استراتيجية جبهات محور المقاومة.. اليمن نموذجًا
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
انطلقت معركة طوفان الأقصى الاستثنائية في السابع من أكتوبر، لكن طوفان محور المقاومة زادها زخمًا مع جرأته على محاربة الاستكبار العالمي بكل أشكاله وأحجامه.
محور المقاومة واستراتيجيات انتصاره
خاض محور المقاومة معاركه في مواجهة معظم أقوى الجيوش سواء عبر الأدوات التقنية أو البشرية، وهنا لا نتحدث عن شعارات بل عن وقائع ملموسة لا يمكن إلا التوقف عندها في مختلف الساحات وصولًا إلى يومنا هذًا.
بتوفيق من الله يسير محور المقاومة في درب الانتصارات، ففي العام ٢٠٠٦م كان صمود حزب الله وبقاؤه في الميدان ليصل إلى ما وصل إليه اليوم، وهو أحد أهم انتصارات محور المقاومة نظرًا لما قدمه لاحقًا على مستوى المنطقة برمتها، وتحديدًا في قضية فلسطين التي تسجل صمودًا بطوليًا يُدهش الصديق والعدو في آنٍ معًا.
استكمالًا لثباته وتثبيت انتصارات، كانت المعركة في العراق وسوريا إحدى أهم مراحل مواجهة الأدوات البشرية التي صنعتها معتقلات الغرب ومعسكراتهم بالإضافة إلى من معهم من دول الخليج العربي أو بعض الدول الإقليمية، ثبت محور المقاومة في مواجهة الأدوات الغربية وقدم انتصارات غير مسبوقة أدت إلى بداية استعادة سوريا لموقعها الطبيعي، بالإضافة إلى الحفاظ على العراق وقدراته والعمل على استعادة دوره.
اليمن المنتصر وأهميته الاستراتيجية اليوم
ليس اليمن من قام بعملية اختطاف السفينة التي تعود ملكيتها الكلية أو الجزئية لرجل الأعمال الصهيوني، بل “اليمن المنتصر” هو من نفذ العملية ذات البُعد الاستراتيجي والتي لا تقتصر أهميتها عند مستوى قيمة الحدث المادية، بل الاستراتيجية الكبيرة على الشكل التالي:
١- تحولت معركة طوفان الأقصى من معيار مباشر للصراع بين محور المقاومة والعدو الإسرائيلي إلى صراع دولي يُهدد العالم برمته على مستوى التجارة، الغاز والنفط، الأمن الغذائي وكل ما يتعلق لوجستيًا بمضيق باب المندب أو قناة السويس.
٢- عملية توقيف السفينة عبارة عن رسالة لكل دولة تدعم إجرام العدو الإسرائيلي بأنَّ سفنه عرضة للبأس اليمني المنتصر والذي لا يخشى في الله لومة لائم.
٣- العملية اليمنية أكدت أنَّ القضية الفلسطينية في صلب استراتيجيات ساحات محور المقاومة بغض النظر عن الجغرافيا التي سبق واختصرتها صواريخ ومسيّرات القوات اليمنية.
٤- الرسالة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية التي تعتمد على البترول كمعيار أساسي في ماليتها المتخبطة، خاصة أن الإدارة الأمريكية تؤمن غطاء أمنيًا وسياسيًا دوليًا لجرائم العدو داخل قطاع غزة.
٥- الرسالة للدول المتخاذلة من تلك العربية أو الإسلامية والتي كان ينبغي عليها اتخاذ قرار مُشرف أقله على المستوى الإنساني.
العملية التي حصلت من قبل القوات اليمنية وأهميتها قد تكون في تحريك ورقة متقدمة من ساحات المساندة لطوفان الأقصى، لتؤكد مرة جديدة أنَّ قضية فلسطين في عمق استراتيجيات ساحات محور المقاومة، وأن وحدة الساحات لم تكن يومًا شعارًا بل خيار استراتيجي، وغرف عمليات، وتكتيكات وأدوار يُحدد طبيعتها من هو مؤهل للصراع مع العدو وليس من هو متخاذل.
عن العهد الاخباري
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اليمن مع غزة.. الـمَثَلُ الأعلى
د. شعفل علي عمير
يُعَدّ النضال؛ مِن أجلِ التحرّر والسيادة من القضايا الجوهرية التي تُحدّد هُويّة المجتمعات التي تعاني من الاحتلال أَو الظلم. وفي السياق العربي، يظهر قطاعُ غزة في فلسطين واليمن كنموذجَينِ بارزَينِ يُعَبّران عن الصمود والمقاومة ضد قوى أكبر وأكثر تسليحًا.
ورغم الفروقات الجغرافية والسياسية، فَــإنَّ أوجه التشابه بين الانتصارات التي تحقّقت في غزة واليمن تعكسُ بشكل واضح إرادَةَ المقاومة ورغبة الشعوب في استعادة كرامتها، في ظل ظروف صعبة وتحديات جسيمة.
وتكمن نقطة الالتقاء بين غزة واليمن في شكل المقاومة، حَيثُ اعتمدت غزة على التحام شعبي قوي مع الفصائل المسلحة؛ مما أَدَّى إلى خلق وَحدة وطنية وتماسك اجتماعي، وفي اليمن، نجد أن المقاومة ضد التحالف الدولي بقيادة السعوديّة استمدت قوتَها من تضافر الجهود الشعبيّة مع القوى المحلية، للدفاع عن السيادة الوطنية ضد العدوان الخارجي.
استراتيجيات شعبيّة أكّـدت أن الوحدةَ الوطنية والالتفاف الشعبي قادران على تحقيق الانتصار حتى في أحلك الظروف وعلى الرغم من طول فترة الصراع والمعاناة، أظهر سكانُ غزة واليمن مستوى استثنائيًّا من القدرة على التكيُّف والتحمل. فحصار غزة وحرمانُها من الموارد لم يضعف عزيمة أهلها، وبالمثل، حرمانُ اليمن من موارده والحصار والضربات الجوية على اليمن لم تثنِ الشعبَ اليمني عن مواصلة نضاله اليومي. ويظهر هذا التشابه في صمود مجاهدي غزة والشعب اليمني من خلال قوتهم المستمدة من ثقتهم وإيمَـانهم بحتمية نصر الله سبحانَه وتعالى للمظلومين.
وفي كلتا الجبهتين، نجد استخدامَ تكتيكات الحرب اللامتماثلة التي تمكّنت من تحقيقِ انتصارات كبيرة ضد قوى الاستعمار وقوى العَمالة ممن يسمون عربًا ومسلمين؛ فاستخدمت المقاومة الفلسطينية في غزة استراتيجياتٍ تضمَّنت الأنفاق والصواريخَ المصنّعة محليًّا، بينما لجأت القواتُ المسلحة اليمنية إلى تطوير وتصنيع قدراتها الصاروخية والطيران المسيَّر في الدفاع ومن ثَم في الهجمات العسكرية ضد المعتدين على اليمن ودعم المجاهدين في غزة.
تكتيكاتٌ أثبتت أن الإبداع والقدرة على التكيف يمكن أن يتغلبا على التكنولوجيا العسكرية لدول الاستكبار العالمي، كما تدركُ حركات المقاومة أهميّةَ البُعد الإعلامي والدعم السياسي الدولي في تعزيز مقاوماتها. حاول كلا الطرفين كسبَ تأييد عالمي عن طريق تسليط الضوء على معاناتهم وحقهم في تقرير المصير. وقد نجحوا في كثير من الأحيان في حشد الدعم الجماهيري والتضامن الدولي مع قضاياهم؛ مما أعطى نضالاتهم زخمًا إضافيًّا على الساحة العالمية، وبالرغم من أوجه التشابه هذه، يجب الإشارة إلى أن كلا الشعبين يواجهان تحدياتٍ مُستمرّة، مثل إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي وتأمين احتياجاتهم الضرورية.
يتجاوز الانتصار في غزة واليمن حدودَ الإنجازات العسكرية ليصبحَ رمزًا لإرادَة الصمود والمقاومة في وجه الأطماع الاستعمارية لطواغيت العصر.
انتصارٌ تحمِلُ معهُ رسالةَ أمل وعزيمة لكل الشعوب التي تكافح؛ مِن أجلِ الحق والعدالة، ويؤكّـد أن الحرية والكرامة هما حقان لا يمكن التفريط فيهما، مهما كانت التضحيات، وتبرز تجارب غزة واليمن كنماذج حيّة للصمود أمام الظلم، ومن المؤكّـد أن قصص مقاومتهما ستظل تُلهِمُ الحركات التحرّرية في جميع أنحاء العالم.