ولاء مسعود.. فلسطينية فقدت طفلها الوحيد وتتمنى أن تستشهد للحاق به
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
تعيش الفلسطينية ولاء مسعود، أسيرة آلام جروحها وأحزانها على فقد وحيدها كريم وأسرتها كاملة، وتقول إنها عاجزة عن التفكير بما هو مقبل، وتتمنى لو أنها رافقت الشهداء.
هكذا تحكى ولاء، مشاعرها وهي تبكي طفلها الوحيد كريم، الذي لم تستطع الوفاء بوعدها له بالاحتفال بيوم مولده، بعدما استشهد جراء غارات جوية عنيفة دمرت مربعا سكنيا بأكمله بمخيم جباليا للاجئين في شمال القطاع.
وقعت هذه الغارات في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد يوم واحد من عيد ميلاد كريم الخامس، والذي لم يستطيعوا الاحتفال به، بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وتقول ولاء: "كان سعيدا ولم تكن الأجواء مناسبة لتحقيق طلبه بالاحتفال بمولده، ووعدته أن أقيم له حفلا كبيرا بعد الحرب"
وكريم هو الابن الوحيد لهذه الأم الثلاثينية، التي تشكو وزوجها عبدالعزيز ورد، من مشكلة تعوق إنجابهما طفلاً آخر، كان يتمناه كريم، ويلح عليهما بالسؤال "ليش ما عندي أخ؟".
اقرأ أيضاً
العنصرية تتفاقم.. كيف تسبب قميص داعم لفلسطين في أزمة بشركتي طيران أمريكية وأسترالية؟
أنجب الزوجان ابنهما كريم بعد نحو عام من زواجهما، وعانيا بعده من مشكلة بالإنجاب، وكانا على موعد مقرر سلفا مع السفر، لإجراء فحوصات طبية في مصر على أمل إنجاب طفل آخر.
وحسب ولاء: "كنا بانتظار صدور جواز سفر لكريم، لمرافقتنا بالسفر الذي كان مقررا خامس أيام الحرب".
وكان كريم يحلم أن يصبح طبيبا، ويصفه والداه بأنه "ذكي، يواظب على الصلاة وقراءة القرآن، ويحب المشاركة في النقاشات وبمواضيع تفوق عمره".
ويضيف الأب: "كريم يعشق البيتزا، غير أنه قضى أيامه الأخيرة على القليل من الماء والمعلبات (الأغذية المعلبة)".
وتعزل إسرائيل مدينة غزة وشمال القطاع عن جنوبه، منذ إطلاق عمليتها البرية وتوغل قواتها في عمق مناطق الكثافة السكانية، وتمنع كل الإمدادات والاحتياجات الإنسانية عمن تبقى في تلك المناطق من سكان، بعدما أجبرت تحت وقع التهديد والقصف مئات الآلاف على النزوح جنوبا.
وبعينين دامعتين، وإلى جانبها زوجها عبدالعزيز، تستعرض ولاء صورا لكريم يحتفظ بها على هاتفه المحمول، وتقول "الحياة صعب ترجع من غير كريم".
اقرأ أيضاً
أشهر الأسيرات الفلسطينيات المفرج عنهن ضمن اتفاق الهدنة
وكانت هذه الأسرة الصغيرة الوادعة تقطن في منطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة، ونزحت على وقع حدة الغارات الجوية الإسرائيلية في محيطها، لدى أقارب في "بلوك 6" بمخيم جباليا، الأكثر اكتظاظا بالسكان من بين مخيمات اللاجئين الثمانية في القطاع.
وبعد أيام قليلة على نزوح ولاء وزوجها عبدالعزيز بوحيدهما كريم، تحولت تلك المنطقة مسرحا لمجزرة تضاهي في دمويتها ما ارتكبه جيش الاحتلال في "مستشفى المعمداني"، عندما شنت مقاتلات حربية غارات مكثفة دمرت مربعا سكنيا بأكمله، وأوقعت بحسب توثيق وزارة الصحة نحو ألف من سكانه شهداء وجرحى.
واستشهدت أسرة ولاء بأكملها (13 فردا) بانهيار المنزل فوق رؤوسهم، وكانت في تلك اللحظة برفقة عبدالعزيز وكريم على بُعد أمتار قليلة في منزل آخر لأحد أعمامها، دمر كذلك كليا.
وتقول عن نحو ساعة قضتها مدفونة تحت الأنقاض: "كنت أكرر الشهادتين وظننت أنني شهيدة".
وبجهده الذاتي وبإصراره على الحياة، تمكن عبدالعزيز من إزالة الركام والخروج حيا من تحت الأنقاض، وساعد المنقذين من المتطوعين والدفاع المدني في انتشال آخرين، من بينهم زوجته ولاء، ولم يكن يعلم شيئا عن كريم.
اقرأ أيضاً
طبيب فلسطيني ينعى نفسه قبل استشهاده.. ماذا قال للعرب؟
ويقول: "بحثت عنه في أقسام المستشفى الإندونيسي، وكانت الصاعقة عندما وقعت عيني على كفن صغير بين أعداد كبيرة من جثامين الشهداء بالأكفان، وقد كتب عليه بلون أسود: الشهيد كريم عبدالعزيز ورد".
ولا يزال أفراد من أقارب ولاء وزوجها تحت أنقاض منازلهم المدمرة، ولم تتمكن فرق الدفاع المدني من انتشالهم، فيما أجبرت مع زوجها ومن تبقى من أقاربهما أحياء إلى النزوح جنوبا، عقب غارات مكثفة عنيفة على "المستشفى الإندونيسي" الذي كانت ترقد به لتلقي العلاج.
وتقول ولاء: "قضينا أياما مرعبة في المستشفى الإندونيسي، حيث استهدفته غارات جوية ومدفعية، وسقط سقف الغرفة على جسدي ولولا عناية الله لقتلتني شظية اخترقت النافذة، فيما استشهد عدد من الجرحى في غرفة مجاورة، تناثرت بداخلها شظايا الصواريخ والقذائف".
وفي الطريق من المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع إلى جنوبه، حيث وجدت ولاء نفسها في مدرسة لعدم توفر أماكن شاغرة في المستشفيات، قضت نحو 6 ساعات واقفة على قدميها رغم آلامها وجروحها، بعدما أجبر جيش الاحتلال إدارة المستشفى على إخلاء مئات الجرحى والمرضى في 4 حافلات فقط، سعة الحافلة الواحدة 50 راكبا، وتقول ولاء "كان الباص مثل علبة السردين"، تعبيرا عن التكدس الشديد.
وعلى سرير متهالك في مدرسة جنين الثانوية القريبة من مستشفى غزة الأوروبي، شمال شرقي مدينة رفح، ترقد ولاء حاليا، وقد لفت ساقها بالجص، لكسور أصابتها جراء سقوط عامود خرساني عليها، وتشكو من تردي الرعاية الطبية، وتخشى ألا تتمكن من السير على قدميها مرة أخرى.
اقرأ أيضاً
ناشط فلسطيني: عربات الحمير تنقل شهداء وجرحى غزة وسط جيران عرب متخمين بالنفط
المصدر | الخليج الجديد + متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: شهداء مخيم جباليا المستشفى الإندونيسي قصف غزة غزة المستشفى الإندونیسی اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
منظمة: 130 ألف طفل محاصرون لمدة 50 يومًا شمالي القطاع
غزة - صفا قالت منظمة "أنقذوا الأطفال" الدولية إن نحو 130 ألف طفل دون سن العاشرة محاصرون لمدة 50 يومًا في شمال قطاع غزة. وقالت المنظمة إن إمدادات الغذاء والمياه والدواء قطعت عن الأطفال المحاصرين في شمال القطاع. ويواصل جيش الاحتلال حرب الإبادة الجماعية والحصار الخانق على شمالي القطاع، مع استمرار عمليات القصف الجوي والمدفعي، ونسف المباني السكنية. ويعاني آلاف المواطنين شمالي القطاع أوضاعًا إنسانية مأساوية، بفعل استمرار الحصار والعدوان.