استئناف العدوان على غزة.. وحرب الإعلام الرقمي
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
نتيجة للتحولات الطارئة لمواكبة العصر الرقمي لما أحدثه من انتشار واسع جراء استخدام تقنية الإعلام الرقمي، ودون إدراك أن تلك التقنية ستكون سلاحاً جديداً من قبل الدول الكبرى أطلق عليه (الحرب الناعمة)، ليحل محل السلاح التقليدي بهدف السيطرة على دول العالم الثالث، إذ لم تعد الجيوش وحدها تقرر مصير الحروب، ورجحان أحد الأطراف المتقاتلة، إنما بالمعلومات التي يملكها كل طرف حول الطرف الآخر ومدى سرعة انتشارها وتأثيرها.
وقبل ظهور الإعلام الرقمي كان الإعلام يتطلب امكانات مادية باهظة ما جعله محصوراً بيد الدول والحكومات والاحزاب والجماعات أو الشركات.. فعمل الغرب على إيجاد وسائل مباشرة للتواصل مع الشعوب بدلا عن الإعلام التقليدي..
ومما يكشف ذلك المخطط ما أشار إليه التقرير رقم (1352) الصادر في 1964/4/27، الذي تمت مناقشته في دورة الكونجرس الأمريكي الـ (88)، والذي أكد في مضمونه على «تحقيق مكاسب وأهداف سياسية خارجية، من خلال التعامل مع الشعوب الأجنبية بدلاً عن الحكومات باستخدام أدوات وتقنيات الاتصال الحديثة، مع إمكانية القيام بإعلامهم والتأثير في اتجاهاتهم، بل وجرفهم وجبرهم على سلوك معين، يؤدي في النهاية إلى ممارسة ضغوط حاسمة على حكوماتها، وهذا ما ظهر في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد الإعلام الرقمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي: الفيس بوك، وتويتر وواتس آب وغيرها”، والتي لعبت دوراً مؤثراً، تمثل في قدرة وسائل التواصل الرقمية على تشكيل الاتجاهات وتوفير عوامل الاستقطاب للتأثير على المواطن، وفي ساحات مفتوحة الحوار، بهدف زعزعة أمن واستقرار الدول العربية والإسلامية المناهضة لسياسة الهيمنة والاستكبار العالمي، حيث تصدرت مواقع التواصل فيس بوك ذلك المشهد، وقد كشف تقرير حول شبكات الهاتف المحمول عن زيادة كبيرة في استخدام الفضاء الرقمي، حيث وصل مستخدمو فيس بوك الى ما يقارب 3 مليارات في العالم يليه يوتيوب ووتس آب بأكثر من ملياران، فيما كان التويتر اقل من بين تلك الوسائل حيث وصل لأكثر من نصف مليار فقط..
وقد تحول الفيس بوك وتويتر من الشؤون الاجتماعية إلى الاهتمامات بالشؤون السياسية للدول، وأصبحت الصفحات السياسية تفوق الصفحات الرياضية والفنية فيما لم تدرك الحكومات مستوى وحجم المسؤوليات لرعاية الفئات العمرية الحرجة من الشباب، فتم استغلال تقنيات التكنولوجيا والبطالة؛ ليجد الشباب فيه متنفساً للتعبير عن آرائهم السياسية التي لا يستطيعون الجهر بها في العالم الواقعي الذي يعيشونه، غير مدركين لإبعاد ومرامي تلك المخططات الخبيثة التي تستهدف هوية الأمة..
ليكتشف الجميع الحقيقة مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في معركة طوفان الأقصى مع بروز مشكلة تراجع نسبة المحتوى المندد بالمجازر والإبادة الجماعية ووحشيتها وبشاعتها ضد المدنيين في غزة بوصفها جرائم حرب..
وبالتزامن مع استئناف عدوان كيان الاحتلال الصهيوني واستمرار حرب الإعلام الرقمي مع تلك الحرب العدوانية بحجب التدوينات الداعمة والمساندة للشعب الفلسطيني، لارتكاب المجازر الوحشية وعزل غزة عن العالم الأمر الذي يخالف حرية التعبير ويعد تحيزا سافرا من الشركة الامريكية المملوكة لمارك اليهودي.. وفي إطار حملة التسويق للرواية الإسرائيلية.. في محاولات سافرة لحجب الحقيقة التي هزت العالم والرأي العام الدولي..
والكارثة أن تلك السياسة العمياء، مسنودة بقانون الاتحاد الاوروبي الجديد الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي.. ما يشكل تحيزا كليا متعمداً من قبل هذه الشبكات.. وهو ما يثبت زيف وكذب الادعاءات المغلفة بالديمقراطية وحرية التعبير وسقوط هذه الشبكات أخلاقيا في التحكم لصالح سرديات مضللة في الوقت الذي كان يفترض بها الحياد..
وكانت تلك المواقع قد بدأت حربها الرقمية من خلال تحيزها في الحرب الروسية الأوكرانية لصالح اللوبي الصهيوني في أوكرانيا، وما تلا ذلك من مصادرة لحق العرب والمسلمين وغيرهم من أحرار العالم في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم من خلال ممارسة حجب وتقييد الوصول إلى المحتويات التي تصب لصالح فلسطين وغزة.. فضلاً عن الفرز الانتقائي العنصري للمحتويات وتسهيل انتشار الأكاذيب التي تروج للروايات الإسرائيلية.. ومحاصرة الحسابات الداعمة والمؤثرة في إظهار حقيقة الحرب الصهيونية على غزة، والتي استهدفت المنددين بالجرائم الصهيونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتيك توك ويوتيوب..
مما أجبر الداعمين لحقيقة ما يجري في قطاع غزة إلى اللجوء إلى منصات X وتيك توك، ويوتيوب بسبب القيود الشديدة التي فرضها فيس بوك على مستخدميه.. فيما ظل مستخدمو فيسبوك يواجهون تلك الانتهاكات من خلال ما عرف بالخوارزميات..
وقد لاحظ مستخدمو فيس بوك تعنت الموقع تحت مبررات واهية منها أنها تحذف محتوى ينتهك سياساتها الخاصة بالصراعات، وذلك من خلال التلاعب بتطبيقات الذكاء الاصطناعي..
وقد لاحظ المتصفحون عدم وجود أو انتشار أي من منشوراتهم الداعمة لفلسطين..
وظهرت خطط الخوارزميات كآلية تتبعها وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم المحتوى المقدم سواء بإظهار منشورات لأشخاص بعينهم تتلاءم مع اهتماماتهم أو بحجب محتوى معين عن آخرين لأسباب معروفة.. بما في ذلك تحجيم المشاهدات..
وقد تم ابتكار طرق للتحايل على الخوارزميات، كأن تكتب حروفاً متقطعة أو تكتب بعض حروفها بالانجليزي مثل كلمة غ zة لتجنب حظر المحتوى أو ترك مسافة بين حروف الكلمة وربما الفصل بين الحروف بفاصلة أو علامة معينة أو كتابة الكلمة بدون نقاط..
والخوارزميات فكرتها لو أن شخصاً لديه 5 آلاف متابع سيصل منشوره إلى 50 شخصا وإذا حصل تفاعلاً أكثر سيصل لعدد أكبر.. وهناك كلمات لدى الذكاء الاصطناعي لأسباب معينة يتم ادخالها لتحجيم المحتوى المراد من خلال تلك الكلمات وفي أحيان أخرى حجبه.
يبدو أننا كعرب ومسلمين نصدم بحرب رقمية خطط لها الغرب بذكاء للوصول إلى هذه النتائج بحيث يكون قادراً على تطويع تلك التقنية لصالحه لأنه يمتلكها ويسيطر عليها لعزل خصومه عن العالم.. وهو ما يتطلب منا البحث عن البدائل الممكنة والمتاحة لمواجهة الحرب الرقمية والعمل على امتلاك وسائل وتطبيقات خارج نطاق سيطرة العدو، وصولاً للتحرر من الوصاية الغربية على الإعلام في الفضاء الرقمي..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
قالت صحيفة "الغارديان" تقريرا إن أنظار العالم ظلت متركزة على الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكن وحشية الحرب تنتشر في أماكن أخرى من العالم.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21" أن الشعور المنتشر هذه الأيام هو أن العالم أصبح مكانا خطيرا، لكن هل هذا صحيح؟ لا تساعد المقارنات التاريخية للإجابة على هذا السؤال، بحسب التقرير.
يشير التقرير إلى أن القراءة الأخيرة لـ"ساعة القيامة"، والتي تقدم إجراءات رمزية لاقتراب الكوارث الدولية وفق مجموعة من علماء الذرة الدوليين، أن الساعة الآن هي عند 89 ثانية قبل منتصف الليل، مشيرة إلى التهديدات الناجمة عن تغير المناخ والأسلحة النووية والذكاء الاصطناعي. حيث تقدمت ساعة القيامة مرة أخرى أقرب إلى منتصف الليل وسط تلك التهديدات.
وكانت الساعة تشير إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل خلال العامين الماضيين.
وقال دانييل هولز، رئيس مجلس العلوم والأمن في "مجموعة القيامة" التي أسسها ألبرت أينشتاين ويوليوس روبرت أوبنهايمر وعلماء مشروع مانهاتن في شيكاغو عام 1947: "عندما تكون على هذه الهاوية، فإن الشيء الوحيد الذي لا تريد القيام به هو اتخاذ خطوة إلى الأمام".
والمهم من تحذيرات العلماء هي أن التهديدات هذه لم تعد تدار بطريقة جيدة. وعززت الكوارث الطبيعية والصحية، مثل حرائق لوس أنجلوس، والجفاف بمنطقة الساحل، واندلاع مرض إيبولا، من مفاهيم أن العالم يخرج عن السيطرة.
ويقول تيسدال إن التصرفات التخريبية للدول والحكومات هي عامل مهم في زعزعة استقرار العالم، من خلال ميلها المتزايد إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والحدود الدولية وحقوق الإنسان الأساسية والمحكمة الجنائية الدولية.
فعندما يهدد الرئيس الأمريكي الذي يعد تقليديا الحارس الرئيسي للنظام القائم على القواعد والذي أنشئ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، بمهاجمة حليف في أوروبا الغربية عسكريا للاستيلاء على أراضيها ذات السيادة، فلا عجب أن يشعر الجميع بمزيد من غياب الأمن. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما يفعله دونالد ترمب في محاولته ترهيب الدنمارك لتسليم غرينلاند.
ويواجه جيران ترمب في بنما والمكسيك وكولومبيا وكندا ترهيبا مماثلا.
وقامت المنظمة غير الربحية "أماكن النزاعات المسلحة وبيانات الأحداث" المعروفة باسها المختصر "أكليد" بإعداد معلومات وتحليلات للمساعدة في تتبع العنف والتخفيف منه.
وتشير التقديرات إلى أن الصراعات العالمية تضاعفت على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن حوادث العنف السياسي في عام 2024 زادت بنسبة 25% عن عام 2023، وأن واحداً من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم عانى من الحرب.
وبهذه المقاييس، فإن الاعتقاد بأن العالم أصبح أكثر خطورة مبرر تماماً.
وفي حين تحظى بعض الحروب، مثل الحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية، باهتمام إعلامي ضخم، فإنها تشكل استثناءات.
فمعظم الصراعات الحالية، سواء كانت تنطوي على حروب وغزوات في السودان والكونغو، أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في أفغانستان والتيبت، أو حرب العصابات في هاييتي وكولومبيا، أو المجاعة الجماعية في اليمن والصومال، أو القمع السياسي في نيكاراغوا وبيلاروسيا وصربيا، لا تحظى بالتغطية الكافية أو يتم نسيانها أو تجاهلها.
وتحتاج الحروب المتطورة كتلك بين الصين وتايوان، والولايات المتحدة- إسرائيل وإيران إلى اهتمام قريب. وكل هذه النزاعات تقدم صورة رهيبة عن عالم أصبح مدمنا على الحرب.
الكونغو- رواندا
ولو ألقينا نظرة خاطفة على حالة العالم الحالية والحروب المندلعة فيه فإننا نرى أن الحرب قد اندلعت وتطورت بشكل كبير بين رواندا والكونغو.
فالحرب المستمرة على الحدود بين البلدين أصبحت في مركز الأخبار عندما دخلت القوات الرواندية ومجموعات المتمردين المعروفة باسم "أم23" مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث اتهمت الأمم المتحدة الرئيس الرواندي بول كاغامي بتوجيه ودعم "أم 23" وإرسال قواته إلى داخل الأراضي الكونغولية.
وفي قلب النزاع صراع على المصادر الطبيعية في منطقة فقيرة من الكونغو، فهي غنية بخام كولتان المطلوب بشدة في الغرب.
ففي الوقت الذي أدى الهجوم الأخير إلى جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي، شجبت فيها فرنسا وبريطانيا رواندا ودعمت الولايات المتحدة سيادة الكونغو على أراضيها، وأعلنت ألمانيا دعمها لرواندا، إلا أن الخطوات هذه متأخرة، وبخاصة أن الاتحاد الأوروبي وقع اتفاقية استراتيجية للمعادن مع نظام كيغالي. كما يأتي شجب بريطانيا فارغا، فقد اعتبرت الحكومة السابقة في لندن نظام كاغامي بأنه نموذج يمكن نقل طالبي اللجوء السياسي في بريطانيا إليه. وأكثر من هذا فالنزاع في الكونغو مستمر منذ عقود.
ميانمار
وهناك النزاع في ميانمار، فقد شهد العام الماضي مقاومة مسلحة للمجلس العسكري الذي أطاح بحكومة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سوكي عام 2021.
ورد الجنرالات بما أسمته منظمة هيومان رايتس ووتش بأساليب "الأرض المحروقة". وتشمل هذه الضربات الجوية العشوائية ضد المدنيين والقتل والاغتصاب والتعذيب والحرق العمد "التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وتقول الأمم المتحدة إن ميانمار في" سقوط مستمر" حيث سيحتاج 20 مليون شخص إلى المساعدة في عام 2025.
وتم فرض التجنيد الإجباري على الشباب والأطفال باستخدام عمليات الاختطاف والاحتجاز.
ولا تزال أونغ سان سوكي قيد الاعتقال، وهي واحدة من 21 ألف سجين سياسي. ولا يزال المدنيون من أقلية الروهينغا المسلمة مستهدفين في ولاية راكين.
ويظل السياق الأوسع للنزاع في ميانمار هو فشل مجموعة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" للرد على هذا الكابوس وتسامح الصين مع النظام العسكري، فيما تورد روسيا السلاح للنظام العسكري.
هاييتي
وفي هاييتي، التي توصف بأنها أفقر دولة في الجزء الغربي من الكرة الأرضية، ولديها سمعة بأنها غير محكومة، حيث فشلت سلسلة من التدخلات الخارجية قادتها أمريكا بتحقيق الاستقرار.
واحتلت امريكا البلد فعليا ما بين 1915 و 1934. وفي آخر تدخل أمريكي أرسل بيل كلينتون في عام 1994 20 ألف جندي لفرض النظام، ولم يستمر ذلك إلا لفترة مؤقتة، وجاءت قوات الأمم المتحدة وخرجت.
ودخلت هاييتي في الفوضى بعد مقتل الرئيس جوفينل مويس عام 2021 وسيطرت العصابات المسلحة على البلد. وآخر مساعدة خارجية جاءت من كينيا. وقتل في الفوضى الحالية أكثر من 5,300 شخص وشرد 700 ألف شخص.
إثيوبيا- الصومال
أما النزاع الصومالي- الإثيوبي، فقد تعرضت صورة إثيوبيا كنموذج للمساعدات الدولية وجهود التنمية لإعادة مراجعة كبيرة في السنوات الأخيرة، وتزامنا مع صعود رئيس وزرائها، آبي أحمد، إلى السلطة في عام 2018.
ولم يتم حتى الآن تقديم محاسبة كاملة وعلنية للحملة العسكرية المدمرة التي شنها آبي أحمد في إقليم تيغراي الشمالي والتي انتهت بهدنة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وقد ساءت سمعة إثيوبيا والقوات الإريترية المتحالفة مع متمردي التيغراي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة.
وتتواصل هذه في ظل آبي أحمد إلى جانب تراجع الديمقراطية وقمع حرية التعبير ومنع الإنترنت إلى جانب النزاع مع الصومال بشأن الوصول إلى مياه البحر.
كما يزداد القلق بشأن منطقة أمهرة الإثيوبية، حيث تتصاعد أعمال القمع والاعتقالات واسعة النطاق لمعارضي الحكومة وسط صراع مستمر مع الجماعات المسلحة.
إيران
في إيران فإن نظام الحكم عانى من ضربات موجعة في عام 2024، وخسر عددا من حلفائه في لبنان وسوريا. ويواجه النظام عددا من التحديات المحلية، وليس أقلها السكان وغالبيتهم من الشباب الغاضبين بشكل متزايد على الفساد والعنف والقمع ومن العجز الحكومي. وشهدت إيران خلال الـ 15 عاما الماضية ثلاث انتفاضات واسعة، عام 2009 و2019 و 2022.
تركيا- سوريا
وعلى الحدود التركية- السورية هناك تغيرات كبيرة، فقد استطاعت هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع الإطاحة بالرئيس بشار الاسد، حليف إيران وسوريا. ورغم ترحيب الغرب ودول الخليج بالتغيير إلا أن الخطوات تجاه إعادة تأهيل النظام الجديد بطيئة. ولكن الوضع الأمني لا يزال هشا في البلد وبخاصة المواجهات بين جماعات الأكراد المدعومة من أمريكا وتلك التي تدعمها تركيا.
السودان
وفي السودان، عادة ما يشير المعلقون الصحفيون إلى الوضع الأمني والكارثة الإنسانية هناك بأنه "النزاع المنسي"، والحقيقة هو أنه أسوأ، فهو ليس منسيا لكن تم تجاهله منذ الفوضى في عام 2023.
نزح الملايين من مدنهم ومجتمعاتهم وانتشرت المجاعة نتيجة للنزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث تتهم الأخيرة بارتكاب إبادة جماعية بدارفور واستخدام العنف الجنسي كوسيلة حرب هناك.
وربما انتهى التجاهل الدولي للسودان في عام 2025، ويقول مدعى الجنائية الدولية، كريم خان إنه سيسعى إلى اعتقال المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وفظائع أخرى في دارفور على افتراض أنه يمكن القبض عليهم.
وبمعنى ما، يعيد التاريخ نفسه. في عام 2003، أصبحت دارفور مرادفة للإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد، سلف قوات الدعم السريع. مع أن وقف الحرب الأوسع في جميع أنحاء السودان أكثر تحديا.
باكستان- أفغانستان
وعلى جبهة باكستان وأفغانستان، فقد كان تخلي المجتمع الدولي عن أفغانستان لصالح طالبان في عام 2021 مخزيا ومكلفا سياسيا. وخسرت النساء والفتيات الأفغانيات، اللائي تعرضن مرة أخرى لمنعهن مرة من الحريات الشخصية والحق في التعليم وتولي الوظائف.
وفي الأسبوع الماضي، اتخذت المحكمة الجنائية الدولية خطوات لمعالجة هذه الانتهاكات، حيث أعلنت أنها ستسعى إلى اعتقال كبار قادة طالبان مثل هيبة الله أخوندزاده وعبد الحكيم حقاني بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد على أساس الجنس، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم.
ويظل منظور الاستقرار في أفغانستان عام 2025 موضع شك، حيث تعاني الدولة من الفقر.
كما تبدو باكستان المجاورة غير مستقرة إلى حد كبير بعد عام من الاضطرابات السياسية التي تركت رئيس الوزراء السابق الشعبي عمران خان في السجن وسياسي مدعوم من الجيش، شهباز شريف، في السلطة.
اليمن
في اليمن، وصف البلد بأنه أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم، وربما لا يزال كذلك، على الرغم من الأهوال المتزايدة في السودان.
ولكن منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تحول الاهتمام العالمي بعيدا عن الأزمة المحلية في اليمن إلى الحوثيين. لقد أثارت هجماتهم الصاروخية على السفن الغربية في البحر الأحمر، وعلى "إسرائيل"، دعما لشعب غزة، أعمالا انتقامية من الولايات المتحدة وبريطانيا وآخرين. وبعد وقف إطلاق النار في غزة، توقفت هجمات الحوثيين ضد السفن، لكن الحرب الأهلية الأوسع مستمرة.
الولايات المتحدة- المكسيك
وأخيرا هناك النزاع الأمريكي- المكسيكي، وكأن المكسيك بحاجة للمزيد من المشاكل فوق ما تعاني. فعسكرة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ومطالبه الصبيانية بإعادة تسمية خليج المكسيك بخليج أمريكا، من المؤكد أنها ستجعل الأمور أسوأ.
وقد حذر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الأسبوع الماضي من أن "استخدام ترامب الأساليب العقابية للهجرة سيثقل كاهل دولة المكسيك بمزيد من الأعباء ويعرقل النمو الاقتصادي الإقليمي ويثري العصابات الإجرامية"، مما يجعل البلدين أقل أمانا وأقل ثراء. كما أن سياسة ترامب القائمة على "البقاء في المكسيك" للمهاجرين قد تزعزع استقرار البلد في وقت تعهدت فيه الرئيسة الجديدة كلوديا شينباوم ببداية جديدة.