حصيلة جولة لودريان الخيار الرئاسي الثالث يتقدم
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": يبدو أن الطريق أصبحت سالكة سياسياً أمام التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وهذا ما يكمن وراء حملة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على الموفد الرئاسي الفرنسي، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، على خلفية سؤاله عن رأي باسيل في تأجيل تسريح عون من الخدمة لمدة 6 أشهر للحفاظ على الاستقرار في المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة وتنسحب تداعياتها على لبنان، وهذا ما أدى إلى اقتصار لقائهما على دقائق قليلة ليرخي ذيوله على هذا السجال الساخن لاحقاً.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن الخلاف بين باسيل ولودريان سرعان ما احتدم لدى سؤاله عن التمديد للعماد عون الذي يلقى تأييداً من أكثرية الكتل النيابية والنواب المستقلين، بينما لا يمانع «حزب الله» التمديد له، وهذا ما سمعه من رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عندما التقاه قبل أن يتوجه إلى مقر «التيار الوطني الحر» للقاء باسيل.
ومع أن لودريان، كما يقول النواب الذين التقوه، لم يطرح التمديد للعماد عون بتكليف من الرئاسة الفرنسية، بمقدار ما أنه ينمّ عن مشيئة دولية – عربية - محلية لا ترى مبرراً لإنهاء قيادته للمؤسسة العسكرية، وأن هناك ضرورة لإبقاء آخر مؤسسات الدولة اللبنانية وعدم تعريضها لأي اهتزاز يؤدي إلى القلق على الوضع الأمني، وامتداداً على قوات «يونيفيل» العاملة في جنوب لبنان، وعلى رأسها الوحدة الفرنسية التي تشكل رأس حربة في مؤازرتها للجيش اللبناني في تطبيق القرار 1701.
ونقل النواب عن لودريان قوله إن التمديد للعماد عون يحظى بتأييد جميع الأطراف باستثناء فريق سياسي واحد، من دون أن يشير بالاسم إلى هذا الفريق، ليعود لاحقاً للإفصاح عن هويته بعد أن سبقوه لكشف اسمه والمقصود به باسيل.
وأكد النواب، بحسب ما سمعوه من لودريان، أن هناك ضرورة لتطبيق القرار 1701 لقطع الطريق على توسّع رقعة التوتر في قطاع غزة لتشمل جنوب لبنان، من دون أن يتطرق إلى تعديله، مكتفياً بتكرار تحذيره من المس باستقرار المؤسسة العسكرية في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة للحفاظ على دورها وتعزيزه لتكون على أهبة الاستعداد لمواجهة التطورات، وتحديداً في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب في غزة التي تفتح الباب أمام انطلاق مفاوضات على المستويين الدولي والإقليمي لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة.
وفي هذا السياق، لفت النواب إلى أن لودريان يؤيد الرأي القائل بترحيل تعيين قائد للجيش إلى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية، وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنه يلح على ضرورة الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، لأنه من غير الجائز أن يبقى كرسي الرئاسة شاغراً في حال أن المفاوضات انطلقت لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، خصوصاً أن لا أحد ينوب عن رئيس الجمهورية للجلوس عليه.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
التمديد الثاني لقائد الجيش حتمّيٌ
يوم توافق رئيس مجلس النواب نبيه بري مع نواب "الجمهورية القوية" على التمديد للقادة الأمنيين وتمّ تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون لمدة سنة لم يكن أحدٌ يتصوّر أن لبنان سيتورط في حرب غير الحروب السابقة. ولم يكن أي من المسؤولين، وبالأخص في قيادة "حزب الله"، يتوقع أن تتمادى إسرائيل في عدوانها الوحشي بهذا الشكل غير المسبوق، إذ لا يمرّ يوم إلاّ ويسقط عشرات الشهداء من أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق أخرى يلجأ إليها النازحون كبلدة علمات في منطقة جبيل مثلًا. ولم يكن أحد يتخيّل أن تطول هذه الحرب، وهي تقترب إلى أن تطوي يومها الخمسين من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر حلّ ممكن ومتاح بغير الشروط الإسرائيلية، التي يتم تسريبها من حين إلى حين، والتي لم يتبلغها لبنان رسميًا لكي يبنى على الشيء مقتضاه، مع العلم أنه لا يمكن القبول بها مهما اشتدّت الضغوطات، ومهما كابر جميع المتورطين في هذه الحرب، التي تزداد كلفتها الباهظة يومًا بعد يوم.
ويعتقد المراقبون أن الحرب، وإن بدت من دون أفق محدّد، ستنتهي في يوم من الأيام. فلا إسرائيل قادرة على الاستمرار في مقارعة المجتمع الدولي والامعان في تحدّيه، ولا "حزب الله" قادر على التعايش مع هذا الواقع التدميري والتهجيري على رغم كل الكلام الذي يصدر عن مسؤوليه، والذي يصبّ في خانة رفع المعنويات. وبانتهاء هذه الحرب، عاجلًا أم آجلًا، على أساس القرار 1701، سواء أكان معدلًا أو بصيغته القديمة، فإن مسؤولية الأمن في جنوب الليطاني سيتولاها الجيش بالتنسيق والتعاون مع قوات "اليونيفيل، بعد أن يتم رفده بالمزيد من العناصر ومدّه بما يحتاج إليه من معدّات وآليات تمكّنه من فرض الأمن في هذه المنطقة، التي ستشهد حتمًا عودة أهاليها إليها على رغم أن معظم منازل "قرى الحافة" قد انهارت بفعل ما تعرّضت له من قصف تدميري هائل.
ولكي يستطيع الجيش أن يفرض سلطة الدولة وحدها دون سواها على تلك المنطقة يحتاج إلى أمرين يكمّل أحدهما الآخر بما يتناسب مع دقة المرحلة، التي تمرّ بها البلاد، وهي من أخطر المراحل في تاريخها. الأمر الأول هو أن يُعطى الجيش صلاحيات استثنائية لممارسة دوره على أكمل وجه. وهذه الصلاحيات لا يمكن أن تُعطى إن لم يسبقها توافق سياسي يقرّ بأن تُطلق يد الجيش الوطني لإعادة الأمن والاستقرار إلى هذا الجزء الجريح من الوطن، والذي لا يزال ينزف.
ولكي يستطيع الجيش القيام بما هو مطلوب منه وبما يُنتظر منه من مهام أساسية في بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وبالأخصّ في المنطقة الجنوبية، التي تحتاج أكثر من أي منطقة أخرى إلى من وما يساعدها لاستعادة أمنها وراحة أهلها، لا بدّ من أن تكون قيادته متعافية، من حيث الشكل، إذ لا يعقل أن توكل إلى هذه المؤسسة الوطنية كل تلك المهام الكبيرة من دون أن تكون قيادتها مكتملة المواصفات من حيث تراتبية المسؤولية الإدارية. وهذه المسؤولية تحتمّ على جميع القوى السياسية التوافق على التمديد الحتمي لقائد الجيش، لأن لا بديل متاحًا أمامها سوى هذا الخيار في ضوء استحالة تعيين قائد جديد بالأصالة، ولأن البدائل الأخرى لم ينجح تسويقها قبل سنة من الآن فكم بالحري اليوم.
لذلك فإن التمديد للعماد عون هو الخيار الوحيد المتاح والممكن في هذه الظروف الصعبة حتى ولو لم يستطع مجلس النواب أن يلتئم لألف سبب وسبب فإن آلية التمديد لرؤساء اللجان النيابية قد تنطبق على أي قرار آخر، وبالأخص على مسألة التمديد بكل مندرجاته القانونية والدستورية.
فما يصحّ هناك يصحّ هنا. وما كان جائزًا بالأمس هو أكثر الحاحًا اليوم. المصدر: خاص "لبنان 24"