحثين المتميزين الذين يساهمون بشكل فعال في اثراء المعرفة الانسانية ودفع عجلة التقدم الى الامام. ولا يقتصر دور ستانفورد على تخريج العلماء والمهندسين المهرة، بل تسعى جاهدة ايضا الى تنمية مهارات ريادة الاعمال لدى طلابها، لتخريج قادة قادرين على احداث تغيير ايجابي في العالم.
ويعود الفضل في هذا التميز لعدة عوامل، لعل من ابرزها تبنيها لمفهوم الحريات الاكاديمية. وكما اجاب رئيس الجامعة على سؤال لماذا اصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها اجاب لان: “ستانفورد تكتنز الحرية الاكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”. هذه الحرية الاكاديمية التي تمنح للاساتذة والباحثين والطلاب، هي التي تشجع على البحث العلمي والتفكير النقدي والتعبير عن الاراء بحرية، مما يخلق بيئة محفزة للابداع والابتكار.
من بين افذاذ ستانفورد، نذكر:
ويليام شوكلي: الفيزيائي العبقري الذي اخترع الترانزستور، تلك القطعة الصغيرة التي احدثت ثورة في عالم الالكترونيات، وجعلت الاجهزة الذكية التي نستخدمها اليوم ممكنة.
جون فون نيومان: عالم الرياضيات الفذ الذي قدم اسهامات جليلة في علوم الحاسوب، والفيزياء، والاقتصاد. لقد وضع الاسس النظرية للحوسبة الحديثة، وكان له دور كبير في تطوير القنبلة الذرية.
سالي رايد: لم تكن ستانفورد مجرد جامعة للرجال، بل كانت حاضنة للمواهب النسائية ايضا. من بين خريجاتها المتميزات، سالي رايد، اول امراة امريكية تصعد الى الفضاء، لتثبت للعالم ان المراة قادرة على تحقيق المستحيل.
سيرجي برين ولاري بيج: هذان الشابان الطموحان، التقيا في ستانفورد، ليؤسسا معا شركة كوكل، التي اصبحت محرك البحث الاكثر استخداما في العالم، وغيرت الطريقة التي نجمع بها المعلومات ونتفاعل مع العالم.
هؤلاء وغيرهم الكثير، هم نتاج عقول تفتحت في رحاب ستانفورد، وتشربت من علمها ومعرفتها، ليصبحوا قادة ومبتكرين، غيروا وجه العالم. انهم شهادة حية على ان ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي منارة للعلم والمعرفة، ومصنع للاحلام.
وادي السيلكون: قصة نجاح مشتركة
تعتبر ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيلكون، الذي اصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار. فقد ساهمت الجامعة في تخريج العديد من رواد الاعمال الذين اسسوا شركات تكنولوجية عملاقة، غيرت وجه العالم. كما انشات ستانفورد حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لدعم الطلاب والباحثين وتحويل افكارهم الى واقع ملموس.
ولكن، كيف اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في هذا النجاح؟
الامر لا يتعلق فقط بتخريج رواد الاعمال، بل يتعدى ذلك الى عوامل اخرى، منها:
تشجيع الابتكار وريادة الاعمال: لم تكتف ستانفورد بتدريس العلوم والتكنولوجيا، بل عملت ايضا على غرس ثقافة الابتكار وريادة الاعمال في نفوس طلابها. وشجعتهم على تحويل افكارهم الى مشاريع واقعية، وقدمت لهم الدعم والتوجيه اللازمين لتحقيق ذلك.
توفير بيئة محفزة: لم تقتصر ستانفورد على توفير المعرفة النظرية، بل انشات ايضا بيئة محفزة للابتكار وريادة الاعمال. وشجعت على التواصل والتفاعل بين الطلاب والباحثين واعضاء هيئة التدريس، وتبادل الافكار والخبرات.
انشاء حاضنات الاعمال ومراكز الابحاث: لم تكتف ستانفورد بتخريج رواد الاعمال، بل انشات ايضا حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لتوفير الدعم المادي والمعنوي للطلاب والباحثين، ومساعدتهم على تحويل افكارهم الى شركات ناشئة ناجحة.
جذب الاستثمارات: لم تكتف ستانفورد بتوفير الدعم للطلاب والباحثين، بل عملت ايضا على جذب الاستثمارات الى وادي السيليكون، من خلال بناء علاقات قوية مع الشركات والمستثمرين، وعرض الافكار والمشاريع المبتكرة عليهم.
وبفضل هذه العوامل وغيرها، اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيليكون، وساهمت في تحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
ومن الامثلة على ذلك:
شركة غوغل: التي تاسست على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما سيرجي برين ولاري بيج.
شركة ياهو: التي تاسست ايضا على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما ديفيد فيلو وجيري يانغ.
شركة هيوليت-باكارد: التي تاسست على يد اثنين من خريجي ستانفورد، وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد.
هذه الشركات وغيرها الكثير، هي دليل على الدور الكبير الذي لعبته ستانفورد في نجاح وادي السيليكون، وتحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.
ستانفورد: اكثر من مجرد جامعة
ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي مجتمع حيوي، يجمع بين الطلاب من جميع انحاء العالم، ليتبادلوا الافكار والخبرات، ويبنوا مستقبلا مشرقا لانفسهم ولوطنهم. كما انها مركز للبحث العلمي، حيث تجرى ابحاث رائدة في مختلف المجالات، تساهم في حل المشكلات العالمية، وتحسين حياة الناس.
الخلاصة: ستانفورد، قصة نجاح مستمرة
باختصار، جامعة ستانفورد هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى واقع ملموس. انها صرح شامخ للعلم والمعرفة، ومصنع للقادة والمبتكرين، ومركز للابداع والابتكار. وستظل ستانفورد تلهم الاجيال القادمة، وتساهم في بناء مستقبل مشرق للانسانية جمعاء.