الحرة:
2025-01-23@09:47:58 GMT

من هم قادة حماس في غزة الذين تسعى إسرائيل لقتلهم؟

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

من هم قادة حماس في غزة الذين تسعى إسرائيل لقتلهم؟

علق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ملصقا على جدار مكتبه في تل أبيب في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، يحمل صورا لمئات من قادة الجماعة الفلسطينية المسلحة مرتبين في شكل هرمي، وفق ما ذكرته رويترز.

في أسفل الملصق صور لقادة ميدانيين صغار تابعين لحركة حماس، وفي أعلاه صور القيادة العليا بما في ذلك محمد الضيف، العقل المدبر لهجوم أكتوبر.

وطبع هذا الملصق بأعداد كبيرة بعد أن غزت إسرائيل غزة ردا على هجوم السابع من أكتوبر، ووضعت علامة "إكس" على وجوه القادة الذين لقوا حتفهم.

لكن الرجال الثلاثة الذين يتصدرون قائمة المطلوبين لدى إسرائيل ما زالوا طلقاء، وهم محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، والقائد الثاني، مروان عيسى، ورئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار.

وتجددت الأعمال القتالية في غزة، الجمعة، بعد انهيار هدنة استمرت سبعة أيام بوساطة قطرية. وقالت أربعة مصادر على علم بالتفكير الإسرائيلي في المنطقة لرويترز إنه من غير المرجح أن يتوقف الهجوم الإسرائيلي على غزة إلا بعد مقتل قادة حماس الثلاثة أو أسرهم.

وأدت الحملة العسكرية المستمرة منذ سبعة أسابيع إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص، وفقا لمسؤولي الصحة في قطاع غزة، مما أثار انتقادات دولية.

ويشكل السنوار (61 عاما) بالإضافة إلى الضيف وعيسى (كلاهما 58 عاما) مجلسا عسكريا سريا مكونا من ثلاثة رجال على رأس حماس. وهذا المجلس هو الذي خطط ونفذ هجوم السابع من أكتوبر.

وقُتل نحو 1200 شخص واحتُجز نحو 240 آخرين كرهائن في هذا الهجوم الذي يعد الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الممتد منذ 75 عاما.

وتقول ثلاثة مصادر من حماس لرويترز إن القادة الثلاثة يديرون العمليات العسكرية للحركة ويقودون المفاوضات في اتفاق التبادل، ربما من المخابئ المتواجدة أسفل غزة.

وقالت ثلاثة مصادر بارزة في المنطقة للوكالة إن قتل الرجال الثلاثة أو أسرهم قد يكون مهمة طويلة وشاقة، لكنه قد يشير إلى أن إسرائيل ستتحول من الحرب الشاملة إلى شن عمليات أقل ضراوة. ولا يعني هذا أن حرب إسرائيل ضد حماس سوف تتوقف.

ويقول مسؤولون منهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن إسرائيل تسعى لتدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس وإعادة المحتجزين وضمان عدم تعرض المنطقة المحيطة بغزة للتهديد أبدا بتكرار هجوم مماثل لما وقع في السابع من أكتوبر. ولتحقيق هذه الأهداف فإن القضاء على قادة حماس سيكون ضروريا.

وقال غالانت في مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي: "إنهم يعيشون في الوقت الضائع"، مشيرا إلى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" سيلاحق قادة الجماعة المسلحة في أي مكان في العالم. ولم ترد الحكومة الإسرائيلية على طلب للتعليق.

وقال خبيران عسكريان لرويترز إن قتل السنوار والضيف وعيسى سيسمح لإسرائيل بالإعلان عن تحقيق نصر رمزي مهم. ولكن تحقيق هذا الهدف سيتطلب وقتا طويلا وتكلفة باهظة، مع عدم تواجد ضمانات لنجاحها فيه.

وذكر خبراء عسكريون أن القوات الإسرائيلية، بدعم من الطائرات والمسيرات، اجتاحت الأجزاء الشمالية والغربية من غزة حيث يقل عدد السكان، لكن المرحلة الأصعب والأشد ضراوة من القتال ربما لم تبدأ بعد.

وأضافوا أن القوات الإسرائيلية لم تتوغل في عمق مدينة غزة، ولم تقتحم متاهة الأنفاق التي يعتقد أن قادة حماس يحتمون بها ولم تغز جنوب القطاع المكتظ بالسكان.

ويعتقد أن عمق بعض هذه الأنفاق يصل إلى نحو 80 مترا، مما يجعل من الصعب تدميرها من الجو.

وقال مايكل آيزنشتات، مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لرويترز إن جميع الأطراف، ومنها حماس، قد يكونون لا يعلمون تحديدا عدد القتلى الذين سقطوا في صفوف المسلحين.

وأضاف "إذا كان بإمكان إسرائيل أن تقول إننا قتلنا السنوار ومروان عيسى ومحمد الضيف، فسيكون هذا إنجازا واضحا ورمزيا ومهما للغاية"، مضيفا أن إسرائيل تواجه معضلة.

وتابع "ماذا لو لم يتمكن الإسرائيليون من القضاء على هؤلاء الرجال؟ هل سيستمرون في القتال حتى الوصول إليهم؟ وماذا لو ثبت أنهم أهداف بعيدة المنال؟".

هدف أسهل وزير الدفاع الإسرائيلي وخلفه صور قادة لحماس. أرشيفية

يقول الجيش الإسرائيلي إنه دمر نحو 400 من فتحات الأنفاق في شمال غزة، لكن هذا ليس سوى جزء صغير من الشبكة التي بنتها حماس على مر السنين. 

وذكر الجيش أن ما لا يقل عن 70 جنديا إسرائيليا قتلوا في الحملة العسكرية على غزة، ونحو 392 جنديا في المجمل، منهم من سقطوا في هجمات السابع من أكتوبر.

وقال مسؤول عسكري رفض الكشف عن هويته للصحفيين إن ما يقرب من خمسة آلاف من مقاتلي حركة حماس قُتِلوا، أي ما يعادل نحو خُمس قوتها الإجمالية تقريبا. وأضاف المسؤول أن ست كتائب يبلغ عدد كل منها نحو ألف مسلح تعرضت لخسائر كبيرة.

وقال أسامة حمدان، أحد قادة حماس المقيم في لبنان، إن الأرقام الخاصة بالقتلى غير صحيحة وتقع ضمن الدعاية الإسرائيلية للتغطية على عدم تحقيقها نجاحا عسكريا.

وقال مسؤول في حركة حماس في غزة عبر الهاتف إن تدمير الحركة سيتطلب انتقال القتال للمنازل وإلى الأنفاق أسفل القطاع، الأمر الذي سيستغرق وقتا طويلا.

وأضاف أن الحديث عن مدة عام هو حديث متفائل، مضيفا أن عدد القتلى الإسرائيليين سيرتفع.

وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين لرويترز إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ترى أن القضاء على قادة حماس هدف قابل للتحقيق بالنسبة لإسرائيل أكثر بكثير من هدفها المعلن وهو القضاء على الحركة بالكامل.

ورغم الدعم القوي لإسرائيل أقرب حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإن المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق من أن بدء صراع مفتوح لاستئصال حركة حماس سيتسبب في سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين في غزة ويطيل أمد خطر نشوب حرب إقليمية.

ويستهدف مسلحون مدعومون من إيران بالفعل القوات الأميركية في العراق وسوريا في موجة من الهجمات إذ يحملون الولايات المتحدة مسؤولية القصف الإسرائيلي في غزة، رغم نفيها مرارا علاقة قرارات أصدرتها برفع تواجدها العسكري في المنطقة بالحرب الدائرة. وأدت إحدى هذه الهجمات إلى إصابة ثمانية جنود أميركيين الأسبوع الماضي.

تهديد وجودي محمد الضيف قائد كتائب عز الدين القسام. أرشيفية

الصدمة والخوف في إسرائيل الناجمان عن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، قد يجعل من الصعب وقف تصعيد الصراع.

وقال كوبي مايكل، الرئيس السابق للمكتب الفلسطيني في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية الذي يتصدى للدعاية السلبية عن إسرائيل في الخارج، إن هناك دعما شعبيا قويا لاستمرار الحرب لأن حماس تعتبر جزءا من محور واسع تدعمه إيران يشكل تهديدا وجوديا مباشرا.

وقال مايكل إن اعتقال السنوار سيمثل انتصارا مهما لكنه ليس بالضرورة نصرا نهائيا.

وأضاف "المجتمع الإسرائيلي يرى نفسه تحت تهديد وجودي وليس أمامه سوى خيارين.. أن نكون أو لا نكون".

ومضى مايكل يقول إن هدف الحرب ما زال تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس، الأمر الذي قد ينطوي على فترة مضطربة في غزة بعد الحرب. وقال إن التحدي الأكبر على المدى الطويل هو القضاء على جاذبية معارضة حماس الضارية لإسرائيل لدى الجمهور الفلسطيني باستخدام التعليم والتوعية.

وتعلن إسرائيل من حين إلى آخر عن مقتل قادة عسكريين كبار في حماس. وقال ضابط في الجيش الإسرائيلي، تحدث إلى الصحفيين مشترطا عدم الكشف عن هويته، إن الجيش الإسرائيلي يعتبر القضاء على هؤلاء القادة على المستوى القتالي ضرورة لتفكيك القدرات العسكرية لحماس.

محاولات اغتيال فاشلة

نجا قادة حماس الثلاثة من عمليات إسرائيلية كثيرة لاغتيالهم. 

ويعيش ضيف تحديدا في الظل بعد نجاته من سبع محاولات اغتيال، قبل عام 2021، مما كلفه فقدان عين وتسبب في إصابة خطيرة في ساقه.

وقتلت غارة جوية إسرائيلية، عام 2014، زوجته وابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات وابنه البالغ من العمر سبعة أشهر.

وتتكهن مصادر إسرائيلية وفلسطينية بأن الرجال الثلاثة يختبئون في الأنفاق تحت القطاع، لكن خمسة مصادر مقربة تقول إنهم قد يكونون في أي مكان داخل غزة.

وقالت مصادر في حماس إن السنوار الذي ظهر كثيرا في السابق في تجمعات عامة، على عكس ضيف وعيسى، لم يعد يستخدم أي أجهزة إلكترونية خوفا من أن يتتبع الإسرائيليون الإشارة.

وقالت مصادر من حماس إن عيسى، المعروف باسم "رجل الظل"، ربما يكون الأقل شهرة بين الثلاثة، لكنه شارك في اتخاذ عدد من قرارات حماس الهامة في السنوات القليلة الماضية، وسيحل محل أي منهما في حالة الاعتقال أو القتل.

"أصدرت تعليماتي".. خطة إسرائيلية لتصفية قادة حماس "أينما كانوا" تعمل وكالات التجسس الإسرائيلية الكبرى على خطط لمطاردة قادة حماس الذين يعيشون في لبنان وتركيا، وقطر، حيث يوجد المكتب السياسي للحركة منذ عقد من الزمن، وفق مسؤولين إسرائيليين تحدثوا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وولد الرجال الثلاثة لعائلات لاجئة فرت أو طردت، عام 1948 من مناطق في دولة إسرائيل التي أعلنت حينذاك.

وقد أمضى الرجال الثلاثة سنوات في السجون الإسرائيلية. وقضى السنوار 22 عاما بعد سجنه، عام 1988، لاتهامه بخطف وقتل جنديين إسرائيليين وقتل أربعة متعاونين فلسطينيين.

وكان السنوار هو الأبرز بين 1027 سجينا فلسطينيا أطلقت إسرائيل سراحهم، في عام 2011، مقابل إطلاق سراح أحد جنودها، وهو جلعاد شاليط الذي أسرته حماس في غارة عبر الحدود قبل خمس سنوات.

ومثل الضيف، لم تكن ملامح وجه عيسى معروفة للجمهور، حتى عام 2011، حين  ظهر في صورة جماعية التقطت خلال عملية مبادلة المعتقلين بشاليط التي ساعد في تنظيمها.

وكان جيرهارد كونراد، وسيط وكالة الاستخبارات الألمانية، بين عامي 2009 و2011، من بين عدد قليل من الأشخاص الذين التقوا بعيسى أثناء التفاوض على صفقة مبادلة السجناء بشاليط.

وقال كونراد لقناة الجزيرة التلفزيونية: "لقد كان محللا شديد التدقيق وهذا هو انطباعي عنه. كان يحفظ الملفات عن ظهر قلب".

وقتلت إسرائيل قادة من حماس في الماضي ومن بينهم مؤسس الحركة، الشيخ أحمد ياسين، وزعيمها السابق، عبد العزيز الرنتيسي، الذي اغتيل في غارة جوية، عام 2004. وارتقى قادة جدد ليشغلوا مواقعهم.

وقال حمدان، عضو المكتب السياسي للحركة المقيم في لبنان، إن اسرائيل قتلت الشيخ ياسين والرنتيسي وآخرين لكن حماس لم تنته بعد. وأضاف أنه قد يحدث أي شيء في هذه المعركة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: السابع من أکتوبر القضاء على حرکة حماس قادة حماس حماس فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

لومومبا رمز المقاومة وبطل الكونغو الذي قُتل في ذروة شبابه

في غوما، جمهورية الكونغو الديمقراطية، قبل ظهر الخميس في يونيو/حزيران 1960، صعد باتريس لومومبا، البالغ من العمر 34 عاما، إلى المنصة في قصر الأمة في ليوبولدفيل (التي تسمى اليوم كينشاسا) وهو يحمل حلما لتوحيد بلاده التي نالت استقلالها حديثا.

أمام كبار الشخصيات والسياسيين، بمن فيهم الملك بودوان ملك بلجيكا، التي كانت جمهورية الكونغو آنذاك قد نالت استقلالها منها للتو، ألقى أول رئيس وزراء على الإطلاق خطابا مثيرا ومفاجئا إلى حد ما، أثار استياء الأوروبيين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: حظر الأونروا.. مخطط إسرائيلي لضم القدس الشرقيةlist 2 of 2واشنطن بوست: العفو الذي أصدره بايدن وترامب تقويض لسيادة القانونend of list

قال لومومبا "لن يستطيع أي كونغولي جدير بالاسم أن ينسى أبدا أنه بفضل النضال تم تحقيق استقلالنا".

وأضاف قائلا، بينما كان الملك يراقب وهو في حالة صدمة، "لقد فُرضت علينا العبودية بالقوة. نحن نتذكر الضربات التي كنا نضطر لتحملها صباحا ومساء لأننا كنا زنوجا".

وأعلن أنه مع الاستقلال، أصبح مستقبل البلاد أخيرا في أيدي شعبها، مضيفا: "سوف نُظهر للعالم ما يمكن أن يفعله الرجل الأسود عندما يعمل وهو حر، وسنجعل الكونغو فخر أفريقيا".

ولكن لم يتحقق هذا الوعد، فبعد 6 أشهر فقط قُتل القائد الشاب.

لسنوات طويلة، أحاط الغموض بتفاصيل مقتله، ولكن من المعروف الآن أن رجالا كونغوليين مسلحين قتلوا لومومبا يوم 17 يناير/كانون الثاني 1961، بمساعدة البلجيكيين وبموافقة ضمنية من الولايات المتحدة.

إعلان

وبعد مرور 64 عاما، لا يزال لومومبا رمزا للمقاومة الأفريقية، بينما لا يزال عديد من الكونغوليين يحملون عبء إرثه غير المكتمل، سواء أكانوا يؤيدون أفكاره أم لا.

سيارات جيب تحمل جنودا كونغوليين تمر بينما ينظر الناس على جانب الطريق في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1960 بعد اعتقال لومومبا (أسوشيتد برس) "لقد آلمني موته"

قال كاسيريكا لوكومبولا (85 عاما) الذي يعيش حاليا في حي فيرونغا في مدينة غوما بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية: "عندما علمت بموت لومومبا، صُدمت".

لقد تم بناء منزله، الذي يتسم باللون الذهبي والطراز الغربي، وهو أمر غير مألوف في هذه المنطقة، خلال الحقبة الاستعمارية ويعد تذكيرا ببقايا ما يقارب 80 عاما من الحكم البلجيكي.

وقال لوكومبولا إنه وُلِد خلال الحرب العالمية الثانية، مضيفا "في ذلك الوقت، كان الرجل الأسود في أفريقيا لا يستطيع معارضة المستوطنين البيض لأسباب معينة، بما في ذلك لون بشرته وحقيقة أنه كان مستعبدا. أولئك الذين تجرؤوا على تحدي البيض كانوا إما يُسجنون أو يُضربون أو يُقتلون".

كان لوكومبولا في الـ20 من عمره عندما قُتل لومومبا، وقال "أتذكر أنني كنت في قريتي في بنغي عندما سمعت الخبر. شعرت بالندم، فقد أحزنني موته. وفي ذلك اليوم، لم أتناول الطعام، كنت أعاني من الأرق"، مضيفا أنه لا يزال يتذكر ذلك كما لو كان بالأمس.

ويتهم لوكومبولا الـ"وازونغو"، وهي كلمة تعني "الأجانب"، ولكنها تستخدم عادة للإشارة إلى المستعمرين البلجيكيين بأنهم كانوا وراء اغتيال لومومبا.

وقال "كان البلجيكيون يمارسون التفرقة العنصرية في الكونغو، وكان لومومبا يصرخ ضد ذلك. لقد شجعنا على القتال بكل قوتنا للتخلص من المستعمرين".

وتابع "لقد اكتشف بعض المؤامرات التي كان يحيكها المستعمرون ضدنا، نحن الشعب الكونغولي. وكانوا يريدون أن يستمروا في فرض العبودية علينا إلى الأبد. عندها بدأ البلجيكيون يطورون كراهية تجاهه، مما أدى إلى اغتياله".

ويعتقد لوكومبولا أنه لو لم يُقتل "لومومبا"، لكان قد حوّل البلاد إلى جنة على الأرض لملايين الكونغوليين، استنادا إلى الرؤية التي كان يحملها لشعبه وللقارة بأسرها.

إعلان قتلته قوى غربية

ويعتقد تومسيفو أكرم، الباحث الكونغولي المقيم في غوما، أن لومومبا قُتل بأوامر من بعض القوى الغربية التي أرادت الاحتفاظ بثروات الكونغو الطبيعية.

وقال تومسيفو أكرم للجزيرة "إن قرار تصفية أول رئيس وزراء كونغولي اتخذه مسؤولون أميركيون وآخرون على أعلى المستويات".

وقال أكرم "على الرغم من أن لومومبا كان له أصدقاء داخل وخارج البلاد، فإن أصدقاءه، رغم كثرتهم، لم يكونوا بالعزيمة نفسها التي كان عليها أعداؤه الذين كانوا مصممين ومنظمين للقضاء عليه. لقد دعمه أصدقاؤه بالكلمات أكثر من الأفعال".

لم يتبقَّ سوى سن واحدة

بعد أيام قليلة من إلقاء لومومبا خطابه في يوم الاستقلال في 30 يونيو/حزيران 1960، بدأ البلد في الانهيار. ووقع تمرد مسلح، ثم انفصلت مقاطعة كاتانغا الغنية بالمعادن في يوليو/تموز. وأرسلت بلجيكا قوات إلى كاتانغا، ثم طلبت الكونغو المساعدة من الأمم المتحدة، وعلى الرغم من إرسالها قوات حفظ السلام، فإنها لم تنشرها في كاتانغا. لذلك، لجأ لومومبا إلى الاتحاد السوفياتي للمساعدة، وهو ما أثار قلق بلجيكا والولايات المتحدة.

وفي سبتمبر/أيلول، قام الرئيس جوزيف كاسافوبو بعزل لومومبا من الحكومة، وهو ما تجاهله لومومبا. وبعد فترة قصيرة، قام انقلاب عسكري بقيادة العقيد الكونغولي جوزيف موبوتو (الذي عُرف لاحقا باسم الدكتاتور موبوتو سيسي سيكو) بإزاحته تماما من السلطة. ووُضع لومومبا رهن الإقامة الجبرية، التي هرب منها، لكنه تم القبض عليه لاحقا من قبل قوات موبوتو في ديسمبر/كانون الأول.

ويوم 17 يناير/كانون الثاني 1961، تم نقل لومومبا واثنين من مساعديه، جوزيف أوكيتو وموريس مبولو، إلى كاتانغا بالطائرة، حيث قام الجنود بضربهم وتعذيبهم في أثناء الرحلة وفي وجهتهم.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أُعدم الثلاثة في كاتانغا رميا بالرصاص تحت إشراف بلجيكي.

إعلان

وفي البداية تم دفن أجسادهم في قبور ضحلة، ولكن لاحقا تم استخراجها وتهشيمها إلى قطع، ثم أذيبت البقايا في الحمض.

في النهاية، لم يتبق سوى سن واحد من أسنان لومومبا، سرقه شرطي بلجيكي ولم يعده إلى أقارب لومومبا إلا في عام 2022.

وعلى مر السنين منذ اغتياله، اعترفت بلجيكا بأنها "مسؤولة أخلاقيا عن الظروف التي أدت إلى وفاته". وفي الوقت نفسه، ظهرت معلومات تكشف تورط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في مؤامرة قتل لومومبا.

"خطأ جسيم؟"

وفي منزله في غوما، استعاد لوكومبولا ذكرياته عن جميع "اللحظات الأولى" التي عاشها خلال تاريخ بلاده المعقد، بما في ذلك مشاركته في أول انتخابات بلدية عام 1957، حين صوّت لحزب الحركة الوطنية الكونغولية بقيادة لومومبا، قائلا "لأنني كنت مقتنعا بأن الحزب يحمل رؤية عظيمة لبلدنا. وكان ذلك بدافع من الشعور بالفخر".

وروى أنه كان موجودا في أثناء أعمال الشغب التي وقعت في الرابع من يناير/كانون الثاني 1959، وإعلان استقلال الكونغو في 30 يونيو/حزيران 1960، وانفصال كاتانغا وكاساي الجنوبية بين يوليو/تموز وأغسطس/آب 1960، وأفراح زائير الاقتصادية والسياسية منتصف الستينيات.

وبعد أن عاش في ظل حكم جميع رؤساء الكونغو الخمسة، يدرك لوكومبولا "لغز" جمهورية الكونغو الديمقراطية وشهد مدى التغيرات التي يمكن أن تطرأ عليها.

وقال إن ندمه الوحيد هو أن عديدا من الأحداث التاريخية وقعت بعد رحيل لومومبا، مضيفا "لو كان حيا، لأعاد إلينا المجد والعظمة".

لومومبا يوقع قانون استقلال الكونغو في يونيو/حزيران 1960 وعلى يمينه غاستون إيسكينز، رئيس الوزراء البلجيكي الذي وقع القانون نيابة عن بلجيكا (أسوشيتد برس) ليس الجميع متعاطفين معه

ومع ذلك، لا ينظر الجميع إلى إرث لومومبا بمثل هذه الرهبة والعطف.

ويعتقد غريس باهاتي (45 عاما)، وهو أب لـ5 أطفال، أن لومومبا هو السبب في بعض المصائب التي حلت بجمهورية الكونغو الديمقراطية والتي لا تزال البلاد تعاني منها.

إعلان

فوفقا له، كان رئيس الوزراء الأول متسرعا للغاية في السعي إلى تحقيق الاستقلال الفوري للكونغو، في حين كانت البلاد تفتقر إلى ما يكفي من المثقفين القادرين على قيادتها بعد رحيل البلجيكيين.

قال باهاتي للجزيرة: "كان لومومبا في عجلة من أمره للمطالبة بالاستقلال. لقد وجدت أن عديدا من قادتنا لم يكونوا مستعدين لقيادة هذا البلد، وهذا أمر مؤسف. في رأيي، كان ذلك خطأ كبيرا من جانب لومومبا".

لا يتفق داني كاييه، وهو مؤرخ في غوما، مع هذا الرأي، فهو يعتقد أن لومومبا أدرك مبكرا أن الاستقلال كان هو الحل الوحيد، نظرا لأن البلجيكيين كانوا يستغلون البلاد منذ ما يقرب من 80 عاما وكان الكونغوليون هم الذين يعانون.

وأشار كاييه أيضا إلى أن "لومومبا لم يكن أول من طالب بالاستقلال الفوري للبلاد. فقد كان الجنود الذين عادوا من الحرب العالمية الثانية، بعد أن قاتلوا إلى جانب المستعمرين، هم أول من فعل ذلك".

وقال المؤرخ إن لومومبا أصبح هدفا للغرب بعد ما تم اعتباره "متطرفا"، عندما بدأ في بناء علاقات مع الاتحاد السوفياتي، إذ اعتبرته القوى الغربية تهديدا لمصالحها خلال فترة الحرب الباردة الحاسمة. وقد تم استخدام الكونغوليون، مثل موبوتو سيسي سيكو، في المناورات ضده.

وأوضح كايي أن "الكونغو كانت محل حسد لفترة طويلة بسبب مواردها الطبيعية. ولم يرغب البلجيكيون في مغادرة البلاد، والطريقة الوحيدة لمواصلة استغلالها كانت من خلال تفكيكها وقتل الوطنيين"، وأضاف: "في هذا السياق، قُتل لومومبا وأصدقاؤه موريس مبولو، رئيس مجلس الشيوخ آنذاك، وجوزيف أوكيتو، وزير الشباب آنذاك".

حارب من أجل العدالة

جان جاك لومومبا هو ابن شقيق باتريس لومومبا وناشط ملتزم بمحاربة الفساد في البلاد.

نشأ ابن الشقيق البالغ من العمر 38 عاما في كينشاسا، حيث ترعرع على يد والدة لومومبا وأخيه الأصغر، لكنه اضطر إلى المنفى عام 2016 بعد أن كشف عن الفساد في محيط الرئيس الكونغولي السابق جوزيف كابيلا.

إعلان

بالنسبة له، يبقى عمه رمزا للكونغو العادلة والأفضل، وهو شخص يستلهم منه في نشاطه السياسي.

وقال جان جاك للجزيرة: "أخبرني أفراد عائلتي أنه كان شخصية غير تقليدية. فقد كان صريحا ومباشرا للغاية. وكان لديه إحساس بالشرف والبحث عن الحقيقة منذ نعومة أظفاره وصولا إلى نضاله السياسي".

وتابع: "لقد ناضل من أجل العدالة والإنصاف. هو نفسه رفض الفساد"، واصفا الفساد بأنه "أحد الأوبئة التي تميز البلدان النامية".

وأضاف: "باتريس لومومبا كان يريد التنمية والرفاهية لشعبه.. وهذا مصدر إلهام في النضال الذي أواصل خوضه من أجل صعود القارة الأفريقية".

ويشعر جان جاك أن لومومبا لم يعد ينتمي إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وأفريقيا فحسب، بل إلى جميع أولئك الذين يرغبون في الحرية والكرامة في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أنه لم يلتقِ عمه قط، فإنه يشعر بالسرور لأن ذاكرته وإرثه لا يزالان حيين.

وعلى الرغم من أنه لقي نهاية مأساوية ومدمرة، فإن وفاة لومومبا بالنسبة لجان جاك هي أيضا شيء خلّد اسمه والمعارك التي خاضها.

وقال لومومبا الصغير إنه يجب على القادة الأفارقة تكريم ذكرى أشخاص مثله وآخرين ممن قدموا حياتهم من أجل بناء "أفريقيا متطورة ومشرقة ومزدهرة، مستعدة للتأكيد على مكانتها في محفل الأمم".

محتجون يحملون لافتات مناهضة للبلجيكيين ومؤيدة للومومبا في شارع ويست 51 في نيويورك خارج مبنى أسوشيتد برس في 11 فبراير/شباط 1961 قبل نشر مقتل لومومبا (أسوشيتد برس) إرث لومومبا الخالِد

بعد مرور أكثر من 6 عقود على مقتل لومومبا، تعاني جمهورية الكونغو الديمقراطية من أزمات متعددة، سواء من التمرد المسلح إلى استخراج الموارد والفقر.

وعلى الرغم من أن الكونغو دولة تتمتع بثروات طبيعية هائلة، فإنها لم تجد طريقها إلى غالبية الشعب الكونغولي، وهو ما يعزوه عديد في البلاد إلى الاستغلال المستمر من القوى الداخلية والخارجية.

إعلان

ويعتقد دانيال ماكاسي، المقيم في غوما، أن الاستعمار الذي كان لومومبا مصمما على محاربته لا يزال مستمرا، رغم أنه يظهر بطرق مختلفة اليوم.

وقال للجزيرة: "اليوم، هناك عدة أشكال من الاستعمار لا تزال مستمرة من خلال الشركات متعددة الجنسيات التي تستغل الموارد في جمهورية الكونغو الديمقراطية ولا تفيد المواطنين العاديين".

وأضاف أن الأفارقة بحاجة إلى توجيه روح لومومبا لوقف هذا الاستعمار الجديد بقدر الإمكان، حتى يتمكنوا من التمتع بكامل ثرواتهم الطبيعية.

وقال ماكاسي إن لومومبا كان قادرا على تحويل البلاد في فترة زمنية قصيرة، مما جعل الكونغوليين "أكثر فخرا"، وهذا يجعله "خالدا"، داعيا الناس إلى الاقتداء به.

ويوافق آخرون على أن الأجيال القادمة مدينة للومومبا "بديْنٍ لا يُقاس" لما بدأه.

وقال مويس كوميومبي، أحد سكان مدينة غوما: "بالنسبة لي، يُعد باتريس إيميري لومومبا رمزا للمقاومة ضد القوى الإمبريالية"، مذكرا بخطاب يوم الاستقلال في يونيو/حزيران 1960 الذي اعتبره البلجيكيون "هجوما شرسا"، لكنه لا يزال يُلهم عديدا من الأفارقة حتى يومنا هذا.

وقال كوميومبي "لقد ألهمنا أن نبقى وطنيين وحماية وطننا ضد جميع أشكال الاستعمار"، مذكرا نفسه بأن عمل لومومبا لم ينتهِ بعد.

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: إسرائيل تسعى لإطالة الصراع لتحقيق مكاسب سياسية
  • سياسي: إسرائيل تريد احتلال كل الأراضي المنسحبة منها في بداية التسعينيات
  • بعد الحرب..إسرائيل تريد السلام في غزة لكنها لن تمول إعادة الإعمار
  • غزة تُطيح بكبار قادة إسرائيل.. ما مستقبل نتنياهو؟
  • انقطاع أخبار 3 أتراك بعد دخولهم إسرائيل
  • لومومبا رمز المقاومة وبطل الكونغو الذي قُتل في ذروة شبابه
  • هاليفي: قتلنا 20 ألف عنصر من حماس و4000 من حزب الله
  • عن عدد مقاتلي حزب الله و حماس الذين استهدفتهم إسرائيل.. مسؤول عسكري يكشف الأرقام
  • قادة العالم يهنئون ترامب بعد أدائه اليمين رئيسا لأميركا
  • إعلام عبري: حماس استعرضت قوتها أثناء تسليم الأسيرات الثلاثة بغزة