آخر تحديث: 2 دجنبر 2023 - 9:42 صبقلم:إبراهيم الزبيدي إن ما يحدث في غزة، وما سوف يحدث فيها وفي ما حولها، بعد انتهاء الملهاة الجديدة الإسرائيلية – الأميركية – الفلسطينية – العربية، يؤشر إلى أن العالم يحكمه مجانين، وأن الجماهير الأوروبية والأميركية التي تظاهرت في عواصم العالم الأخرى، ومن ضمنها يهود بقي فيهم شيء من آدمية، لكي تبكي على أطلال غزة وجثث نسائها وأطفالها وشبابها وشيوخها، ستخف وتهدأ وتنام من جديد، كما فعلت في كل حرائق الزمن الفلسطيني – الإسرائيلي – الأميركي – الإيراني السابقة.
أما الفاعلون الحقيقيون في غزة، ومن خلفهم السماسرة والوسطاء والمتمرسون في عقد الصفقات والمفاهمات والمقاسمات، فهم كانوا، وأصبحوا اليوم أكثر معرفة ويقينا بأن بروجهم وأسوارهم الحديدية العالية عصمتهم وتعصمهم من نار الجماهير الحامية. وعن جماهيرنا العربية العريضة لا بد لنا أن نعترف اليوم بأنها، كما بدا ويبدو، أصبحت لا ترى في القتل الصهيوني والأميركي والإيراني والعربي والإسلامي شيئا يستحق الغضب، بعد أن كانت في الأزمنة الماضية تهب غاضبة، وتشعل ساحات الوطن العربي كله، إذا ما تجرأ شرطي إسرائيلي على صفع مواطن عربي، وتهتف بالثأر للكرامة العربية المهانة، “وامعتصماه”، ثم يتكدس شبابها أمام مكاتب التجنيد للتطوع لقتال المعتدي.أما اليوم فالظاهر أن القوى الخفية الحاذقة العارفة كيف تُلاعب تلافيف أمخاخ جماهيرنا العريضة عرفت كيف تدجن هذه الجماهير، وكيف تقتل فيها الآدمية، إلى أن صارت الإعلانات المتلاحقة عن أعداد القتلى أمرا عابرا لا يستحق سوى غضب كلامي عابر، خائف متردد خجول، وهو أضعف الإيمان. ربما تكون إيران فعلا هي الممول والمدبر للهجوم الأخير الذي قامت به حماس ضد مواقع إسرائيلية عسكرية ومدنية وأخذ أسرى ورهائن، ولكنها لم تكن في وارد دخولها بجيوشها أو بميليشيا حزب الله أو غيره مع إسرائيل وأميركا في مواجهة شاملة، إن غزة تشتعل. أطفالها ونساؤها طعام القنابل الحارقة، وجماهيرنا العربية العريضة تجادل، حماس سبب الكارثة أم بنيامين نتنياهو؟حكومات عربية متشفية بحماس وبمأزقها السياسي والعسكري، وأخرى، رفعا للعتب، تناشد الجيوش الإسرائيلية الرحمة والشفقة بالمدنيين الأبرياء.ومكرر القول إن طوفان الأقصى كان، بحق، عملا بطوليا نادرا هز الجيش الإسرائيلي، وأبطل مقولة الجيش الذي لا يقهر، كما يقول محللون ومعلقون ومذيعون عرب كثيرون. نعم.. ثم ماذا؟ فبالحساب العقلاني النهائي كانت عملية الرهائن المدنيين فرصة ذهبية لنتنياهو لقتل أكبر عدد ممكن، وتهجير أكبر عدد ممكن، وترحيل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، مدنيين أولا، ثم مسلحين ثانيا.ولا شك في أن القياديين في حماس والجهاد كانوا يتوقعون ذلك الخراب والدمار والدم.وأكثر ما يؤلمنا، نحن أحباب الشعب الفلسطيني ورفاقه المخلصين، أن نرى هذا العبث بالشعب البريء، ثم لا نستحي ونحن نباهي ونحتفل أخيرا بهذا النصر المبين.هل كان قادة حماس في انتظار المدد من الرفاق؟ ربما. ولكن لا بد أن يكون ساذجا وحالما من كان منهم يتوقع أن تنتهز إيران الفرصة فتبادر إلى الانقضاض على إسرائيل من البر والجو والبحر، من لبنان وسوريا ومن داخل فلسطين ذاتها، لمحوها من الوجود، كما وعدتنا منذ عشرات السنين. إيران لها حساباتها ومصالحها، وهي تعرف أن محو إسرائيل يتطلب أولا محو أميركا، أو هزيمتها على الأقل، أو تحويلها إلى دولة منزوعة الأسنان والأظافر.ولا يمكن أن يكون الوليُ الفقيه غير متأكد من ذلك مئة في المئة، لأنه أثبت بالدليل أنه يعرف الممكن والمستحيل. بعبارة أخرى. يعرف حده ويقف عنده.ومؤكد أنه سمع مثلنا، أو ربما قبلنا، تصريح جو بايدن بالقلم العريض “أن أميركا لو لم تكن لديها إسرائيل لاخترعتها”.الآن أصبح في حكم المنتهي أي حديث عن احتمالات امتداد الحرب إلى باقي المنطقة.فآخر تصريح لمحسن رضائي أمين المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي لرؤساء السلطات الثلاث قال فيه “إن المقاومة الفلسطينية اخترعت أدوات حربية جديدة ضد الكيان الصهيوني في عملية طوفان الأقصى”. “نحن نؤيد زيادة قوة المقاومة، لكن ليس لدينا أي تدخل في التفاصيل الميدانية المتعلقة بها”. “حتى هتلر وجلادي التاريخ لم يهاجموا المستشفيات”. “إن الكيان الغاصب وبدلا من القتال بالمقاتلين والجنود، يقوم بقصف الأبرياء والعزل ويرتكب جرائم كبيرة”. وردا على سؤال هل تدخل إيران المشهد أم لا؟ قال “إيران تراقب المشهد بعناية، ونعتقد بأن هذا الوضع لا ينبغي أن يستمر. لقد تم الكشف عن الوجه الحقيقي للنظام الصهيوني وداعميه. هناك أحداث مهمة للغاية تجري ويجب أن نكون مستعدين”.وكان رضائي نفسه قد صرح سابقا حين كان يشغل منصب أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، قائلا “نحن جادُّون في إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، ولو ردّت إسرائيل على استهداف عين الأسد لساوينا تل أبيب بالتراب”.الفاعلون الحقيقيون في غزة، ومن خلفهم السماسرة والوسطاء والمتمرسون في عقد الصفقات والمفاهمات والمقاسمات، فهم كانوا، وأصبحوا اليوم أكثر معرفة ويقينا بأن بروجهم وأسوارهم الحديدية العالية عصمتهم وتعصمهم من نار الجماهير الحامية، وقد طمأن الفلسطينيين، بصريح العبارة، قائلا لهم إن “هناك إمكانات كبيرة للقضاء على إسرائيل، لكن الظروف ما زالت غير ملائمة”.يعني صبرتم أربعين سنة، وليس صعبا عليكم أن تنتظروا أربعين سنة أخرى. العجلة من الشيطان! حين اخترعت إيران أذرعا مسلحة موالية لها في لبنان والعراق وسوريا واليمن وفلسطين لم تكن في وارد استخدامها لمحو إسرائيل فعلا، ولا عازمة على مقاتلة أميركا ودول الحلف الأطلسي.فهي، بعد أن تلقنت الدرس القاسي من حربها مع العراق عام 1980 وحتى العام 1988، وجدت أن استخدام هذه الأذرع خارج حدودها، وقت الحاجة، أكثر نفعا وأقل تكلفة لإجبار أميركا على مهادنتها، وعلى عدم المضي بعيدا في حصارها.والعملية الأخيرة التي قامت بها حماس كانت، بوعي من قادتها السياسيين والعسكريين أو بغير وعي، ليس أكثر من بالون اختبار إيراني لقياس مدى ما ستذهب إليه أميركا في الوقوف إلى جانب إسرائيل إذا ما تعرضت لخطر جدي وحقيقي يهدد وجودها. وربما تكون إيران فعلا هي المخطط والمحرك والممول والمسلح والمدبر للهجوم الأخير الذي قامت به حماس ضد مواقع إسرائيلية عسكرية ومدنية وأخذ أسرى ورهائن، ولكنها لم تكن في وارد دخولها بجيوشها أو بميليشيا حزب الله أو غيره مع إسرائيل وأميركا في مواجهة شاملة ماحقة ساحقة دفاعا عن حماس والجهاد الإسلامي وعن غزة وأهلها.والعتب هنا ليس على إيران، أبدا، ولكن على من ارتضى أن يجعل نفسه إحدى أذرعها أو تابعا يتحرك حين تريده أن يتحرك، ويتوقف حين تريده أن يتوقف، ويطلق صاروخا هنا أو مسيرة هناك، وقت الحاجة وتبعا للظروف.نعم إن القضية الفلسطينية، قضية عادلة، وإن الشعب الفلسطيني الصابر الصامد الشجاع من أجل الحرية والعدالة والاستقلال لا بد أن ينتصر وإن طال الزمن.وكان يمكن أن يكون طوفان الأقصى عملا نافعا يخدم القضية، ويُعين الشعب الفلسطيني على أن يخطو خطوة ناجحة إلى الأمام في مسيرة نضاله الطويلة نحو دولته الآمنة المستقلة، لو كانت له قيادة موحدة وطنية غير مرتهنة لهذه الدولة أو تلك. ولكن ليس بالإمكان أفضل مما كان. ولله في خلقه شؤون.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية:
لم تکن
إقرأ أيضاً:
تقرير: خبراء صواريخ روس زاروا إيران وسط الاشتباكات مع إسرائيل
تشير مراجعة لسجلات سفر وبيانات توظيف، إلى أن عدداً من كبار خبراء الصواريخ الروس زاروا إيران خلال العام الماضي، وسط تعزيز الجمهورية الإسلامية تعاونها الدفاعي مع موسكو.
وتم حجز السفر لخبراء الأسلحة الـ7 من موسكو إلى طهران، على متن رحلتين في 24 أبريل (نيسان) و17 سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وفق وثائق تحوي تفاصيل الحجزين الجماعيين بالإضافة إلى بيان الركاب للرحلة الثانية.
وأظهر مرسوم نشرته الحكومة الروسية، ووثيقة على موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت، أن سجلات الحجز تتضمن أرقام جوازات سفر الرجال، حيث يحمل 6 من الـ 7 الرقم "20" في بداية رقم الجواز.
Russian missile experts flew to Iran amid clashes with Israelhttps://t.co/hjWfXvw8lL
— Economic Times (@EconomicTimes) March 4, 2025
ويشير ذلك إلى أن جواز السفر يُستخدم في أعمال رسمية للدولة، ويصدر لمسؤولين حكوميين في رحلات عمل خارجية وعسكريين يعملون انطلاقاً من الخارج. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما كان يفعله السبعة في إيران.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإيرانية إن "خبراء الصواريخ الروس قاموا بزيارات متعددة لمواقع إنتاج الصواريخ الإيرانية العام الماضي، ومنها منشأتان تحت الأرض، وبعض الزيارات جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي". ولم يحدد المسؤول الموقع، طالباً عدم الكشف عن هويته لتتسنى له مناقشة المسائل الأمنية.
وقال مسؤول دفاعي غربي، يراقب التعاون الدفاعي الإيراني مع روسيا وطلب عدم الكشف عن هويته أيضاً، إن عدداً غير محدد من خبراء الصواريخ الروس زاروا قاعدة صواريخ إيرانية، على بعد 15 كيلومتراً تقريباً غرب ميناء أمير آباد على الساحل الإيراني على بحر قزوين في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الزوار الذين أشار إليهم المسؤولون يشملون الروس في الرحلتين.
وأفادت مراجعة لقواعد البيانات الروسية التي تحتوي على معلومات عن وظائف المواطنين أو أماكن عملهم، ومنها الخاصة بسجلات الضرائب والهواتف والسيارات، بأن الروس السبعة الذين حددتهم رويترز لديهم جميعاً خلفيات عسكرية رفيعة المستوى، منهم اثنان برتبة كولونيل وآخران برتبة لفتنانت كولونيل.
كما أظهرت السجلات أن اثنين من الخبراء في أنظمة صواريخ الدفاع الجوي، وأن 3 متخصصون في المدفعية والصواريخ، بينما يتمتع أحدهم بخلفية في تطوير الأسلحة المتقدمة، وعمل آخر في ميدان لاختبار الصواريخ. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان الجميع لا يزالون يقومون بتلك الأدوار، إذ تراوحت بيانات التوظيف من 2021 إلى 2024.

وجاءت رحلاتهم إلى طهران في وقت حرج بالنسبة لإيران، التي وجدت نفسها منجرة إلى معركة انتقامية مع عدوها اللدود إسرائيل، تبادل فيها الجانبان شن ضربات عسكرية في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.
واتصلت رويترز بجميع الرجال عبر الهاتف. ونفى 5 منهم أنهم ذهبوا إلى إيران أو أنهم عملوا لصالح الجيش أو كلا الأمرين، بينما رفض أحدهم التعليق وأغلق آخر الهاتف.
ورفضت وزارتا الدفاع والخارجية الإيرانيتان التعليق على ذلك، وأيضاً مكتب العلاقات العامة في الحرس الثوري، وهو قوة النخبة التي تشرف على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب التعليق.
وأثر التعاون بين البلدين بالفعل على حرب روسيا على أوكرانيا، مع نشر أعداد كبيرة من طائرات شاهد المسيرة الإيرانية في ساحة المعركة.
ووقعت موسكو وطهران اتفاقية عسكرية مدتها 20 عاماً في العاصمة الروسية في يناير (كانون الثاني) الماضي.