ظهر الإسلام الوهابي في المنطقة العربية والإسلامية بصناعة بريطانية ماسونية صهيونية صرفة، مهمته الأساسية هو صناعة أنظمة ومجتمعات الإسلام السياسي الوهابي، أو الإسلام الأمريكي الذي تصفهم إسرائيل اليوم بدول وأنظمة “الإسلام المعتدل”، وتتكاثر فكرة استحسان الإسلام السياسي ويتزايد حضوره بين الناس في ظل غياب الدولة الثورية والمجتمعات الحرة، فمثلا يؤدي غياب الدولة الثورية عن أداء دورها في تحقيق حياة كريمة للمواطنين، بدءًا من كفاية اقتصادية تجعلهم آمنين في عيشهم، وبمعنى أصح وقاية هؤلاء المواطنين من حالة التسول الذليل – الظاهر والخفي – التي استغلتها دول الإسلام السياسي الوهابي كأسوأ ما يكون وكان، خلال القرن الماضي في السعودية تحديدا ودول الخليج عامة، وصولًا إلى منح المواطن كافة حقوقه وإلزامه بالقيام بكافة واجباته، وهي تلك الحقوق والواجبات التي تُشعره بأنه يحيا في دولة العدالة والقانون ومحمي بالقيم والأخلاق والثوابت الدينية والوطنية والإنسانية، لا مجرد كائن زائد عن حاجة سلطات وأنظمة الإسلام السياسي التي تمارس عليه كل أنواع بطشها، بما يجعله مهيئًا نفسيًا للوقوع في قبضة جماعات المصالح وشلل المنافع ولوبيات الفساد، فيكون مزودًا بطاقة غضب جاهزة للانفجار، ولكن الانفجار ضد من يطالب بحقها أو يطالبها بالقيام بواجباتها الأخلاقية، فتقوم جماعات وشلل ولوبيات أحزاب الإسلام السياسي الوهابي بتوظيفها في الوقت التي يحقق مصلحة وخدمة مشغلها الصهيوني، ولو كان ذلك التوظيف يذهب بالناس وشعوب الأمة كلها إلى أتون الفساد والخيانة والعمالة والارتزاق .

.
إذا اردنا محاربة شلل وجماعات ولوبيات أحزاب الإسلام السياسي، والذي تديره منظومة أنظمة الإسلام الوهابي السعودي، يجب علينا إيجاد نموذج صارخ للدولة الثورية الحرة والمستقلة أولا، ويجب العمل من خلال هذه الدولة وفق استراتيجية واضحة ومنهج سليم ورؤية صحيحة تصب جميع مخرجاتها وتتعاضد لتحقيق أهداف القيادة الثورية الحرة والشريفة والتي تسعى لتحقيق كافة أهدافها الثورية الحرة والمستقلة، هذا ما يحقق بناء الدولة الحرة والمستقلة أولا وأخيرا، ويساعد ثانيا على بناء مجتمع ذات قيم وأخلاق ووعي ومشروع حر وشريف بعيد عن حاجته لفهلوة جماعات وشلل ولوبيات أحزاب الإسلام السياسي المتصهين، أو ان يضيع تحت لعنة مال وإغراءات الإسلام الوهابي الذي كان بالأمس يجز الرؤوس والرقاب ويكفر الصغير والكبير لأن عقيدتهم باطله و أصبح اليوم يفتتح للناس المراقص والبارات ومهرجانات المجون وحفلات المثلية الجنسية..
لهذا عندما يغيب نموذج الرؤية الثورية في الدولة فإن ذلك يؤدي إلى ترهل مجتمع الدولة وانهيار عصبها الأخلاقي اجتماعيا وإداريا، لأن عمل شلل وجماعات ولوبيات وأحزاب الإسلام الوهابي وببساطة شديدة معتمد على خلط وتخليط التخصصات والمهام وتتعدد المسؤوليات والقرارات الملزمة بتوفيرها مؤسسات الدولة كحقوق من جهة وبين أداء الناس لواجباتهم أمام الدولة والأمة من جهة أخرى، حتى يصل الانتهازي والفاسد والفاشل ليهيمن على سلطة القرار مُستغلا وجوده بالقرب من مركزية إصدار القرار نفسه، ومنهم من يستغل سطوته وقوته من قربه للمركزية الإدارية والسياسية والاقتصادية حتى أصبح يتحكم في من هم أرفع منه منصبا واكبر منه فئة واكبر منه درجة ليحدد لهم هو قراراتهم ومواقفهم وفقا للمزاج الشخصي وليس للرؤية ولا حتى للأخلاق أو للقانون..
من هذا الباب الصهيوني الملعون قد تجد صاحب القرار يقوم بالاعتماد على هؤلاء المستغلين والانتهازيين والفاشلين والفاسدين، وبالتالي الموافقة لهم على إصدار بعض القرارات من دون أدنى معرفة بالقرار وخفاياه وطريقة صناعة ذلك القرار والهدف الحقيقي والمصلحي والمهني من وراء هذا القرار، وربما قد يكون ذلك القرار سببا رئيسيا في هدم وانهيار المنظومة الدينية والسياسية والأخلاقية والإدارية والاجتماعية والفكرية لمشروع صاحب القرار الثوري نفسه، ومن هنا لابد اليوم أن تبنى قرارات صاحب القرار على أساس سليم وخطة استراتيجية واضحة المعالم وملبية للأهداف العامة والخاصة للقيادة الثورية، وأن تكون قائمة على أساس علمي وعملي – ديني ووطني وإنساني – وليس مبنيا على المزاج العقلي والميول القلبي الذي يلبى مصالح ونشاط شلل وجماعات لوبيات أحزاب الإسلام السياسي الوهابي، فمن الأسباب الرئيسية لاستمرار الفشل والفساد الإداري هو العمل وفق المزاج ومصالح القلوب، وكذلك العمل بدون خطة ولا رؤية أو أهداف تخدم المجتمع وتشعره بالطمأنينة بأن هناك دولة قوية تحمي حريته واستقلاله من جهة، ومن جهة أخرى دولة عدالة اجتماعيه تديرها أيادي كفاءات وعقول واعية متمسكة بالثوابت والمبادئ والقيم الدينية والوطنية والإنسانية..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تحالف حل الدولتين!

من كل قلبى أتمنى أن تنجح المبادرة السعودية الخاصة بتحالف حل الدولتين، فقد كان ذلك هو الهدف الذى كافح الفلسطينيون والعرب من أجله بعد نشوء الصراع مع إسرائيل عام 1948.

الفكرة أكثر من رائعة، خاصة أنها تأتى فى وقت تحظى فيه القضية الفلسطينية باهتمام دولى كبير بسبب الحرب على غزة الأمر الذى صعدت معه على السطح قضية اقامة الدولة الفلسطينية أو تطبيق حل الدولتين باعتباره الحل الذى يقضى على جذور الصراع. ولأن المملكة تأخذ الامر على محمل الجد فقد دعت أواخر اكتوبر الماضى لاجتماع تنفيذى رفيع المستوى لتنفيذ هذا الحل وتقديم جدول جدول زمنى محدد لبناء وإقامة الدولة الفلسطينية. لكن السؤال: هل يكون هذا التحالف الذى لم تتبلور معالمه بالكامل بعد، مجالًا لحسم الموضوع فعلًا أم يكون مجرد فصل جديد من فصول الجرى وراء مطلب لا نملك أدوات تحقيقه؟

سبب التحفظ والذى يعبر عن نظرة تشاؤمية ربما لا يجب أن تسود، الشعور بغياب الإرادة الحقيقية للأطراف الفاعلة دوليًا أو حتى عربيًا، وإسرائيليًا، بالطبع لإقامة مثل تلك الدولة، وعلى هذا الأساس فكلنا أمل أن يكون ذلك الإعلان بداية حقيقية لجهود متواصلة لبلورته ووضعه موضع التطبيق، لا أن يكون مجرد خطوة تم إعلانها والسلام.

نطرح هذا الرأى لأن فكرة التحالف فى الحدود التى تم طرحها بها فكرة تحتاج إلى أفكار تجعلها قابلة للتطبيق وتحديد أليات فعالة للتنفيذ. وعلى سبيل المثال فإن السؤال الطبيعى فى مواجهة هذا الأمر هو كيف سيعمل التحالف؟ هل من خلال وفد يمثل الدول الراعية له يزور الدول المؤثرة دوليًا لعرض الفكرة والحصول على القبول بها؟ ولو حصل فماذا عن موقف الولايات المتحدة وهو معروف مسبقًا وينطلق من عدم الممانعة على أن يتم الأمر من خلال التفاوض بين الطرفين، الإسرائيلى والفلسطيني؟ ليصبح السؤال: كيف سيتم عرض الفكرة التى يتبناها التحالف على الدولة العبرية؟ هل يقوم ذلك الوفد المتخيل أو المفترض بزيارة تل أبيب لعرضها على رئيس الوزراء هناك؟ واذا كانت السعودية صاحبة المبادرة فكيف ستتواصل السعودية مع اسرائيل من أجل بحث الفكرة؟ واذا ما تم هذا التواصل بمشاركة ممثل من السعودية فى المحادثات مع اسرائيل بشأن فكرة الدولتين واقامة دولة فلسطينية وصادفت رفضًا إسرائيليًا فألا يمثل ذلك خسارة تتمثل فى أن السعودية بذلك قدمت تنازلًا ولم تحصل مقابله على شىء! 

طبعًا المتابع لاهتمام السعودية بالفكرة، وموقع المملكة من تطورات الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ككل ممكن يسهل عليه تفهم الأمر. فالمملكة تصر على إقامة دولة فلسطينية، وهو أمر أكد عليه ولى العهد السعودى محمد بن سلمان 18 سبتمبر الماضى خلال افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة الـ9 لمجلس الشورى وكانت كلمات الأمير واضحة، حيث قال إن المملكة لن تتوقف عن عملها الدءوب، فى سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. لكن الملاحظ أيضًا أنه تم ربط ذلك بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل! 

وفى ضوء المحاذير التى أشرنا اليها فإن البعض اعتبر أن مبادرة التحالف الخاصة بإقامة الدولة الفلسطينية ربما تواجه نفس المصير الذى واجهته مبادرة الأمير عبدالله للسلام والتى لم تلق للأسف آذانًا صاغية من إسرائيل رغم أنها كانت وقتها فرصة هائلة لتل أبيب باعتبارها صادرة من دولة قيادية فى المنطقة تمثل رأس العالم السنى. فى كل الأحوال، فإن المبادرة فى مهدها، وسيتحدد مصيرها خلال الشهور المقبلة، على أمل أن تثبت تطورات المستقبل خطأ المشككين ونشهد بالفعل تطبيق حل الدولتين وعلى يد السعودية. 

[email protected]

مقالات مشابهة

  • مبادرات الإمارات في قطاع غزة
  • صعود الميليشيات في السودان: بين ضعف الدولة وتفكك النظام السياسي
  • ماهر فرغلي: ترامب سيكون ضد تيار الإسلام السياسي خلال ولايته الثانية
  • أستاذ علوم سياسية: مصر دولة مفتاحية في محيطها الإقليمي.. وبيئة جاذبة للاستثمار
  • تحالف حل الدولتين!
  • أستاذ علوم سياسية: مصر دولة مفتاحية في محيطها الإقليمي
  • حراك متجدد بعد الانتخابات الأميركية لبلورة تسوية سياسية عمادها الـ1701
  • بن دغر: التكتل الوطني للأحزاب خطوة هامة بأفق أوسع يهيئ لمناقشات سياسية لاستعادة الدولة ويؤسس لعهد جديد
  • الإسلام الحركي
  • فلسطين تنتقل من حركة تحرر وطني إلى دولة مراقبة في منظمة العمل الدولية