«كوب 28».. تحديات كبيرة وطموحات أكبر
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
د. نيللى كمال الأمير*
تتجه أنظار العالم من دول ومؤسسات وأفراد نحو أعمال قمة المناخ «كوب 28» التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة، يتابع الجميع أعمال مؤتمر يتمتع بحضور استثنائي كماً وكيفاً من أجل اختبار للمصداقية، والعزم على مواجهة تحديات معقدة، وأهمها تحدي الصفرية، والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.
اعتبرت قمة باريس ومنتجها الأشهر «اتفاق باريس» الأفضل في مسيرة حماية البيئة العالمية، بإرسائها لمعايير تقييم عالمية ملزمة، ولكن تراجعت شهرتها مع تراجع التزامات دول كبرى بالاتفاقية (وصلت لحد الانسحاب)، وعندما انعقدت قمة شرم الشيخ ومنتجها الأهم (صندوق الخسائر والأضرار) ارتفع سقف الطموح العالمي نحو مزيد من التضامن والدعم للدول الصغيرة في مواجهة تغير المناخ، ولكن تراجع الأمر مع عرقلة بعض الدول الكبرى أيضاً لعملية رسملة الصندوق المقترح. نصل الآن إلى قمة دبي، والتي تستضيفها دولة صاعدة، لا تعد من كبار الملوثين صناعياً، ولا تعد من الدول المتلقية للدعم، وهو ما يمكن أن يتيح لها حرية في إدارة المناقشات مع التراكم على ما تم من إنجاز خلال القمم السابقة، والتأكيد دوماً على أهمية العمل من أجل خفض الانبعاثات.
ما أهم بنود أعمال «كوب 28»؟
ترفع قمة «كوب 28» شعاراً يتمتع بقوة حماسية: انضم إلى عالم «الأفعال»، في مخاطبة مباشرة للأفراد، ودعوة لمواجهة تحدي تغير المناخ. والواقع أن علم إدارة الأزمات، يشير إلى أن الحلول الابتكارية (والبسيطة أحياناً)، قد تكون مخرجاً منقذاً لحل الأزمات،
وينقسم المشاركون في أعمال القمة إلى ثلاث فئات هي: ممثلو الأطراف في الاتفاقية والدول المراقبة، وأعضاء الصحافة ووسائل الإعلام، وممثلو المنظمات المراقبة. يتم تصنيف المنظمات المراقبة إلى ثلاثة أنواع: منظومة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية. ولا يمكن إغفال دور الأخيرة؛ حيث تم قبول 3178 (3024 منظمة غير حكومية، و154 منظمة حكومية دولية) كمراقبين خلال قمة شرم الشيخ.
ومثّل هؤلاء شرائح متعددة من المصالح والقطاعات، كقطاع الأعمال والصناعة، والمجموعات البيئية، والزراعة، والسكان الأصليين، والحكومات المحلية والسلطات البلدية، والمعاهد البحثية والأكاديمية، والنقابات العمالية، ومجموعات المرأة والنوع الاجتماعي والشباب.
التقدم والطموحات
تتضمن أعمال القمة الثامنة والعشرين أيضاً، انعقاد القمة العالمية للعمل المناخي، التي تستعرض تقدم دول العالم بشأن التزامات باريس وكذلك طموحاتهم. بطبيعة الحال، تحل الطاقة على رأس موضوعات ونقاشات القمة، من المقرر كذلك أن ينعقد مؤتمر تحول الطاقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول؛ وهو تجمع لشركات الطاقة، لبحث سبل خفض الانبعاثات إقليمياً، ولكن من منظور تجاري.
طورت الهيئات الأممية من طرحها لتغير المناخ خلال «كوب 28». مثلاً، برنامج الأمم المتحدة للبيئة كان قد وضع الأديان والتعاليم الإيمانية ضمن مباحثاته في قمة شرم الشيخ، سنجد أنه يطور من تواجد ذلك المحور أملاً في زيادة قدرته التأثيرية من خلال إنشاء «جناح الإيمان» ضمن أجنحة «كوب 28»؛ وذلك انطلاقاً من أن الرموز الدينية يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في مكافحة تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس. سبق القمة أن أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة «تحالف الإيمان من أجل الأرض» الذي يتكون من نحو 60 جهة فاعلة من 35 منظمة دينية مختلفة ومنظمات مجتمع مدني غير حكومية؛ بهدف استخدام القيم من أجل المحافظة على السلامة البيئية.
ينم مسير المستوى الحكومي عن صعوبة في التوصل لاتفاق، لكن ذلك لا يمنع إتاحة قمم كوب، إمكانية النقاش للجميع. وخلال قمة دبي، وجدنا وكالات مثل «رويترز» تدشن جناحاً حول التحول للطاقة في الشرق الأوسط من الرؤية إلى الواقع: ويبحث مزيج الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكيفية تلبية المتطلبات العالمية المتغيرة. بمشاركة صنّاع القرار وممثلي الشركات، لأن تطور قطاع الأعمال بيئياً يحتاج إلى نقل سياسات المناخ دولياً من مفاهيم الربحية الخالصة ومزجها بالمسؤولية المجتمعية.
التمويل
ويظل التمويل كلمة السر. ليس فقط من يمول؟ ولكن ماذا يمول؟ هل نركز على التكيّف أم التخفيف؟ وهو السؤال الذي ستجيب عنه قمة دبي، وليس بالضرورة أن تكون الدول، فالتشبيك الجيد بين القطاعات والفاعلين يمكن أن يأخذنا لحلول استثمارية، وهناك أيضاً بنوك إقليمية، مثل بنك الاستثمار الأوروبي الذي سيركز خلال القمة على تمويل التحول العالمي العادل إلى الحياد المناخي.
وختاماً، فقبل نحو ألف عام، اكتشف البيرونى نظرية «الأواني المستطرقة»: إذا اتصلت الأواني فإن مقدار الجاذبية والضغط ينتظمان في كل الحاويات، وزيادته لإحداها، سيجعل السائل يصل مرة أخرى إلى مستوى جديد (متساوٍ) في كل الحاويات الموصولة. ومع زخم الحضور وموضوعات النقاش المطروحة في «كوب 28»، كما أسلفنا، تحتاج «كوب 28» إلى استدعاء «الأواني المستطرقة»؛ فالدول على اختلافها تتصل (كالأواني) وكل ضرر ينعكس على جودة البيئة في الأقاليم الأخرى.
ومن المتوقع أن يؤكد مؤتمر الأطراف ال28 أهمية العمل الجماعي لوقف تغير المناخ، ودور التمويل في التحول إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات، ولكي يحدث ذلك، لا بد من تدعيم الالتزامات المناخية بالعمل، (كرسملة صندوق الأضرار) وترسيخ مفهوم «الشمولية» بمعنى أن الجميع مسؤول عن حماية البيئة بداية من رؤساء الدول وصولاً إلى راكبى الدراجات.
* باحثة مصرية في الشؤون البيئية والتنموية
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الإمارات الاستدامة تغیر المناخ من أجل
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تستضيف القمة الدولية لمكافحة الهجرة غير الشرعية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تستضيف بريطانيا، اليوم الإثنين، قمة دولية يشارك فيها أكثر من 40 دولة، من بينها الولايات المتحدة، فيتنام، العراق، وفرنسا، بهدف وضع استراتيجية جديدة لمكافحة جرائم تهريب البشر وتعزيز التعاون في تأمين الحدود.
وأعلنت الحكومة البريطانية أن القمة تركّز على استخدام جميع الوسائل المتاحة لتعزيز جهود تقديم العصابات الإجرامية إلى العدالة، والحد من استغلال الفئات الضعيفة، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، ولأول مرة، سيتم استكشاف جميع العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة، بدءًا من شبكات تمويل العصابات وصولًا إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في ترويج الهجرة غير النظامية.
وتشارك في القمة كبرى شركات التكنولوجيا مثل "ميتا"، "إكس"، و"تيك توك"، لمناقشة كيفية التصدي للمحتوى الإلكتروني الذي يروّج لرحلات الهجرة غير القانونية، مما يعكس بُعدًا جديدًا في مكافحة هذه الظاهرة.
إضافة إلى ذلك، ستركّز المناقشات على دور مركز الأمن البحري المشترك (JMSC) في دعم الولايات المتحدة من خلال توفير تقنيات مراقبة بحرية متطورة لرصد السفن المتورطة في تهريب البشر والمخدرات قبالة سواحل هايتي.
على الصعيد الداخلي، عززت بريطانيا حملتها ضد التهريب من خلال اعتقالات استهدفت زعماء شبكات التهريب، بما في ذلك تفكيك جماعة إجرامية سورية مسؤولة عن تهريب 750 مهاجرًا إلى أوروبا، والقبض على مواطن تركي يُشتبه في كونه المورد الرئيسي للقوارب الصغيرة، إضافة إلى اعتقالات في بلجيكا وويلز ضمن عمليات كبرى ضد شبكات تهريب دولية.