أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا حول معدلات الانتحار في قارة أفريقيا، والعوامل التي تؤدي بأبناء القارة السمراء للتخلص من حياتهم.


وذكرت منظمة الصحة العالمية، في اليوم العالمي للصحة العقلية ٢٠٢٣، أن أفريقيا لديها الآن أعلى معدل لحالات الانتحار التام على مستوى العالم. 


وأبرزت مجلة "بان أفريقيا ريفيو" تقرير الصحة العالمية، الذي أكد أن "١١ شخصًا يموتون من بين كل ١٠٠٠٠٠ شخص سنويًا بسبب الانتحار في المنطقة الأفريقية، وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ تسعة أشخاص من كل ١٠٠٠٠٠ شخص"، وهو أمر يمثل ابتعادا صارخا عن سمات القارة المعروفة المتمثلة في الانسجام وروح المجتمع والمرونة ويطرح السؤال التالي: ما هي القوى التي دفعت هذا الاتجاه الذي لم يكن من الممكن تصوره في السابق؟


وقالت المجلة التي تهتم بشئون القارة السمراء، في تقرير نشر نهاية نوفمبر المنصرم، إن أفريقيا مثلها في ذلك كمثل بقية العالم، تشهد تحولا سريعا، ومع ذلك، فإن طبيعة هذا التغيير تشير إلى مسار مشؤوم، يهدد بجعل القارة غير معروفة في العقود المقبلة، وهو يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى التدقيق في الميل المتزايد نحو الإبادة الذاتية بين سكان أفريقيا.

 


وأضافت أن هذا الفحص بمثابة دعوة إلى العمل لكل فرد ناضج للمساهمة في عكس اتجاه معدلات الانتحار المتصاعدة في أفريقيا، والتي من المرجح أن تتفاقم في السنوات المقبلة إذا تركت دون رادع.


وأكدت الارتفاع الحاد في أفريقيا لحالات الانتحار "يتزامن" مع صعود العديد من بلدان أفريقيا، باعتبارها أسرع الاقتصادات نموًا على مستوى العالم في عام ٢٠٢٢. ومن المتوقع، بحلول نهاية العام الجاري ٢٠٢٣، أن ستة من أصل عشرة اقتصادات أسرع نموًا في العالم سوف يأتي من أفريقيا. 


وأوضحت "بان أفريكان ريفيو" أنه وفي "مصادفة" أخرى مثيرة للسخرية، سجلت بوتسوانا، الدولة التي تتمتع بأعلى معدل للتحسن في مجال الابتكار، أيضا أعلى معدل لمعدلات الانتحار في أفريقيا في عام ٢٠٢٢.


وأشارت إلى أن سعي أفريقيا لتحقيق نمو اقتصادي غير مخفف على الطراز النيوليبرالي يؤثر على علم النفس الاجتماعي الجماعي والصحة العقلية والرفاهية العاطفية لمواطنيها، حيث إن السكان المحبطين وخائبي الأمل إلى حد كبير ليس سوى واحدة من عقوبات النيوليبرالية التي تحصد الآن في أفريقيا، ولمواجهة هذا الوضع، يتعين على الأفارقة أن يبنوا أنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة تضرب بجذورها في فلسفة أوبونتو.


وأشارت المجلة الأفريقية، إلى أنه وفقا للتقارير الصادرة عن البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، فإن هناك عددًا مذهلًا من مستخدمي الهاتف المحمول في أفريقيا يبلغ ٦٥٠ مليونًا، وهو ما يتجاوز الأرقام الموجودة في الولايات المتحدة أو أوروبا.


وفي بعض البلدان الأفريقية، عدد الأشخاص الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الهاتف المحمول أكبر من عدد الأشخاص الذين يحصلون على المرافق الأساسية مثل المياه النظيفة أو الكهرباء، ومع توسع الاتصال بالهواتف المحمولة، تتوسع أيضًا سهولة الوصول إلى المعلومات ومع ذلك، ظهر اتجاه مثير للقلق وهو انتشار الأخبار السيئة. 


ويشارك العديد من الأفراد معلومات مؤلمة عبر هواتفهم المحمولة، مما يساهم في انتشار الأخبار السلبية على نطاق واسع، وقد ربطت العديد من الدراسات هذا التعرض للأخبار المزيفة/السلبية وزيادة مستويات الضيق والقلق والاكتئاب، مما خلق رواية مثيرة للقلق، ولقد ترسخ تطبيع تبادل الأخبار القاتمة والصور المزعجة في العديد من المجتمعات الأفريقية، مما أدى إلى تراجع الثقة واستنزاف الإيمان بالإنسانية عبر الثقافات المتنوعة.


وعلى العكس من ذلك، ارتبط الوصول المتزايد إلى وسائل التواصل الاجتماعي بتحديات الصحة العقلية، حيث ربطت دراسة أجريت عام ٢٠١٨ في المملكة المتحدة، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بتناقص النوم وتقطعه وتأخره، وهي عوامل مرتبطة بالاكتئاب وفقدان الذاكرة، وكلاهما من عوامل خطر الانتحار.


وهناك جانب آخر يسبب التوتر في وسائل التواصل الاجتماعي وهو الميل إلى مقارنة الذات مع الآخرين، وعندما يدقق الأفراد في الأنشطة الاجتماعية للآخرين عبر الإنترنت، فإنهم غالبًا ما يجدون أنفسهم يجرون مقارنات، ويتساءلون عما إذا كانوا قد حصلوا على نفس عدد الإعجابات التي حصل عليها شخص آخر، أو يتساءلون عن سبب إعجاب شخص ما بمنشوره بينما لم يعجب شخص آخر، ويحل هذا السعي للتحقق من الصحة على الإنترنت محل الاتصالات الهادفة التي يمكن تعزيزها في تفاعلات الحياة الواقعية.


ونتيجة لإدمان الهاتف، أصبحت العلاقات سريعة الزوال بشكل متزايد، فقد ولت الأيام التي كان فيها الأفراد ينخرطون في محادثات لساعات طويلة مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء، وينظرون في عيون بعضهم البعض والآن، أصبح الهاتف دائمًا في متناول اليد، وجاهزًا لصرف الانتباه.


وأشارت مجلة "بان أفريكان ريفيو" إلى أنه يجب على الأفارقة أن يتعلموا كيفية استعادة حياتهم، وهذه ليست دعوة للتخلي عن الهواتف المحمولة، فلقد أحدثت الهواتف المحمولة تقدما لا يمكن تصوره في مختلف القطاعات في أفريقيا.


ومع ذلك فإن الاعتدال مؤشر قوي على القوة الداخلية والانضباط، وسوف يتعين على الأفارقة أن يمارسوا الانضباط الذاتي والرقابة الشخصية في استخدامهم للهواتف المحمولة، ويعد تحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة المحمولة طريقة رائعة للبدء. 


ونوهت إلى أن ترك الهواتف المحمولة جانبًا لإجراء محادثات طويلة ومتعرجة ذات معنى والبقاء بمفرده في لحظات طويلة من التأمل هي ممارسات أساسية، ومراعاة المعلومات التي نسمح بها في مساحتنا أمر بالغ الأهمية، ويجب الحد بشكل جدي من قراءة الأخبار السلبية ومشاهدتها ومشاركتها.


ولا ينبغي قضاء وقت النوم في التحديق في الهواتف المحمولة، وفي نهاية المطاف، سيتعين على الأفارقة التحكم في استخدامهم للهواتف المحمولة وعدم السماح للهواتف بالتحكم في حياتهم. إن السمة المميزة للمجتمعات المتحضرة هي الحفاظ على الانضباط في قضايا مثل التواصل.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمية الإنتحار أفريقيا القارة السمراء الهواتف المحمولة الصحة العالمیة على الأفارقة فی أفریقیا العدید من إلى أن

إقرأ أيضاً:

السودان يعلق "المراقبة العالمية" احتجاجا على "إعلان المجاعة"

علقت الحكومة السودانية مشاركتها في النظام العالمي لرصد ومراقبة الجوع احتجاجا على تقرير يظهر انتشار المجاعة في جميع أنحاء البلاد، بسبب الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.

وقال مسؤولون في نظام المراقبة الذي يضم أكثر من 19 منظمة عالمية إن الخطوة التي اتخذتها الحكومة السودانية ستقوض الجهود الرامية إلى معالجة واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، في ظل مواجهة أكثر من 26 مليون شخص خطر الجوع وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

ويشكل السودانيون نحو 40 في المئة من مجمل الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في شرق أفريقيا والبالغ عددهم 63 مليونا بحسب بيانات منظمة الزراعة والأغذية العالمية. لكن الحكومة ترفض الإقرار بوجود مجاعة في البلاد، وبحسب "رويترز" فإن وزير الزراعة السوداني اتهم في رسالة بعث بها يوم الاثنين، التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي "بإصدار تقارير غير موثوقة تقوض سيادة وكرامة السودان".

 مخاطر ومخاوف
وفقا لوثيقة إحاطة حول تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن انتشار المجاعة في عدد من مناطق السودان يمثل تعمقًا واتساعًا غير مسبوق لأزمة الغذاء، المدفوعة بالصراع المدمر الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وخلق أوضاعا إنسانية كارثية.

وأبدت منظمات تعمل في مجال العون الإنساني مخاوفها من أن يقوض الانسحاب من نظام مراقبة الأمن الغذائي الدولي الجهود الإنسانية لمساعدة ملايين السودانيين الذين يعانون من الجوع الشديد.

وقال مدير منظمة غير حكومية تعمل في السودان إن الانسحاب لن يغير من واقع الجوع على الأرض، لكنه سيحرم المجتمع الدولي من الحصول على البيانات اللازمة للتعامل مع أزمة الجوع في السودان.

وتستخدم منظمات العون الإنساني العالمية، نظام مراقبة الأمن الغذائي العالمي كأداة أساسية لمراقبة وتخفيف الجوع، وهو مصمم لإعطاء بيانات واقعية بشأن تطور أزمات الغذاء حتى تتمكن المنظمات من الاستجابة.

 مؤشرات

يمثل السودانيون 10 في المائة من جميع الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في العالم البالغ عددهم نحو 305 مليون شخص. انخفض إنتاج الحبوب من نحو 8 ملايين طن متري إلى 4.1 مليون طن متري في نهاية 2023 ومن المتوقع أن يتراجع إلى 3.3 مليون طن متري بنهاية 2024 بسبب فرار عشرات الآلاف من المزارعين من مناطق القتال. يلجأ الكثير من النازحين والعالقين في مناطق القتال إلى تدابير قاسية مثل الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم أو تناول وجبات عديمة الفائدة غذائية. بسبب نقص التمويل وارتفاع أسعار السلع الغذائية، توقفت خلال الأسابيع الأخيرة نحو 90 في المئة من 300 مطبخ خيري كانت تقدم الوجبات للعالقين في مناطق القتال.

مقالات مشابهة

  • تصاعد جرائم السرقة بجماعة تامصلوحت: المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر
  • إيتو: لقجع له رؤية ثاقبة و شغوف بتطوير كرة القدم في أفريقيا (فيديو)
  • صامويل إيتو: جلالة الملك خاض صراعاً لتنظيم المونديال والمغرب سيقدم أفضل نسخة من كأس أفريقيا
  • المجاعة تتفشى في السودان.. و5 مناطق في مرمى الخطر
  • السودان يعلق "المراقبة العالمية" احتجاجا على "إعلان المجاعة"
  • يهدد سكان هاواي.. أنشط البراكين في العالم يثور مجددًا
  • مجزرة للاحتلال بمخيم النصيرات تخلف أكثر من 50 شهيدا
  • منظمةالصحة العالمية: اليمن يسجل أكبر عبء للكوليرا في العالم
  • سلا..مواطنون يدقون ناقوس الخطر بسبب انتشار الكلاب الضالة
  • قيادي بـ«فتح» عن الإبادة الجماعية في غزة: إلى متى سيظل العالم صامتًا؟