تشهد العلاقات البحرينية الإماراتية مرحلة متميزة من التقارب والتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والإعلامي والثقافي، تعززت برؤية قيادة البلدين الشقيقين والزيارات المتبادلة، والتي تثمر دائمًا نتائج إيجابية، وتوقيع اتفاقيات تخدم شعبي البلدين.
وترتبط مملكة البحرين مع دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات تاريخية تمتد جذورها لعقود طويلة، ساعد في نموها وتطورها الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بين البلدين، وهي العلاقات التي تنبع خصوصيتها من وشائج القربى والصلات الحميمة والعلاقات الأخوية المتميزة بين قياداتهما، علاوة على ما يجمع بين البلدين من روابط مشتركة، سواء في إطار مجلس التعاون الخليجي، أو في الإطارين العربي والإسلامي.


وتكتسب هذه العلاقات أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتبنيهما لسياسة خارجية عقلانية ومتوازنة ومعتدلة، وكونهما من النماذج الرائدة على مستوى المنطقة في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتنفيذ سياسات طموحة للإصلاح والتطوير والتحديث، وتكريس دولة المؤسسات والقانون.
وعلى الرغم من تعدد وتنوع مجالات العلاقات البحرينية الاماراتية بشكل عام، إلا أن البعدين السياسي والاقتصادي يحظيان بمكانة مهمة، فقد أنشئت اللجنة العليا المشتركة في العام 2000؛ بهدف إيجاد آليات العمل والمشروعات المشتركة بما يحقق التكامل المنشود، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البحرين والإمارات أكثر من ملياري دولار. تأتي المواقف السياسية للبلدين متطابقة دائمًا إزاء القضايا الإقليمية والدولية، إذ يحرص البلدان على دعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية استنادًا إلى عضويتهما ودورهما الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات.
كما ترتبط مملكة البحرين بدولة الامارات بروابط اقتصادية قوية، تستمد مقوماتها من عوامل التقارب الجغرافي والحضاري بين البلدين وما يجمع القيادتين والشعبين من علاقات متميزة، إذ تشهد العلاقات الاقتصادية تطورًا ملحوظًا في مجالات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتعاون في قطاعات المال والأعمال والسياحة والنفط والطاقة، في ظل تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين على أعلى المستويات، والوفود التجارية والاستثمارية، وإقامة المؤتمرات الاقتصادية والمعارض التجارية المشتركة.
وفي العقد الأخير من هذا القرن، لعبت كل من مملكة البحرين وشقيقتها دولة الإمارات دورًا محوريًا في الدعوة إلى إحلال السلام ونشر ثقافة التعايش، واستثمار الشراكات بين الحضارات والثقافات المتباينة في خدمة الإنسانية، وفي هذا الإطار جاءت الزيارة التاريخية الأولى للبابا فرانسيس بابا الفاتيكان إلى مملكة البحرين بدعوة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله، ورعاه، مطلع نوفمبر المنصرم، وانعقاد ملتقى البحرين للحوار بالتزامن مع زيارة البابا فرنسيس، بمشاركة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، تتويجًا للجهود الكبيرة التي يبذلها البلدان في مجال التسامح والتعايش والحوار بين قادة الأديان والطوائف، وترسيخ قيم الإخوة الإنسانية عبر توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية للعيش المشترك» في مدينة أبوظبي عام 2019 بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر، لتأتي منسجمة في مسارها مع بنود «إعلان مملكة البحرين للتعايش»، الذي تم تدشينه عام 2017 في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية.
وعلى صعيد التعاون والشراكة الاقتصادية، ترتبط مملكة البحرين مع دولة الإمارات بروابط اقتصادية وتجارية قوية، تستمد مقوماتها من عوامل التقارب الجغرافي والحضاري والثقافي بين البلدين، إذ تشهد العلاقات الاقتصادية تطورًا ملحوظًا ونموًا مطردًا في مجالات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الجانبين بشكل ملحوظ عام 2021، وهو ما يُعد إنجازًا كبيرًا ودفعة نحو مزيد من التقدم على صعيد الشراكات والاستثمارات البينية بين القطاع الحكومي والخاص في كلا البلدين.
وانعكاسًا للتوجيهات المحفزة من قيادتي البلدين الشقيقين، وثمرةً لتبادل الزيارات الرسمية على أعلى المستويات، نجحت مملكة البحرين وشقيقتها دولة الإمارات في توقيع عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الثنائية، كان أحدثها ما تم توقيعه من برنامج تنفيذي ومذكرات تفاهم في 9 نوفمبر 2021 في أبوظبي، أمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بهدف وضع إطار لترسيخ وتطوير التعاون الثنائي بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، ويدفع بمزيد من التعاون في القطاعات الحيوية كالطاقة النظيفة والمتجددة، وقطاع التكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والأمن الغذائي، والصحة، والتعليم والسياحة والإعلام وغيرها من المجالات التنموية وقطاعات تمكين المرأة والشباب وتنشئة الأجيال القادمة وإعداد قادة المستقبل.
كما تم التوافق على صعيد آخر متصل، خلال أعمال الدورة العاشرة من اللجنة العليا المشتركة للبلدين التي عقدت في 23 أكتوبر الماضي 2022 في المنامة برئاسة وزيري خارجية البلدين، على تعزيز وتطوير مخرجات الاجتماعات السابقة للجنة العليا من تفاهمات واتفاقيات.
وتتميز مسيرة العلاقات البحرينية الإماراتية بتنوع أطرها واتجاهاتها، لتشمل مجالات التربية والتعليم العالي، العمل وتنمية الموارد البشرية، الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الصحة، الطاقة، النقل والمواصلات والخدمات اللوجستية، التجارة، الاستثمار، أسواق الأوراق المالية، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، التعاون البيئي بشأن تغير المناخ وغيرها، إضافة إلى الشراكة القائمة بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والسياحية والإعلامية والاجتماعية، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال الاتفاقيات الموقعة في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ويمثل التعاون الاقتصادي واتفاقيات التفاهم والتعاون التي تربط بين البلدين ملمحًا مهمًا في مسيرة العلاقات المزدهرة بينهما.
وتولي مملكة البحرين أيضًا اهتمامًا كبيرًا لتعزيز التعاون والتنسيق الأمني والدفاعي مع دولة الإمارات على المستوى الثنائي وفي الإطار الخليجي والعربي، بما يسهم في ترسيخ الأمن والسلم الإقليمي والدولي ويدعم الجهود المشتركة في مكافحة التطرف والإرهاب والجرائم الدولية المنظمة، انطلاقًا من حرص مملكة البحرين على دعم كل جهد يسهم في حماية أمن الدول الشقيقة وصون استقرارها وتأمين سلامتها، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة تعزز من رفاه مواطنيها.
وفيما يتعلق بالاستثمارات هناك آفاق واعدة للتعاون الاستثماري وتبادل الخبرات الفنية والتقنية والمعلومات في العديد من القطاعات، ومنها استكشاف الفضاء وعلوم المستقبل بالتنسيق بين الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء ووكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، وفي مجالات الطاقة المتجددة والأمن السيبراني والاتصالات والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تدعيم الإنجازات الاقتصادية المحققة في إطار مجلس التعاون الخليجي.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا العلاقات البحرینیة التبادل التجاری مملکة البحرین دولة الإمارات مجلس التعاون بین البلدین فی مجالات

إقرأ أيضاً:

"الأوركسترا الإماراتية".. إضافة نوعية للمشهد الثقافي في الدولة

شكل الإعلان عن تأسيس "الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة" إضافة نوعية لتنوع وثراء المشهد الثقافي والفني في الدولة، وتجسيد واقعي لعنايتها بتراثها الموسيقي، والانفتاح على مختلف الأنماط الموسيقية المعاصرة من جميع أنحاء العالم.

وترسخ الخطوة موقع الإمارات الرائد على مستوى القطاع الثقافي في المنطقة، حيث تحتضن سنوياً رزنامة منوعة من الأحداث الثقافية والفنية، وتعد مركزاً للعديد من المؤسسات الإعلامية والفنية وأحد أبرز الوجهات التي يقصدها كبار الفنانين والموسيقيين من دول العالم. صروح ووجهات وتنضم الأوركسترا الإماراتية إلى قائمة من الصروح والوجهات الفنية والثقافية في الإمارات، حيث تتوج الخطوة جهود الارتقاء بالتنوع الثقافي والفني وتساهم في تعزيز مركز الدولة على خريطة أبرز الوجهات الفنية والثقافية في المنطقة.
وتجسد الأوركسترا سمة الانفتاح الفكري والثقافي الذي يسود المجتمع الإماراتي، ورغبته في تبادل التجارب المعرفة والفنية مع الآخرين، في موازاة اهتمامه بتعزيز هويته الثقافية المحلية وحفظ موروثه الشعبي بمختلف أشكاله.
وكانت الإمارات أعلنت في 13 ديسمبر "كانون الأول" الحالي، عن تأسيس "الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة"، برعاية عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. جسور تواصل واعتبرت نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة دولة، رئيسة مجلس إدارة الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، أن تأسيس الأوركسترا سيساهم في تعزيز الثقافة والفنون المحلية والتعريف بها، وفي مد جسور التواصل مع ثقافات العالم الأخرى، خاصةً أن الأوركسترا ستكون مصدر إلهام ومحركاً فاعلاً ومؤثراً في المجتمعات المحلية والعالمية.
وتعتبر الأوركسترا من أهم الفنون التي تتغلغل في الموروث الثقافي للشعوب للتعبير عن موروثها وقضاياها ومشاعرها الإنسانية الراقية. تاريخ وجاء مصطلح الأوركسترا من الإغريقية والتي كانت تلفظ حينئذ أوركستيكه أو أوركيستاي، أي المسافة بين جمهور المشاهدين وأفراد الجوقة الغنائية في المسارح الغنائية العامة حيث يتمركز العازفون أمام المشهد المسرحي، ومنذ أوائل القرن السابع عشر اكتسبت الفرقة المتعددة الأفراد مصطلح أوركسترا.
وتعرف الأوركسترا بأنها مجموعة من الموسيقيين يعزفون على الآلات الموسيقية معاً، ولها تصنيفان رئيسيان حسب الحجم هما "الأوركسترا السيمفونية" التي قد يصل عدد عازفيها إلى 100 عازف، و"أوركسترا الحجرة" التي تضم عادة من 30 إلى 40 عازفًا.
واكتسبت العديد من فرق الأوركسترا شهرة عالمية ومن أبرزها أوركسترا شيكاغو السيمفونية، وأوركسترا لندن السيمفونية، وأوركسترا كونسيرت خيباو الملكية، وأوركسترا فيينا الفيلهارمونية، وأوركسترا برلين الفيلهارمونية، وأوركسترا لايبزيغ جيفاندهاوس، وأوركسترا سنغافورة السيمفونية، وأوركسترا سانت بطرسبرغ الفيلهارمونية.

مقالات مشابهة

  • المرأة الإماراتية تعزز حضورها بإنجازات فارقة في 2024
  • حصاد 2024.. المرأة الإماراتية تعزز حضورها بإنجازات فارقة
  • رغم إجازة المرض.. جلالة الملك يحرص على استقبال الرئيس الموريتاني لتأكيد متانة العلاقات بين البلدين الجارين
  • مفتي الجمهورية يستقبل سفيرة مملكة البحرين في القاهرة
  • "الأوركسترا الإماراتية".. إضافة نوعية للمشهد الثقافي في الدولة
  • استعراض المواقف المشتركة تجاه القضايا الإقليمية والدولية
  • غرفة القاهرة تستقبل سفيرة قبرص لبحث تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين
  • الإمارات وقطر تبحثان الجهود المشتركة لحماية النظم البيئية
  • وزير الصناعة والنقل يبحث مع سفير دولة ماليزيا تعزيز التعاون بين البلدين
  • نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية يستقبل سفير دولة ماليزيا لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين